الزوجة للنصح الجميل، والحماة للترحيب، ولكن لاشيء يعادل الام الحنون، ولو كان العالم في كفة وامي في كفة أخري لاخترت أمي، وقد عبر نابليون بونابرت عن فضل الام بقوله »انني مدين لامي بكل ما حزته من الفخار، وما فزت به من العظمة لان نجاحي كان ثمرة مبادئها القوية وادابها السامية«. وكرمت الشرائع السماوية الام واوصت بحسن معاملتها واستعمال ارق الالفاظ في مخاطبتها وجعلت جريمة عقوق الام من الكبائر ونصت علي ان الحد الاقصي المقرر لعقوبة مرتكب هذه الجريمة البشعة عدم دخول الجنة كما قال صي الله عليه وسلم »لايدخل الجنة قاطع رحم« والحد الادني هو ضيق الرزق في الدنيا »من أحب ان يبسط له في رزقه فليصل رحمه«. وتحتفل كل دول العالم بالام - رمز العطاء والحنان - بالطريقة التي تناسب سلوك وثقافة شعوبها، فتقوم بعض الدول بإقامة معرض خاص بالصور والاشكال المجسمة للام وهي تحتضن اطفالها الصغار، ويتم تقديم اجمل الورود والزهور التي تفوح منها الروائح الجميلة للام من الاسرة والاقارب والاصدقاء، وتطلق عليه بعض الدول »عيد ميلاد الاسرة أو اجازة العائلة« وتصنع الحلويات والاطعمة وتكتب علي اجودها واشهاها اسم الام، ويرتبط عيد الام عند بعض الدول بالهدايا فقط وعادة يشترط فيها ان تكون رفيعة المستوي وغالية الثمن والتي تمتد لتشمل الزوجة والحماة. ولعل الاوان قد آن الآن لننظر الي الام الحقيقية »مصر« التي تعطي بلا حساب وتمنح بلا مقابل ونحتفل بها الاحتفال الذي يليق بها بعيدا عن اللغط والقضايا الشخصية والموضوعات التافهة التي تدور علي الساحة الآن والتي لاتثمن ولاتغني من جوع. مصر يجب ان تكون المبدأ والغاية، والذات الكبري، والانسان الطبيعي يعشق وطنه الذي ولد فيه بالفطرة وقديما كانوا يقولون: عسرك في بلدك خير من يسرك في غربتك، وكان صلي الله عليه وسلم يحب بلده وموطنه الاصلي »مكةالمكرمة« ويقول: »ما اطيبك من بلد، واحبك الي، ولولا ان قومي اخرجوني منك ما سكنت غيرك«، فالمصري - عموما - يعشق وطنه بصرف النظر عن حبه أو بغضه للحكومة السابقة أو الحالية أو القادمة فالحب يذهب ويروح بذهاب اسبابه والبغض يتبدل بتبدل ما يدعو اليه اما الوطن فهو المكان الوحيد الذي نشعر فيه بالامن والامان ونعمل ونخلص من اجله دون ان ننتظر المقابل. ولا نعلم ما اذا كنا نقطن فيه ام هو الذي يقطن فينا. وندعو الله ان يحفظنا من امراض اللسان وفتنة معارك الكلام، ونؤمن بشعار »مصر هي أمي« ونقدم لها ما تستحقه ونتفاني في خدماتها بهدف العمل علي نهضتها ووضعها في المكانة اللائقة بها بحكم تاريخها العظيم.