الأولويات ... بين التغيير والإصلاح (10)

مصر التقدم هي مصر العلم... ومصر النهضة هي مصر العلماء... هل يمكن بناء قاعدة عصرية من العلماء والقادة ؟... أهم أولويات مصر هي بناء قيادات علمية وعملية... هذه مسئولية أمة... حكومة ، وقطاع أعمال ومجتمع مدني... هي مسئولية كل أب وأم في هذا الوطن ... هل يمكن أن نضع الأولوية الأولي كمجتمع للسنوات العشر المقبلة لبناء قيادات علم وقيادات عمل... إذا أردنا أن نتقدم علينا بمزيد من العلماء وإذا أردنا أن ننتج علينا بمزيد من القادة... في بداية رحلتي العملية تعلمت أن أفضل وسيلة للتقدم هي الاستثمار في البشر... وأن أكبر عائد يتحقق هو من تعليم وتدريب الشباب... عدد العلماء لكل مليون نسمة في اسرائيل هو 18 ضعف مصر... وإذا تصورنا أنها دولة منافسة لنا اقتصاديا فعلينا أن نضع خطة لمضاعفة عدد العلماء لكي نتنافس معها... واذا تصورنا أننا في احتياج للتوازن معها من منظور الأمن القومي فإنه حتميا علينا زيادة نوعية وعددية في عدد العلماء وقادة العلم والعمل... فهل يمكن البدء بإرسال الف لدراسة الدكتوراه والماجستير سنويا لأفضل عشر جامعات عالمية هارفارد وMIT وستانفورد وبرينستون وجامعة جنوب كاليفورنيا ولندن للادارة والسوربون وغيرها... وهل يمكن أن يزداد هذا العدد الي ألفين وثلاثة آلاف... وهكذا مع زيادة وعي المجتمع بأهمية وحتمية الزيادة العددية والنوعية المطلوبة... التقدم المذهل الذي يحدث الآن بين العلوم والتقنيات وأفرع العلم المختلفة سيجعل في خلال عشر سنوات القاعدة العلمية المتراكمة في الخمسين عاما الماضية تاريخا يدرس... التقدم العلمي الناتج من علوم الاحياء والوراثة والجينات والفيزياء والكيمياء وتكاملها مع تقنيات المعلومات والاتصالات وتطبيقاتها وآثارها علي الادارة والقانون والاستثمار والصناعة والخدمات ستفوق ما كانت تحلم به البشرية خلال القرن العشرين كله وخلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين... هناك ثورة علمية تحدث الآن ستنعكس علي الطب والطاقة والبيئة والمعيشة والنقل والمواد والصناعة بل ستنتقل الي آفاق جديدة من الخدمات أساسها العلم والمعلومات لعصر المعرفة... إذا أردنا أن نكون علي خريطة العالم علينا أن نبدأ وفورا بألف مبعوث سنويا وإذا أردنا أن ننافس علينا أن نصل بالرقم الي خمسة آلاف مبعوث سنويا وأن نرفع ما يصرف علي البحث العلمي في مصر ليصل الي المتوسط العالمي وهو 4.2٪ بدلا من 2.0٪ ثم الي 3٪ إلي أن يصل الي 5٪ (اسرائيل 1.5٪) وأن نستهدف عدد براءات اختراع لايقل عن 62 لكل مليون سنويا المتوسط العالمي بدلا من العدد الهزيل والمؤسف الذي ننتجه سنويا والذي يصل الي 2 في المليون... وعلينا أن نتذكر أن السويد تنتج 317 براءة اختراع سنويا لكل مليون (158) ضعف ما ينتج في مصر ... آن الأوان أن ننظر الي مصر المستقبل بنظرة جديدة ... تري المستقبل في المكون العلمي والانساني لمصر... تري المستقبل في عقل ووجدان أبناء الوطن... أساس تقدم ورخاء مصر هو قادة العلم والعمل... إذا ارتقي قادته تقدمت الأمة... مستقبل مصر سيبني بكل قيمة مضافة ينتجها إنسان توافرت له الفرصة للابداع والمنافسة... مصر ستبني برؤية تصنع قادة التقدم... وبمجتمع يحتضن قادة العلم.
وللحديث بقية
ALAKHBAR@HISHAM-ELSHERIF.COM