متحدث الحكومة: المرحلة العاجلة من تطوير جزيرة الوراق تشمل تنفيذ 50 برجا سكنيا    أسعار البصل الأحمر اليوم الثلاثاء 7 مايو 2024 في سوق العبور    مسئول فلسطيني: حالة نزوح كبيرة للمدنيين بعد سيطرة الاحتلال على معبر رفح    بتسديدة صاروخية.. عمر كمال يفتتح أهدافه بقميص الأهلي    "جلب السيطرة والقيادة والقوة لنا".. سام مرسي يحصد جائزة أفضل لاعب في إبسويتش    عاجل| أول تعليق لشقيق ضحية عصام صاصا: "أخويا اتمسح به الأسفلت"    إليسا تحتفل بطرح ألبومها الجديد بعد عدد من التأجيلات: الألبوم يخص كل معجب أنتظره بصبر    البورصات الخليجية تغلق على تراجع شبه جماعي مع تصاعد التوتر بالشرق الأوسط    وفد النادي الدولي للإعلام الرياضي يزور معهد الصحافة والعلوم الإخبارية في تونس    رئيس جامعة المنوفية يهنئ الأقباط بعيد القيامة المجيد    إصابة 4 أشخاص في حادث سقوط سيارة داخل ترعة في قنا    رئيس وزراء فرنسا يعرب مجددًا عن "قلق" بلاده إزاء الهجوم الإسرائيلي على رفح    جامعة القاهرة تعلن انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض الطويلة    خالد الجندي يوضح مفهوم الحكمة من القرآن الكريم (فيديو)    محافظ أسوان: تقديم الرعاية العلاجية ل 1140 مواطنا بنصر النوبة    وزير الدفاع يلتقى قائد القيادة المركزية الأمريكية    خطة الزمالك لتأمين شبابه من «كباري» الأهلي (خاص)    مواعيد منافسات دور ال32 لدوري مراكز الشباب    «مهرجان التذوق».. مسابقة للطهي بين شيفات «الحلو والحادق» في الإسكندرية    كيف يمكنك ترشيد استهلاك المياه في المنزل؟.. 8 نصائح ضرورية احرص عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر السابق: تعليم وتعلم اللغات أمر شرعي    «الأعلى للطرق الصوفية» يدين هجمات الاحتلال الإسرائيلي على رفح الفلسطينية    محافظ قنا يفتتح عددا من الوحدات الطبية بقرى الرواتب والحسينات وبخانس بأبوتشت    وضع حجر أساس شاطئ النادي البحري لهيئة النيابة الإدارية ببيانكي غرب الإسكندرية    انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الخامس لتحلية المياه بشرم الشيخ    وزير الصحة يؤكد أهمية نشر فكر الجودة وصقل مهارات العاملين بالمجال    وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلًا غنائيًا بأمريكا في هذا الموعد (تفاصيل)    سب والدته.. المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل شقيقه في القليوبية    الرئاسة الفلسطينية تحمل واشنطن تبعات الاجتياح الإسرائيلي لرفح    بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية «GDR»    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    وزير الدفاع البريطاني يطلع البرلمان على الهجوم السيبراني على قاعدة بيانات أفراد القوات المسلحة    للأمهات.. أخطاء تجنبي فعلها إذا تعرض طفلك لحروق الجلد    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    حفل met gala 2024..نجمة في موقف محرج بسبب فستان الساعة الرملية (فيديو)    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    الضرائب: تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية ل25 ألف جنيه بدءًا من أغسطس المقبل    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    الجدول الزمني لانتخابات مجالس إدارات وعموميات الصحف القومية    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    إيرادات «السرب» تتجاوز 16 مليون جنيه خلال 6 أيام في دور العرض    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    هجوم ناري من الزمالك ضد التحكيم بسبب مباراة سموحة    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاجاة كبرى ...مرسى طلب قصب يمصه فى القصر الجمهورى
نشر في إيجي برس يوم 23 - 12 - 2013

نشر الكاتب الصحفى مصطفى بكرى الجزء الأول من حكايات ونوادر محمد مرسى وجماعته داخل القصر الجمهورى لتوثيق وقائع ما كان يجرى من خلف ستار ليس بقصد التشهير بأحد، ولكن لتبيان كيف كانت الأمور تدار داخل القصر الجمهورى لأكثر من عام حكم فيه محمد مرسى البلاد.

وتتناول الحلقة الأولى من نوادر مرسى وحكاياته داخل القصر تفاصيل النَّهَم للطعام وقيمة الأموال التى كانت تُصرف.. وأنواع الطعام التى كانت تقدم، وإلى أين كانت تذهب.

ويقارن الكاتب بين المبالغ السنوية التى كانت مرصودة للرئاسة فى حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، والتى لم تتعدَّ 300 ألف جنيه فى العام قيمة الطعام المقدم، بينما بلغت فى عام واحد فى حكم محمد مرسى نحو 14 مليون جنيه.

وإضافة إلى ذلك يتناول الكاتب العديد من الوقائع الأخرى التى تكشف كذب الشعارات والادعاءات التى كان يتبناها مرسى وجماعته قبيل الوصول إلى سدة الحكم.


■■■

بعد زيارته الاولى للقصر الرئاسى والتى استغرقت وقتا طويلا قرر أن يتوجه إلى شقته فى التجمع الخامس، إنه يريد أن يحتفل مع زوجته والأولاد، مضى الموكب الرئاسى، وفى الطريق توقف مرسى أمام محل سوبر ماركت يعرفه جيداً، طلب أن يأتوا إليه بكيس من «البقسماط» لأنه بيحب يسقّى فى الشاى صباحاً.

أصيب رجل الحرس بذهول، الموكب ارتبك، لم يصدقوا وهم يرون الرئيس ينزل من الموكب لشراء كيس من البقسماط، كان الأمر مبالغاً فيه، كأنه أراد أن يقول للجميع: «أنا ابن بلد، وباشترى أكلى بنفسى»، تحرك الموكب بعد حالة الارتباك، وصل إلى المنزل، تم إغلاق شوارع مؤدية إلى العمارة التى كان يقطن فيها، وقف مرسى أمام المنزل لبعض الوقت، نظر إلى بلكونات العمارات المجاورة، وكأنه أراد أن يقول للجميع: «إيه رأيكم بقى!!».

صعد إلى شقته، أبلغه قائد فريق الحرس المصاحب له أنه سيتم إخلاء بعض شقق العمارة ويخصص له دورين، بينما الدور الثالث سيخصص لرجال الحرس، أومأ مرسى برأسه راضياً.

أمام الباب نظر إلى من اصطحبوه، وقال على فكرة: «أنا باصلى الفجر حاضر، إوعى يكون حد فيكم مابيصليش.. أقطع رقبته»!!

فى فجر هذا اليوم، ارتدى محمد مرسى جلبابه الأبيض، وطاقية صُنعت من نفس القماش، ارتدى البُلغة، وأمسك بالسبحة، وقبيل أذان الفجر بقليل خرج بموكبه ليؤدى صلاة الفجر، ثم يعود لينام، لقد كان على موعد جديد مع القصر الرئاسى!!

فى الحادية عشرة صباحاً وصل محمد مرسى مجدداً إلى قصر الاتحادية، طلب من ابن شقيقته أسعد الشيخة أن يجمع له كبار الموظفين بالقصر، ليعقد معهم اجتماعاً، وبالفعل فى الموعد المحدد حضروا جميعاً.. دخل عليهم محمد مرسى فى الصالة الملحقة بمكتب الرئيس، رحب بالحاضرين، نظر إليهم الواحد تلو الآخر، كأنه يريد أن يكتشف نواياهم، بدأ حديثه بالقول: «أهلاً بيكم، أنا عاوزكم تطّمنوا تماماً، أنا مش حامشيكم.. لكن يا أحباب، أنا شغلى من 8 صباحاً إلى 12 مساء، اللى عاجبه أهلاً وسهلاً واللى مش عاجبه يمشى، أنا راجل جد وأحب الرجالة اللى تشتغل، عهد التكية انتهى، أنا ماعنديش هزار، شغل يعنى شغل»، ثم نظر إلى الحاضرين وقال بلهجة حاسمة: «حد فيكم مش عاجبه الكلام؟».. صمت الحاضرون وبدوا وكأنهم موافقون على كلام مرسى.

كان إلى جواره فى هذا الوقت د. أحمد عبدالعاطى، الذى عيّنه مديراً لمكتبه، وأسعد الشيخة، ابن أخته الذى عينه نائباً لرئيس ديوان رئيس الجمهورية، وأيضاً د. خالد القزاز، وهو رجل أعمال يبلغ وزنه نحو 160 كيلوجراماً.

كانت مهمة خالد القزاز فى البداية هى تنظيم وجبات الأكل وأنواعه، هكذا عهد إليه مرسى، لقد دعا المسئولين عن المطبخ إلى اجتماع معه، وقال: «أنا حاعمل جدول الأكل وانتم عليكم التنفيذ، واللى مش موجود عندكم هاتوه من مطاعم خارج القصر، بس تكون مضمونة»!!

حدد خالد القزاز جدول الأكل على الوجه الآتى:

- يومان سمك وإستاكوزا وجمبرى.

- يوم حمام.

- يوم بط.

- والباقى فراخ ولحمة.

وعندما سُئل القزاز عن الكميات، قال: «هاتوا براحتكم، أنا عايز وجبات لحوالى 200 فرد أو أكتر».

اندهش رجال المطبخ، وراحوا يقارنون هذا السفه بأيام مبارك، الذى كان يقتصر فقط على وجبات محدودة لأهل منزله، لم يكن أمامهم من خيار، قال لهم خالد القزاز: «أنا لىّ أكلى الخاص فطار وغدا وعشاء، إنما المهم دلوقتى الرئيس عاوز جمبرى من النوع الكبير، وعاوز كمان إستاكوزا، تكون مقشرة»!!.

كان خالد القزاز يأتى مبكراً كل صباح. وضعوا له مائدة فى غرفته. منذ الصباح المبكر تُملأ المائدة بكميات من الفطير المشلتت وعسل وباتيه وكرواسون، ولا تُرفع المائدة إلا وقت أن يحل موعد الغداء، وكان لخالد القزاز سفرجى مستمر إلى جواره، مهمته كلما أكل القزاز شيئاً يأتى له بالبديل، وهكذا تظل المائدة عامرة بالأكل حتى موعد الغداء.

كان القزاز شرهاً فى الأكل، ولا يتوقف عن المضغ، وكذلك كان رئيسه محمد مرسى.

كان البرنامج اليومى للرئيس: الحضور إلى القصر الرئاسى فى الصباح المبكر، ثم يتناول الإفطار فى أغلب الأحيان، ثم يلتقى الضيوف والمسئولين، ثم يؤمّ المصلين فى صلاة الظهر داخل المسجد الرئاسى، ثم يواصل لقاءاته، ثم يتناول وجبة الغداء، ويؤدى صلاة العصر، ويأخذ «الأنسولين»، ويخلد إلى النوم، ويصحو فى المساء، وبعد أن يصحو يتابع الأوضاع مع مساعديه، ثم يؤدى صلاتى المغرب والعشاء، ويتناول وجبة العشاء، ثم يغادر إلى منزله فى العاشرة أو الحادية عشرة مساء.

كان القصر الرئاسى مهتماً بوجبات الغداء للرئيس وأعوانه أكثر من اهتمامه بأى شىء آخر.

وكانت «الفتّة» حاضرة فى المشهد، كان الرئيس يدعو بين الحين والآخر السلفيين وقيادات الجماعة الإسلامية ومساعديه من قيادات الإخوان ومن مكتب الإرشاد إلى وجبة فتّة أسبوعية، كانوا يفترشون فى صالونات الرئاسة، ويأتون بالصوانى المحشوة بالفتة والخرفان، يجلسون على الأرض بمن فيهم الرئيس، ويبدأون فى تناول وجبة الأكل، التى تستمر لفترة طويلة، حيث يبدعون فى «فصفصة» الخرفان والإوز والجديان، ويلقون باللبن الرايب عليها، وإلى جوار الفتّة كان الحمام الذى كان يجرى التهامه بطريقة غريبة، وبسرعة رهيبة وبكميات هائلة. قُدمت الفواتير إلى نائب رئيس الديوان أسعد الشيخة بقيمة مليون و250 ألف جنيه قيمة المأكولات المقدمة، لم يكترث الشيخة لهذا المبلغ، وعندما سأل أحد المسئولين عن المطبخ: «هوّ مبارك كان بيصرف كام على الأكل؟»، قيل له إن الوجبات كنت محدودة وقيمتها لم تتعدَّ 300 ألف جنيه فى العام.

قال بدهشة: «فى العام ولّا فى الشهر؟».

قيل له: «بل طيلة العام.. لأنه لا يقدم وجبات إلا للضيوف الذين يكون من المقرر أن يعزمهم على الغداء أو العشاء، وهى فى كل الأحوال حالات نادرة، وغير ذلك كان يتناول هو وأسرته وجبات داخل منزله محدودة العدد، محدودة التكاليف».

قال أسعد الشيخة: «طبعاً، يسرقوا البلد ويعملوا نفسهم شرفاء»!!، ثم نظر إلى المسئول عن المطبخ وقال له: «خليك زى ما انت فى الأكل، اصرف براحتك».

كانت الوجبات تأتى لنحو 160 شخصاً من الإخوان وحلفائهم الذين قام الرئيس بتعيينهم فى القصر الرئاسى، وكانت بقية الوجبات تذهب إلى الأهل فى الشرقية بسيارات خاصة، وبعضها يذهب إلى مبنى مكتب الإرشاد بالمقطم ومقر حزب الحرية والعدالة فى لاظوغلى بشكل يكاد يكون يومياً.

كان الرئيس يحرص فى كل صباح على أن يسأل عن وجبة الغداء قبل أى شىء آخر. ثم إنه كان قد أصدر تعليماته للمسئول عن المطبخ بأن يعد صندوقاً يومياً من المأكولات للدكتورة باكينام الشرقاوى، مساعدة الرئيس، لتصطحبه معها إلى منزلها بعد أن اشتكت إليه من أن عملها إلى جواره يحرمها من القدرة على «طبخ» الأكل لزوجها، وظلت باكينام تصطحب معها هذا الصندوق يومياً حتى آخر يوم لها فى القصر الجمهورى. أما نائبه المستشار محمود مكى فقد طلب الرئيس أن يخصص له جناح فى فندق «تريومف» المجاور للقصر الرئاسى، له ولأسرته، كلّف الدولة خلال إقامته هو وأسرته فيه لمدة لا تزيد على أربعة أشهر ما قيمته 2 مليون جنيه، وعندما طلب أحد المسئولين برئاسة الديوان من الرئيس أن يخصص للنائب فيلا من فيلات الرئاسة لأن ذلك سيكون أقل كلفة قال له الرئيس: «وهو انت حتدفع من جيبك؟ يا أخى اسكت وخليك فى حالك»!!

لقد كان من ضمن الضيوف الدائمين على وجبة الفتّة الأسبوعية، والتى تحولت بعد ذلك إلى يومية فى أغلب الأحيان؛ طارق الزمر وعاصم عبدالماجد والشيخ محمد عبدالمقصود والشيخ الحوينى وصفوت حجازى وصفوت عبدالغنى، وغيرهم من المشايخ الذين كانوا يترددون على القصر الرئاسى.

لقد كانت التعليمات تصدر من مدير مكتب الرئيس أحمد عبدالعاطى إلى المسئولين بالقصر بأن يُسمح لسيارات بعينها بالدخول إلى القصر دون تفتيش ودون معرفة من فيها، مجرد أرقام للسيارات فقط كانت تُعطى لبوابات القصر، فيُفتح لها الباب واسعاً، بل إن بعض ركاب هذه السيارات كانوا يدخلون إلى القصر ويخرجون منه ملثمين ولا أحد يعرف أسماءهم أو هويتهم.. كانوا يلتقون بالرئيس ومعه أحمد عبدالعاطى وأسعد الشيخة وعصام الحداد ورفاعة الطهطاوى، يغلقون على أنفسهم الأبواب، ثم يتناولون «الفتّة» ويخرجون دون أن يتعرف أحد على بعضهم.

لقد رصد الجهاز المركزى للمحاسبات ما قيمته تسعة آلاف جنيه يومياً للمأكولات بالقصر الرئاسى، إلا أن الحسابات الحقيقية التى تم التوصل إليها فى أعقاب سقوط محمد مرسى تقول: «إن مجمل ما تم صرفه على المأكولات، فى العام الذى حكم فيه الإخوان مصر بلغت داخل القصر الرئاسى ما قيمته 14 مليون جنيه بمعدل مليون و250 ألف جنيه شهرياً».

لقد احتار رجال القصر فى وصف حالة النَّهم التى يمتاز بها مرسى ورجاله وحلفاؤه للأكل بأنواعه المختلفة، ووقفوا مندهشين أمام الكميات الضخمة التى كانوا يلتهمونها، حتى ظن البعض أن ذلك يشكل قاسماً مشتركاً بين كل هؤلاء.

كانت الأحاديث داخل القصر تدور همساً، كان الموظفون والطباخون يتندّرون على كميات الأكل التى راحت تتدفق، لتصل إلى بطون رجالات الإخوان وأعوانهم داخل القصر الرئاسى دون غيرهم، لقد كانوا يعاملون موظفى القصر على أنهم جواسيس للنظام السابق، لا يجوز معاشرتهم أو إشراكهم فى وجبات الغداء التى كانت روائحها تنتشر فى شتى أنحاء المكان.

وكانت أشد المشاهد إثارة للتقزز هى تلك التى تحدث أثناء تناول الطعام، حيث كانوا يرفضون استخدام الشوك والسكاكين، ويهجمون على الأكل بطريقة تثير الغثيان، وكان بعض من بقايا الفتّة يظل عالقاً بالذقون إلى ما بعد انتهاء وجبات الأكل.

تحولت صالات القصر الرئاسى، خاصة الصالة الملحقة بمكتب الرئيس، إلى صالات كريهة من رائحة الطعام، وأصبح العاملون بالقصر يعانون أشد المعاناة يومياً فى إزالة آثار تلك الروائح ومخلفات الطعام على سجاد صالات القصر.

أصبحت مطاعم الرئاسة تعمل على مدار الساعة، وظل الطباخون يعملون بجد واجتهاد، وتحول العنوان الرئيسى لقصر الاتحادية يومياً إلى: «ماذا سنأكل اليوم؟!».

وعندما وقعت أحداث الاتحادية فى أيام 4، و5، و6 ديسمبر نُصح الرئيس بالتوجه إلى قصر القبة، حيث المكان أكثر أماناً، كما أن عمق القصر سيحول دون سماعه لأصوات وهتافات المتظاهرين على عكس قصر الاتحادية.

اصطحب محمد مرسى معه زوجته وأولاده وأحفاده وغادر إلى قصر القبة بمنطقة حدائق القبة، استقل هو وزوجته بالجناح الملكى فى القصر، أما أولاده وأحفاده فقد خُصص لهم الدور الثانى كاملاً.

وفى يوم الجمعة، 7 ديسمبر، طلب محمد مرسى «لبشتين قصب»، أبدى مسئولو القصر دهشتهم.

قال له أحدهم: «سيادتك عاوز عصير قصب؟».

رد عليه مرسى بعنف: «انت مابتفهمش يا جدع انت؟ باقولك لبشتين قصب، علشان نمصها أنا والأولاد».

كان شيئاً غريباً وغير طبيعى، صدرت التعليمات بتكليف بعض المسئولين بالقصر بأن يسرعوا فى إحضار «لبشتى القصب»، وبالفعل جىء باللبشة ودخلت إلى بلكونة الجناح الملكى، وجاء مرسى بالزوجة والأحفاد ليبدأوا فى التهام «لبشة القصب» ويلقوا بالفضلات فى سلة مهملات وُضعت لهم خصيصاً بالبلكونة، وكان ذلك مثار استياء موظفى القصر، الذين قارنوا كيف كان يحافظ الرؤساء السابقون على هذا الجناح الملكى الذى كان يحوى كنوزاً أثرية، وكيف كان مرسى يهين المكان بالعبث فى محتوياته وتحويله إلى قاعة طعام ومصّ القصب.

وفى أثناء عيد الأضحى المبارك «الأخير» كان محمد مرسى وزوجته وأبناؤه «أسامة وشيماء وعمرو وعبدالله» يقيمون فى دار الحرس الجمهورى المجاور لقصر الاتحادية، طلب محمد مرسى أن يأتوا إليه ب6 أفخاذ من الخراف، ظن مسئولو المطبخ أن هناك ضيوفاً سيزورون الرئيس، ولكن كانت دهشتهم كبيرة وهم يرون أن الأفخاذ الستة هى فقط للرئيس وأولاده الأربعة، وكان ذلك شيئاً مذهلاً، فقد أكلوا حتى الثمالة.

كان أبناؤه يأتون بأصحابهم وأصدقائهم معهم إلى دار الحرس الجمهورى، يأكلون ويشربون بشراهة، ثم يركبون الخيول والسيارات الرئاسية ويعبثون بها بطريقة مثيرة للاستياء.

وكان أبناؤه يتجولون فى القصور الرئاسية فى رأس التين ورأس الحكمة فى مرسى مطروح والقناطر الخيرية وغيرها.

وكانت زوجته تعزم صاحباتها فى قصر «الحرملك» بالمنتزه فى الإسكندرية، على أشهى المأكولات والأسماك التى كانت تأتيهن بكميات هائلة.

وفى إحدى المرات، وبحضور عدد من نساء الإخوان، راحت أم أحمد تسخر من أثاث القصر وتقول إنه قديم ولا بد من تجديده، وتسخر من اللوحات الأثرية وتقول: «همه الجماعة دول كانوا بيعبدوا الشيطان ولا إيه؟»، وهى تشير إلى لوحات مضت عليها عقود طويلة من الزمن.

وكانت أم أحمد تسخر من حنفيات القصر ذات المقابض الذهبية والأثرية وتقول أمام صديقتها: «هذا تخلف، أنا حاشيله كله».

وكان عمر، نجل الرئيس، مغرماً باستراحة الرئاسة فى القناطر الخيرية، وكان يذهب لاصطياد السمك فى هذه المنطقة، ويظل حتى وقت متأخر من الليل دون أن يصطاد شيئاً يُعتد به، مع أن هذه المنطقة مكتظة بالأسماك بسبب منع الصيد فيها، وبعد ثلاثة أيام قضاها عمر فى هذه الاستراحة لم يتمكن من صيد كميات معقولة من الأسماك، فطلب من بعض موظفى الاستراحة أن يشتروا كمية من الأسماك ويملأوا له «الآيس بوكس» بالسمك حتى يذهب إلى خطيبته ويقدم لها هذه الأسماك التى سيقول لها إنه اصطادها بمهارة من نهر النيل.

وبالفعل جاءوا إليه بكميات السمك المطلوبة وقدمها إلى خطيبته الطالبة فى كلية الطب.

كان عمر قد أهدى خطيبته سيارة من سيارات رئاسة الجمهورية «فولفو 2011» أتوماتيك، غير أن خطيبته اصطدمت بالسيارة فتحطمت، فقام عمر بتسليمها محطمة إلى مؤسسة الرئاسة واستبدلها بسيارة أخرى أهداها إلى خطيبته.

وكان الرئيس قد أمر منذ اليوم الأول بتسليم أبنائه وزوجته سيارتى «مرسيدس» أو «بى. إم. دبليو» لكل منهم، وهذه السيارات كانت مخصصة بالأساس لضيوف الرئاسة، بل إن الأمر امتد إلى المستشارين وكبار الموظفين الإخوان بل وبعض قيادات مكتب الإرشاد، الذين تحولت إمكانات القصر الرئاسى لصالحهم ولصالح مطالبهم الخاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.