صرخنا بأعلي الصوت.. طرقنا كل الأبواب.. قلنا لمن يمسكون بزمام الأمور في البلاد إن 'الهيئة العامة للاستعلامات' ماتت، وشبعت موتًا، وأن من جاء لرئاستها بعد ثورة الثلاثين من يونية، قد أحكم غلقها، بالضبة والمفتاح، وأطفأ أنوارها، فلم يعد أحد من المصريين، ولا العالم الخارجي يسمع لها صوتًا، رغم مكاتبها العديدة المنتشرة خارج وداخل مصر. صمت مريب، فرضه السفير أمجد عبد الغفار علي الهيئة، وهو صمت طرح العديد من التساؤلات، حول الأسباب والبواعث، فمصر تعرضت ولاتزال، لواحدة من أخطر حملات التشويه المنظم، وانتظر الناس، في ربوع مصر، وخارجها أن تنهض هيئة الاستعلامات بدورها الطبيعي، في التصدي للحملات المأجورة، والتي تستهدف الوطن في مقتل، وهي حملات أخذت طابع الإساءة الممنهجة للدولة المصرية، ومؤسساتها الوطنية، مما أثر كثيرًا علي سمعة البلاد في الخارج. لم يعرف أحد أسباب هذا التقاعس عن أداء الدور المنوط بالهيئة، والتي يحفل تاريخها بصفحات مجيدة منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ورغم ما بها من كوادر متميزة حتي اليوم، قادرة، لو ترك لها المجال علي إدارة الهيئة، بالشكل الذي نتصدي فيه لحملات الإساءة للوطن، والتشهير بمؤسساته. رفعنا صوتنا لدي العديد من المؤسسات الوطنية، ونقلنا مواجع، ومتاعب الشرفاء في الهيئة العامة للاستعلامات، والذين ساءهم أن تغيب الهيئة عن الدفاع عن مصر، في مرحلة فاصلة في تاريخها الحديث، وفي وقت نتعرض فيه لأبشع الحملات، وأكبر المؤامرات. ورغم وضوح الصورة، وتأكد الجميع من فشل رئيس الهيئة في إدارتها، وتحقيق أهدافها، إلا أن أحدًا لم يبادر بالتحرك لدفعه لممارسة دوره، أو مغادرته منصبه. بل إن الأمور راحت تتداعي بشكل مثير، حتي بلغت اللامبالاة مبلغها بتلك 'السقطة المريبة' للهيئة ورئيسها، حين فوجئ منظمو مؤتمر دعم الدستور، والذي كان باكورة تحرك الهيئة بتلك الصورة المزرية، والتي احتلت خلفية المنصة التي كان يجلس عليها السيد 'عمرو موسي' وآخرون، حيث احتلت الخلفية صور لمواطنين 'أجانب' وليسوا مصريين، في مفارقة، بلغ فيها 'الإهمال' مبلغه، وتجلي فيها.. الاستهتار.. بشكل غير مسبوق، وهو أمر شكل انتصارًا لجماعة الإخوان 'الإرهابية' وعناصرها، التي تلقفت هذه الصورة، وراحت تنشرها في كافة أرجاء العالم، وبعد أن احتلت أعلي نسب المشاهدة علي مواقع التواصل الاجتماعي. لقد وقع 'المحظور' الذي لطالما كنا نحذر من حدوثه، وكنا نتوقع أن تبادر الجهات المسئولة بإقالة السفير 'أمجد عبد الغفار فورًا، لكن المثير، أنها تركت له الخيار، لكي يعلن هو من جانبه عن 'استقالته' من منصبه، وكأن المقصود ألا يعاقب أحد علي خطيئة، مهما فعل. سقطة الاستعلامات، هي رسالة لوزيرة الإعلام د.درية شرف الدين، التي وإن كنا نقدر تاريخها المضيء في الأداء الإعلامي، إلا أنها، ومنذ تعيينها في منصبها، ورغم مرور نحو ستة أشهر علي ذلك، إلا أنها لم تقم بما يجب عليها فعله حتي اللحظة. إن الجميع يدرك أن مسئولية الإعلام 'الرسمي' في وقت الأزمة، وفي زمن الحروب، يختلف تمامًا عن دور الإعلام في الأوقات العادية. وعلي الرغم من أن التليفزيون المصري زاخر بالكفاءات الإعلامية الرفيعة، إلا أن السيدة الوزيرة لم تضع حتي اللحظة، خطة إعلامية، محددة المعالم، والأهداف، للتصدي للإرهاب، وذلك عبر استخدام آليات، وسبل غير تقليدية في التنبية لمخاطر الإرهاب، وتعرية من يدعمونه، وإزاحة الغطاء عن أكاذيبهم، وأباطيلهم التي يبثونها ليل نهار في عقول الناس. بل إن الكارثة الكبري أن التليفزيون المصري بقنواته المتعددة، غائب تمامًا، وغير قادر علي مجابهة قنوات الإفك والضلال، والتي تعمل علي مدار الساعة لتغيب وعي المواطنين عن إدراك الحقائق، والتصدي للأكاذيب، لدرجة أن تلك القنوات المعادية، نجحت في استقطاب أعداد هائلة من المواطنين لصالح جماعات الفكر الإرهابي، بينما فشلت القنوات الرسمية في إقناع المواطنين الحائرين بجدوي محاربة الإرهاب. إنني علي ثقة تامة بنقاء د.درية شرف الدين، وزيرة الإعلام، وعلي ثقة أكثر بوطنيتها، وحرصها علي أمن هذا البلد، ولكنني أخالفها الرأي في تلك العشوائية التي تدار بها الوزارة، والقنوات المصرية، التي انفض الناس من حولها، وباتت أغلبيتهم تتابع فقط الفضائيات الخاصة، أو المعادية. بقي القول إن علي الوزيرة، والجهات المسئولة أن تستيقظ قبل فوات الأوان، وقبل أن تتحول ورطة الاعلام، إلي 'سقطة' كما حدث في الاستعلامات، وهنا سوف يكون علينا أن ندفع الثمن مضاعفًا، والخاسر الأكبر هو هذا الوطن، ومستقبله، بل ومصيره الذي يتعرض لمخاطر محدقة.