في التسعينيات مررت بالعاصمة الكرواتية »زغرب« وكنت في ذلك الوقت اعتقد ان الناس هناك يقضون الليل في الملاهي والشوارع حتي الصباح.. ولكني وجدت ان حياتهم منظمة الي اقصي حد .. فمن السابعة والنصف صباحا وحتي الثامنة يكتظ المترو بالبشر في طريقهم الي اعمالهم .. ويتكرر المشهد في راحة الغداء من الثانية عشرة وحتي الثانية ظهرا.. فالعمل هناك علي فترتين وينتهي في السادسة ..وتغلق جميع المحلات حتي السوبر ماركت في الثامنة مساء. ومنذ سنوات قليلة سافرت الي »سويسرا« بدعوة من شركة كبري للادوية لحضور مؤتمر عن علاج السرطان .. وقبل المؤتمر قدم المنظمون ورقة لنا تتضمن البرنامج و مجموعة من المواعيد تبدأ بكلمة فلان لمدة 10 دقائق ثم آخر 15 دقيقة .. وثالث 7دقائق . ف 30 دقيقة للاسئلة .. و45 دقيقة للراحة وتناول المشروبات والطعام .. فساعة للقاءات الصحفية والتليفزيونية .. وبصراحة كل شئ تم في ميعاده بالثانية. والعام الماضي كنت في سنغافورة لحضور مائدة مستديرة لصحفيي الشرق الاوسط والاسيان لتقريب المفاهيم وجعل الاتصال مباشرا بين الجانبين دون الاعتماد علي وكالات الانباء التي تنقل الاخبار وبها رؤيتها فقط ..وقد وضعت لنا الخارجية السنغافورية برنامجا متكاملا لمدة 8 أيام يبدأ من التاسعة صباحا وحتي السادسة مساء .. تضمن لقاءات مع وزراء وزيارات لمشروعات حكومية وشركات خاصة ولقاء وغداء عمل مع رئيس الوزراء .. ورحلات ترفيهية.. ولم نتأخر دقيقة عن اي لقاء أو زيارة رغم الكثافة المرورية . الفرق بيننا وبينهم ان كل شيء في هذه الدول المتقدمة محسوب بالثانية قبل الدقيقة وهناك جدول يتم وضعه بحساب دقيق يطبق علي الجميع بانتظام.. فلماذا لا نطبق ذلك عندنا .. فالنهار في كل الدنيا للعمل.. والليل للنوم في هدوء الا عندنا ! طاهر قابيل [email protected]