استحق حرس الحدود الفوز بكأس مصر والمحافظة علي لقبه العزيز للعام الثاني علي التوالي.. كان لاعبوه الأفضل والأنشط والأشجع والأوفق.. ولم يكن لاعبي الاهلي جديرين بانتزاع الكأس واعادته من الاسكندرية العاصمة الساحلية للبلاد إلي القاهرة وتحقيق الثنائية لانهم كانوا مشتتون متفرقون فرديون مبعثرون بل لعلهم كانوا غائبون عن المباراة طوال الشوط الاول وبعضا من الثاني ولم يكن هناك لاعب واحد منهم باستثناء شريف عبدالفضيل قريبا من مستواه العادي.. وليس للأهلي أو جهازه الفني بقيادة حسام البدري أية اعذار تقليدية أو قدرة علي تعليق الاخفاق علي »شماعات« كلامية أمثال الارهاق وتلاحق المباريات وتعب العضلات وكثرة الاصابات.. فقد تساوت الكفات بل لعل الحدود كان الأحق باستخدام مثل هذه التبريرات لكثرة الغيابات في صفوفه خاصة في الركائز الدفاعية والحارس الاصلي للدرجة التي اضطرت العشري المدير الفني لاختيار تشكيل اضطراري استخدم فيه بعض مدافعي الاطراف في وسط الدفاعات ودفع ببعض الأوراق البديلة.. ومع الغوص في المباراة لاستخراج بعض العظات واستخلاص بعض العبر. المهارة لا تكفي أكدت المباراة ان المهارة وحدها لا تكفي وان الموهبة لابد وان تدعم بمقومات وعناصر أخري لتجعل منها كيان وتستخرج منها انتاج من بينها اللياقة والكفاءة والمقدرة والرغبة والايجابية.. ولشك ان الحسابات المهارية والفنية التي سبقت اللقاء وقارنت بين الكفتين رجحت كفة الأحمر وبنسبة كبيرة لدرجة ان احد الخبراء حدد النسبة الترجيحية ب 08إلي 02.. لكن مجريات اللعب اظهرت غير ذلك تماما.. اختفي الموهوب ابوتريكة وكأنه لم يشارك طوال الشوط الاول.. وعندما شارك في الوصول إلي بعض الكرات في الفترة التالية وعلي مدار الاشواط الثلاثة الأخري اهدي كل الكرات التي وصلته للحارس المجتهد علي فرج. وما يقال عن ابوتريكه من الممكن ان ينسحب علي كل النجوم الموهوبة بالاهلي بركات الذي تحرك علي فترات ولم يكن له بصمة واضحة سوي الهدف الذي احرزه واحمد حسن صقر المنتخب عندما شارك لم يكن له انتاج مميز سوي التمريرة الوحيدة التي احرز منها بركات الهدف.. اما فضل فقد ادي باسلوب ارتجالي غريب اشبه »بعجين الفلاحة« سواء في التسديد بالرأس للكرات التي يمكن ان يسددها بقدمه أو بالقدمين في الكرات التي يمكن ان يكملها برأسه.. هذا عن المهاريين.. بينما كان موهوب الحدود الاول احمد عيد عبدالملك قادرا علي التصرف باجادة في معظم الكرات التي وصلته وكان يهرب من الرقابة وينقل الهجمة من الخلف إلي الامام متبادلا الكرات مع زملائه بسرعة ودقة في اغلب الاحيان. استغلال الفرص اللاعب الجيد هو القادر علي استغلال اشباه الفرص وتحويلها إلي اهداف.. فما بالك باهدار واضاعة الفرص المؤكدة.. ولم يكن بالاهلي من هو قادر علي استغلال كل الفرص التي لاحت والتي زادت عن اكثر من عشرة فرص ما بين المؤكدة وشبه المؤكدة.. وليس هذا عيبا خططيا لان الخطة هي الرداء أو العباءة التي يخضع لها اداء اللاعبين لخلق الفرص وتشكيل الخطورة والوصول إلي مرمي المنافس ورغم ان هذا لم يحدث من لاعبي الاهلي طوال الشوط الاول لاصابتهم جميعا بالشرود وقلة التركيز وضعف الاداء.. غير ان الحال تبدل في النصف الاخير من الشوط الثاني وفترات الشوطين الاضافيين خاصة بعد نزول شكري واحمد حسن بدلا من فتحي وشهاب.. لكن هذا الوصول كان »للخضة« وليس للاستغلال الفعلي.. ومع اهدار الفرص المتتالية استسلم بعض اللاعبين لسوء التوفيق ولم يضاعف جهده للتمرد عليه والافلات منه وبدا عليهم الارتباك والتخبط في استقبال الكرات أو التصرف فيها في المنطقة الخطرة أو حتي في وسط الملعب.. بينما تفرغ لاعبو الحرس إلي شن هجمات مرتدة خطيرة وسريعة استغلالا للتقدم غير المحسوب أو المخطط لمعظم لاعبي الاهلي. مذاجية الآداء يتسم آداء اللاعب المصري بالمزاجية و»المودية«.. مرة في السماء.. ومرات في الأرض.. وكان بين لاعبي الاهلي اكثر من ثلاثة ارباع لاعبي الفريق في حالة مزاجية هابطة ومفتقد تماما للتركيز.. من بين هؤلاء أحمد فتحي وشهاب الدين أحمد أما حسام عاشور فكان في اسوأ حالاته وتحمل المسئولية الكاملة عن الهدف بعد ان راوغه مكي بطريقة ساخرة وساذجة ومرر كرة عرضية متقنة ضربت الدفاع بالكامل وسددها صافي برأسه.. وكان الله في عون حسام البدري الذي وجد نفسه في مأزق لابد وان يضطر معه لتغيير اكثر من نصف عدد الفريق وكل لاعبي خطي الوسط والهجوم.. وعلي الجانب المقابل كان كل لاعبي الحدود في اوج مزاجيتهم وقمة عطائهم وتوفيقهم في الاجتهاد حتي في المراكز الجديدة عليهم كما حدث مع اسلام الشاطر الذي تعملق في مركز الدفاع الاوسط بدلا من اوكا المصاب واسلام رمضان الذي دخل إلي جانبه من المدافع الايسر وبذل كل من احمد كمال واحمد مكي جهدا كبيرا لدرجة انهما خرجا مصابان وتم تبديلهما كما خرج بنفس الطريقة للاجهاد الكبير اللاعب صافي الذي احرز هدف الحدود الوحيد. انخفاض الروح كانت الدوافع الإرادية والروح المعنوية والعوامل النفسية لدي لاعبي الحدود اعمق واغذر من لاعبي الاهلي.. كانوا طامحون في تحقيق مفاجأة.. ولم يكن لديهم ما يخشون منه أو يبكون عليه وكانت هذه العوامل لصالح الحدود لعبا وانتاجا.. فيما كان لاعبو الاهلي اهدأ واكثر ثقة وابطأ حركة وكأنهم متأكدون من الفوز.. وللحقيقة تقاربت الفواصل وانعدمت الفوارق من خلال الدافعين علي الانتاج التي اتسم بها اداء كل لاعبي الحدود.. ووضح في نهاية المباراة وبالراغم من انخفاض الانتاج الكلي للاعبي الحدود.. غير ان لاعبي الاهلي لم يتعاظم لديهم الحس لانهاء الجولة لصالحهم واستغلال الوقت المتاح في الشوطين الاضافيين لتغليب كفتهم وحصد انتصار تاريخي. لابد في النهاية ان نشيد بالروح والاخلاق والصورة الحضارية التي بدا عليها الجمهور من الطرفين وعلي النقيض لابد وان نقلل من قيمة التحكيم الالماني الذي لم يكن رمزه الشاب علي مستوي الحدث وكان اللقاء فرصة للحكام المصريين لاكتساب الثقة.