ليس هناك كثير مما يمكن ان يثير اهتمامي فيما تنشره الصحف هذه الأيام إذا ما نظرت إليه من الناحية المهنية التي يجب أن تتسم بالحرفية والالتزام بالقيم الاخلاقية والأمانة. وسط هذا الصخب الإعلامي الذي يفتقد للمبادئ وتتركز رسالته في الاثارة دون مراعاة المصداقية آثارت انتباهي تصريحات الفريق سامي عنان رئيس أركان القوات المسلحة ونائب رئيس المجلس العسكري. تعود أهمية هذه التصريحات الي أنها أول مبادرة من جانب الرجل الثاني في النظام الذي يدير شئون مصر حاليا للحديث الي أجهزة الاعلام من خلال لقائه بعدد من المثقفين بحضور مجموعة من اعضاء المجلس الاعلي للقوات المسلحة. ويمكن تلخيص هذا اللقاء في النقاط التالية: اعطاء الأولوية لاعادة الأمن باعتباره التحدي الأول والذي بدونه لن يكون هناك استقرار في هذا البلد. وان وزير الداخلية اللواء منصور العيسوي يقوم حاليا ببذل جهود كبيرة لاعادة الروح إلي الاجهزة الأمنية لممارسة مهامها بما يجنبنا انعكاسات وتأثيرات الانفلات الامني علي الأوضاع الاقتصادية. التحدي الثاني الذي يواجه المجلس الأعلي يتمثل في الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار الاحتياجات المعيشية بما يفوق قدرة الكثيرين من المواطنين. التحذير من استمرار الاعتصامات والمظاهرات واغلاق الطرق بما يؤدي إلي تعطيل عجلة الانتاج ومنع المصالح الحكومية من ممارسة أعمالها لتصريف أمور الدولة وخدمة المواطنين وأن محصلة ذلك هو زيادة تصاعد المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وزيادة معاناة المواطنين. أسعدني وأعجبني ما جاء علي لسان رئيس الاركان من نقد لاذع لأجهزة الإعلام المصرية وهو ما يتفق مع وجهة نظري في هذا الشأن. أشار إلي أن بعض وسائل الاعلام تستهدف بث الفتنة وهدم ثوابت المجتمع. قال إن اعلام الاثارة والسطحية السائد يتعمد الترويج للافساد وأن لا جدية ولا امانة ولا قيمة لما يقدمه وان التزييف وعدم الامانة والمبالغة هي أساس كل ما يتم تناوله!! أضاف ان المشكلة ليست في النقد ولكن في اصرار بعض الفضائيات ووسائل الاعلام الاخري علي تعمد وممارسة تشويه كل شيء علي ارض الوطن. لا جدال ان أي وطني شريف يتابع ويراقب ممارسات أجهزة اعلامنا لابد أن يعلن بأعلي الصوت صدق رئيس الاركان. الفتنة الطائفية واحدة من التحديات التي تواجه الوطن. وفي هذا الاطار قال ان شعب مصر علي مدي تاريخه تمسك دائما بالتسامح وروح السلام.. اكد رفضه لما يردده الاعلام حول الفتنة وانه لابد من السيطرة علي كل محاولات اشعالها. أضاف الي ان هناك فئة يهمها اشعال هذه الفتنة لخدمة مصالحها. المجلس الأعلي للقوات المسلحة مصمم علي تسليم مقاليد البلاد إلي سلطة مدنية. وفي هذا المجال كان رئيس الاركان واضحا في الاعلان عن ان الجيش سوف يبقي حارسا وضامنا لحقوق الشعب وحماية الدستور ومصالح البلاد. أكد انه لن يتم السماح بأي حال لأي سلطة أن تتجاوز في يوم من الأيام وتجور علي حقوق وكرامة وحرية هذا الشعب. حرص رئيس الاركان علي ان يؤكد وقوف المجلس علي مسافات واحدة من جميع التيارات السياسية نافيا ما يتردد بأن هناك صفقة بين المجلس والاخوان المسلمين أو أي من التيارات الاسلامية. المحاكمات الجارية سوف تتم وفقا للقانون ودون تدخل من جانب أي جهة. إن أهم ما لاحظته فيما دار ونشر من حديث رئيس الاركان انه تجنب الاشارة الي مدنية الدولة المصرية البعيدة كل البعد عن التيارات الدينية. إغفال هذه النقطة كان مثار تعليق وقلق وشكوك الغالبية من أبناء هذا الوطن. كل ما أرجوه ألا يكون هذا الإغفال مقصودا!!