لدي السيدة جيهان السادات أسرار جديدة وأخري عن السيد الرئيس الراحل أنور السادات. فهي نقلت عن نفسها من موقع شريكة سنوات الكفاح وأتمني أن تنقل عن ذاتها من موقع زوجة رئيس أنجز في سنواته القليلة الكثير جدا لمصر . هذا رئيس جمهورية استثنائي. شق القاع وعاشه وتمرمغ في ترابه. عاش مصر التي يجب أن يعرفها أي رئيس جمهورية قادم لمصر. ذاق تعب العامة وجوعهم. مثلهم كان يحلم وكان يأمل وكان ينتظر. صعد خطوة خطوة بصبر ودهاء. والرئيس المنتظر يجب أن يكون صبورا وداهية. وأن يري كيف تعامل السادات مع خصومه في بداية حكمه وكيف صبر كثيرا لكي يخوض حرب أكتوبر أروع حروبنا . كان السادات زعيما فهم مصر للغاية. فهم المزاج المصري الذي يحب الأسطورة ويحترمها ويخاف منها ويعمل لها ألف حساب. تعامل مع الروح المصرية التي تداعبها الصدمات السياسية فتوقظها من غيبوبتها. جر خلف قراراته خصوما وأعداء ونقدا عنيفا لسياسته في مفاجأة الجميع بقرارات تبدو عفوية. المرحلة القادمة تحتاج هذا الرئيس الذي صاع ولف ورأي وعاش ويريد أن يدخل التاريخ بأنه ألهمنا الأمل والإصرار . لا أري في المرشحين للرياسة حتي الآن أنور السادات. لم أر عقله ووجهه الذي يشبه وجه مغامر عجوز دربته الأيام علي تلقي أصعب الصدمات بحكمة. وفي مذكراته المختصرة »البحث عن الذات« سوف نري كيف كان هذا الرجل مفكرا يشبه زمنه ومرحلته. وخرج من مواقف شديدة الخطورة إلي بر أمان. نقرأ كيف عرف كل شيء من الفقر إلي الثراء. وكيف جعل لحياته الخاصة معني لا يضر حياته ومنصبه كرئيس جمهورية . وفي وثائق بريطانية أفرج عنها قريبا أن الرجل حير مخابرات أكبر الدول في العالم لعدم توقع في ماذا يفكر ؟ وأنه الرجل العربي الذي ضحك علي اليهود حتي صارت واقعة حقيقية قالها له مناحم بيجين في المفاوضات : إيه ياأخي هو إنت يهودي ! هذا رجل جعل مصر في العالم كبيرة. كان يحسب لها حساب. أخطأ وربما نال بسبب ذلك موتا مفاجئا. لكنه كان دائما لديه من الرؤية مايجعله ينظر للأمام في تفاؤل. وللماضي في حذر. يجب أن نناقش الرئيس أنور السادات بشكل عميق ومنطقي دون أن ننظر في اختلافنا حول حبنا له أو عدمه ! بعد 31 سنة علي رحيله. بعد 94 سنة علي ميلاده يجب أن نفهم أنور السادات وندرسه كزعيم مصري وطني حقيقي وأن نعيد له حقه المهدور بين رجال حقبة ناصر وإعلام صفوت الشريف . لا توجد دراسات حقيقية وجادة عن هذا الرجل. مذكرات فقط نشرت. بعضها معه وكثيرة ضده. بعضها تمنحه أقل من حقه وكثير منها تضع هذه الحقوق وغيرها لغيره . وأنا أعتقد أن الوقت مناسب تماما لكي تقود أو تتولي أو تنصح أو تقوم السيدة جيهان السادات وعائلة الرئيس كلها بدور هو حتمي وقدري وتاريخي عليهم. بإنشاء مركز دراسات لتاريخ هذا الرجل. يفتح الباب لشباب الباحثين وشيوخه في كتابة دراسات حوله. حياته وقراراته. تحليل شخصيته. وتقديم كل مايتوافر من وثائق هنا وهناك عنه وحوله. هذه ليست خدمة لشخصه ولا لأسرته إنما لوطن يجب أن يعرف فيه أجياله الصغيرة عن هذا الزعيم مايكفي. ويعرف صناع القرار كيف كان يفكر وكيف صنع قرارات غيرت وجه مصر في عشر سنوات من هزيمة قاسية لنصر كبير . لقد ظلم السادات حتي ممن أحبوه أو يحبونه. ومن الذين هاجموه وكرهوه. كان الحب بدون منطق والكراهية بدون منطق. وكل المطلوب أن نتعامل مع الرئيس السادات وتاريخه بمنطق. نتعلم من الصواب والخطأ الذي فعله في مدة رئاسته القصيرة الحرجة.