إلهام أبوالفتح الحوار الرائع الذي أجراه الزميل العزيز ياسر رزق رئيس تحرير الأخبار مع الاستاذ هيكل كشف للقاريء والمتابع أكثر من نقطة، فالحوار الذي نشرت أولي حلقاته امس ويستمر اليوم في حلقته الثانية كشف عن رؤية متوازنة لصحفي كبير ومحلل سياسي قدير ورجل اقترب من الرؤساء والملوك والزعماء بدرجة لم يسبقه إليها أحد. »الأستاذ« قال ان كسر المجلس العسكري يعني جر مصر الي فوضي كما أن كسر شباب الثورة ليس في مصلحة مصر، والمعني واضح لمن كان له عقل، فلا يجب تحت اي مسمي الدعوة الي كسر المجلس العسكري واسقاطه، صحيح أن الداعين الي العصيان المدني قد انكشفوا أمام المصريين بعد أن باءت دعوتهم بالفشل، وخرج جميع المصريين للعمل حتي في ايام إجازاتهم، بل ظهرت دعوات علي الفيس بوك بالغاء الراحات والعمل ساعات اضافية بدون أجر من أجل زيادة الانتاج ودحر الدعوات السلبية بالاضراب وعدم العمل. أقول لكل هؤلاء إن مصر تحتاج الآن وقبل اي وقت مضي الي العمل والانتاج، من حق الجميع اذا اراد أن يعتصم أو يتظاهر، لكن ليس من حق أحد أن يدعو الي تعطيل مصالح الناس وإفقار هذا الشعب الذي عاني علي مدار 03 عاما من الافقار والاذلال. وبعيدا عن الاعتصامات والاضرابات قال الاستاذ إنه في يوم 52 يناير كان الكل متفقا علي مطلب واحد من مطالب الثورة، وهو منع التوريث وانتقال السلطة من أب لابنه في مناخ مكفهر وعاصف، لكن الطرق راحت تتباعد بعدها مباشرة، والغريب أن الحوار الذي دار بين الطرفين جاء حوار طرفين لا يفهم كلاهما الآخر، لا يستوعب مقاصده لأنه لا يفهم لغته، فهدف الثورة لم يكن فقط منع التوريث، لكن المجلس الأعلي كان يتحرك في هذه الحدود. وأضاف »هيكل« ان المجلس الأعلي للقوات المسلحة تصرف في حدود الاستجابة لما قدر ورأي، وتصور بالفعل أنه فعل ما يستطيع، وهذا موضع تقدير، فهو في حدود ما تصور، أسقط بالاستفتاء ست مواد من الدستور القديم كانت تمهد للتوريث، وكان الشعب وفي طليعة الشباب يقاومها بكل جهده وطاقته، وكان ذلك في تقدير المجلس الأعلي للقوات المسلحة استجابة، ولكنها كانت في تقدير الشباب خطوة أولي خصوصا وان الدستور القديم اي دستور 1791 جري إسقاطه في اليوم الثاني بإعلان دستوري مؤقت، وبدأ الكلام عن دستور جديد لابد من كتابته. مرة أخري يعود هيكل الي تحليله العميق المتوازن، فهو هنا لا يزايد علي المجلس العسكري ولا يركب موجة الثوار لارضاء البعض، لكنه يقول كلمة حق حتي لو غضب منه أحد، لا يحاول الرجل امساك العصا من المنتصف، بل يسعي لتقديم رؤيته المتوازنة للأحداث، يدق ناقوس الخطر بأننا أصبحنا في خطر كبير وأن الثورة المصرية مهددة من الداخل والخارج. نقطة هامة اود أن أختم بها مقالي، فالحقيقة أن هذا الحوار الذي يأتي في ذكري تنحي مبارك ويعد أول حوار شامل لهيكل، تؤكد سطوره أن الاستاذ هيكل كان يجلس أمامه محاور متميز، يعرف أدواته، يعرف متي وماذا يسأل، يدرك جيدا أنه يجلس أمام كنز من الاسرار وعرف كيف يفتحها ليستخرج منها حواراً مطولا في 3 حلقات.. شكراً ياسر رزق.