ليس كل كوميديا سوداء تضحكنا، بعضها يبكينا أو علي الأقل يدفعنا الي الخجل، هذا الخجل الذي يجب أن نشعر به نحن العرب عندما نسمع تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي 'موشي يعالون' عندما أعلن منذ أيام أن إسرائيل تقدم معونات إنسانية للمدنيين السوريين المحاصرين في القتال الدائر بين قوات الأسد و قوات الجيش الحر قرب هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل ! يعالون يقول: 'نقوم في الواقع بتزويد الجانب الآخر بقصد سوريا بالاحتياجات الأساسية عندما نري الصراخ والمحنة الإنسانية'، لا أعلم صراحةً مدي صحة ذلك.. لكن وكالات انباء عديدة نقلت ما قاله فحسب، لكن ما لا أعلمه حقاً وما زال يتردد في رأسي: لماذا لم يسمع 'يعالون' من قبل وباقي قادة إسرائيل الصراخ المستمر في غزة المحاصرة أو الأنين في الضفة الغربية؟! تصريحات الوزير الاسرائيلي تذكرني بمقال قديم كتبته في نوفمبر من العام الماضي تحت عنوان ' إكتئاب الحيوان و قتل الانسان '، أعيد هذا الجزء منه: 'بينما يقتل العشرات من الفلسطينين من سكان قطاع غزة المحاصر سواء نتيجة القصف المباشر أو تحت انقاض المنازل التي تتهدم عليهم، وبينما تستقبل المستشفيات يوميا دفعات جديدة من الجرحي مع إختلاف أعمارهم و حالاتهم، نشرت صحيفة ' جيروزاليم بوست ' الاسرائيلية مقالاً لأحدي الصحفيات العاملات بها تتحدث فيه عن حالات هلع وخوف وإكتئاب أصابت الحيوانات الاليفة التي يقتنيها سكان جنوب دولة الكيان الصهيوني، فأصوات التفجيرات نتيجة سقوط صواريخ المقاومة الفلسطينية و أصوات صافرات الانذار التي تدوي من حين لأخر تسبب قلقاً و خوفاً لتلك الحيوانات، وطبعاً أصحابها علي حد السواء، فهما مشتركان في نفس الشعور بالخوف والقلق، لكن ثمة فرق بينهما أن الاولي أليفة و الثانية متوحشة ! '. الصحفية 'شارون يودسين' التي كتبت عن موضوع الحيوانات الخائفة و المرعوبة من قذائف المقاومة الفلسطينية، كتبت علي حسابها علي تويتر حينها ان 'الحيوانات مصدومة !'، نسيت أو ربما تناست أن تطلب من القادة الصهاينة عدم قصف الاطفال الابرياء أو حتي السماح لمنظمات الاغاثة الاسلامية والعربية أن تتمكن من إدخال الماء والغذاء والمعونات الطبية والدوائية للمرضي و المصابين من أهالي القطاع. ألان لم تعد في حاجة إلي قذف هذا او ذاك، ليست في حاجة آنية الي غارات علي جنوبلبنان، فحزب الله اللبناني مشغول في العمليات العسكرية التي يخوضها عناصره مع قوات الأسد، ويكفيها فقط أن يمارس الموساد بعض عملياته لإغتيال بعض قادة الحزب أو ما شابه، أيضا إسرائيل ليست في حاجة إلي أن تقف مع طرف ضد آخر في الثورة السورية، كل ما عليها أن تقف وتشاهد ما يحدث، أو تساعد الجرحي كما إدعي وزير دفاعها !، وفي النهاية فإن كل النتائج 'أو دعنا نقول معظمها' ستصب في صالحها، تفكيك ترسانة الاسلحة الكيماوية السورية مفيد جداص لإسرائيل، كما ان إستمرار القتال يجعل من سوريا بلد ممزق و ضعيف وستحتاج إلي أعوام لبناء جيشها مرة أخري، والوصول الي الحالة العراقية او الليبية والبقاء عليها أمر محتمل.. بل مؤكد للمستقبل السوري حتي ألان. مسمي إسرائيل كدولة عدو أو كيان معتصب للأرض العربية، بات يخفت شيئاً فشيئاً، مع دخول ثورات الربيع العربي الي منحنيات تجعلها لا تركز انتباهها سوي في قضايا سياسية داخلية، وبالتالي ما المانع أن تري إسرائيل في نفسها بديلاً لتركيا التي تأزمت علاقاتها مع بعض الانظمة العربية مؤخراً؟!، بل وحتي أن تعيد إسرائيل علاقاتها القوية مع تركيا كما كانت في الماضي قبل مجزرة 'مرمرة'؟!، و ربما يفكر الاسرائيليون ألان لو أن المساعدات 'الانسانية' التي تقدمها 'بحسب الزعم الاسرائيلي' تتطور لتصير مساعدات مالية لإعادة البناء واستثمارات و شراكات تجارية ضخمة وعلاقات دبلوماسية واستراتيجية طويلة الأمد مع العرب ! أليس كثيرٌ من هذه العلاقات موجود ألان بالفعل؟!