كما نشرت الصحف.. فهناك وفد من لجنة الخمسين قام بزيارة إلي لندن والتقي أعضاء من مجلس العموم البريطاني، وفي السياق.. كتب السيد/ محمد سلماوي 'رئيس الوفد وعضو اللجنة' مقالًا في جريدة المصري اليوم بتاريخ 18/10/2013 عرض فيه لوقائع اللقاء، والزيارة ووقائعها تستدعي العديد من الملاحظات. أولي الملاحظات ترتكز إلي نقطة الأصل.. فلقد حددت خارطة الطريق مهمة واحدة فقط لها وهي تعديل دستور 2012، وبالتبعية فأي سفريات لأعضاء اللجنة - وبصفتهم أعضاء فيها ومتحدثين باسمها- لا تجوز إلا في إطار هذه المهمة فحسب ووفقًا لمقتضي الضرورة، وعلي سبيل المثال.. السفر للقاء خبراء دستوريين في دول أجنبية للاستفادة من خبراتهم في إطار المشاورات الفنية البناءة، ولكن من الواضح - وعلي خلفية المنشور صحفيا- فإن الهدف الذي سافر من أجله الوفد إلي لندن لم يكن متعلقًا بالمهمة المكلفة بها لجنة الخمسين وبإقصاء ضروراتها، وأحتكم - مرة أخري- إلي المنشور صحفيًا. جاء في جريدة المصري اليوم 'العدد الصادر بتاريخ 18/10/2013': أن أعضاء الوفد أكدوا لأعضاء مجلس العموم أن لجنة الخمسين حريصة علي صياغة دستور حضاري يليق بمصر، وما قالوه لا علاقة له بالمهمة المكلفة بها اللجنة.. فليس من بين تكليفات المهمة سفر أعضائها لكي يؤكدوا للعالم حرص اللجنة علي كذا وكذا.. إلخ، فالعالم من حولنا ومن قبله الشعب المصري لا يعنيه 'حرص اللجنة' ولكن يعنيه 'المنتج النهائي للجنة' الذي يقترب موعد استحقاقه، بينما الخلافات مازالت تتفجر بين أعضائها والمسافة تتباعد بين مواقع التفجير وخطوط الاحتواء. الزيارة -هكذا- تأتي خارج إطار مهمة لجنة الخمسين، ويتأكد ذلك -صراحة- بنص كلمات السيد/ محمد سلماوي في مقاله المشار إليه في جريدة المصري اليوم وتحت عنوان: 'في مجلس العموم البريطاني' ففي مقاله يقول: إن الوفد عرض للحضور تفاصيل الوضع الحالي في مصر، ومن جانبي ومن حيث المبدأ فإنني أبدو متحفظًا فلا حق للجنة الخمسين ولا حق لمن يتحدثون باسمها الحديث- في الداخل والخارج- عن شأن سياسي يتعلق بالأوضاع في البلاد، ويبقي لأعضائها الحق في الحديث عن شأن سياسي بصفتهم الشخصية وليس بصفتهم ممثلين للجنة. ولعل السيد/ محمد سلماوي يوافقني الرأي.. ولذا ففي مقاله 'السابق الإشارة إليه' يتجنب تمامًا ذكر حقيقة التمثيل 'فلم يذكر أن الوفد سافر ممثلًا للجنة الخمسين واكتفي بوصفه 'وفد الدبلوماسية الشعبية' ولكن كانت المفارقة حاضرة في جريدة المصري اليوم وفي العدد ذاته الذي تضمن مقال السيد/ سلماوي '18/10/2013' وفي ص4 كانت الجريدة تعلن عن الحقيقة التي حجبها- متعمدًا- السيد/ سلماوي في مقاله ففي التحقيق الخبري الذي نشرته الصحيفة عن الزيارة.. كان الطرف الأول يقول ' واصل وفد الدبلوماسية الشعبية الممثل للجنة الخمسين لتعديل الدستور لقاءاته في العاصمة البريطانية.. إلخ، وهكذا، فالوفد الذي سافر هو وفد ممثل للجنة الخمسين والزيارة. بالتالي- تبقي خارج إطار اللجنة وتكليفاتها، ولعلي أضيف.. إن أي وفد يسافر ممثلًا للجنة لايمكن وصفه - وبمعيار المضاهاة- بوفد الدبلوماسية الشعبية، فما علاقة لجنة مكلفة بتعديل دستور بالدبلوماسية الشعبية؟! الملاحظة السابقة تأخذني إلي ملاحظة أخري وبرفقة سؤال يقول: من الذي تحمل تكلفة سفر الوفد وإقامته في العاصمة البريطانية؟ وإذا كانت الإجابة تشير إلي الميزانية المخصصة لأعمال لجنة الخمسين، فهي إجابة مرفوضة لأنها تعني أن هناك مالًا عامًا قد تم إنفاقه في غير أغراضه، وإذا كانت الإجابة تميل إلي جهة أخري ' حكومية أو غير حكومية أو رجال أعمال في الداخل والخارج' واقعة تحمل التكلفة فهي -بالمثل- إجابة مرفوضة.. لأنها تعني- وبشبهة الظن- أن اللجنة تقع تحت تأثير هذه الجهة.. ومن الحكمة أن تبتعد اللجنة تمامًا عن شبهات الظن والتباساته، ومرة أخري: من الذي تحمل تكلفة سفر الوفد وإقامته في لندن؟ وفي تتابع الملاحظات لا يملك المرء إلا العودة إلي مقال السيد/ سلماوي المشار إليه قبلًا.. فالمقال تضمن حديثًا في الشأن السياسي تداوله سيادته مع أعضاء مجلس العموم أثناء اللقاء وبغض النظر عن أن ممثلي اللجنة لا حق لهم في الحديث في شأن سياسي، فإن ما جاء في المقال يستدعي العديد من الملاحظات فلقد كان أشبه ب' النيران الصديقة' وارتد ليصب في خانة المعكوس السلبي، ولنتأمل معًا: 1- وفقًا لما جاء في المقال.. فإن السيد/ سلماوي قال لأعضاء مجلس العموم ' دعونا من هذه القضية'، وأشار المقال إلي أن القضية المقصودة هي: هل ما جري في أعقاب 30 يونية كان انقلابًا عسكريًا أم لا؟ وهي دعوة مثيرة للاستغراب عندما يتعلق الأمر بحديث في الشأن السياسي.. فالقضية التي جرت دعوة أعضاء مجلس العموم إلي عدم الالتفات إليها.. هي القضية التي تحظي بأولوية في محاوراتهم وفي محاورات المحافل الأوربية والدولية، وبالاحتمال المرجح فإن الدعوة قد تركت انطباعًا لدي أعضاء مجلس العموم أن السيد/ سلماوي 'رئيس الوفد' لايملك حجة إزاء الادعاءات القائلة بأن ما جري كان - وعلي عكس الحقيقة- انقلابًا عسكريًا، والانطباع يصب- بداهة- في خانة المعكوس. 2- ووفقًا لما جاء في المقال.. فلقد بادر أحد أعضاء مجلس العموم السيد/ سلماوي بسؤال يقول بالنص: 'لقد تدخل الجيش في إسقاط النظام السابق بناء علي رغبة الجماهير، كما قلت، فهل في كل مرة ترغب الجماهير في التغيير ستكون مهمة الجيش التدخل لتحقيق تلك الرغبة؟ وعندما أتأمل السؤال بنص كلماته.. فإنني أفتح قوسا لمداخلتين: أ- أن السؤال يؤكد أن السيد/ سلماوي قد قال لأعضاء مجلس العموم إن الجيش أسقط النظام السابق وأخشي أن ما قاله قد ترك انطباعًا لدي أعضاء مجلس العموم.. بأن ما جري كان انقلابًا عسكريًا، لأن الجيوش عندما تسقط نظامًا سابقًا.. فكأنها قامت ووفقًا للقاموس الأوربي -بانقلاب عسكري، ولعل السيد/ سلماوي يوافقني علي أن الجيش المصري لم يسقط نظامًا سابقًا ولكنه قام وفي ظل إرادة شعبية وشريك لها.. بعملية تصحيحية في إطار الشرعية الدستورية وأن الذي انقلب علي هذه الشرعية لم يكن الجيش ولكن الدكتور/ مرسي نفسه، هو ما قلته قبلا وأكدته في مقالات سابقة بجريدة 'الأسبوع'، وكان ما قلته معزز بحجج ومحصن بها ولم أتلق عليها دفوعًا تدحضها حتي تاريخه. ب- إن السؤال الذي طرحه عضو مجلس العموم هو سؤال محوري في الأوساط الأوربية والدولية، وبات - وثيق الأهمية- موضوعا مطروحًا في مراكز للدراسات تلمسًا لكيفية التعامل مع الاحتجاجات الشعبية في إطار المعادلة السياسية للديمقراطية، وبالتالي.. فنحن أمام سؤال يستدعي إجابة لا تلتف حوله وتبدع في محاورته وتحاول أن تستخلص الدرس المستفاد مما جري في 30 يونية وتسكينه في صياغة دستورية، ولذلك كان اقتراحي ومازال تضمين الدستور المعدل مادة تلزم رئيس الجمهورية بالحيلولة دون انقسام الشعب وإن أي إخلال بهذا الالتزام يمثل انتهاكًا للدستور ويساءل فيه. 3- كانت إجابة السيد/ سلماوي عن السؤال وكما جاءت نصًا في مقاله.. تقول ' ما دفع الجيش للتدخل هو أن كل السبل الديمقراطية في التغيير قد سدت في وجه الشعب مما شكل وضعًا استثنائيًا، فالرئيس مرسي كان قد رفض الإجراء الديمقراطي الذي طالب به الشعب وهو الانتخابات الرئاسية المبكرة، في الوقت الذي لم يكن هناك مجلس للشعب ينوب عن الجماهير في سحب الثقة من الرئيس وعزله، وهي إجابة أشبه ب' النيران الصديقة' ولأسباب تعلن عن نفسها: ابتداء فإن الشعب عندما خرج في 30 يونية لم تكن كل مطالبه هي انتخابات رئاسية مبكرة فلقد تضمنت مطالبه - وعلي سبيل المثال- فترة انتقالية ويعاد فيها النظر في الدستور، ومن المؤكد ان اختزال المطالب في انتخابات رئاسية مبكرة.. يعطي الحق لأعضاء مجلس العموم لكي يتساءلوا وفيما بينهم: إذا كانت كل مطالب الشعب هي انتخابات رئاسية مبكرة، فلماذا امتنع الجيش عن إجرائها فورًا بعد عزل الدكتور/ مرسي وعمد إلي فترة انتقالية؟، والسؤال يصب في خانة المعكوس السلبي. وتاليًا: فقد جاء في الإجابة إنه لم يكن هناك مجلس للشعب ينوب عن الجماهير في سحب الثقة من الرئيس أو عزله، ولأن السيد سلماوي لم يكن يخاطب مجموعة 'هواة' جاءوا بهم من مقاهي لندن، ولكن 'محترفون' ولكل منهم اتصالاته بمراكز بحثية ومعلوماتية فإنه من المتوقع أن يطلب أعضاء المجلس دستور 2012 ' وهو الدستور القائم حتي 3 يوليو 2013' ليكتشفوا أن هذا الدستور لم يتضمن علي عكس ما قاله السيد/ سلماوي - نصا واحدا يجيز لمجلس النواب 'مجلس الشعب' سحب الثقة من رئيس الجمهورية أو عزله، وإنه وفي مواجهة الرئيس - لم يملك إلا الاختصاصات المخولة له وفقًا للمادة ' 152' بتوجيه الاتهام للرئيس بارتكاب جناية أو بالخيانة العظمي ولم تخول له هذه المادة اختصاصًا بسحب الثقة أو العزل، وهكذا سوف يكتشف أعضاء مجلس العموم أن السادة أعضاء وفد لجنة الخمسين لم يقرأوا - بما يكفي- الدستور المكلفين بتعديله، وهذا - أيضًا- يصب في خانة المعكوس السلبي. واتصالًا.. فإن السيد/ سلماوي استبقي- وفي إجابته - خيارًا ديمقراطيًا واحدًا للدكتور/ مرسي في أعقاب المظاهرات الحاشدة في 30 يونية، وهو تقديم استقالته والدعوة إلي انتخابات رئاسية مبكرة وما قاله يصب - مجددًا- في خانة المعكوس السلبي، لأن العقلية الأوربية لن تتفهمه وسوف تعتبره نوعًا من التعسف، فالعقلية الأوربية تتمثل التجربة الفرنسية في عام 1968، عندما عرفت آنذاك باريس وكل المدن الفرنسية حركة احتجاج واسعة ضد الرئيس ديجول، ولكنه لم يبادر بتقديم استقالته.. بل ذهب إلي صناديق الاستفتاء وعلي ضوء ما أسفرت عنه الصناديق قدم استقالته، وكان من الأوفق أن يتأكد أمام أعضاء مجلس العموم، أن الخيار الديمقراطي الذي كان ينبغي علي الدكتور/ مرسي القيام به وامتنع عنه هو الاحتكام إلي صناديق الاستفتاء وفقًا للمادة '150' من دستور 2012 والتي تمنحه الحق في دعوة الشعب إلي الاستفتاء علي بقائه في منصبه ومغادرته إياه، فهذا ما تتفهمه العقلية الأوربية.. ديمقراطيًا. وبعد.. أتمني علي السادة/ أعضاء لجنة الخمسين أن يخصصوا كل وقتهم للمهمة المكلفين بها وأن يدخروا كل جهدهم لها، والمهمة- مرة أخري- هي ترميم وتعديل دستور 2012 وليست هناك مهمة أخري.