صمت الوحدة

هذه قصة واقعية اعيشها ويعيشها الكثير من الناس داخل صمت وحدتهم وأحزانهم وللاسف لا يشعر بنا أحد نعيشها داخلنا ونحن وسط الناس والزحام. نتحدث ونسمع ولكن
صوت وحدتنا واحزاننا لا يسمعه غيرنا
بعد ميسور جفت الأمكنة والأزمنة.. وبعد أن تعبت من كثرة التفكير.. لم أعد أرغب في شيء.. فقط أريد أن أنفرد بنفسي.. وألوذ بوحدتي.. وأبتلع صمتي.. وأجلس في مكان لا يراني فيه أحد.. ولا أريد أن أري أحدا فيه.. مكان أنظر فيه إلي السماء والبحر.. لأكون هادئة مع ذكرياتي..
لا أريد من يقطع أفكاري.. أو يخرجني من هدوئي.. أريد أن أقتحم أغواري.. وألقي بذاتي في رحاب ذاتي.. وأحدث نفسي وأحاورها.. ما دامت هي الوحيدة التي لا يستطيع أحد أن يسلبها مني سوي خالقها.. لأحاول أن أعيد صياغة حياتي من جديد..
ما أشقي ذاكرتي.. وما أتعسها.. فكل ذكرياتي يلفها الصمت.. وتسحبني الي الركود في القاع.. فتفلت الأصوات والوجوه مني.. ما بداخلي ليس كرها للحياة.. وليس حبا لها.. لا تسامح ولا حقد.. لا أكترث للفرح أو بالحزن.. لم أجد بذاكرتي أي إجابة لأي سؤال.. حتي الحلم لم أعد أحلمه.. وحتي لو حلمت.. تظهر أحلامي بدون أصوات أو صور.. فكل شيء هادئ في أعماقي.. فذاكرتي تحيا في سكون قاتل.. وهناك ظلال لصور غير واضحة.. لأحداث لا أدري أهي سعيدة أم حزينة.. ولا توجد بداخلي همسة.. أتذكر بها لقاءا مفرحا أو فراقا مبكيا.. عدا صوت يدوي في قوقعتي بدون صوت.. تعبت من سجن وحدتي المنفرد.. أجلس وحدي أتأمل جرحي.. أراقب دقات قلبي.. الوحدة تمزقني.. والحزن يغزوني.. ويقيم داخلي.. فلأول مرة أشعر أن الشمس تغرب في وقت شروقها.. والقمر يخفي وجهه عني.. حتي لا يجعلني أسكب دموعي علي ضوئه.. يلفني صمت داخلي.. يجعلني أحيا في ممرات مظلمة.. قد يكون صعبا أن تحرم من العافية.. أن تحرم من الماديات.. لكن الأكثر عنفا ومقتا.. هو أن تحرم من أن يكون لك نبض.. يحمل معاني أخري أكثر عمقا.. يجعلك تعيش تلك الوجدانيات.. التي تجعلك تعرف أنك الآن تحيا...سمعت أحدهم يقول مرة: أنا لا أريد أن أعيش.. أريد أن أحيا...وهذه باختصار كل الحكاية...جميعنا نعيش.. نتنفس.. نأكل ونشرب.. لكن السؤال هو: كم منا يحيا؟؟