لعلنا لا نتجاوز، إذا ما قلنا أن قرار هيئة المحكمة في قضية التمويل الأجنبي، غير المشروع، لبعض الجمعيات الأهلية، ومنظمات المجتمع المدني بالتنحي عن نظر القضية، استشعاراً للحرج، الذي أعلن علي لسان رئيس المحكمة المستشار محمود شكري،...، جاء صادماً للجميع رغم أنه من حق هيئة المحكمة، في إطار القانون، والنظم القضائية المعمول بها، والمتعارف عليها، وإذا ما توافرت الأسباب المؤدية لهذا، من وجهة نظرهم، وطالما استقر في ضمير القضاة ذلك. ومن المعلوم للكافة، أن ذلك التنحي يعود في أسبابه ودوافعه للقاضي رئيس المحكمة وزملائه الأعضاء في هيئتها طالما أنهم استشعروا أن الإستمرار في نظر القضية، يمثل حرجا بالنسبة لهم،...، وليس لنا أو لغيرنا أن نتدخل في قرارهم. وبعيدا عن شبهة التدخل في قرار هيئة المحكمة، ونظرا لأهمية القضية واتصالها بعلاقات مصر بدول خارجية، مثل أمريكا، وألمانيا، ودول أخري، أوربية، وعربية، حيث أن هناك اتهاماً موجهاً لبعض رعايا هذه الدول بالتورط في القضية، وممارسة أنشطة مخالفة للقانون في مصر،...، كان من الطبيعي ان تحظي القضية، وكل ما يتصل بها من أمور باهتمام ومتابعة كبيرة من جميع المواطنين. وكان من نتيجة هذا الإهتمام، وتلك المتابعة، أن أتي قرار التنحي بمثابة المفاجأة غير المتوقعة، خاصة أنه جاء بعد ساعات قليلة من بدء الجلسة الإجرائية الأولي للمحكمة، التي كانت معلنة ومرئية، ومحل اهتمام ومتابعة الكل. وفي هذا الإطار، تناثرت قصص عديدة وروايات كثيرة، عن الأسباب والدوافع وراء قرار التنحي عن نظر القضية، منها علي سبيل المثال وليس الحصر، أن هناك تدخلاً في القضية من البعض رفضه رئيس المحكمة،..، واختلفت القصص والروايات حول جهة التدخل، فهناك من قال أنه تدخل أمريكي، ومن ذكر أنه تدخل مصري من سلطة غير قضائية، وهناك من أكد أنه تدخل من السلطة القضائية، وهناك من نفي ذلك كله، وأرجع قرار التنحي الي قرار صدر بإلغاء القرار الخاص بمنع مغادرة المتهمين الأجانب للبلاد، الذي كان قد صدر عن قضاة التحقيق، وأن رئيس المحكمة وهيئتها يرفضون ذلك. وقد استمر هذا اللغط، والقيل والقال طوال أول أمس، وحتي ظهر أمس، حيث وضع المستشار »عبدالمعز إبراهيم« حدا لذلك كله، بالإعلان عن السبب الحقيقي وراء قرار التنحي، حيث أعلن أن ذلك يرجع إلي أن رئيس المحكمة المستشار »محمود شكري« له أبن يعمل في مكتب محاماه له اتصال بالقضية،..، وقال أيضا أنه تقرر بالفعل الغاء قرار منع سفر المتهمين علي ذمة القضية. من هنا جاء استشعار الحرج،..، وجاء قرار التنحي.