مقدم بالقوات المسلحة يطمئن على أحد المصابين من مشجعى الأهلى لدى وصوله الى قاعدة شرق القاهرة منذ أكثر من ست سنوات، وحين ظهرت هذه المجموعات من مشجعي الكرة في الملاعب المصرية والتي عرفت باسم الالتراس كامتداد لظاهرة عالمية غزت الملاعب وهي ترتكز علي انها تحب ناديها بشكل خاص وزائد.. اولترا.. وهي تلفت الانظار اليها وتثير الجدل حولها، ولم يكن صدامها المتكرر مع قوات الامن ومسئولي النظام في الاستادات والأندية، إلا تأكيدا علي اختلاف الرؤية والمنهج والاسلوب بما خلق من الالتراس ظاهرة مجتمعية تعرضت لرجم اعلامي خصوصا برامج فضائية بذاتها. وكان الالتراس أهلاوي صاحب المبادرة والسبق في الظهور بمدرجات الملاعب المصرية وجاءت نتائج الأهلي الايجابية والفوز في المباريات مع ظهور جماعة الالتراس لتزيد من ابتهاج هذه الجماهير الجديدة علي الملاعب والتي اجتذبت اليها اعدادا كبيرة من الشباب العشريني ومن هم دون ذلك بنسبة غالبة علي هذه التكوينات الشبابية التي تبارت في اظهار افكارها ودخلاتها في التشجيعات وتأليف الاغاني والكلمات ورفع اللافتات بوعي وصياغة كشفت دائما عن مواهب حقيقية بين هذه الفئة من شباب الملاعب، بل فازت الدخلة التي نظمها »التراس أهلاوي« والتي كتبوا عليها »حلق عالي بحرية يا نسر نادي الوطنية« بترتيب عالمي كأفضل الدخلات التشجيعية في الملاعب الرياضية. النجاحات الكبيرة لالتراس أهلاوي شجع جماهير الاندية الاخري لمحاكاتها فظهرت تباعا »وايت نايتس« وهي التراس الزمالك و»جرين ايجلز« التراس المصري ويحمل جمهور الاسماعيلي اسم »يولود راجونتر«. الحماس الكبير الذي تبديه الالتراس الاهلاوي في مساندة فريقها ونجومها ظل مشفوعا دائما بنشيد متدفق الحب والانتماء من هذه الجماهير لناديها لدرجة انها تختتم نشيدها في حب ناديها بقولها: أنا يوم ما أبطل أشجع أكون ميت أكيد.. هذا ما ظل هؤلاء الشباب يرددونه طوال أكثر من ست سنوات وهم يمارسون تشجيعاتهم وافكارهم التي تصل الي حد العقيدة الثابتة والراسخة والمتفانية في حب الاهلي لدرجة عدم التوقف عن تشجيعه الا مع الموت. وكأن هؤلاء الشباب يبرهنون أمس الأول في بورسعيد عن صدق انتمائهم ورسوخ مبادئهم في حبهم لناديهم لدرجة الموت من اجله وعدم التوقف عن مساندته إلا مع الموت.. وكان ما غنوا به. نعم.. قالوا وصدقوا. لكن أرواحهم الطاهرة تتساءل: بأي ذنب قتلت..؟ جماهير التراس المصري البورسعيدي التي جرت المجزرة علي ارضها اعلنت عدم مسئوليتها عن كل ما حدث بل كشفت جماعة التراس المصري عن سابق ترحيبها بالتراس أهلاوي وتطالب بالقصاص والكشف عن المجرمين. الالتراس تحمل اربعة مباديء اساسية عالمية: لا يتوقف الغناء أو التشجيع خلال المباراة مهما كانت النتيجة. يمنع الجلوس اثناء المباراة.. حضور اكبر عدد من المباريات ذهابا وايابا بغض النظر عن التكاليف أو المسافة، ويظل الولاء قائما للمجموعة المكونة. أرواح هؤلاء الضحايا تتساءل بالله عليكم بأي ذنب قتلت.. ولمصلحة من.. وما هو ثمن هذه الارواح الطيبة الطاهرة التي ضحت بنفسها في ميادين الثورة من اجل ان يعيش الوطن بحرية وكرامة وعدالة؟ ابكاني في ساعة مبكرة أمس صوت شاب عشريني اسمه هيثم هو من ابناء دار الشعراوي للأيتام.. كان قد دعاني منذ خمسة شهور لحفل زفافه علي عروسه رشا من نفس دار الايتام.. هما ممن ساقتهم ظروف الحياة ومآسيها ليكونا معا في دار الشعراوي لرعاية الأيتام.. أبكاني صوته أمس وهو يجهش ببكاء أليم: أرجوك ساعدني.. أنا امام المشرحة في بورسعيد.. رشا زوجتي ماتت وعاوزين يشرحوها.. صدمني صوته الذي حفظته من تكرار اتصاله شبه اليومي منذ دعاني لحفل زفافه.. قلت له خير يا هيثم.. ايه اللي حصل.. قال: كنا في ستاد بورسعيد امبارح.. واحد جامد وواضح انه رد سجون.. خطف زوجتي رشا من جواري في اعلي مدرج الدرجة الثالثة ورماها بايده الي تحت.. اتقطعت جثتها امام عيني.. ضربني.. وحاول يمسكني ويرميني.. جريت مع الباقي.. ومات اللي مات.. ورشا ماتت وهل حامل في الشهر الثالث.. كان نفسي تعيش .. ونجيب ولد يحمل اسمي واسمها.. كفاية اننا احنا الاثنين ما ليناش أهل.. الأهلي كان أهلنا.. وشباب الالتراس كانوا اخواتنا وبيحبونا واحنا معاهم في كل مباراة.. رشا ماتت وهيشرحوها.. نفسي يقولوا لي هي عملت إيه.. والشباب اللي ماتوا وشفنا جثثهم تداس بالأقدام ذنبهم إيه.. عملوا إيه.. رشا.. بأي ذنب قتلت هي وكل ضحايا وشهداء ستاد بورسعيد.