محمد بركات من الحقائق الثابتة في عالم السياسية، وعلاقات الدول أنه لا صداقات دائمة، ولا خصومات مستمرة،..، فقط هناك مصالح تفرض علي الدول والشعوب نوعية العلاقات بينها، وتدفع بها في هذا الاتجاه، أو ذاك، وصولاً الي توافق واضح لكلا الطرفين علي شكل وحجم، وقوة العلاقات بما يحقق مصالح الطرفين وبما يحفظ احترام وتقدير كل منهما للأخر، وحرص كل منهما علي الابتعاد عن التدخل في الشئون الداخلية للآخر، أو المساس بسيادته علي أرضه. أقول ذلك بمناسبة ما نلمسه ونشاهده الآن من توتر، في العلاقات المصرية الأمريكية، أصبح معلناً ومكشوفاً بالتلميح في البداية، من جانب واشنطن، أثر تسريبات عديدة ومتنوعة للصحف الأمريكية، ثم بالتصريح بعد ذلك علي لسان وزيرة الخارجية الأمريكية السيدة كلينتون، وبعض أعضاء الكونجرسي ومن قبلهم وبعدهم المتحدث الرسمي بإسم البيت الأبيضي وأصبح مؤكداً بعد ما تم وما جري خلال زيارة الوفد العسكري المصري للعاصمة الأمريكية، وما أعقبها من محادثات لرئيس الأركان الأمريكي في القاهرة منذ أيام. وقد أصبح معلوماً للجميع أن التوتر القائم الآني أو الأزمة الحالية في العلاقات، ترجع في أساسها الي الخروج الفاضح من جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية علي مقتضيات وضرورة الاحترام الواجب للسيادة المصرية، والبعد التام عن التدخل في الشئون الداخلية لمصر،..، وهو المبدأ الأساسي الذي يجب الالتزام به في العلاقات الصحيحة بين الدولي طبقاً لكافة المعايير الدولية، ومبادئ القانون الدولي، وميثاق الأممالمتحدة. وقد تمثل هذا الخروج الفاضح في قيام بعض المنظمات الأمريكية بفتح فروع لها في مصري دون إذن رسمي من الدولة المصرية، وممارسة أنشطة سياسية من خلال هذه الفروع، وذلك بالمخالفة للقانون المصري، وكذلك تلقيها تمويلا خارجي، وضخه داخل مصر لأفراد وجمعيات أهلية لأغراض سياسية، وهو ما يعد تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي،..، وهو ما ترفضه أي دولة من الدول وتعتبره اعتداء سافرا علي سيادتها. ولم يقتصر الأمر علي ذلك، بل ذاد الطين بله، تلك الضجة الأمريكية التي تفجرت بالتهديد والوعيد لمصر، بعد ممارستها لحقها القانوني والشرعي، في ضبط هذه المنظمات، وتقديم العاملين بها للقضاء، وهنا أخذت الصيحات تتعالي في واشنطن ملوحة بوقف المعونة العسكرية، أو تخفيضها، إذا لم تخضع مصر للأوامر الأمريكية بعدم التعرض للمنظمات والعاملين بها، وأيضاً ضرورة إلغاء قرار منعهم من السفر،..، وكأن مصر ليست دولة وليس بها قانون، وليس لها حق في ممارسة سيادتها وإعمال قانونها علي أرضها. وهذه سقطة أمريكية لن يغفرها لها الشعب المصري. ونواصل غداً إن شاء الله