تشير أحدث تقارير مجلس الوزراء الياباني، ان البلاد شهدت خلال الأربعين عاما الأخيرة انتعاشا اقتصاديا مذهلا، جعلها تلحق بركاب الدول الكبري، وتلاشت طبقة الفقراء وشعر الشعب كله بأنه ينتمي إلي الطبقة المتوسطة.. وانقسم الرأي العام بين فئة من المتشككين في صحة هذا التقرير، وفئة أخري فخورة بما حققته البلاد من انجازات.. وأصبح هذا الخلاف محورا للنقاش، وأجمعت الاغلبية ان معايير التقييم اختلفت مع مرور الزمن، لكن واقع الشعب الآن الاحساس بالرضا والاستقرار لدرجة انه يصف نفسه بأنه شعب الطبقة المتوسطة لذلك أصبح من مشكلاته عدم الاهتمام بالسياسة ووجود فئة منغلقة علي ذاتها لا تساهم بصورة فعالة في المجتمع. وفي مصر ترتفع الاصوات الآن لتعلن اندثار الطبقة المتوسطة، بينما الشغل الشاغل للقيادة السياسية والحكومة العمل علي سد الفجوة بين الطبقة المتوسطة والفقراء بالتركيز علي عدالة توزيع الدخل من خلال استخدام آليات علمية للتأكيد علي وصول الدعم بجميع أشكاله إلي الفقراء، ويتمثل ذلك في دعم الخبز والطاقة، وزيادة معاش الضمان، والاتجاه جنوبا لرفع مستوي التعليم في صعيد مصر وإقامة أحدث الطرق لخلق شرايين حياة وتنمية في المحافظات واختصار زمن الانتقال من محافظة إلي أخري.. وتكثيف الرعاية الصحية والاجتماعية وتوصيل المياه النقية والكهرباء والصرف الصحي وإقامة قاعدة إنتاجية لخلق فرص العمل. ويري الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية ان متوسط الدخل في مصر بلغ وفقا لتقارير المنظمات الاقتصادية الدولية 0045 دولار سنويا، وان ما ينقصنا التركيز علي العمل وزيادة الانتاجية، والأخذ بالتكنولوجيا لمواكبة التطور والمنافسة العالمية، والتي حققنا بها مركزا عالميا أفضل ولكن.. ومن أهم معوقات التنمية ارتفاع نسبة الامية التي بلغت ثلث سكان مصر! رغم ان لدينا جهازا متخصصا، لكن للاسف لم تظهر كراماته بعد فشل حملاته الاعلانية لانه لم يصل إلي أعماق الصعيد حيث النسبة الأعلي من الاميين. ويبشرنا وزير التنمية الاقتصادية بنتائج أحدث تقرير ميداني تم اجراؤه علي نفس المواطنين الذين قد تعامل معهم الباحثون منذ عامين للوقوف علي مستواهم المعيشي اليوم، ويكشف عن انخفاض معدل الفقر من 32 إلي 02٪، وبذلك تحسنت الأحوال لنحو 8.1 مليون شخص. ويعترف الوزير ان الكل لم يستفد بنفس النسبة. ومع كل التقدير لما تقدمه الحكومة في ظل محدودية ايراداتها التي تتجاوز مصروفاتها بكثير، إلا ان الكثير من صنابير الاسراف الترفي لاتزال مفتوحة، وفيها المظهرية في تأثيث المكاتب الحكومية، واستخدام أحدث السيارات، وعدم الاخذ بتوصيات تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات رغم انه العدو الأول للفساد، والاضرار بالمال العام، وعدم احكام الرقابة علي المزايدات والمناقصات وان لم يكن علي الأموال فيكفي القصور في المواصفات. ان أجهزة مكافحة الفساد كشفت خلال عام واحد عن 07 ألف قضية وهو أمر ليس له مردود أخلاقي فقط، بل يعكس آثاره علي انتهاء المواطن الفقير عندما يسمع عن الاهمال في خزانة البنك المركزي مثلا، وإجبار المسئول عنها علي الاستقالة!! أما الست الشريفة التي حولت خزانة الدولة إلي خزانة خاصة منذ سنوات دون ان يشعر بها أحد، لتضارب بأموالها في الذهب.. فهي نموذج صارخ علي الفساد، وعدم اليقظة. واخيرا يظل انتشال الفقراء ورفعهم إلي مرتبة الطبقة الوسطي هي مسئولية الدولة والمواطن الذي كما يطالب بحقوقه، عليه ان يؤدي واجباته بأمانة.