إذا كنت مسافرا إلي الكاميرون مثلا.. فعليك أن تتجه إلي أوروبا أولا ومنها إلي ياوندي العاصمة الكاميرونية. هذا هو الحال الأغلب بين القاهرة ومعظم العواصم الافريقية.. ولذا كان السؤال: لماذا تختفي رحلات الطيران المباشرة بين القاهرة وعواصم القارة السمراء؟ هل يمكن أن يلعب الطيران دورا في تقوية وتنمية العلاقات المصرية الافريقية؟ المسئولون عن مرفق النقل الجوي اكدوا أن الوسيلة السريعة والمهمة في العالم الحديث بين الدول هي الطيران الذي ينقل المستثمرين وينشط حركة السياحة ويزيد التواصل بين الشعوب. إذن فما هي المشكلة في وضع الحلول العاجلة لزيادة خطوط الطيران بين العواصم الافريقية؟ القارة السمراء تفتقر إلي الكفاءات الفنية في احكام السيطرة وتشغيل الاجهزة الحديثة في المطارات التي مازالت يعاني عدد كبير منها من التخلف وعدم مسايرة التقدم العالمي في هذا المجال. فمثلا افريقيا الآن تحتاج إلي 3 آلاف طيار لتشغيل الخطوط الجوية. وهي لا تمتلك سوي ألف طيار فقط. وفي نفس الوقت ليس لديها المراقبين الجويين الذي هم عصب تأمين سلامة الطائرات في الجو ويلعبون دورا مهما وخطيرا في هبوط واقلاع الطائرات في المطارات وفي سيرها في المجالات الجوية. ويقف التمويل لتنمية هذه القدرات عاملا رئيسيا فلا أحد يقدم علي القيام بتمويل عمليات النقل الجوي لأن عائدها بطيء للغاية. أضف إلي كل ذلك أنه لا يوجد في قارة افريقيا علي اتساعها سوي أربع شركات طيران كبري هي مصر للطيران جنوب افريقيا الكينية الاثيوبية في حين أن قارات الدنيا الأخري هناك عشرات بل مئات الشركات الكبري التي تخدم النقل الجوي. مصلحة الشركات الأربع الكبري في افريقيا.. وبجانبها الشركات العملاقة العالمية ألا يتم إنشاء شركات طيران قوية في افريقيا حتي تستمر في السيطرة علي السوق. اذن.. نستطيع أن نقول إن مشاكل النقل الجوي في افريقيا كثيرة ومتعددة.. ولكن جزءا كبيرا منها ليس مستعصيا علي الحل.. وتستطيع مصر أن تستغل هذا الوضع وتستثمره وتدخل هذا السوق البكر من أوسع أبوابه وتنمي العلاقات مع هذه الدول خاصة دول منابع النيل والتي لنا معها مصالح حيوية ومباشرة. وكان قد عقد في نهاية شهر يونيو مؤتمرا افريقيا لمناقشة مشاكل الطيران في القاهرة. أبدت مصر خلالها استعدادها الكامل لمد يد العون وبكامل طاقتها لافريقيا. أكاديمية الطيران المصرية مستعدة لتدريب الطيارين والمراقبين الجويين الافريقيين وتخريج جيل جديد مدرب علي أحدث مستوي عالمي وتزويد القارة كلها بالمدربين لزيادة وتنمية الاعداد الفنية اللازمة للنهوض بكل مرفق الطيران المدني الافريقي. مصر للطيران بدورها اخذت المبادرة وزادت رحلاتها إلي عدد من العواصم الافريقية ويجري الآن إعادة تخطيط شبكة الخطوط المصرية إلي افريقيا لتحقيق نفس الهدف وفتح المجال أمام الشركات المصرية للطيران والتي دخلت المجال تحت مسمي شركات طيران خاصة بعد أن تأكدت من أن هذا السوق الافريقي سوق واعد وسيحقق علي المدي الطويل نجاحات كبيرة. ونذكر في هذا المجال أنه قديما كنا نؤكد علي ضرورة تشغيل عدد من الخطوط المصرية للطيران إلي عدد من دول افريقيا كانت تحقق خسائر. وكان يطلق عليها »خطوط طيران سياسية« لأن الهدف منها لم يكن الربح بقدر ما كان يحقق التواصل بين مصر وشعوب افريقيا.. ونحن الآن في حاجة شديدة إلي تشغيل هذه الخطوط مرة أخري حتي نضم افريقيا خاصة دول منابع النيل إلي حضن مصر مرة أخري. فالطيران يمكن أن يلعب دورا رئيسيا ومهما في إعادة والوئام والحب وتنشيط العلاقات بيننا وبين اخوتنا في افريقيا.. وقد بدأنا الخطوة الأولي ومازالت هناك خطوات أخري علي الطريق.