علي عكس كُل ساعات عقارب ساعات العالم .. تعود عقارب مصر للوراء ولاتتقدم للأمام ، تتباطأ الثواني والدقائق والساعات كي تُهدر حق الأيام في أن تمرّ بمصر من عُنق زجاجة أزمة الوطن الموجوع بآلام ولادة متعثرة للمستقبل، تتجافي الجنوب عن المضاجع .. فلا كبير ولا صغير في مصر إلا وقد أصابه أرق إخفاق مصر في المضي بثورتها قُدما في مرحلة أُطلق عليها المرحلة الانتقالية العُظمي فإذ بها مرحلة محلك سير! مابين استفتاء بلا أو نعم تمركزت محطات الفُرقة والافتراق ، والتفكير والتكفير ، والحق والباطل ، والاصطفاف والانصراف ، والجد والعبث ، وبتوافقات عدم الاتفاق علي مواد الاستفتاء المشهود، وسواء قُلتم لا أو قُلتم نعم .. فلن تكونوا من الناجين من شرك السقوط في دائرة الهوي ! قطار الثورة .. يحاول السير علي مسار سكة حديد منزوعة القضبان ، عن عمد أو غير عمد لاندري ولكن الحقيقة تثبت أن يوما ثم شهرا ثم عاما ثم مابعد العام يتحول إلي ماض مُحمل بالفشل والإحباط والأزمات والإخفاقات ،أما المُحصلة فتُثبت أن عجلات القطار لم تتحرك بعد، وأن المحطة القادمة لم تأت قط ، علي حين تندفع قطارات كل الأوطان في أنحاء العالم حُبلي بأحلام التقدم لمواطنيها الشرفاء ومحملة بحقائب الفعل والعمل والإنتاج والإخلاص والتضحية والتكاتف والتأهُل لتحقيق أماني مُستقبل قادم ملهوف علي تحقيق أحلام أجيال قادمة تتمني أن ترث موروث الزهو والتفاؤل والفأل الحسن، وبمكانة أفضل بين الأمم المتقدمة! النزعات تتزايد والرهانات علي مستقبل حركة قطار الوطن، والتآمرات علي التهام حقوق الركاب بفعل جشع الساسة تُعلن بلا خجل عن رغباتها المحمومة في انتزاع حق إدارة وقيادة القطار المتنازع عليه ، رغم أن عجلات القطار مقيدة بسلاسل الشياطين ، وقُضبانه منزوعة الزوايا والأركان ، والركاب ملتفة لديهم الساق علي الساق! الوقت يمر ولكن الخلافات لاتفعل ، وأحلام الثوار وتضحيات الشهداء تتوالي ولكن يتم إسقاطها عن عمد تحت عجلات القطار في ليل حالك ، يطلعُ عليه نهار يُخفي -علي عكس المنشود- أجساد ودماء الضحايا ، فلا يطل علينا غير رأس الوطن المنزوع عن الجسد في مشهد دام تنفطُر له قلوب أهل الوطن الشرعيين ، ولاتذرف عليه عيون الساسة الخائنين دمعة حزن ! تنتخب أو لاتنتخب مجلس إدارة الشرعية الوطنية بغرفتيه بفرض قدرتهم علي إضفاء الحركة لتسيير عجلات قطار الوطن، تعود الآراء للانقسام ، يتصارعون للوصول لسُدة قيادة الرحلة الفائتة رغم استحالة السيطرة علي حسن سير رحلة القطار دون استصدار خريطة الطريق ، تنعقد الاجتماعات، تنتابها حالات الكلام الفارغ من المعني والغائب عن الهدف ، يزعقُ المؤتمرون في بعضهم البعض يتبادلون كدمات الخيانة ، يشتبكون حول شرعية اجتثاث أنف الخارج علي الجمع من أجل إخفاء روائح الفشل التي أزكمت أنوف أبناء الوطن بهدف استعادة حُلم التوريث لكن تحت عباءة قوي أخري ! ننتقل لنُرشح رئيسا من بيننا ، علي أمل تحريك عقارب ساعة الوطن للأمام .. تتسع دائرة المرشحين للبحث عن سائق قطار المستقبل ،يُكشف عن قُدرات المبادرين ، يُعاود الركاب الذين أصابهم الإنهاك الصعود للقطار الرابض في محطة اليأس في ظل انهيار القدرات المالية ، وتبعثر محتويات أمتعة السفر ، وغياب مُفتش القطار ، وانفلات صفارات الإنذار، وخروج العجلات بلاعودة عن الطريق ، وتقلص فرص الآمان ، ولكن يتفق الجميع علي العودة أملا في اختيار الرئيس الشمشون الجبار ، ولكن الشمشون الجبار يشترط ُعليهم الحصول أولا علي كرامات خريطة تُحدد الإجابة عن سؤال واحد ومُحدد ومُجدد هو : هل اتفقتمُ إلي أين أدفع لكم وبكم القطار ؟ غابت الإجابة ، والتوت الألسُنة ، ودقت ساعة مغادرة باقي قطارات الأوطان ، وبقي قطارنا السياسي المهموم المشئوم مكبلا في محطة انتظار تحرك قطار الثورة المصرية! مسك الكلام .. محطة قيام بلا بداية .. محطة وصول بلا نهاية !