عصام حشىش كلنا مع المبادرة التي تبناها الأزهر الشريف والتي دعا إليها العالم الجليل الشيخ محمد حسان لجمع تبرعات المصريين وتعويض مصر عن المعونة الأمريكية. ليس فقط بسبب قيمة هذا التبرع السخي وقدرته علي حل أزمات كثيرة ولكن لأنه يثبت من جديد أن المصريين كلهم يد واحدة. وأنهم يجتمعون جميعاً علي قلب رجل واحد أمام أي مبادرة معقولة ومحترمة ترد لبلدنا كرامتها وتحفظ لها قرارها وتحرر إرادتها من هوان هذه المعونة الأمريكية الخادعة. ومن الآن أعتقد بأن ما سيتم جمعه سيفوق كل التوقعات لأنها فرصة نثبت فيها وبشكل عملي كم نحن نحب بلدنا ونقدم لها من قروشنا ما يرفع هامتها بين الأمم.. ومثلما انبهر العالم بثورتنا سوف ينبهر بقدرتنا علي رد اعتبارنا واستعادة كرامتنا التي استعبدها النظام السابق بخضوعه لهذه المعونة الكارثية التي فتحت الباب علي مصراعيه للتدخل الأمريكي في كل كبيرة وصغيرة في شئوننا الداخلية وسمحت لهم بالضغط علينا كلما تقاطعت مصالحنا مع مصالحهم. وأهم ما يجب علي كل مصري أن يتحلي به في هذه الظروف أن يثبت علي موقفه ولا يشك مطلقاً في قدرة بضعة جنيهات أو حتي قروش حسب طاقته علي ردع النفوذ الأمريكي الطاغي!. نعم.. فهذه المبادرة الطيبة هي توفيق من الله لنا وهي طريق واضح جلي لنمضي فيه دون تردد وليعلم المصريون أن يد الله مع الجماعة.. وأن المكسب الحقيقي هو تضامننا مع فكرة تبدو بسيطة ولكن ستكون مكاسبها لبلدنا عظيمة. كل المعلومات أمامنا تقول أن أكبر مستفيد من هذه المعونة اللعينة كانت الولاياتالمتحدة نفسها.. فقد تمكنت بها من معرفة كل كبيرة وصغيرة في الشأن المصري وأتاحت لها فرصة التوجيه والرقابة بل ووضع القيود وأتاحت لأمريكا ولإسرائيل بالطبع أن تعرف حدود وقدرات القوات المسلحة المصرية من خلال المعونة العسكرية السنوية التي تحصل اسرائيل علي ثلاثة أضعافها علي الأقل!! والأخطر أن التلويح بقطعها أو خفضها كان يفت في عضد صانع القرار المصري فيتراجع عن قرارات أو سياسات تصب في خانة المصلحة المصرية خشية أن تنفذ الإدارة الأمريكية تهديدها. وبلغ الأمر أن السفيرة الأمريكية في ظلها استباحت السيادة المصرية وأصبحت تتحرك في المحافظات تلتقي المسئولين والعمال والطلاب والتجمعات من كل الفئات دون أن يحرك مسئول يده رافضاً وكأن السفيرة ترتع في بلدها. وزاد الطين بلة أن المساعدات التي كانت مخصصة لبناء مستشفيات أو مدارس أو محطات مياه وصرف صحي أصبح بقرار أمريكي منفرد يتم تحويلها لتمويل منظمات مدنية أهلية دون علم أو إرادة الحكومة المصرية لبث الفوضي في المجتمع تحت ستار نشر الحرية والديمقراطية!! فهل بعد ذلك يمكن أن نقبل الضغط علينا بهذه المعونة ونسمح بابتزازنا وكشف أسرارنا وتطويع قرارنا لحساب مصالح خصومنا؟! وهل كان يمكن لأحدنا أن يتصور تجمع المصريين حول مبادرة من هذا النوع في عهد الرئيس المخلوع المتشبث بالحكم له ولولده.. هل كان مثله قادراً علي رفض هذه المعونة حتي ولو أحنت له ظهره؟! الأن فقط أصبح ممكناً أن نقول لا.. وهذه هي قوة الثورة المصرية التي أحيت فينا الروح والأمل والعزة. وقد جاءت لا من ممثلي التيار الديني الذي نال الثقة ومنحه الشعب صكا للحديث باسمه وإدارة بشأنه وحسناً فعل الأزهر الشريف الذي تبني المبادرة لتخرج إلي المجتمع المصري باسمه حتي ولو كان أول من أطلقها هو الشيخ محمد حسان أو أي داع آخر يقف محل الاعتبار والاحترام من جموع المصريين.