محافظ سوهاج يزور مطرانيات الأقباط بالمحافظة للتهنئة بعيد القيامة    مصر تستورد لحوم وأبقار بقيمة 139.7 مليون دولار خلال يناير وفبراير    عاجل| ماكرون يدعو نتنياهو إلى استكمال المفاوضات مع حماس    بالأسماء.. مفاجآت منتظرة بقائمة منتخب مصر في معسكر يونيو المقبل    تصنيع مواد الكيف والاتجار بها.. النيابة تستمتع لأقوال "ديلر" في الساحل    3 أبراج تعزز الانسجام والتفاهم بين أشقائهم    فوائد وأضرار البقوليات.. استخداماتها الصحية والنصائح للاستهلاك المعتدل    الآن.. طريقة الاستعلام عن معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    الأهلي يبحث عن فوز غائب ضد الهلال في الدوري السعودي    «الزهار»: مصر بلد المواطنة.. والاحتفال بالأعياد الدينية رسالة سلام    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    «على أد الإيد».. حديقة الفردوس في أسيوط أجمل منتزه ب «2جنيه»    انتشال أشلاء شهداء من تحت أنقاض منزل دمّره الاحتلال في دير الغصون بطولكرم    تجدد الطبيعة والحياة.. كل ما تريد معرفته عن احتفالات عيد شم النسيم في مصر    ناهد السباعي بملابس صيفية تحتفل بشم النسيم    دمر 215 مسجدًا وكنيسة.. نتنياهو يستخدم الدين لمحو فلسطين| صور    «مراتي قفشتني».. كريم فهمى يعترف بخيانته لزوجته ورأيه في المساكنة (فيديو)    هل يجوز أداء الحج عن الشخص المريض؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    إصابة 3 إسرائيليين بقصف على موقع عسكري بغلاف غزة    قبل ساعات من انطلاقها.. ضوابط امتحانات الترم الثاني لصفوف النقل 2024    قوات روسية تسيطر على بلدة أوتشيريتينو شرقي أوكرانيا    رئيس مدينة مرسى مطروح يعلن جاهزية المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لاستقبال طلبات التصالح    «الزراعة» تواصل فحص عينات بطاطس التصدير خلال إجازة عيد العمال وشم النسيم    ندوتان لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية بمنشآت أسوان    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة بطوخ    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    بين القبيلة والدولة الوطنية    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    رفع حالة الطوارئ بمستشفيات بنها الجامعية لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مج.ازر في غزة راح ضحيتها 29 شهيدا    إعلام إسرائيلي: وزراء المعسكر الرسمي لم يصوتوا على قرار إغلاق مكتب الجزيرة في إسرائيل    التنمية المحلية: استرداد 707 آلاف متر مربع ضمن موجة إزالة التعديات بالمحافظات    بالصور.. صقر والدح يقدمان التهنئة لأقباط السويس    أنغام تُحيي حفلاً غنائيًا في دبي اليوم الأحد    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    جناح مصر بمعرض أبو ظبي يناقش مصير الصحافة في ظل تحديات العالم الرقمي    الليلة.. أمسية " زيارة إلى قاهرة نجيب محفوظ.. بين الروائي والتسجيلي" بمركز الإبداع    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    دعاء تثبيت الحمل وحفظ الجنين .. لكل حامل ردديه يجبر الله بخاطرك    3 أرقام قياسية لميسي في ليلة واحدة    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    اتحاد الكرة يلجأ لفيفا لحسم أزمة الشيبي والشحات .. اعرف التفاصيل    صحة مطروح تطلق قافلة طبية مجانية بمنطقة أولاد مرعي والنصر لمدة يومين    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة في طوخ    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    السيطرة على حريق شقة سكنية في منطقة أوسيم    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخيانة المشروعة.. خليفة الأب أطاح بعمه أحمد من الحكم..

وحمد الابن يخطف العرش من أبيه بعد سفره في رحلة علاج موزة وأحضان أمريكا وراء الإنقلاب.. وحمد يحكم بالسجن علي نصف قبيلة ساندت والده !! وحمد يحكم بالسجن علي نصف قبيلة ساندت والده !!
'قطعة الحلوي الصغيرة التي تري في نفسها إمبراطورية، و القزم الذي يمتلك شهية غول، والضفدعة التي أرادت أن تكون بقرة فكانت دويلة وضعت لها قدماً في زحام العمالقة مستخدمة دبلوماسية دفتر الشيكات.. تلك هي 'قطر' كما رسمها الصحفيان الفرنسيان: كريستيان تشيسنو وجورج مالبرون في كتابهما 'قطر.. أسرار الخزينةQatar: les secrets du coffrefort ' الذي صدر في باريس عن دار 'ميشيل لافون'.. تلك هي قطر هذا البلد النفطي الذي يعتمد علي ثروته ليحقق أطماعاً توسعية في العديد من مناطق العالم، وقد نجح في مسعاه ولكن كان نجاحاً في استعداء الأشقاء، وخيانة أهل العروبة كما خان حاكمها الأشهر والده وانقلب عليه وأطاح به من العرش إلي المنفي، وانتقل بأمنيات من حدود الإطاحة بحاكم قطر 'والده' إلي الإطاحة بجميع الحكام العرب في المنفي.. لكنه رحل قبل أن يرحل خصمه بشار الأسد، وقد كان يعتبر أن الأزمة في سوريا هو مسألة شخصية وأن 'حمد ضد الأسد، أحدهما سيرحل' وكان الرحيل أولاً من نصيب حمد !!
أراد الصحفيان الفرنسيان: كريستيان تشيسنو وجورج مالبرون 'فهم آليات هذا الطموح الذي كلّف الدوحة عداواتٍ كثيرة في العالم بأسره'، فكان كتابهما ''قطر.. أسرار الخزينة ' الذي جاء بعد بعد تحقيق مطول في قلب 'قطر' قام به 'مالبرونو' و' شينو'، في إطار بحثهما عن الأسباب التي ساعدت علي تحريرهما من العراق بعد اختطافهما، وكانا رهينتين في عام 2004 !!
وكان الكتاب الذي أزاح الستار عما يجري داخل أسوار القصور الأميرية القطرية، وداخل كواليس العلاقات الخارجية لدولة 'قطر'.. وهذا ما نعرضه لكم في حلقات حافلة بالكثير من الأسرار.
في مقدمة 'مالبرونو' و' شينو' يتناول الكاتبان دوافعما وراء هذا التحقيق الصحفي المطول الذي تحول إلي كتاب ذي أهمية خاصة، فيؤكدان أن: ' بالبحث والتحري حول طموحات 'قطر' وحكامها داخل عائلة متشابكة مثل: عائلة آل ثاني.
قمنا بلقاء عمالقة الصناعة الفرنسية وكذا أغلب سفراء فرنسا الذين مَرُوا بالإمارة، التقيْنا كذلك عسكريين، ودبلوماسيين روس، إسرائيليين وعرب في مصر وسوريا ولندن. وبالطبع قطريين نلتقيهم بالدوحة منذ ما يربو علي العشر سنوات. حيث وقفنا علي دور الجزيرة في تحريرنا بعد أربعة أشهر من الأسر خلال الحرب علي العراق 2004.
دون مجاملة ولا ديماغوجية، سعينا إلي رسم صورة عن ''قطعة الحلوي الصغيرة التي تري في نفسها إمبراطورية '' وفق منتقديها.. أردنا فهم آليات هذا الطموح الذي كلّف الدوحة عداواتٍ كثيرة في العالم بأسره.'
و قبل الدخول في أعماق الأسرار يتحدث الكتاب في تعريف سريع عن الشخصيات الأكثر تأثيراً في المحيط الأميري:
-خليفة بن حمد آل ثاني: أمير قطر في الفترة ما بين 1972 إلي حدود 1995، قبل أن تتم الإطاحة به من قِبل ابنه.
-حمد بن خليفة آل ثاني: ولد عام 1952، الأمير السابع لقطر، في الحكم منذ 27 حزيران-يونيو 1995، 'حتي تنازل عن العرش لنجله الشيخ تميم بن حمد آل ثان في الثلاثاء 25 يونيو 2013'.
-الشيخة موزة بنت ناصر المسند: ولدت عام 1959، والزوجة الثانية والمُحبّبة للأمير حمد، تُدير المنظمة القوية Qatar Foundation
-حمد بن جاسم آل ثاني: ولد عام 1959، وزير الخارجية القطري منذ 1992، ورئيس الوزراء منذ 2007.. 'وحتي تاريخ الأربعاء 26 يونيو 2013' وهو تاريخ صدور أمراً من أمير قطر الجديد الشيخ تميم بن حمد يقضي بقبول استقالة حمد بن جاسم وتعيين الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثان رئيساً لمجلس الوزراء ووزيرا للداخلية.
-تميم: ولد عام 1980، ولي العهد القطري منذ 2003، والإبن الثاني للأمير وزوجته الثانية الشيخة موزة، وهوو الحاكم الجديد لقطر بداية من تاريخ الثلاثاء 25 يونيو 2013
-جاسم: ولد عام 1978، ولي العهد في الفترة ما بين 1996 إلي 2003، يترأس أكاديمية أسباير ASPIRE.
الخيانة الأشهر !!
ويبدأ الكتاب في الحديث عن صفحة الخيانة الأشهر في تاريخ قطر ويتناول خيانة حمد لأبيه تحت عنوان: 'حمد بن خليفة آل ثاني: انقلاب الحداثة' فيقول:
'يوم الاثنين 26 حزيران 1995، عندما رنّ الهاتف في مكتب هنري دونيو سمع صوتاً يخاطبه: '' تعالَ حالاً للديوان، لدينا رسالة هامة نريد إبلاغك إيّاها ''
ساعات بعد ذلك، وجد الممثل الدبلوماسي نفسه برفقة نظيريه الأمريكي والبريطاني في حوارٍ مغلق مع وزير الخارجية حمد بن جاسم، الذي أبلغهم أن ولي العهد حمد آل ثاني سيتولي زمام الحكم في الغد.وطلب لهم أن يخبروا بذلك مسئوليهم في بلدانهم.
لدي عودته أرسل السفير الفرنسي لباريس ليخبر عن الانقلاب الذي قام به الابن الطموح ذو الثالثة والأربعين ربيعاً.
علي بعد بضعة آلاف كيلومترات من الإمارة، لم يكن أي شك يساور الأمير الشيخ خليفة حول سير الأمور بقطر. بعد زيارة سريعة لدول الغرب العربي توجه الأمير إلي زيوريخ لإجراء بعض التحاليل الطبية الروتينية.
بعد وصوله لجنيف للاستجمام، تلقي الأمير الخبر-الصدمة: ابنه حمد قام بانقلاب عليه، انقلابٌ يكاد يشبه إلي حد كبير ذلك الذي قام به خليفة نفسه قبل 23 سنة ضد عمه أحمد.
استنجاد خليفة بأصدقائه الملوك والأمراء والرؤساء كان صرخة في واد سحيق، حيث لم تجد لها صدي.
يجب الاعتراف أن حمد آل ثاني حضّر بشكل غاية في الدقة والإعداد، ما جعل الإمارات العربية المتحدة وحتي ''أعدائه '' الإسرائيليين تتقبل الأمر دون تحفظ.
كان حمد آل جاسم قد اتصل بلبنانيّ له صلة قوية باللوبي اليهودي بأميركا لكسب الاعتراف. لكن بيل كلينتون اشترط لقاءَ ذلك اعتراف الإمارة بإسرائيل. الأمر الذي سيتحقق شهوراً بعد ذلك بفتح مركز تجاري للدولة العبرية بالدوحة. وحتي اعتراض الملك فهد علي الأمير القطري الجديد تم إنهاؤه بتدخل سيّد البيت الأبيض.
في الإليزيه كان هناك نوع من المماطلة في الخروج بموقف واضح، ففرنسا كانت لها علاقات ممتازة مع خليفة توجتها بعقد اتفاقية دفاع مشترك. فرنسا اتخذت موقفاً حذراً من الانقلاب. حيث إن فرنسا كانت علي علمٍ بما يجري ويحاك في قطر منذ 27 نيسان. حيث أخبر حمد بن جاسم مسئولا سامياً في كاي دورسيه وأخبره عن نيته رفقة ابن عمومته 'حمد' في الإطاحة ب 'خليفة'.. الأمر الذي فاجأ المسئول الفرنسي.
حمد أخبر المسئول أن أميركا وبريطانيا علي علم بالأمر، وهو يطلب من فرنسا أن تقوم فقط بالتحذير من أي تدخل أجنبي. الخشية كانت من تدخل سعودي يعيد خليفة إلي عرشه أميراً.
قامت فرنسا بالتحذير بشكل فيه شيء من اللف والدوران من أي ''مساس بالسيادة القطرية''، حيث إنها لن تعترف إلا بعد مرور 48 ساعة بالقادة الجدد للإمارة.
في أثناء ذلك، بث التلفيزيون الرسمي صوراً لقادة القبائل في قطر مجتمعين في القصر الأميري. ويُحكي أن فكرة الانقلاب كانت من قِبَل زوجة الأمير الجديد الشيخة موزة.
من جنيف، قرر الأمير المخلوع الالتحاق بمقر إقامته في كان الفرنسية. حيث لم تتلقّ طائرته ال A 340 استقبالاً حاراً من لدن السلطات الفرنسية.
خليفة لم يعد يملك غير الدموع كي يبكي علي مصيره المؤلم.. لكن عزاءه كان في ثروة تقدر ب 4, 5 مليار دولار نقداً كان قد أخذها معه في رحلته لشكٍّ كان يساوره في إمكانية سقوط حكمه في غيابه.
لكن الأمير الجديد الذي لم يكن يخشي ما يكدر عليه صفو اعتلائه العرش، وجد نفسه أما تحدٍّ كبير تمثل في كون الخزينة القطرية كانت خاوية علي عروشها، إذ أن الأمير المخلوع كان قد كتب جميع الاستثمارات القطرية في العالم باسمه الشخصي.
ولأنه كان في حاجةٍ ماسة لسيولة تكفيه لتمويل مشاريع التنمية الاقتصادية وكذا لأجل سداد أجور الموظفين بالبلاد، اضطر إلي الاستنجاد بشركة QTel لتتولي دفع الأجور. حيث إن الأمر كان بغاية الصعوبة والتعقيد كما كان الحال بالنسبة لتمويل أول مشروع تنمية للغاز North-Domb. ال 300 مليون دولار التي تم استجلابها جاءت في لحظة كانت فيها الدولة تعيش شبه إفلاس. فحتي شركة ''شيل'' Shell التي لم يمض علي دخولها قطر وقت طويل، قررت إيقاف استثماراتها في الغاز داخل الإمارة. هذا القرار كان مثل طعنة من الخلف تلقاها الأمير الجديد، كما يعلق محمد الدوسري سفير قطر في فرنسا. ف Shell لم تكن تثق في إمكانيات قطر في وقتٍ كانت معدلات الغاز والبترول في أدني مستوياتها.
رغم ذلك، قبلت المجموعة الفرنسية Total ملء الفراغ الذي خلفه غياب العملاق الأميركي، أكثر من ذلك، فقد أقدمت المجموعة الفرنسية علي إنعاش الخزينة القطرية بملايين الدولارات. قطر بقيت مدينة بالجميل للشركة الفرنسية ممثلةَ في مديرها التنفيذي كريستوف دو مارجوري، رئيس قسم الشرق الأوسط.
بنوعٍ من التشفّي إزاء ما تتعرض له الإمارة الصغيرة بعد خلعه، قام الأمير السابق بالانتقام من منفاه الذهبي المتنقل ما بين أبو ظبي ولندن وكان. هذا الانتقام سيتجسد ثمانية أشهر بعد ذلك ليلة الثالث عشر من شباط 1996 سيلتقي خليفة مسنوداً بابن أخيه حمد قائد الشرطة السابق، مصحوباً بمرتزقة دروز تحت إمرة القائد برّي، وعداً من أفراد قبائل آل المرّي، كل هذا الحشد سينطلق من دبي للالتحاق بميناء الدوحة حيث سيجدون أماهم قوة سعودية ستعيد الأمير، حسب الخطة، إلي سدة الحكم.
باء الانقلاب المضاد بالفشل، إثر تفضيل أحد أبناء آل المري الانضمام إلي صفوف الأمير الجديد بدل الانخراط في لعبة غير محسوبة العواقب. تم نفي حمد ابن خليفة إلي سوريا، قبل أن يسقط في كمين في بيروت ويتم اقتياده إلي الدوحة حيث حكم عليه بالإعدام. هذا الحكم الذي سيتم توقيفه عام 2001 قبل أن يُطلق سراحه سنة 2003.
قام الأمير الجديد حمد بتنظيف محيطه، حيث قام بعزل الجنرالات المصريين الذي كانوا في الجيش إبان حكم والده، كما حكم علي نصف قبيلة المري بالسجن أو الإقامة الجبرية ونفي النصف الآخر إلي العربية السعودية.
العلاقات القطرية- الفرنسية عرفت نوعاً من البرود بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة. مما حذا بفرنسا للإسراع باحتواء الأزمة مع الإمارة. علي وجه السرعة قام جاك شيراك بإرسال ممثله الدبلوماسي ديني بوشار مصحوبا برئيس الأركان الجنرال فرنسوا كزافيي رينيو، الهدف: طمأنة حمد.الأمير القطري عاتب الفرنسيين علي دور الجنرال باري في المحاولة الانقلابية الفاشلة. وطالب فرنسا بإرسال 300 جندي فرنسي للتراب القطري. شيراك لم يبدُ متحمساً للأمر واكتفي بالمراوغة.
الخلاف بين البلدين عرف نهايته بعد وقوف فرنسا إلي جانب قطر أمام محكمة العدل الدولية في نزاعها علي بعض الجزر مع كمملكة البحرين، حيث كان ضغط باريس حاسماً في حسم الصراع لصالح حليفتها الجديدة قطر. موقف شيراك هذا سييتم مكافئته عاماً بعد ذلك حين ستشتري قطر 5 طائرات AirBus بقيمة تتجاوز ال 400 مليون يورو.
الأمير المخلوع سيقوم بطلب وساطة من أخيه خالد الذي يتمتع باحترام واسع بين أفراد عائلة آل ثاني لدخول قطر، الأمر الذي سيتم حينما سيُسمح له بحضور جنازة موزة الزوجة الأولي للأمير القطري عام 2004، الأمر الذي طمأن القطريين علي استقرار النظام الحاكم.
علي إثر هذه التسوية وإتمام المصالحة، قام خليفة بتفويت 75 في المائة من ثروته لصالح ابنه، فضلاً عن ال AirBus 340
في حين احتفظ لنفسه بطائرة بوينغ 727 التي كان يمتلكها منذ مدة طويلة.
خليفة ذو الستة وثمانين عاماً، يقضي أغلب فترات حياته في زيوريخ حيث تم زيارته من طرف جاسم ابنه الأصغر وأصدقاء قدامي من المحيط الأميري.
لكن من يكون خليفة هذا؟
بدوي أصيل، طفوليّ الطبع وغريب الأطوار،. في أحدي المرات طلب تغيير الفندق الذي نزله بسبب أن حاشيته لن يكونوا معه في الطابق نفسه. قام مرة بالتحضير للقاء مع فرنسوا ميتيران فقط ليأخذ له صورة وهو خارج من قصر الإليزيه. !
لم يكن يسمح لأحد ممن حوله أن يسرق منه الأضواء. لكن حمد لم يستطع أن يخفي رغبته الجامحة، حيث عارض ما مرّة قرارات والده بشأن تشكيل الحكومة. هذا الخلاف سيتطور ليصل إلي ما هو أبعد حيث سيكون حول مستقبل قطر. فحمد كان يقترح علي أبيه أن يسرّع عملية تصدير الغاز للعالم قبل جيرانهم الإيرانيين.
الأب المُحافظ والمتأثر بالعقلية الوهابية لجيرانه آل سعود، كان ضد السماح للشركات الأميركية بدخول قطر. فكان يري أن قطر تسير بشكل جيد للغاية.
كان لا يمل من تكرار نصيحته لصديقه شاه إيران، الذي تأسف لما حدث له عام 1979، حيث كان يقول: ''لطالما نصحتُه بعدم توسيع الهوة بينه وبين شعبه المحافظ وبينته الاجتماعية، وإلا فلن يتمكن من السيطرة علي الوضع''. انتهي كلام خليفة.
مثل هذا الخطاب لم يكن يروق لحمد، فهو كان يري أن لا معني لحرمان قطر من ثروة مدفونة في أحشائها ستمكنها من أن تصبح أول مصدر للغاز المسال في العالم.
الثلاثي الساحر في قطر
وفي فصل ثان يتناول الكتاب طموحات حمد، وانطلاقه نحو أحضان الولايات المتحدة الأمريكية فيقول: 'ما إن جلس حمد علي كرسي الحكم حتي وضع أمامه هدفين لي يحيد عنهما: إعطاء هوية ورؤية عالميتين لقطر.
بالنسبة لحمد، كل شيء كان منطلقاً من عقدة قديمة، فحينما كان طالباً في الأكاديمية العسكرية الملكية بساندورست ببريطانيا، كان يخجل حينما يسأله الجمارك في المطار عن موقع قطر في الخريطة.
بعد شهور من وصوله للحكم، أعلن انطلاق قناة عربية تلفزية ستُمكن من إيجاد مكان للإمارة في الخارطة الدولية. سنوات بعد ذلك في عام 2003 سيقوم باستقبال قاعدة أميركية علي التراب القطري، قاعدة ستُغلق الباب أمام أي محاولة لدخول الدبابات السعودية لقطر.
حمد الذي قام بقطيعة مع جمود أبيه، سيُعلن انطلاق مشاريع تنموية ضخمة ستمكنها من الحصول علي استقلاليتها المالية.
لتحقيق هذه القفزة النوعية والترسيخ لهذه الفلسفة الجديد علي العقل القطري، حمد سيكون مدعوماً من طرف شخصيْن متفردين الأول زوجته الثانية الطموحة جداً الشيخة موزة، والثاني ابن عمه جاسم بن حمد.هذا الثلاثي أستطاع أن يزاوج بين الإسلام والحداثة، والبداوة والإقلاع الاقتصادي.'
ويتحدث الكتاب عن تاريخ آل ثان فيقول: 'كانت عائلة آل ثاني فقيرة، حيث كانت تنتمي لقبيلة بني تميم، التي استقرت بنجد بالعربية السعودية. لكن في بداية القرن التاسع عشر، اضطرهم الجفاف للهجرة شرقاً. في تلك الأثناء، كانت قطر مكونة من عدة قبائل تعيش علي صيد اللؤلؤ، تحت سيطرة عائلة خليفة في الأرخبيل البحريني علي ضفة البحر العربي- الفارسي.
عائلة خليفة كانت تمارس القرصنة ضد التجارة البريطانية. الأمر الذي حذا بالبريطانيين أن يمنحوا الحكم عام 1867 لعائلة آل ثاني التي دانت بالولاء للتاج البريطاني.
في عام 1916 تم عقد اتفاقية للحماية التي ستنتهي بمنح قطر استقلالها بعد نصف قرن عام 1971.
عام 1952 توفيت أمه لدي ولادته، حيث سيتربي عند خاله علي العطية إلي جانب ابن خاله حمد العطية الذي سيساعده فيما بعد في لإنجاح الانقلاب عام 1995.
هذه الحياة الصعبة التي عاشها حمد، جعلت منه ذا شخصية قوية حيث أنه نقل ذلك لأبنائه، فقد أوصي مدرس اللغة الفرنسية بضرب ابنه فهد وتعهّد بإحضار عصا للأستاذ تساعده في تأديب ابنه إن هو أخل باحترامه لأستاذه.
يتمتع حمد بقدر عال من البراغماتية والدهاء، فحين طلبت السعودية من أميركا بإخلاء الأرض المقدسة للمسلمين، لم يضيع حمد فرصة ذهبية كهذه فسارع لخطب ود الأميركيين بدعوتهم للقدوم إلي قطر.
لم يتدخل الأمير بصفة إيديولوجية أو دينية، فلم يكن ذلك ديدنه، كان يقوم بردود فعل تعود عليه بالمصلحة لا غير. فقد قام بدل ذلك باستضافة وتمويل الشيخ يوسف القرضاوي، وجعل من الجزيرة منبراً للتسويق للنموذج القطري.
بخلاف أبيه، كان حمد متفتحاً للغاية، لكن وراء هذه العقلية المتمردة لم يكن حمد ليُغفل أصوله البدوية حيث كان يصر علي الذهاب للقنص في الصحراء رفقة عدد من أقاربه. يتمتع ببساطة مميزة قد تخرجه عن البرتوكول الرسمي أحياناً حيث لا يتردد في دعوة بعض الصحفيين لتناول الطعام باليد.
حمد لا يتردد في التذكير بمجتمع بلاده المحافظ، حيث إن حادثة منع بيع الكحول في المطاعم الأجنبية علي التراب القطري عام 2001 أسالت الكثير من الحبر، لكنها ذكرت الجميع بقطر المحافظة.
الحادثة الثانية كانت حين قام الأمير يوم 16 ديسمبر 2011 بإعطاء للمسجد الجديد بالدوحة اسم ''مسجد محمد بن عبد الوهاب'' مؤسس الوهابية، هذا المذهب السلفي الذي تم تأسيسه بالجارة السعودية، وترسخ بعدها في الوجدان القطري.
لكن صحة الأمير لم تتوقف عن التدهور، فحمد مصاب مثل ابنه محمد بالسكري، كما أنه قام بنزع إحدي كليتيه.
طبيبه الفرنسي أكد أن حمد فقد 40 كيلو بين عامي 2010و 2011،
للأمير ثلاث زوجات: الأولي مريم، له معها 7 أولاد، الثانية الشيخة موزة له معها 7 أولاد كذلك، أما نورة، زوجته الثالثة فله معها 9 أولاد، ما يعني أن للأمير 23 ولداً.
أولاد الأمير، كما هو حال أبيهم فرانكفونيون، أستاذهم جميعاً هو بيير لاريو، الذي جلبه حمد عام 1986.
الشيخة موزة.. جوزيفين الجديدة
وتحت عنوان: 'الشيخة موزة، أو جوزيفين الجديدة' يبدأ الكاتبان 'كريستيان شينو' و 'جورج مالبرونو' في الحديث عن الشيخ موزة، تلك الشخصية الحاكمة من وراء ستار، ويقول الكتاب: ' 'الشيخة موزة، أو جوزيفين الجديدة'.. لها من المقومات ما تجعلها تتقاسم بعض الخصائص مع زوجة نابليون جوزيفين، لكن موزة تبدو أكثر تنوّراً وتفتحاً.
المرأة الطلائعية في المشهد القطري، موزة بنت ناصر المسند، 54 عاماً، تعشق الاستثمار، وفرض ذاتها، وإثارة الجدل.
تمكن الفرنسيون لأول مرة من رؤية جسدها المرهف في الرابع عشر من تموز في العيد الوطني للاستقلال، حيث تمكنت من جذب كاميرات الصحافيين حينها.
زواجها بحمد، قبل أن يكون زواجاً عن حب، كان زواجاً سياسياً بامتياز. حيث وضع حداً للعلاقة المتوترة بين آل ثاني وعائلة المسند الثائرة.
بقدر ما يمتاز حمد بتواضعه، بقدر ما تبدو موزة في زي النجمة العالمية تذكر الجميع بجاكي كينيدي، بحجاب يغطي نصف الرأس وقامة فرعاء، وكاريزما تجعلها تتمتع بسلطة نافذة من داخل الديوان الأميري.
لا تتوقف موزة عن الاستثمار في الدفاع عن حوار الحضارات وتلاقح الثقافات، تمكنت من انتزاع لقب نجمة الوطن العربي. فصارت بالفعل أيقونة عالمية
أمٌّ لسبعة أولاد، تمكنت بتأثيرها الوازن موزة من تغيير الموازين ومنح ابنها تميم ولاية العهد ضدّاً علي البرتوكول الأميري.
موزة العاشقة لنيويورك، تحب كذلك تمضية وقتها في باريس، وتستمتع وهي تقود دراجة هوائية حول إقامتها اللندنية محميّةً بترسانة من الكاميرات.
مدير مطبخها الفرنسي يعتني بتغذيتها السليمة لتحافظ علي رشاقتها. رغم أنها متدينة، فإن السيدة الأولي لا تبدو ممثلةً حقيقية لنساء المجتمع القطري المحافظات. فحضورها الدائم إلي جانب زوجها ليس من العادات التي درج عليها المجتمع القطري.
موزة كما هو الحال مع الملكة رانيا في الأردن تشكلان معاً ثورة ضد مجتمع محافظ يصر علي أن تكون المرأة في خلفية المشهد.
حمد بن جاسم.. عاشق المال
وتحت عنوان: 'حمد بن جاسم: تاليراند الأمير'، يتناول الكتاب شخصية حمد بن جاسم ويقول: 'إذا كانت موزة تشبه إلي حد كبير جوزيفين زوجة نابليون، فإن لحمد بن جاسم كاريزما شارل موريس دو تاليراند.
يثق الأمير في حمد بن جاسم ثقة تجعله مرتبطاً به أيّما ارتبط، بل ويدين له بالفضل في إتمام نجاح الانقلاب عام 1995، حيث قام بحشد الأفراد المؤثرين في عائلة آل ثاني لصالح ابن عمه.
في مقابل ذلك يضع الأمير تحت تصرفه كل التسهيلات للاستثمار، دون أن يُهمل مراقبته ولو من بعيد.
تم تعيينه وزيرا للخارجية عام 1992 في ظل احتقان الأوضاع بين الإمارة من جهة وبين المملكة العربية السعودية من جهة أخري. عاماً بعد ذلك كان حمد بن جاسم مشرفاً علي التقارب القطري-الإسرائيلي عبر مسئولي Ernon الشركة العالمية للغاز. هذه الشركة ستعرف إفلاساً سنة بعد الاتفاقية.
منذ ذلك الحين وهو يلعب دو الأركسترا لكل المبادرات السياسية- العسكرية التي جعلت قطر تحظي بمكانة عالمية غاية في الأهمية.
كان وراء إطلاق قناة الجزيرة التي أحدثت ثورة كبيرة في المشهد الإعلامي العربي.
حمد الذي لا ينام أكثر من خمس ساعات في الليلة، يعتبر الذراع الأيمن للأمير. بخلاف الأمير يعتبر حمد بن جاسم رجلاً محافظاً –لم يُشاهد مرة برفقة إحدي نسائه مثلاً-.
تم تعيينه رئيساً للوزراء مُحافظاً علي منصبه كوزير خارجة للإمارة. يُعد رجل أعمال ألمعياً، فلائحة مناصبه تُصيب المتتبع بالدهشة: فهو رئيس مجلس إدارة Airways، رئيس البنك الدولي القطري، نائب رئيس QIA، دون احتساب West Bay Hotel و le Radisson بلندن، le Four Seasons بالدوحة. التي يمتلكها جميعها.
حمد بن جاسم يؤمن بأن للمال نفوذاً كبيراً، يعتقد الرجل أن كل شيء يُمكن أن يُشتَري بما في ذلك الرجال، حسب السعر. أصدقاؤه العرب لهم إلمام بالأمر.
لم يتردد لحظة عام 2011 إبان اشتعال فتيل الثورة السورية في فرض اسم شخص مثل برهان غليون علي وزراء الخارجية العرب قائلاً: هذا الرجل يمثل 80 في المائة من الشعب السوري.. !
لم يتردد الرجل مرة أخري في تهديد وزير الخارجية الجزائري مراد ميدلشي الذي صوّت ضد قرار يدين النظام السوري قائلاً: اخرس، دورك سيأتي قريباً.. !
القضية السورية زادت من توسيع الهوة بين الدوحة وموسكو، فالحاضرون لمشادة كلامية بين حمد ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي صوت بحق قرار النقض الفيتو ضد إدانة سوريا، حيث قال حمد لسيرغي: كم تأخذ وترفع قرار الفيتو خاصتك.. ، كان رد لافروف قاسياً: هل تعتقدون في قطر أن بإمكانكم شراء كل شيء..؟ !
حمد نفسه هو من كان وراء إقناع فرنسا برئيسها آنذاك نيكولا ساركوزي عام 2008 بإعادة سوريا إلي ساحة المنتظم الدولي بعد غياب دام طويلاً.
كما هو الحال بالنسبة لقطر، فإن حمد كان يمتلك شهية مفتوحة وَصفها البعض بشهية الوحش، فقد تمكن من وضع يده علي الاستثمارات البترو-غازية، مستفيداً من رحيل منافسه أحمد العطية من علي رأس وزارة الطاقة.
ليس من قبيل الصدفة أن يقوم العطية، رفيق درب الأمير، بفتح مركز لمحاربة الفساد.ففضلاً عن رغبته في تطهير الإدارة القطرية من أوجه الفساد التي بدأت تعشش فيها، فإن هناك نيةً لا يكاد يُخطئها المتتبع للشأن القطري تهدف لوضع سيف ديموقليس علي رأس حمد بن جاسم وطموحه اللامحدود.
داخل أوساط العائلة الحاكمة، لا أحد تقريباً يجهل أن رئيس الوزراء القطري تلقي عمولة 200 مليون يورو من مجموعة للبناء لأجل تشييد قنطرة تربط قطر بالبحرين، المشروع الذي لم وربما لن يري النور يوماً.. ما يجعل اللائحة بعيدة عن الحصر.
ابنه جاسم هو مهندس أعماله الخاصة، حيث كان يوكل له تدبيرها.
حمد المعروف بسرعته في المفاوضات، كان يبغض كل سفي لا ينصاع لرغباته، حيث لا يتردد في اعتبار أي سفير يعرقل خططه شخصاً غير مرغوب فيه علي التراب القطري.
الأمير القطري يري فيه رجل المرحلة بل ويستميت في الدفاع عنه رغم علاقاته المتوترة مع الشيخة موزة وكذا مع تميم'.
** ونواصل الحديث في الحلقة القادمة عن تميم ولي العهد الحذر وعشيرة صعبة المراس !!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.