فعلاً .. من أجل حفنة قليلة من الاقباط الذين يعانون من مشاكل اسرية اصبحت الكنيسة والدولة في موقف حرج. وهؤلاء المطالبون بالزواج الثاني يعلمون جيداً ان هذا الزواج الثاني مقيد بقواعد تستند إلي أقوال السيد المسيح، فهم اذن يحاولون الالتفاف حول دينهم باللجوء إلي القضاء بأمل أن يحدث اختراق للكنيسة.. وبالفعل نجحوا في استصدار حكم قضائي مخالف لأحكام سابقة صدرت من الدستورية العليا ومحاكم النقض والجنح، وكذا قرار المؤتمر الإسلامي عام 1971، وجميعها تقر بأن القاعدة الفقهية تقر »بما يدينون« اشارة إلي المسيحيين. ومثال واحد لذلك صدر من محكمة الاسماعيلية وينص »من المقرر ان السلطات الممنوحة لرجال الدين المسيحي والتي مازالت لهم تشمل في السلطان الكهنوتي ما يقرنه لرجال الدين من سلطات ومنها سلطة منح الاسرار المقدسة، وسلطة قبول ورفض قرارات الانضمام. ويكون الزواج حسب التعليم المسيحي، لرجل وامرأة ارتبطا عمليا طبقا لطقوس الكنيسة القبطية الارثوذكسية - وبالتالي ينحسر عن ولاية القضاء - والمخالف لهذا الحكم اخطأ في تطبيق القانون وكذلك في عام 2009 هناك حكم يقول: البطريرك فيما يقوم به من اعمال الكهنوت لا يخضع لولايتنا ولا يعتبر موظفا عاما. وقلبي مع قداسة البابا شنودة الثالث - حكيم هذا الزمان - الذي اصبح بين نارين، نار المحافظة علي اقوال الانجيل وتعاليمه ونار مواجهة تطبيق حكم قضائي صفق له حفنة من المستفيدين وعارضه قداسته والمجمع المقدس والمجلس الملي والكهنة وجميع الاقباط في الداخل والخارج. ويصرح قداسة البابا بأنه لا يريد ان يحرج سيادة الرئيس ويقحمه في حكم قضائي، لكنه قد يلجأ إلي فخامته لدرء نتائج هذا الحكم والتي اتصور أنها قد تؤدي إلي مواجهات خطيرة تتلخص في فرضيتين: الأولي حين يتجه أحد الاقباط طالبا من الكاهن ان يوثق زواجه الثاني ويقابل بالرفض! سيتوجه هذا الشخص الي النيابة التي ستطبق الحكم الجديد وتلزم الكاهن بذلك.. وسيرفض الكاهن إتمام الزواج الثاني المشبوه وبذلك يقع تحت طائلة القانون لعدم تطبيق حكم قضائي. والفرضية الثانية، إذا أتم هذا الشخص زواجه الثاني رغم انف الكنيسة، مدنيا، سيتم حرمانه من الكنيسة ويمنع من اداء الاسرار المسيحية المقدسة ومن بينها سر الاعتراف والتناول.. وعندها من الممكن ان يلجأ للقضاء مطالبا بتمكينه من مزاولة (حريته الدينية!!) فماذا لو صدر حكم آخر بتمكينه من ذلك؟ وأحب ان اوضح ان التعليق علي حكم قضائي ليس خطيئة وليس تعرضا لشخص القاضي المبجل الذي اصدر الحكم بناء علي يقينه، وكل الاحكام قابلة للاستئناف والنقض لكنني اجهل هذا المسار القانوني. كما اوضح ان الاعتراض علي حكم لا يعني ان المعترض فوق القانون وأنه »دولة داخل دولة«. اتمني ان تنتهي هذه الازمة بسلام ولا تحدث شرخا في المجتمع ومبررا للاثارة.. وكلنا يعلم جيداً القوي المحيطة بنا والتربص لاي مشكلة في مصر لوضع البنزين علي النار.. ونحن وسط مشاكل مع اسرائيل ووسط مشاكل اقليمية خطيرة. وستنتهي هذه الازمة لأن الوطن محاط بالحكماء.. يحبون هذا الوطن والوطن ايضا يحبهم. كاتب المقال: استاذ الصدر