جلال دويدار كم أرجو أن تتسم مجريات المعركة الانتخابية بين المرشحين لرئاسة الجمهورية بالوطنية والشفافية وأن تتسم بالقيم الأخلاقية التي تؤهل أي واحد منهم للحصول علي تأييد الغالبية الشعبية. لا جدال أن هذه الغالبية تتطلع إلي خروج مصر من المحنة المريرة التي تعيشها.. إلي آفاق النهضة والتقدم في ظل ديمقراطية سليمة وبعيدة عن الهيمنة والتسلط بما يحقق العدالة والمواطنة في ظل سيادة كاملة للقانون. بالطبع فإنه لا يمكن أن يتوافر الرئيس- الأمل- في غياب نظام حكم تساهم في إرسائه كل القوي والهيئات والمؤسسات الوطنية وعلي أساس ان يكون مسايرا لدول العالم المتحضر حتي يليق باسم دولة مصر تاريخا ومكانة ووسطية وتسامح إسلامي. من المؤكد انه وبعد أحداث ثورة 52 يناير بحلوها ومرها لن تكون هناك فرصة لظهور الرئيس الملهم الأوحد الذي يسيطر ويهيمن علي كل جوانب الحياة. ليس هناك من ضمان لتجنب السقوط في هوة الاستبداد وحكم الفرد الواحد سوي قيام دولة المؤسسات والتوصل الي هذه الصيغة يحتاج الي اتاحة الفرصة بشفافية ومصداقية وبضمانات دستورية يحقق مبدأ تداول السلطة. كل هذا لا يمكن أن يتأتي إلا في ظل دستور يعبر عن كل أطياف مصر ويرسم بدقة صورة ومستقبل العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي. أهمية أن تكون الاولوية لاصدار هذا الدستور.. انه الوثيقة التي ستحدد سلطات الرئيس وكل المؤسسات التي من المفروض أن تكون ركيزة للدولة المصرية. من ناحية أخري فإنني أتمني أن تجري المنافسة في سباق منصب رئيس الجمهورية بعيدا عن عمليات الإثارة الإعلامية التي تستهدف خلق المعارك الوهمية التي تؤدي إلي تصعيد مناخ التوتر السائد علي الساحة. إلي القائمين علي هذا الإعلام أقول لهم وأنا واحد منهم: اتقوا الله في وطنكم وكونوا علي قدر المسئولية الوطنية ولا تنجرفوا ولا تجنحوا في اتجاه الممارسات التي لا تساهم في خروج الوطن من مشاكله وصراعاته المعقدة. ان مهمتكم ودوركم يرتكز علي المشاركة الايجابية في تعافي المجتمع من الأحقاد والتفرغ لبناء الوطن. إن علي مجتمع الإعلام أن يتخلص من آفة »اللغوصة« والوقيعة والتي تستهدف اشعال نار الفتنة. هذا الاعلام مُطالب بالتوقف عن عمليات الاصطياد التي لا تتسم بالأخلاقية أو الحرفية أو المصداقية والأمانة وكلها مبادئ من صميم ميثاق الشرف الاعلامي. ان ما يدل علي تعمد عدم الالتزام بهذه المبادئ ما حدث من سوء تعامل لبعض وسائل الإعلام مع الحادثة الإجرامية التي تعرض لها المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية د. عبدالمنعم أبوالفتوح. ظهر ذلك جليا في ايحاءاتها وإيماءاتها واثارتها للشكوك بأن الحادث له بُعد سياسي بما يشير إلي إمكانية ان يكون من تدبير مرشحين آخرين منافسين. وشاءت إرادة الله أن يتم الرد علي هذه الاسقاطات غير البريئة من خلال نجاح أجهزة الأمن في الكشف عن بعض جوانب الحادث الاثيم مما سوف يقود الي تحديد هوية المجرمين الذين ارتكبوه. ليس من تعليق علي هذه التطورات سوي القول الحق: »وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا«. لا جدال ان هذا الإنجاز الذي قام به رجال الأمن يعد ضربة قاصمة لهذه الطغمة الفاسدة التي احترفت نشر الشائعات والأكاذيب. انهم يهدفون من وراء هذا السلوك الي إشاعة البلبلة والقلق في الشارع المصري. وإذا كنا نشيد بهذه الفاعلية المسئولة التي اتسم بها أداء أجهزة الأمن فإن ما قاموا به يتطلب العمل علي تخفيف الضغوط النفسية التي يتعرض لها رجالها.. ومساعدتهم علي استعادة الثقة المفقودة لصالح امن واستقرار مصر.