أثار حديث الدكتور زياد بهاء الدين 'نائب رئيس الوزراء' عن محاولة الحكومة الحالية إصدار قانون الصكوك الاسلامية من جديد وطرحه علي الساحة الاقتصادية مع إصلاح بعض العيوب الفنية في القانون الذي اصدرته حكومة هشام قنديل في عهد الرئيس المخلوع محمد مرسي أثار نوعا من الهجوم الحاد علي الحكومة واتهامها بالفشل وعدم قدرتها علي الادارة خاصة بعد الحديث عن قانون كان قد اختفي عن الساحة الاقتصادية منذ تولي حكومة الدكتور حازم الببلاوي ثم جاء الحديث عنها الآن ليفتح بابا من الجدل الواسع وعلامات استفهام كبيرة حول رؤية الحكومة الحالية الاقتصادية. فرغم اقرار مجلس الشوري بشكل نهائي للقانون مطلع مايو الماضي وتصديق الرئيس المعزول مرسي علية في نفس الشهر الا أن حكومة الدكتور الببلاوي لم تبدأ في تنفيذه بعد وهو ما يعني ان الحكومة لا تعير المشروع اي اهتمام مع ان وزارة المالية ادخلت علية الكثير من التعديلات قبل وبعد اقرارة ولكن لم يؤخذ في الاعتبار حتي الان ان يدخل حيز التنفيذ وهو ما فتح بابا من الجدل الدائر منذ الحديث عن اقرارهذا القانون وحتي الان بسبب امور عدة ابرزها كان اعتراض عدد من مؤسسات الدولة علي المشروع في مقدمتها الازهر الشريف الذي دخل في معارك مع مجلس الشوري والحكومة السابقة, في الوقت التي كانت تري فيه الحكومة السابقة أن المشروع هو طوق نجاة للاقتصاد المصري وأنه الوسيلة الوحيدة لتمويل المشروعات التنموية المختلفة ومجال لتوظيف أموال البعض بعيدًا عن البنوك العادية، بعد أن شكك البعض في شرعية الفوائد التي يتم الحصول عليها مقابل وضع الأموال كمدخرات في هذه البنوك، وكوسيلة أيضًا لتمويل الكثير من المشروعات التي لم تعد الدولة قادرة علي الاقتراض من أجل تمويلها سواء من الداخل أو من الخارج وهو رأي عدد من خبراء الاقتصاد في حين يري البعض ان المشروع في غاية الخطورة علي الممتلكات العامة وانه اداة جديدة للخصخصة وانه صورة مكررة من شركات توظيف الاموال التي ظهرت في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي وهو ما دفع 'الاسبوع' لفتح هذا الملف من جديد لمعرفة لماذاتغيرت مو اقف الحكومة من قانون تم رفضة من قبل ؟ في البداية يقول الدكتور رفعت العوضي، 'أستاذ الاقتصاد الإسلامي، ممثل الازهر في قانون الصكوك' مما لاشك فيه إن قانون الصكوك كان مسكوت عنه من حكومة الدكتور حازم الببلاوي لان التيار الاسلامي هو من كان يتبني هذا القانون عند مناقشتة وهو ما جعل المسئولين يغضون الطرف عن تنفيذه بعد ثورة 30 يونيو التي اطاحت بالرئيس المعزول محمد مرسي ولكن هذا لا يمنعنا من القول إن من حق الحكومة ان تفكر في تطبيق قانون الصكوك او اسهم المشاركة وهو الاسم الاقرب الي حقيقة التمويل الاسلامي وسوف تأخذ الحكومة به لكفاءته الاقتصادية وليس لانه اسلامي بجانب ان الدولة تحتاج الي تنوع مصادر الدخل خاصة وان القانون خلا من المواد التي تبيع أصول الدولة واصبح اداة تمويل للمشاريع وليس الهدف منه سد عجز الموازنة وأشار العوضي إلي أن الاتجاه في العالم كله الآن منذ انهيار اقتصاد الفائدة في عام 2008 يبحث عن بديل قائم علي اساس المشاركة لا الفائدة وهذا يحدث في دول الاتحاد الاوربي وخاصة فرنسا التي تسعي لتطبيق فكرة المشاركة في المشروعات بدلا من الفائدة التي ساهمت في تدمير الاقتصاد. وأكد العوضي أن القانون يحتاج الي كثير من التعديل رغم أنه مر بمراحل عديدة من التقويم من خلال المؤسسات والافراد ولكن علي مجلس النواب القادم تعديل القانون بشكل جوهري حتي يلقي قبولًا في الشارع. اما الدكتورة بسنت فهمي 'أستاذ الاقتصاد بالجامعة الامريكية بالقاهرة' فتري ان حكومة الدكتور الببلاوي اذا ارادت أن تاخذ بالقانون فعليها اولا ان تدخل علية تعديلات كثيرة جدا وهو ما يلزم وجود برلمان خاصة أن القانون في شكله الحالي يمثل نوعًا من الخصخصة السيئة السمعة في الشارع المصري لان الخصخصة تعني بيع قطاع الاعمال العام وليس أصول الدولة. وقالت فهمي إن الصكوك أداة ممتازة للتمويل والحكومة ستحتاج ذلك في تنمية محور قناة السويس وغيرها من المشاريع الكبري وطالبت بالتفريق في القانون بين الصك والسند فالسند دين أما الصك فهو اداة تمويل مشتركة وليست أسهم وهو ما يميز الصكوك بشكل عام فهي حسنة السمعة فاي صك لابد أن تتوفر فيها ثلاثة شروط أن يكون استثمارًا مباشرًا وليس مضاربة، وأن يكون اخلاقيا ويراعي البيئة وأن يحقق العدالة الاجتماعية في كل صورها. أما الخبير الاقتصادي الدكتور مختار الشريف فيفجر مفاجأة بقوله إن الصكوك التي تحدثت عنها الحكومة السابقة برئاسة الدكتور هشام قنديل ليست صكوكا اسلامية ومن يصفها بذلك لا يعرف الحقيقة انما هي صكوك تمويلية مثل السندات والاسهم فهي نفس الفكرة مع اختلاف التسمية وهو ما يؤكد انها وسيلة ليست جديدة لتمويل المشروعات بل هي مطبقة في الريف المصري منذ عشرات السنين وهي عبارة عن مشاركة عدد من الناس في مشروع من خلال عمليات معروفة بتشغيل أموال مقابل نسبة من الربح يتم الاتفاق عليها. وقال الشريف إن هذه الصكوك ليس كما صورتها الحكومة السابقة او كما تريد ان تصورها الحكومة الحالية علي أنها حل للازمة الاقتصادية انما في الحقيقة هي مشروع قابل للنجاح والفشل وهذه النتائج يتحكم فيها عدة عوامل أبرزها هو أن تنجح الحكومة في اقناع الناس في شراء الأصول المعروضة للبيع بالنسبة للمواطنين المصريين اما بالنسبة للاجانب والعرب فيجب ان يكون هناك قوانين منظمة للتملك في مصر وخاصة في هذا المشروع الذي لن تملك منها الحكومة سوي اصدار القانون للتشجيع الاستثمار فقط دون التحكم في اي شيء في عمليات البيع والشراء مما سيجعل دور الحكومة في هذا المشروع تنظيمي ليس اكثر. وأضاف الشريف أن علي الحكومة الحالية أن تعيد نظر في دراسات الموضوع وتقوم بتحديد جهة رقابية علي مشروع الصكوك مثل سوق المال التي ينظم بيع الاسهم والسندات حتي لا يكون هناك ضرر للاقتصاد. اما الدكتور حاتم قابيل 'استاذ الاقتصاد' فيقول إن الصكوك هي أداة تمويل للمشروعات ولكن بها العديد من المشاكل التي تهدده بالفشل وهي عدم الوضوح في الرؤيا فمن يتبني المشروع يجب عليه أن يخبر الشعب ما هو الهدف من الصكوك هل تسعي الحكومة من خلالها لسد عجز الموازنة الحالي أم إنها تريد فعلا اقامة مشروعات استثمارية وتشغيل الشباب وهو ما يوضح أن هناك حلقة مفقودة وعدم شفافية حتي الآن من خلال الجدل الذي شهد مناقشة المشروع بين الازهر وهيئة كبار العلماء من ناحية والحكومة من ناحية اخري وهو ما يوضح ايضا عدم وجود خريطة عمل للمشروع. وقال قابيل إن القانون لا يحمل أي نية لبيع اصول الدولة أو الآثار أو غير ذلك وهو ما سوف يحددها القوانين المنظمة للمشروع فعلينا أن ننتظر حتي يتم اصدارها بشكلها الجديد للحكم علي مدي نجاح أو فشل المشروع خاصة في ضوء الحديث عن عمليات استنساخ للتجربة الماليزية في الصكوك هو ما سيحتاج الي انشاء جهات رقابية اسلامية ولجنة للفتوي اذا أضافت الدولة كلمة اسلامية للصكوك واضاف قابيل أن الحديث عن توفير اموال وارقام من عمليات الصكوك مثل تصريحات البعض ان المشروع سيوفر مبالغ طائلة كلام عارٍ عن الصحة تماما سابق لأوانه جدا وتجدر الاشارة إلي أن الصكوك الإسلامية هي مشاركة حملة الصكوك في مشروعات صناعية أو زراعية أو خدمية، يكون لهم حق التصرف فيها بالبيع، وهي خاضعة للربح والخسارة بمعني أن حامل الصك يحصل علي ربح عندما يربح المشروع الذي شارك فيه، كما يتحمل الخسارة بما في ذلك خسارة رأسماله نفسه إذا خسر المشروع الذي شارك فيه، فهي لا تختلف في شيء عن صناديق الاستثمار عالية المخاطر التي ابتكرتها البنوك الغربية منذ ما يقرب من قرنين من الزمن، أو ملكية أسهم الشركات في أي بورصة، أو أنماط المُشاركة الموجودة في الحضارات التجارية القديمة من آلاف السنين. هذا النظام المُسمي ب 'الصكوك الإسلامية' موجود في عدد من دول العالم خاصة ماليزيا التي تختص وحدها ب 60% من إجمالي الصكوك الإسلامية المُصدرة في العالم والتي يقدر إجمالي قيمتها ب 200 مليار دولار بالإضافة إلي عدد بسيط من الدول العربية والأوروبية أيضًا. وتقوم الصكوك الإسلامية علي عدة أسس، منها مبدأ المُشاركة في الربح والخسارة، حيث إن مبدأ إصدار الصكوك من حيث العلاقة بين المُشتركين فيها هو الاعتماد بشكل أساسي علي الاشتراك في الربح والخسارة، بصرف النظر عن صيغة الاستثمار المعمول بها، حيث تعطي لمالكها حصة من الربح وليس نسبة مُحددة مسبقا من قيمتها الإسمية وحصة حملة الصكوك من أرباح المشروع أو النشاط الذي تموله تحدد بنسبة مئوية عند التعاقد، فحملة هذه الصكوك يُشاركون في أرباحها حسب الاتفاق المُبين في نشرة الإصدار ويتحملون أيضًا الخسائر بنسبة ما يملكه كل منهم، وتصدر الصكوك بفئات متساوية القيمة لأنها تمثل حصصًا شائعة في موجودات مشروع مُعين أو نشاط استثماري خاص، وذلك لتيسير شراء وتداول هذه الصكوك وبذلك يُشبه الصك الإسلامي السهم الذي يصدر بفئات متساوية ويمثل حصة شائعة في صافي أصول الشركة المُساهمة، كما أنه يلتقي في ذلك مع السندات التقليدية والتي تصدر بفئات متساوية. ويتم تداول الصكوك وفقا للشروط والضوابط الشرعية حيث تخصص حصيلة الصكوك للاستثمار في مشاريع تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، كما أنها تقوم علي أساس عقود شرعية وفقا لصيغ التمويل الإسلامية، كالمُشاركات والمُضاربات وغيرها، بضوابط تنظم إصدارها وتداولها، وكذلك يتحمل حامل الصك الأعباء والتبعات المُترتبة علي ملكيته للأصول المُمثلة بالصك سواء كانت مصاريف استثمارية أو هبوط في القيمة، وهناك عدة أنواع من الصكوك الإسلامية تستخدم حسب المجال الذي يمكن استخدامه فيه.