محمد بركات في تقديري،..، ورغم كل الظروف الطارئة، وبالرغم من كل التوترات القائمة أو المستجدة، فإن العلاقات المصرية الأمريكية، مثلها مثل كل العلاقات الدولية الصحيحة، لا بد أن تقوم في أساسها علي المصالح المشتركة والمتبادلة، باعتبار أن هذا هو العامل الرئيسي لقيام العلاقات بين الدول، واستمرارها، وهو أيضاً آلية القياس الطبيعي والمتعارف عليها دولياً، لتحديد قوة وضعف هذه العلاقات، واتجاه مسارها، ما بين الصعود والهبوط. وفي تقديري أيضاً، أنه علي قدر نجاح الطرفين، سواء كانا مصر وأمريكا، أو غيرهما من دول العالم ، في ترسيخ مبدأ التعاون الثنائي، وتبادل المنافع والمصالح، وخلق مجالات جديدة لتعزيز هذا التعاون وتلك المصالح، في إطار الاحترام الضروري والمستمر من جانب كل منهما لسيادة الآخر علي أرضه، وعدم التدخل في شئونه الداخلية، بأي صورة من الصور، وعدم المساس بكرامته الوطنية، بأي شكل من الأشكال، علي قدر ما تكون العلاقات قوية ومتينة، ويكون مسارها صاعداً. وانطلاقا من ذلك، نكون أمام خروج واضح من الجانب الأمريكي، علي كل الأصول والنصوص والمواثيق المتعارف عليها، والمعمول بها دولياً، في العلاقات بين الدول بصفة عامة، ومع مصر بصفة خاصة، وذلك بتجاوزها غير المقبول لمبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية لمصر، وأيضا عدم احترامها لسيادة مصر علي أرضها،..، وذلك عندما أباحت لنفسها حق إنشاء فروع ومكاتب في مصر، لبعض منظماتها، " المعهد الجمهوري "، "والمعهد الديمقراطي" ، "وفريدم هاوس" دون إذن أو تصريح رسمي من الدولة المصرية. ليس هذا فقط، بل وقامت هذه المكاتب وتلك الفروع بممارسة النشاط والعمل السياسي داخل البلاد، بالمخالفة للقانون، وقامت أيضاً بتلقي أموال من الخارج، وضخ هذه الأموال داخل البلاد لأفراد ومنظمات وجمعيات أهلية لأغراض سياسية، وهو تدخل سافر، ومرفوض، في شئوننا الداخلية، ويعاقب عليه القانون المصري. وفي كل الأحوال، وسواء كان هذا الخروج الواضح من الجانب الأمريكي علي الأصول والمواثيق الدولية، المنظمة للعلاقات بين الدول، قد تم بالقصد ومع سبق الإصرار، كما تشير جميع الدلائل، وكل الشواهد، أو كان قد تم بغير القصد كما يدعي الجانب الأمريكي، الذي يقول بأنه تصور أن ما يقوم به هو في اطار المسموح به، وليس محظوراً، طالما أن أحداً لم يمنعه من ممارسة هذا النشاط، طوال فترة سابقة،..، إلا أن الثابت هو أننا أمام فعل خاطئ، ومخالف للقوانين المصرية، وأمام عمل يمس بسيادة مصر علي أرضها. بل والأكثر من ذلك، أن هذا العمل، وذلك الفعل تحول من خطأ فادح، الي خطيئة جسيمة، عندما راحت الولاياتالمتحدة، تهدد وتتوعد مصر بقطع المعونة عنها، إذا لم ترضخ للطلب بإلغاء قرار منع سفر العاملين بمكاتب وفروع المنظمات الأمريكية الثلاث الذين صدر قرار بالتحفظ عليهم علي ذمة القضية،..، وهو ما اعتبرته مصر تدخلاً سافراً ومرفوضاً في الشئون الداخلية. والآن،..، وفي ظل ما حدث، وما جري، وما وصلت إليه العلاقات المصرية الأمريكية من توتر، بات واضحاً ومعلناً، يبقي السؤال: وماذا بعد؟! ونواصل غداً إن شاء الله