تحسن ملحوظ في الحساب الجاري لمصر بدعم من تحويلات المغتربين والسياحة    هيئة أممية: القوات الإسرائيلية قتلت أكثر من ألف فلسطيني باحث عن المساعدة في غزة منذ مايو مع تفاقم الجوع    ترامب: الفلبين ستدفع رسوما جمركية بنسبة 19% بموجب اتفاق مع الرئيس ماركوس    ويتكوف يزور الشرق الأوسط في محاولة للتوصل لوقف لإطلاق النار في غزة    "ناشيونال إنترست": إيران قد تسرع نحو تصنيع السلاح النووي وسط جمود المفاوضات    دروجبا: محمد شريف هداف مميز.. والأهلي لا يتوقف على أحد    أتلتيكو مدريد يتعاقد مع مارك بوبيل رسميا    الكشف عن بديل الهلال في السوبر السعودي    التاسعة على الجمهورية في الثانوية العامة: ربنا أكرمني أكتر مما كنت أتخيل    النائب أحمد عبدالجواد: 100 ألف جنيه مكافأة من «مستقبل وطن» لكل من أوائل الثانوية العامة    أسماء مصابي حادث تصادم سيارتين بقنا    آمال ماهر تحتل الترند ب8 أغنيات من ألبومها "حاجة غير"    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    أندية سعودية تنافس بنفيكا على ضم جواو فيليكس    بسيناريو جنوني.. إنجلترا تهزم إيطاليا في الوقت القاتل وتتأهل لنهائي يورو السيدات    موندو ديبورتيفو: الخطيب بحث إمكانية مواجهة برشلونة بافتتاح استاد الأهلي خلال زيارة لابورتا    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    إلى الحبيب الغالي.. رسالة من ممدوح عباس إلى حسن شحاتة    أمريكا تسعى لتمديد الموعد النهائي لفرض الرسوم الجمركية مع الصين    "التعليم": إعلان تنسيق المرحلة الأولى خلال 4 أيام من ظهور نتيجة الثانوية العامة    نشرة التوك شو| قانون الإيجار القديم ينتظر قرار الرئيس السيسي.. و"الزراعة" توفر الأسمدة رغم التحديات    التاسع على الجمهورية بالثانوية: الوزير مكلمنيش والمحافظ جبر خاطري (فيديو وصور)    الثانية على الجمهورية "علمي علوم": "التزامي بالمذاكرة اليومية سر تفوقي"    التاسعة على الجمهورية بالثانوية.. فرحة ياسمين اكتملت بمديرة مدرستها (صور)    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: نريد وقف قتل الأطفال بغزة وإنقاذ من تبقى منهم    ب"فستان تايجر".. أحدث جلسة تصوير جريئة ل نورهان منصور تخطف الأنظار    حدث بالفن| زفاف مخرج ونقل زوج فنانة إلى المستشفى وأحدث أزمات حفلات الساحل الشمالي    بالصور.. صبا مبارك تستمتع بعطلتها الصيفية أمام برج إيفل    برلمانية: ثورة 23 يوليو بداية بناء الدولة الوطنية الحديثة على أسس العدالة والاستقلال والسيادة الشعبية    واشنطن محذّرة: سوريا قد تواجه سيناريو أسوأ مما حدث في ليبيا وأفغانستان    افتتاح معرض للمتحف المصري الكبير ببرلين بمشاركة 600 طالب -صور    «يوليو» في عيون وقحة.. لماذا اعتبرت تل أبيب الثورة تهديدًا استراتيجيًا؟    آمال ماهر تتصدر الترند ب8 أغنيات من ألبومها "حاجة غير"    انطلاق أولى فعاليات ورشة السيناريو "التراث في السينما المصرية الروائية" بالثقافة السينمائية    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    متي تكون فواكه الصيف منعشة ومتى تتحول إلى خطر؟.. استشاري تغذية يوضح    رئيس مجلس الشيوخ: حاولنا نقل تقاليد العالم القضائي إلى عالم السياسة    اعتماد أولى وحدات مطروح الصحية للتأمين الشامل.. وتكامل حكومي - مجتمعي لرفع جودة الخدمات    محافظ شمال سيناء يفتتح "سوق اليوم الواحد" بالعريش لتوفير السلع بأسعار مخفضة    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى: الإيذاء للغير باب خلفي للحرمان من الجنة ولو كان الظاهر عبادة    أهم أخبار الكويت اليوم.. ضبط شبكة فساد في الجمعيات التعاونية    لتعزيز صناعة الدواء بالقارة السمراء.. مصر تدرس إنشاء مصنع دواء مشترك مع زامبيا    حملة للتبرع بالدم فى مديرية أمن أسيوط    الجريدة الرسمية تنشر قرارين للرئيس السيسي (تفاصيل)    تقديم الخدمات المجانية ل 4010 حالات ضمن حملة "100 يوم صحة" بالمنيا    وزير قطاع الأعمال يبحث مع هيئة الشراء الموحد التعاون بقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    رفع الأشجار المتساقطة من شوارع الوايلي غرب القاهرة    وزيرة التخطيط تلتقي ممثلي شركة ميريديام للاستثمار في البنية التحتية لبحث موقف استثمارات الشركة بقطاع الطاقة المتجددة    البورصة المصرية تخسر 12.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    فيلم الشاطر ل أمير كرارة يحصد 22.2 مليون جنيه خلال 6 أيام عرض    أحمد عصام عن «كتالوج»: «كنّا أسرة مع بعضينا ووليد الحلفاوي شغل الكاميرا» (فيديو)    بعد أيام.. موعد وخطوات ورابط نتيجة الثانوية الأزهرية    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    «الصحة» تبحث التعاون في الذكاء الاصطناعي مع شركة عالمية    10 تيسيرات من «الداخلية» للمُتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة 2025    عاهل الأردن ورئيس وزراء كندا يؤكدان ضرورة تكاتف الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



%90 من الجيش القطري مرتزقة


الحلقة الخامسة
قاعدة 'السيلية' الأمريكية تحمي البلاد و'البلاك ووتر' لحماية المنشآت الحيوية وقمع المظاهرات المحتملة
قاعدة 'العديد' الورقة الرابحة للأمريكيين أشرفت علي احتلال العراق
نواصل عرض حلقات كتاب 'قطر.. أسرار الخزينة Qatar: les secrets ducoffrefort ' الذي صدر في باريس عن دار 'ميشيل لافون، ونشاهد 'قطر' كما رسمها الصحفيان الفرنسيان: كريستيان تشيسنو وجورج مالبرون في كتابهما الحافل بالمزيد من أسرار قطر.. بلد المفارقات، الإمارة الصغيرة بالطموحات العملاقة، وفي هذا الجزء حقائق خطيرة، فالجيش الوطني لقطر يتكون من 90 في المائة من الأجانب، فالإمارة الطموحة تحتمي بجيش من المرتزقة 'خاصة الباكستانيين والسودانيين، ومعهم 'البلاك ووتر'' كولومبيون 'أو كوريون جنوبيون، مهمتهم الأولي، حماية المنشآت الحيوية في البلاد' منشآت غسالة الغاز ومنشآت الكهرباء ومصانع تحلية المياه أو قمع أي مظاهرات محتملة!!
لذلك لم يكن عجيباً أن تشارك في تحطيم الجيش الوطني العراقي ومن بعده الجيش الليبي وتحاول تدمير الجيش في مصر وسوريا.
تبقي القاعدة الأميركية الجوية ب'العديد' الورقة الرابحة للأمريكيين في قطر الموجودة في وسط الصحراء.. هذه القاعدة مقر للقيادة الجوية 'US CENTCOM'، التي أشرفت علي العمليات العسكرية بالعراق.. وإليكم التفاصيل في هذه الحلقة الخامسة:
يحمل الأمير تميم علي عاتقه مسئولية الملف الغذائي، هذا الملف الحيوي بالنسبة لمستقبل قطر. فقد عين إلي جانبه فهد بن محمد العطية علي رأس البرنامج الغذائي الوطني القطري. سبق للاثنين أن درسا في الأكاديمية العسكرية البريطانية ساندهورست. قام فهد بن محمد، ابن البلاط الأميري، بقيادة القوات الخاصة القطرية وحافظ علي منصبه كمستشار للأمير تميم.
مهد ارتفاع أسعار المنتجات الفلاحية ما بين 2007 و2008 للأزمة المالية العالمية، كما أن حادثة قاعدة النفط في خليج المكسيك أثار مخاوف قطر حول مجالين في غاية الأهمية: الأمن الغذائي والماء. فقطر تستورد 90 في المائة من حاجياتها الغذائية. بالنظر لنموها الديمغرافي، الفاتورة ستصل لأكثر 150 في المائة خلال السنوات القادمة مما سيكلف الدولة مبالغ قد تصل لحدود 3 مليارات دولار في السنة لتغذية شعبها.
بخصوص احتياطي الماء، فالإمارة لا تتوافر إلا علي 48 ساعة من احتياطات الماء الصالح للشرب، رغم أن ذلك قد يبدو مبالغاً فيه، إلا أن قطر لا تحصل في الحقيقة علي الذهب الأزرق إلا من تحلية مياه رأس اللّفان. في حالة ما انفجرت عن طريق الخطأ إحدي ناقلات النفط بالقرب من رأس اللفان، فإن ذلك سيعرض الإمارة لكارثة حقيقية، ستتوقف نتيجة لذلك مصانع تحلية المياه، ستصاب الدولة بعدها بالشلل ويصاب المواطنون بالذعر. ولتفادي هذا السيناريو الكارثي، فإن قطر تبذل مجهودات كبيرة لتحقيق شهر من الاكتفاء الذاتي من الماء بفضل المصانع الجديدة التي تعتمد علي الطاقة الشمسية، وإعادة إنتاج مياه الصرف الصحي، وكذا تحسين شبكة التوزيع وإعادة ضخ الماء في المجاري الجوفية. كما سيتم إنشاء احتياطات للمياه حول الدوحة علي النحو المنصوص عليه في خطة المياه.
ولتقليص الخسائر الغذائية، تطوّر قطر برنامجاً ثقافياً شاملاً. الهدف منه هو الوصول إلي إنتاج من 20 إلي 30 في المائة من الغذاء محلياً، ما سيكون تقنية فذة في هذا المناخ الصحراوي.
في انتظار ذلك، سيتم الاستثمار في شراء المنتجات الفلاحية، الماشية وقطعان الأغنام، والأراضي بالخارج في إفريقيا، أمريكا اللاتينية، أستراليا.. إلخ.
تم إيكال هذه المهمة إلي برنامج 'حصاد'، لكن هذا النظام لا يعطي ضمانات كافية علي المدي الطويل. لذا سنجد أن قطر ستعمل علي مشروع يديره ميغيل موراتينوس، وزير الخارجية الاسباني السابق. تدور فكرة المشروع حول تحالف الدول القاحلة لضمان الأمن الغذائي في حالة الأزمات، إذا ما تعرض أحد هذه البلدان لهجوم أو تهديد.
تحديداً، ستكون احتياطات الحبوب لهذه البلدان متاحة في الحالات المستعجلة، كما أن نظاماً للنقل بديلاً سيكون مهيأً لمساعدة أحد الأعضاء الذي تم تهديد أمنه الغذائي. قررت قطر تمويل هذا التحالف المكون من 15 دولة في السنتين الأولييْن لهذه الاتفاقية التي لم يسبق لها مثيل. كل هذا يدخل في تلميع صورة قطر في الخارج. من شراء الأسلحة إلي استيراد القمح، كل هذا لأجل ضمان أمن الأجيال القادمة.
الأمن الخارجي.. نقطة ضعف قطر
شكل اجتياح جيش صدام حسين للكويت بتاريخ 2 أغسطس 1990 حدثاً صادما لقطر ولبقية الدول الخليجية. ذكري مريرة، كشف النقاب عجز دول الخليج رغم غناها عن الدفاع عن نفسها أمام أي خطر يحدق بها.
لم يكلف الأمر الجيش العراقي سوي ساعات ليستولي علي إمارة الكويت التي كانت تعتبر 'المحافظة التاسعة عشرة' حسب الرواية العراقية، ما أوجد ذعراً في المنطقة خاصةً من قطر.
الجنود الباكستانيون والهنود عادوا أدراجهم إلي بلادهم، فهم لم يكونوا علي استعداد لمواجهة الموت لأجل سواد عيون قطر. وجد الضباط القطريون أنفسهم علي رأس جيش مكسيكي. لم يكن لديهم طيارون مقاتلون. في حين بقي لديهم مرتزق واحد.
فقط الوحدات المكونة من الأردنيين، اليمنيين، العمانيين، وخاصة السودانيين لم يتراجعوا وبقوا صامدين في أماكنهم وخاضوا إلي جانب السعودية حرب 'عاصفة الصحراء' ضد القوات العراقية التي تمكنت من احتلال مدينة الخفجي، المدينة التي تم استرجاعها سريعاً من قبل المارينز مساندين بقوة الطيران.
في عام 2006، قامت قطر بإرسال 200 جندي قطري ضمن قوات اليونيفيل بجنوب لبنان بعد حرب تموز بين حزب الله وإسرائيل. حيث تم دمج القوات القطرية ضمن نظيرتها الفرنسية الأكثر وجودًا بالمنطقة.
في عام 2011، وإبان الحرب في ليبيا، عادت عجلة الجيش القطري للدوران، هذه المرة عبر الطيران. ضمت القوات 500 كوماندوز.
بعد العودة من حرب الخليج 1990-1991 تم منح الجنسية القطرية لجميع الجنود العرب المشاركين تحت لواء الجيش القطري.
تماماً مثل ما هو حاصل في الجانب المدني، فإن ندرة الموارد البشرية شكل دائماً شوكة في حلق الإمارة.
فالجيش القطري قليل العدد انسجاماً مع صغر مساحة البلاد التي لا تتعدي 11.437 كلم مربع، ما يتجاوز بالكاد مساحة كورسيكا. رسمياً يصل عدد الجنود في قطر إلي 14.000. في واقع الأمر هم لا يتجاوزن 10.000 جندي.
الجيش يتكون من 90 في المائة من الأجانب، خاصة الباكستانيين والسودانيين. كل مناصب الضباط والقيادة محجوزة لقطريين. فيما يخص الطيران فإنه يتوافر علي الأقل علي 30 طياراً مقاتلاً من جنسية قطرية يتلقون تكويناً سنوياً بفرنسا.
كما هو الشأن في مجال الاقتصاد، فإن الدولة تتجه بثبات نحو 'قطرنة' وحدات الجيش. لكن المشكل المطروح هو أن الضباط من جنسية قطرية يتقاضون أجوراً ضخمة في حين أن للجنود الأجانب رواتب متواضعة. البحث عن مشاة قطريين يبقي من قبيل المعجزة.
خلال الحرب في ليبيا، تلقي المشاركون في الحرب منحاً، خاصة من شاركوا في عملية كريت.
في قطر، لا يبدو إيقاع العمل صعباً علي العسكريين. فمثلاً كل ضابط قطري يشتغل نصف يوم لمدة خمسة أيام. فإذا كان عليه أن يبدأ عمله في السادسة صباحاً وينهيَه في الواحدة زوالاً، ففي واقع الحال، لا يصل إلا مع الساعة السابعة صباحاً ليغادره مع ميقات صلاة الظهر، ثم يعود لبيته، فينتهي بذلك يوم عمله. تشكل ظاهرة التغيّب مشكلة حقيقية.
يتمتع العسكريون من أصول أجنبية، الذين ولدوا في الدوحة وغير حاصلين علي جواز سفر قطري، بمكانة أفضل. إذ يستفيدون من الترقية ومن ممارسة بعض المهام، في حين أن الأجانب لا تتم ترقيتهم، حيث يتم استقدامهم كجنود ويغادرون جنوداً. يوجد بعض المسئولين الشيعة الكبار في الجيش، لكن العادة جرت أن يتم توجيههم ليهتموا بعالم المال والأعمال، هكذا تكون الأمور أقل حساسية.
للتغلب علي ضعف الموارد البشرية، سيكون الحل هو تجنيسا تدريجيا للأجانب لتسريع 'تأميم' الوحدات. لكن السلطات مترددة بالنظر للطابع القبلي للشعب الذي يقوم علي رابطة الدم. تحاول الدولة إذاً تأنيث المناصب رغم ما قد يثيره ذلك من ردود فعل معارضة خاصة من لدن المحافظين حتي ولو تعلّق الأمر بمناصب غير قتالية بالنسبة للنساء.
القطريات الوحيدات اللائي يشتغلن في الجيش، تكون مهمتهن العمل كممرضات في المستشفيات العسكرية أو الخدمات في الصحة. بخلاف الإمارات العربية المتحدة التي تبنت خيار بناء أكاديمية عسكرية للنساء، حيث إن بعضهن تخرجن منها ضابطات.
تتردد قطر كذلك في ما يخص الجنود ‹المرتزقة' أو ما يسمي ب'البلاك ووتر' التي تتكون من جنود أمريكيين لاتينيين 'كولومبيين' أو كوريين جنوبيين تنحصر مهامها في حماية المنشآت الحيوية في البلاد أو قمع أي مظاهرات محتملة.
تهدف قطر للوصول إلي رقم 25, 000 جندي، لهذا الغرض تم فتح مكاتب للانتداب مفتوحة بالعاصمة الدوحة. لكن عدة مشاريع من هذا القبيل لا تزال حبيسة مرحلة الأنابيب. فمنذ إعلان رغبتها في الوصول لهذا الرقم، لم تستطع قطر للآن الوصول لهدفها، تماماً كما حصل مع مشروع إنشاء مركز طبي عسكري ممتاز بالتعاون مع فرنسا.
المركزان العسكريان الوحيدان اللذان رأيا النور هما أكاديمية الطيران التي تكّون ربابنة للمروحيات، و مدرسة الهندسة التي تدرس تقنيات إزالة الألغام المزروعة في جوانب الطريق. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: ما الجدوي من تطوير جيش كهذا، في حين أنه لن يستطيع الصمود أمام عدو خارجي؟
هناك عدة أسباب، وفق محلل أجنبي، أولها الدفاع عن الأرض، ثانيها دعم القوات المحلية دون نسيان عامل تلميع الصورة والمكانة الخارجية خاصة أمام جيرانها في الخليج.
فضلاً عن أن المستقبل غير المطمئن وشديد التقلب، ليس بوسع الإمارة أن تتوافر علي جيش ضعيف. بهذه الأسباب يمكن تفسير سعيها الحثيث للحصول علي التجهيزات العسكرية الأكثر تطوراً. خلال العقد القادم، تتوقع قطر الحصول علي قيمة 20 مليار دولار من الأسلحة من كل نوع: مروحيات، غواصات، مقاتلات طيارة، دبابات، سيارات مصفحة، وأنظمة دفاع جو-أرض. إلي جانب فرنسا، تبقي الولايات المتحدة الأمريكية في التسليح الشريك المفتاح بالنسبة لقطر.
تبقي القاعدة الأمريكية الجوية ب'العديد' الورقة الرابحة للأمريكيين في قطر الموجودة في وسط الصحراء.
تضم هذه القاعدة مقراً للقيادة الجوية ' US CENTCOM'، التي أشرفت علي العمليات العسكرية بالعراق.
ما يقارب 10.000 جندي أمريكي موجودين بالقاعدة التي تتوافر علي أطول مسار أرضي بالمنطقة 'نحو 5 كلم'، كم يمكنها استقبال مئات الطائرات. كما تضم مطاعم وقاعات للرياضة والسينما. القاعدة تعتبر معزولة تماماً عن محيطها الخارجي حيث يمنع منعاً باتاً التجول بالجوار.
وقع الأمريكيين اتفاقيات دفاع مشترك مع معظم بلدان المنطقة، ما يبرر الوجود الأمريكي بها. استطاعت قطر أن تُملي بعض الشروط علي واشنطن من قبيل منع أي جندي أمريكي من إعطاء تصريح تلفزي أو حتي التجوّل بوسط الدوحة، أي أن علي الأمريكيين البقاء في قاعدتهم بعيداً عن أعين القطريين. إلي جانب قاعدة العديد المعروفة، توجد قاعدة السيلية التي يمكنها احتضان ألفي جندي في أربعة أيام. في المحصلة، أوكلت قطر مهمة الدفاع عن أراضيها للولايات المتحدة.
كما يصرح بذلك محمد المرّي مقدم برامج بقناة 'الجزيرة': إذا واجهنا جيشاً رأساً لرأس فسنخسر الحرب حتماً، وإزاء هذا الوضع، عندما يري عدونا حجم قوة حلفائنا سيفكر مرتين قبل أن يهاجمنا.
لتأمين السير الطبيعي للألعاب الآسيوية عام 2006، استنجدت قطر بصديقتها فرنسا التي رصدت لذلك رادارات علي الحدود مع السعودية لمنع أي تدخل سعودي، كما أن شركة من الصنف الثاني لمكافحة الإشعاعات النووية والبيولوجية والكيميائية، تم وضعها رهن إشارة قطر في حالة هجوم مفاجئ، بالإضافة لطائرات مراقبة واستطلاع جوي مدفوعة الثمن من قطر.
تعلم قطر أن أكبر خطر يتهددها سيكون من الجارة إيران. هذا العملاق الفارسي الذي يحتقر جيرانه العرب ويعتبرهم 'أكلة الجراد'. تعلم قطر كذلك أنه ليس بوسعها الصمود أمام طهران. فرغم أن منطقة رأس اللفان شمال الإمارة بما تضمه من منشآت إسالة الغاز ومراكز الكهرباء، ومصانع تحلية الماء، كلها محمية من قبل الأمريكيين. إلا أن قصف إيران لرأس اللفان، ستنهار الإمارة كبيت شيد من ورق، كما أن الوافدين الأجانب سيغادرون قطر ليتركوها تواجه مصيرها البائس.
تفهم قطر حجم الضرر الذي يمكن لإيران أن تلحقه بها. ففي أغسطس 2012، قامت إيران بإحدي مناوراتها العسكرية مما قام بالتشويش علي أجهزة Ras Gas إحدي أهم شركات إسالة الغاز. الفيروس الذي أخذ اسم 'شمعون' طالَ أيضاًAramco شركة البترول السعودية. من إيران عشرات المحطات تقوم بالتشويش يومياً علي بث قناة 'الجزيرة'، وأمام كل هذه الاستفزازات الإيرانية، لا تملك قطر إلا أن تدير ظهرها.
خلال الأزمة الأخيرة بالبحرين، التي اتهمت إيران بتحريك الشيعة داخل المملكة. لم تدخل قطر علي الخط بنفس القدر الذي دخلت به السعودية مثلاً حين قادت 'درع الجزيرة' الذي تكلف بإعادة الأمور علي ما كانت عليه. فقطر لم تكن لتجرؤ علي معاداة إيران، حيث يتملكها خوف كبير من طهران، كما يؤكد خبير عسكري.
سيناريو آخر يخيف الدوحة: أي ضربات إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية، سيجعل قطر مرمي للصواريخ الإيرانية. كما أن قطر لا ترتاح أبداً لجارتها المملكة العربية السعودية رغم أن العلاقات بدأت في التحسن مؤخراً. في قطر، هناك عقدة البلد الصغير المحاط بعمالقة لا يحملون تجاهه نوايا حسنة.
ففي حالة ما قامت ثورة ما ضد النظام السعودي الحاكم، خاصة من قبل السكان الشيعة الموجودين شرق البلاد والذين يضعون أقدامهم علي الثروة النفطية الهائلة، فقطر ستكون ضحية من كل الجوانب.
فضلاً عن هذا المجال الجهوي غير المريح، يستبد قلق حقيقي بالنظام القطري من الهجمات الإرهابية. في 19 مارس 2005، كسر هجوم إرهابي سكون الإمارة. فقد فجّر موظف مصري بشركة قطر للبترول نفسه داخل مسرح يرتاده الغربيون موقعاً قتيلاً بريطانياً واثني عشر جريحاً. سابقة من نوعها في بلد كان يتصور نفسه في منأي عن مثل هذه الأحداث الإرهابية.
منذ هذه الحادثة، بدأت السلطات القطرية في تشديد مراقبتها علي الأماكن الحساسة خاصة السفارات. فالأمن والاستقرار حيويان بالنسبة للاقتصاد القطري.
في سبتمبر 2012، تمكن النظام السوري من اختراق خدمة الأخبار علي الهاتف لقناة الجزيرة، فبثت من خلالها خبراً كاذباً مفاده أن الوزير الأول حمد بن جاسم تعرض للقتل خلال اعتداء فيما تم تعرضت الشيخة موزة لجروح.
كان يجب الرد السريع علي هجوم نظام بشار من قبل السلطات القطرية بتكذيب الخبر. إلا أن تأخرها جعل شعوراً بالذعر يتسلل للجميع, يؤكد أحد أفراد العائلة الحاكمة، وأحس القطريون بفراغ في السلطة.
إنها قطر.. بلد المفارقات، الإمارة الصغيرة بالطموحات العملاقة، لكن باقتصاد يقوم علي أمن لا يجب أن تشوبه شائبة. إنها تشبه سيارة رياضية: سريعة جداً، رائعة، تلفت النظر، ولكن حبة رمل صغيرة قادرة علي تعطيل المحرك.. !
** ونواصل الحديث في الحلقة القادمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.