رغم كل محاولات العنف التي تسود الجامعات حاليا والتي خلفت التخريب وهدم المنشآت الجامعية وترويع الأساتذة والطلاب تحت مسمي حرية التظاهر والتعبير عن الرأي. ورغم أن ما يمارسه طلاب الاخوان من عنف وعنف مضاد يجعل كل من يحاول أن يدافع عن حق التظاهر. مواجهاً بسيل من الاتهامات إلا أن من يؤمنون بحرية التعبير والحق في التظاهر يردون بأن العنف مرفوض لكن كبت الحريات.. أيضًا مرفوض.. وهو ما جعل المجلس القومي لحقوق الانسان يصر علي استمرار مناقشة تعديلات قانون التظاهر والتقدم بالمقترحات، رغم ادانته لكل ما يحدث من عنف بالجامعات وخاصة ما شهدته جامعة الأزهر.. ليعقد المجلس اجتماعاً طارئاً لمناقشة التعديلات التي اقترحها اعضاء المجلس علي قانون التظاهر ورفعها الي الحكومة والاصرار علي الالتزام بها.. وهو ما جعل تساؤلاتي تطارد السيد محمد فائق 'رئيس المجلس القومي لحقوق الانسان' خاصة أن إصراره والمجلس علي وجود ضمانات للحق في التظاهر تقابلها دعوات رافضة لمناقشة اي حقوق لمن يتظاهر. لأجده يرد علي تساؤلاتي التي كانت متلاحقة بهدوئه الناجم عن خبرة طويلة في مجال العمل الحقوقي والاعلامي ليؤكد لي قبل الدخول في التفاصيل أن الظروف التي تمر بها البلاد وما تشهده من أحداث عنف وتوتر ومحاولات لإشاعة الفوضي وتعريض حياة المواطنين للخطر تتطلب تضافر كل الجهود ومساندة أجهزة الدولة وقوات الشرطة في حماية أمن المجتمع والمواطنين، وأن يتم ذلك في إطار الاحترام الكامل لحقوق الإنسان، وأنه من غير المقبول أن يتم الانحياز الي أحد الأمرين: الأمن أوحقوق الإنسان علي حساب الآخر. وكان لنا معه الحوار التالي: الأمن أو حقوق الانسان ' هذا ما يردده الشارع فكيف سيحقق المجلس التوافق بين طرفي هذه المعادلة الصعبة؟ المجلس يري أن مشروع القانون قد خلط بين تنظيم حق التظاهر السلمي وبين ما تتعرض له البلاد من عنف وتعطيل للمواصلات وقطع الطرق وتخريب المنشآت العامة والخاصة، وكذلك الاضراب الذي ينظمه قانون العمل.وهذه الأعمال جميعاً مؤثمة وتعاقب عليها القوانين الحالية مثل المواد الواردة في قانون العقوبات الباب الثالث عشر من الكتاب الثاني 'من مادة 163 إلي مادة 170 مكرر' عن تعطيل وإتلاف المواصلات بكافة أشكالها واستخدام الأسلحة والذخائر والمفرقعات والباب الثاني عشر الخاص بإتلاف المباني والآثار وغيرها من الأشياء 'مادة 162، 163' والباب السادس عشر الخاص بالترويع والبلطجة 'مادة 361، 361 مكرر، ومكرر 'أ '، 365، 368 '.ومن واجب الدوله ان تطبقها بحسم علي مرتكبيها، وأن يتم تعديل قانون العقوبات لاضافة الجرائم التي استجدت مؤخرا وتحديد العقوبات المناسبه لها ولكن مع كل هذه التظاهرات العنيفة في الشارع لماذا اعترضتم علي قانون التظاهر المقدم من الحكومة؟ رأينا كمجلس يختص بحقوق الانسان انه لا حاجة لإصدار هذا القانون بوضعه الحالي لأن ما ورد به من تجريم لهذه الأفعال لا علاقة له بحق التظاهر السلمي وأن هذه الأفعال موضع تجريم بالفعل في القوانين الحالية.و إن الاكتفاء بإصدار القانون في حدود أنه لتنظيم حق التظاهر السلمي يتطلب استبعاد كل المواد والنصوص المقحمة علي هذا المشروع والتي تعاقب عليها القوانين القائمة، كما أنه تأكيد لحق الشعب في التظاهر السلمي الذي انتزعه الشعب في ثورة 25 يناير 2011 ودفع ثمنه غالياً من أرواح مئات الشهداء وآلاف المصابين ولن يتخلي عن هذا الحق خاصة أن التجربة قد أثبتت للمواطنين أنهم لا يحصلون علي حقوقهم إلا تحت ضغط جماعي جماهيري ووسيلته الأساسية هي التظاهر السلمي والاعتصام السلمي. طالبتم بإعادة النظر في مشروع القانون وإدخال التعديلات الآتية عليه تحت اسم 'قانون تنظيم الاجتماعات العامة والتظاهر السلمي' فما هي أهم تلك المقترحات؟ أولا: تعديل المادة الخامسة: باستبدال عبارة 'لغير غرض العبادة' إلي 'الأغراض السياسية' لأن المساجد والكنائس تستخدم في أغراض اجتماعية مثل عقد القران والزواج. ثانيا: إلغاء المادة السادسة: لوجود مواد في القوانين القائمة تعاقب علي الأفعال الواردة بها ولأن التظاهر لن يكون سلمياً في حالة حدوثها. ثالثاً: إلغاء المادة السابعة: لأنها تتضمن ما يمنع الإضرابات العمالية السلمية بحجة تعطيل الإنتاج، ولأنها تستخدم تعبير الإخلال بالنظام العام وهو تعبير غامض يمكن إساءة استخدامه لمنع التظاهر السلمي ولأن الأفعال المشار إليها في الجزء الأخير من المادة لا تنطبق علي المظاهرة السلمية ومجال العقاب عليها في المواد الأخري من قانون العقوبات التي أشرنا إليها. - وكذلك تعديل المادة الثامنة: بأن يكون الأخطار عن المظاهرة قبل موعدها بثمانٍ وأربعين ساعة فقط وليس سبعة أيام. وتعديل المادة التاسعة: بشطب الفقرة الأخيرة ' محاولة إيجاد حلول لتلك المطالب أو الاستجابة لها ' لأنها يمكن أن تستخدم في منع المظاهرة بحجة أن المسئولين استجابوا لمطالب المظاهرين دون أن يكون ذلك حقيقياً.و إلغاء المادة11: لأنها تصادر حق التظاهر علي أساس نوايا المتظاهرين قبل المظاهره، والاجدي أن يكون التعامل معهم علي أساس أفعالهم أثناء المظاهرة.و تعديل المادة13: والتي تقضي بنقل استخدام الهروات في فض المظاهرة من المرحله الاولي الي الثانيه.و تعديل المادة16: ليكون الحرم الآمن للمواقع التي يتم التظاهر أمامها لا يزيد علي خمسين متراً فقط وليس ثلاثمائة كما جاء في مشروع -القانون.والمادة17: بحذف النص الخاص بتحديد حد أقصي لإعداد المجتمعين لأن المحظور فقط هو عدم تعطيل المواصلات أو قطع الطرق.كما طالبنا بتعديل المواد '19، 20، 21، 22، 23': وطالبنا بإلغاء عقوبة السجن والحبس والاكتفاء بتوقيع غرامات مالية مناسبة للمخالفات التي تقع في المظاهرات السلمية وليست بهذه الضخامة. لماذا اصراركم علي تعديل هذه المواد قبل تقديم المشروع للحكومة وما الداعي لهذه الخطوة الآن؟ لأنه ما لم يتم إدخال هذه التعديلات علي مشروع القانون فإنه سوف يتعارض مع نصوص الدستور القادم و يكون قانونا غير دستوري بعد الاستفتاء علي الدستور. وما هي الخطوات التي تراها مناسبة لاتخاذها قبل اصدار قانون التظاهر الحالي؟ قبل إصدار هذا القانون يجب أن تسبقه قوانين لها أهميتها بالنسبة لحريات المواطنين مثل قانون التعذيب وقانون حرية العقيدة، وقانون ضد التمييز الطائفي. كما أنه من الضروري الإسراع بإصدار قوانين لتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين والعدالة الاجتماعية وتعزيز حرياتهم مثل قانون الحريات النقابية والنظام العادل للأجور وزيادة المعاشات والحد من البطالة وتطوير الأحياء العشوائية.