ليس جديدا القول بأن الله قد أفاض علي مصر بالكثير من نعمائه ولذلك فانها لا تحتاج كي تكون في مقدمة الامم سوي ان يخلص اهلها العمل ويجتهدوا من اجل استثمار كل ما تملك من امكانات. ان ما نحتاج اليه ايضا هو الادارة الرشيدة التي نستعيد من خلالها الانضباط المفقود المدعوم بإعمال الفكر واحياء الضمير وروح الانتماء والتحدي. اننا لسنا ابدا اقل من دول كثيرة مثل ماليزيا وكوريا والصين والهند والبرازيل بل وفيتنام كي ننطلق ونتقدم ونحتل المكانة التي تليق بنا تاريخيا وحضاريا واقتصاديا. ان من بين ما حبانا الله به الموقع المميز بين ثلاث قارات كبري هي افريقيا التي ننتمي إليها واسيا واوروبا وكذلك بين بحرين كبيرين هما البحر المتوسط الذي يقود الي المحيط الاطلنطي والبحر الاحمر الذي يرتبط بالمحيط الهندي. ولقد اتاح هذا الموقع في كثير من مراحل التاريخ ان تكون مصر محورا لإمبراطوريات كان لها شنة ورنة في هذا العالم. نعم لقد أهملنا في العقود الاخيرة استثمار هذا الموقع لخدمة مصالحنا الاقتصادية بالعمل علي ان نكون نقطة ارتكاز وترانزيت للربط بين افريقيا وقارات العالم . وفي الاونة الاخيرة يبدو أننا تنبهنا لهذه الميزة حيث جاء تحركنا من خلال مرفق الطيران المدني لتحقيق هذا الهدف الذي ولاشك يعد عنصرا رئيسيا لتعظيم المصالح المشتركة مع القارة الافريقية خاصة مع دول حوض النيل. يأتي تحركنا في هذا المجال الحيوي ضمن الاستراتيجية التي خطط لها الفريق احمد شفيق وزير الطيران المدني عندما قام بانشاء وتجهيز احدث مطار في الشرق الاوسط »مبني رقم 3« الذي يعد بكل المقاييس مفخرة للانجازات المصرية. ومنذ البداية اعلن وزير الطيران ان مخططه الذي يشمل تطوير وتجهيز المبنيين رقمي 1 و2 بالمطار إلي جانب اضافة ممر جديد إلي الممرين العاملين بالمطار هو تحويل القاهرة إلي اكبر مركز لحركة النقل الجوي للترانزيت بين القارة الافريقية وكل قارات الدنيا. هذه الاستراتيجية تسعي إلي جذب شركات الطيران العالمية للهبوط في مطار القاهرة لتجعل منه همزة وصل إلي معظم العواصم الافريقية من خلال مصر للطيران واتفاقات التعاون مع شركات الطيران الافريقية الاخري. تستند هذه السياسة التي يجري تنفيذها وفقا لدراسات سياسية واقتصادية إلي ما تملكه مصر للطيران حاليا من خطوط جوية تربط القاهرة ب 17 مدينة في 31 دولة افريقية اخرها مدينة جويا سيضاف اليها في شتاء 0102-1102 مدينتان اخريان هما لوساكا في زامبيا وابيدجان في ساحل العاج ليرتفع عدد المدن التي تخدمها الخطوط المصرية إلي 19 مدينة. وقد كان من الطبيعي ان تحظي دول حوض النيل بالاهتمام الاكبر من هذا الربط الجوي وهي اوغندا واثيوبيا واريتريا والسودان وكينيا والكنغو الديمقراطية وبورندي وتنزانيا ورواندا. واذا كانت هناك خطوط جوية مباشرة إلي ست من دول حوض النيل التسع فقد سعت مصر للطيران لعقد اتفاقات ثنائية مع شركات الطيران الوطنية في هذه الدول ليمتد الاتصال إلي باقي دول الحوض التي لاتصلها خطوط مصر للطيران حاليا وهي كينشاسا في الكنغو الديمقراطية وبرجمورا في بورندي وكيجالي في رواندا. وفي اطار خدمة الاهداف الوطنية والقومية وتحقيقا لهدف تحالف »ستار« اكبر تحالف طيران عالمي الذي تتمتع مصر للطيران بعضويته فإن استراتيجته تستهدف ان تكون القاهرة مركزا لحركة الطيران الافريقي مع دول العالم. وصولا الي هذا الهدف ثم عقد سلسلة من اتفاقات التعاون والتواصل مع معظم شركات الطيران الوطنية الافريقية لتكون القاهرةالمدينة التي تنطلق منها نقاط تجمع وامتداد لخطوط للطيران الي كل القاهرة الافريقية . تتوزع نقاط التجمع في جنوب القارة وغربها ووسطها وفقا لهذه الخطوط فانه يمكن لأي مسافر علي أي شركة طيران من دول تحالف ستار أو أي شركة اوروبية توصيل الراكب المتجه إلي أي مدينة افريقية إلي القاهرة ليتم نقله بعد ساعات قليلة جدا إلي وجهته. ان انجاز هذا المخطط سوف يقدم خدمة جليلة لحركة الانتقال بين العواصم والمدن الافريقية من خلال مطار القاهرة. لاجدال ان الدعم المتوالي لاسطول مصر للطيران بالطرازات المناسبة من الطائرات سوف يسهل ويخدم استراتيجية الانفتاح المصري علي افريقيا ويحقق أمل تحويل القاهرة إلي أكبر مركز لحركة الترانزيت الجوي.