فؤاد معوض الله يرحمه.. كان فتحي قورة واحدا من اشهر عباقرة كتاب الاغنية عاطفية او مرحة »له اكثر من 0002 اغنية ومونولوج من تأليفه« إلي جانب ذلك فهو صاحب موهبة اعمق في الكتابة الساخرة رشحته في يوم ما لان يكون العمود »الفقري« الساخر لأي مجلة فكاهية كانت في السوق وذلك لاسلوبه الجذاب المتميز . علاوة علي تلك الثروة الضخمة التي منحها له الله وهي ليست قصورا في جاردن سيتي او فلوسا في بنك وانما ثروة من اللطافة وخفة الدم الذي لا يوصف إلا بأنه علي رأي المطربة القديمة شهرزاد »عسل وسكر عسل«!.. وحين يجيء ذكر المؤرخين او اساتذة كلية الاعلام في محاضراتهم سيرة هذه المجلات القديمة التي كانت تصدر في اربعينات القرن الماضي مثل »البعكوكة« و»المطرقة« و»آخر نكتة« و»الصاروخ« فلابد من ذكر اسم فتحي قورة باعتباره كان وراء نجاح هذه المجلات الفريدة من نوعها!.. هذا العبقري الفنان قضي سنوات طويلة كما روي لي - في جلسة كانت تضمني انا والصحفي الراحل عصام بصيلة والشاعر محمد حمزة في منزل الصديق حلمي بكر- انه كان يعمل في هذه المجلات بالقطعة او ب »اليومية احيانا!«.. اليوم الذي يأتي فيه الي المجلة ومعه مقال او موضوع يتناول عنه الاجر المناسب في ساعتها سواء كانت نقودا واحيانا بديلا عن النقود اذا لم تتيسر يناوله صاحب المجلة بعضا من ساندويتشات الفول او الطعمية كان قد جاء بها لتناول افطاره اضافة الي الساندويتش لابد وان يطلب له من بعدها صاحب المجلة كوب شاي او فنجان قهوة سادة او مضبوط حسب الكيف والمزاج!.. قضي فتحي قورة سنوات طوالاً يعمل في عدة مجلات من هذا النوع الفكاهي ينفخ فيها من روحه ويقدم لها عصارة افكاره لكي تنجح وتقف في السوق بحيث تصبح اكثر المجلات رواجا ثم بعد ذلك يتركها ليتجه ناحية مجلة اخري هابطة التوزيع يغذيها بخفة ظله حتي تصلب عودها وتقف مرفوعة التوزيع او الرأس لا فرق وسط مجلات اخري منافسة وهكذا حتي قرر فجأة بعد ان اكتشف انه اشبه بجواد السباق هو الذي يجري وغيره هم الذين يربحون.. قرر في عام 9591 بعد ان توافرت له النقود من تأليفه لاغاني المطربين والمطربات ان يصدر لحسابه الخاص مجلة انتقادية ضاحكة اسمها »سكلانس« صدرت اسبوعية لمدة ثلاثة اسابيع ثم توقفت.. يا للغرابة!.. والاغرب ان الفنان الذي كانت مهمته النفخ من روحه في مجلات كادت ان تلفظ انفاسها ليحييها من جديد يفشل هذه المرة في ان يجعل مجلته تصمد في السوق.. مجرد ثلاثة اعداد وبعدها توقفت مأسوفا عليها علي حلاوتها وشبابها الذي انتهي قبل الأوان!.. لكم تبين لفتحي قورة- كما روي لي- انها مهمة شاقة وصعبة في ان تصدر مجلة انت كاتبها والمشرف علي تحريرها وطباعتها وتوزيعها الي جانب الاشراف علي شئون الادارة والموظفين وتعيين السعاة مع مجازاتهم بالخصم في حالة عدم المواظبة علي الحضور والانصراف او في حالة إهمالهم ل»كنس« و»رش« حجرات المحررين.. وكأنه- وأقصد عم فتحي- لم يكن فنانا وانما مديرا مسئولا في مصلحة طرق وكباري او رئيسا للعمال في ورشة من ورش السكة الحديد او باشكاتب في طابونة وهو ما جعله ساعتها في منتهي اللخبطة وال »سكلانس« في ان يختار ما بين وظيفة »الفنان« او »الورشجي« ليختار ان يكون الفنان الذي يبدع فقط!.. رحم الله عم فتحي الذي أسعدنا بأغانيه وأمتعنا بخفة ظله بل ومنتهي كرمه عندما ذهبت اليه عام 2691 وكان يجلس في حديقة معهد الموسيقي بشارع رمسيس وطلبت منه ان يكتب في مجلة »آخر ضحكة« التي كنت أصدرها وانا طالب في مدرسة روض الفرج الثانوية فأعطاني مشكورا فقرة بعنوان »ظهر حديثا في الاسواق هذه الكتب الجديدة«.. - الشجاعة من أول حفلة للمخرج حلمي رفلة. - كيف تواجه المتفرجين للمخرج.. أحمد ضياء الدين. - الجمهور الظالم.. للمخرجين عاطف سالم. - هل الإخراج مرض أم عادة.. للمخرج سيد زيادة. - جمهوري لعبته الهجر والجفا.. للمخرج نيازي مصطفي. - يوم العرض كيوم الحساب.. للمخرج فطين عبدالوهاب. عم فتحي شاعرنا الجميل وساخرنا الذي لن يعوض.. في ذكري رحيلك.. نحتفي بك ونترحم علي روحك وعلي ايامك.. اللي ماكانش فيها ميدان التحرير!..