محمد الغىطى اللواء محمد علي ابراهيم ربما يكون أول وزير داخلية يحظي بقبول عام من المصريين بعد سلسلة من حلقات الكراهية المتبادلة بين من سبقوه من سلالة حبيب العادلي وزكي بدر ومن رضع من نفس مدرسة السادية الشرطية. والسادية في علم النفس هي عشق ممارسة تعذيب الآخرين. والمصريون ذاقوا الامرين من هذه المدرسة العريقة العريضة في التاريخ المصري التي تقوم علي خدمة الحاكم والتنكيل بكل من ناصبه العداء او مارس داء المعارضة والتعامل مع المواطن مثل عبيد زنده والتفنن بكل الوسائل في ابداع كل ما من شأنه ان يجعله كارها لكل من ينتمي لجهاز الشرطة والشواهد والدلائل في التاريخ البعيد والقريب عديدة وعميقة ولا تحتاج لتنفيد.. انه نهر ربما يكون من عمر نهر النيل وحكم الفراعين وسدنتهم مرورا بالعسس والجاندرمه في عصور المماليك وحكام القلعة والباب العالي حتي عهد أمن الدولة التليد وما فعله من فظائع جعلت المصريين يوم 82 يناير جمعة الغضب ينفجرون في بركان سيقف التاريخ الحديث امامه طويلا عندما يكتبه المؤرخون ويحلله المحللون، ومضات قليلة جدا تمثل استثناءات شاذه تخرج من القاعدة أعلاه، من هذه الاستثناءات احمد رشدي وزير الداخلية الاكثر بياضا في كتاب وزراء الداخلية المصريين وربما يوجد في العصر الليبرالي بالنصف الأول من القرن العشرين بعض الاسماء التي تولت وزارة الداخلية في ظل حكومات وطنية بحق مثل النقراشي أو أحمد ماهر وبعد الثورة كان عبدالناصر أول وزير داخلية من ضباط الجيش ويذكر عبدالله امام في احدي كتبه انه اصيب بصدمة نفسية عندما اطلع علي أوراق القلم السياسي وما كان يفعله سليم زكي بمعارضي الملك أو المناضلين ضد الاستعمار. أذكر هذه النماذج القليلة لأ بين ان وزير الداخلية احد أهم معايير التحضر لأي أمة وأن المسألة لا ترتبط بتطبيقه للقوانين وهو المفترض والواجب والمطلوب بقدر ارتباطها بمفهومه هو عن الأمن. الفكر الأمني للوزير هل يرتكز علي أمن الوطن والمواطن أم أمن النظام والحاكم؟ الاجابة المثالية قالها اللواء محمد ابراهيم في اكثر من حديث صحفي لكن هناك بون دائما شاسع بين الكلام والفعل. وحسن النوايا لا يضع تجربة ناجحة ولا يحول النظرية لواقع. مع ذلك ولرغبة قومية لدي المصريين استبشروا خيرا وتفاءلوا كثيرا باقوال الوزير وايضا ببعض أفعاله وخلال أسابيع شاهدنا الكمائن في الطرقات ونجحت سياسة الوزير في اكثر من ضربة أمنية أعادت بعض الثقة في رجل الشرطة والأهم أعادت بعضا من كرامته التي اهدرت وصورته التي اصابها شرخ رهيب. لكن يبدو أن قوي الثورة المضادة لم ترد للوزير ان ينجح في مهمته القومية وتحركت هذه القوي في الظلام بشراسة ونفذت ولا تزال مصائد وكمائن جهنمية لتعيد حالة السيولة الأمنية والانفلات وكلما تم التضييق علي هذه القوي التي هي تعمل لصالح نظام المخلوع وفلوله ومساجين طره.. كلما حدثت كارثة أعادت الوزير ومصر معه للمربع صفر.. والمثل يقول اللهم احمني من اصدقائي اما اعدائي فانا كفيل بهم، واصدقاء الوزير ليسوا ممن يجلسون معه علي المقهي انما هم من اتباعه وبعض مساعديه والمنفذين لفكره وهم اخطر عليه من كل الاشرار والمجرمين المعروفين واذا لم يستيقظ ويطهر ثلة وطغمة الفساد في وزارته ستصحوا مصر علي كارثة كل عدة أيام.. أما السادة النواب من برلمان الاغلبية الإخوانية والسلفية فهؤلاء لهم ثأر تاريخي مع الداخلية وهو الثأر الذي جعلهم يدبجون القوائم التي يرونها لابد ان تخرج من الخدمة لأسباب ثأرية بحتة محضة وأنا لست اختلف مع محاكمة أي ضابط أو فرد ثبت تورطه في جرائم تعذيب أو خرق للقوانين لكن ما اختلف معه تماما هو أن يسعي السادة النواب لتفتيت الجهاز الشرطي وخرق قوانينه المستقرة منذ حقب زمنية مثل ان يشجعوا وجود تنظيمات إخوانية او سلفية داخل الجهاز أو يطالبوا بحرية الضابط في إطلاق لحيته وحتي كتابة هذه السطور وصل عدد المنضمين لهذه المطلب علي صفحات الفيس بوك لعدة آلاف.. وهو أمر خطير جدا لانه يخلق جماعات علي أساس ديني أو سياسي داخل جهاز قومي مهمته حماية الجبهة الداخلية وأمن الوطن والمواطن. إنه يذكرني عندما دعا المناضل أحمد حسين مؤسس حزب مصر الفتاة قبل ثورة 25 الي ان يرتدي افراد جماعته نوعا معينا من القمصان باللون الازرق وحدثت فتنة داخل المؤسسة الشرطية حينذاك وأفرزت مليشيات متحاربة. الشرطة يجب ان تنأي عن السياسة والدين إنها في كل العالم مؤسسة تطبيق القانون العام وهي عنوان الضبط والربط ومرآة لمتانة المجتمع شريطة الا تستخدم لمصلحة فرد أو نظام بل فقط لتنفيذ القانون الذي يوفر الامن والامان لكل افراد المجتمع علي السواء ودون تفرقة لذلك اقول للواء محمد ابراهيم اثبت.. أنت رجل الاقدار فانتبه لمن يريد ان يعصف بمؤسسة الشرطة المصرية وطهر وزارتك من الفلول والفاسدين لانهم أول من يردون سهام قوتك الي صدرك. لابد من التطهير والحزم حتي لا يفلت الزمام يا وزير الداخلية اثبت وطهر ورابط وثابر.