بالأمس، وبعد 764 عاما بالكمال والتمام مرت علي وفاة العالم الفلكي البولندي نيقولاس كوبرنيكوس، اقامت الكنيسة البولندية احتفالا مهيبا أعادت خلاله مراسم دفن هذا العالم الجليل الذي حاربت أفكاره، ورفضت نظريته العلمية التي غيرت وجه الحياة في العالم كله، والتي كانت نبراسا فيما بعد لكبار العلماء من أمثال جاليليو وكبلر، وإسحق نيوتن! لقد كانت النظرية الجديدة التي اهتدي إليها كوبرنيكوس تتعارض تماما مع نظريات أرسطو وبطليموس وكل من سبقوه من علماء ومفكرين ورجال الدين، بشكل أكثر تحديدا وخصوصية، واستطاع هذا العالم الفذ أن يتوصل إلي حقيقة حركة »الأرض« والكون، والأجرام السماوية فيما يعتبره التاريخ بمثابة ثورة علمية هائلة أطاحت بكل الأفكار والنظريات القديمة، ومهدت الطريق إلي ثورة علمية فيما يتعلق بنظرية الكون وحركة النجوم والأجرام السماوية وكانت هذه النظرية الجديدة من الأساسيات العلمية التي أثرت علي حياة الجميع، وساهمت بشكل كبير فيما حققته البشرية من انجازات في مجالات مختلفة! وبعيدا عن تلك النظرية العلمية التي يطول شرحها والحديث عن جوانبها فإننا ينبغي ان نحني رؤوسنا احتراما وتقديرا للكنيسة البولندية التي خرجت بعد كل هذه السنوات لتعترف بالخطأ الذي ارتكبته في حق هذا العالم الجليل، وتعيد دفن جثمانه بما هو جدير به من تقدير واحترام! ولكن في الوقت ذاته لا يفوتنا أن ننوه ونؤكد من جديد أهمية وضرورة الفصل بين الدين والدولة، فهذا شئ، وذاك شئ آخر يختلف تماما، ولقد كانت تلك هي العبرة والحكمة التي انتزعت أوروبا من عصور الظلام، وقادتها إلي عصر التنوير، ويالها من مفارقة صارخة ونحن الآن في القرن الحادي والعشرين، ومع ذلك نري بيننا أدعياء- ولا أقول رجال الدين الحقيقيين- أدعياء يقحمون أنفسهم في جميع أمور وشئون الحياة، ولا يخجلون من الفتوي في جميع شئون البشر ابتداء من العلاقات الجنسية بين المرأة والرجل، وانتهاء بالفن والسياسة، والاقتصاد، والحرب، والسلام.. وقل ما تشاء!!