جاءني صوته عبر الهاتف غاضباً، لاهث الأنفاس من شدة الانفعال، قال : أتعجب والله من هؤلاء الذين يدعون للإضراب العام، ثم ومن بعده الدعوة للعصيان المدني، هكذا، وبكل بساطة، ويتشدقون في دعواهم الأولي، وأيضا دعواهم الثانية، بأن هذه هي الديمقراطية، وأن تلك هي حرية الرأي، ويقولون إن هذه وتلك من حقوق الإنسان، التي جاءت في كل المواثيق والتوافقات الإنسانية والدولية. واستطرد، وهو يحاول التقاط أنفاسه، وضبط غضبه، والسيطرة علي انفعاله،: هؤلاء الذين يدعون لهذه الأمور، إما أنهم غافلون عن أحوال البلد، أو أنهم لاينظرون حولهم، وإذا نظروا فهم لايفهمون مايرونه، ولايدركون معناه، ولا يعقلون حقيقة ما تعانيه مصر الآن، وماتمر به من أزمة إقتصادية قاسية، تكاد تعصف بقدرتها علي الوفاء بحاجات مواطنيها. وحاولت أن أرد علي محدثي، ولكنه لم يترك لي فرصة لذلك، فقد واصل بنفس درجة الانفعال، بعد أن فشل في السيطرة علي نفسه: يا أخي أنا لا أحب أن ألقي التهم علي الناس جزافاً، ولا أحب أن أتهم أحداً في وطنيته، أو أقلل من انتمائه للوطن، وأكره كراهية التحريم، تخوين أي فرد لأي سبب، فهذه عادة مذمومة، ويجب أن نتخلص منها جميعاً في أي حوار ، وفي ظل أي خلاف. واستمر في حديثه قائلا وموضحاً : لذلك فليس أمامي غير أن أتهمهم بقصور الفهم، وعدم الإدراك، أو أنهم مضللون ومغرر بهم، أو أنهم يعيشون في عالم آخر بعيداً عن مصر التي نعيش فيها، ولايرون مانراه، ولا يشعرون بما نشعر به، نحن عموم الناس، وعامة الشعب. وازداد غضبه وانفعاله، وهو يضيف:، الغريب والعجيب في كل ذلك هو أدعاؤهم في كل هذه الأفعال والدعوات التحريضية التي يمارسونها، أنهم يتحدثون باسم الثورة، وانهم صوت الشعب، بل وضمير الأمة والمعبرون عن إرادة كل الناس، وهذا غير حقيقي، بل يخالف الواقع، ولايمت له بصلة علي الإطلاق. وإستطرد قائلا: انهم لايعبرون إلا عن أنفسهم فقط لاغير، وهم لايبصرون حاجة الوطن الآن، للعمل والإنتاج، والأمن، والأمان، في ظل ما نواجهه جميعا من خلل اقتصادي كبير، وانهيار للأمن والاستقرار، حتي نعبر هذه المرحلة الفارقة والدقيقة من تاريخنا، ونصل بعون الله إلي بر الأمان، ونحقق مانريده جميعاً من حرية وكرامة وعدالة اجتماعية، في ظل دولة ديمقراطية حديثة تقوم علي سيادة القانون وحقوق الإنسان والمواطنة. وقبل أن أقاطعه، واصل حديثه بالقول،: أريد أن أقول لهم، ولكل من ينخدع في دعواهم من الشباب المتحمس في وطننا، إن هؤلاء ينطبق عليهم قول الله عز وجل في كتابه الكريم، في سورة الكهف : "قل هل تنبئكم بالأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" صدق الله العظيم. ثم أضاف قبل أن ينهي المكاملة، أرجوك اكتب هذا عني كواحد من عموم الناس،..، قلت سأفعل إن شاء الله ونواصل غداً إن شاء الله.