في الزمن الماضي أيام كانت مصر تحت الانتداب البريطاني كان شعار المظاهرات هو " الاستقلال التام أو الموت الزؤام".. كان الوطنيون لا يختلفون علي الشعار ما بين وفديين أو أخوان أو كتلة السعديين.. والمعني ليس في بطن الشاعر وإنما هو ظاهر للعيان.. لابد من الاستقلال والا فلا وألف لا. تذكرت ذلك الهتاف الشهير وقد بدأ الحديث يدور حول خصخصة الصحف القومية وهل هو بمثابة بالون اختبار لصحفييها والعاملين بها وهم الذين كافحوا للتخلص من السيطرة الحكومية باعتبار أن الحرية التي ينشدونها لن تأتي مع عودة التبعية لمجلس الشوري وأن ثورة يناير جاءت لتغير مفاهيم السيطرة الحكومية بكل أشكالها. وتابعت مثل غيري تصريحات الدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشوري والتسريبات التي أشاعت أن حزب الحرية والعدالة الذي ينتمي اليه الدكتور يعد دراسة حول خصخصة الصحف القومية والحقيقة إنني ظلمت الرجل فقد شوهت تصريحاته فالرجل قال نصا "أن المؤسسات القومية تعاني من نزيف خسائر وديونها لمجلس الشوري تبلغ 80 مليون جنيه وأن هناك اتجاها لتشكيل لجنة فنية لدراسة وضع هذه المؤسسات وأن هناك إصدارات لا تحقق الحد الادني من صدورها« وقال حرفيا »إن مؤسستي الأهرام وأخبار اليوم هما الوحيدتان اللتان تستطيعان الوقوف علي قدميهما بينما بقية المؤسسات تخسر وأنه ليس من المعقول أن تقوم الدولة التي تعاني من العجز ولديها جيش من العاطلين بدعم هذه المؤسسات«. ما قاله الدكتور أحمد فهمي صحيح وعلي المجلس سرعة تشكيل هذه اللجنة من المتخصصين والخبرات الصحفية ونقابة الصحفيين لدراسة وضع هذه المؤسسات.. أما بخصوص تعيين رؤساء التحرير ومجالس الإدارة وهو ما أثار بلبلة واشاعات ليس وقتها الآن فكلهم أو معظمهم تم تعيينهم منذ وقت قصير ويجب التوقف عن التصريحات التي تثير البلبلة واتركوهم يصلحون ما أفسده الدهر منذ تأميم الصحف القومية وحتي الآن . وما يعنيني هو.. لماذا لا تشمل الدراسة استقلال هذه الصحف تماما عن سيطرة الدولة وحزب الأغلبية فقد تنفست هذه الصحف وأبدعت بعد زوال نظام مبارك الذي كان سببا رئيسيا في تدني توزيعها بسبب القيود التي فرضها عليها وأصبحت الصحف القومية نسخة واحدة مكررة أو مجرد نشرة حكومية تنقل أخبار الحاكم وتدعو له بالصحة والستر وتخصص أولو الأمر فيها بتمجيد الحاكم واعتبار أن يوم مولده هو السعادة الحقيقية لمصر التي لم تك قبل توليه شيئا! لا نريد للصحف القومية أن تصبح متحدثا رسميا باسم حزب الأغلبية فقد مضي هذا الزمن وبإذن الله لن يعود ولذلك فمن الضروري أن تتحرر من سيطرة الشوري تماما وأن تحكم نفسها بنفسها لتعبر عن الشعب المالك الحقيقي لها.. لقد كانت تجربة " الأخبار" بعد تولي الأستاذ ياسر رزق رئاسة التحرير تجربة ثرية بكل المقاييس وهو الذي رفع شعار "الأخبار للجميع" وفتح صفحاتها لكل الآراء وكل الاتجاهات وبدون حجر علي رأي وهي نتاج الحرية التي حظيت بها الصحافة القومية وهنا يكمن معيار المنافسة والتميز فلم تعد متحدثا باسم أحد ولا تبنت وجهة نظر أحد. وهذا هو الدور المأمول للصحافة القومية في مصر بعد ثورة 25 يناير.