تنسيق الثانوية العامة 2025.. التعليم العالي: هؤلاء الطلاب ممنوعون من تسجيل الرغبات    باحثة في قضايا المرأة: الفتيات المراهقات الأكثر عرضة للعنف الرقمي    الجبهة الوطنية يندد بدعوات التظاهر أمام السفارات المصرية بالخارج "لها أهداف تحريضية"    جوتيريش: ما يحدث في غزة أزمة أخلاقية تتحدى الضمير العالمي    «اللي خايف يروح».. رسالة مثيرة من رئيس قناة الأهلي السابق بعد الفوز على البنزرتي    لا مزيد من القمصان الممزقة.. هالك هوجان أسطورة المصارعة يسقط خارج الحلبة    حمادة عبداللطيف: عبدالله السعيد مكسب للزمالك.. ومن الصعب الحكم على الصفقات الجديدة    بطاقة طرد توقف مباراة الأهلي بنغازي والأهلي طرابلس وتتسبب في دخول الشرطة    موجة حارة جدًا.. بيان مهم يكشف طقس الساعات المقبلة وموعد انخفاض درجات الحرارة    الشامى يشيد بالجمهور المصرى: "شرف كبير أغنى بينكم"    الذهب يهبط وسط تفاؤل بشأن مفاوضات التجارة وتعافي الدولار    روما يوافق على رحيل سعود عبدالحميد إلى الدوري الفرنسي    نادين الحمامي تضرب موعدًا مع أمينة عرفي في نهائي بطولة العالم لناشئي الإسكواش    وزير الخارجية يختتم جولته الإفريقية بعد زيارة 6 دول    رئيسة المفوضية الأوروبية تلتقي ترامب في أسكتلندا الأحد المقبل لبحث العلاقات التجارية عبر الأطلسي    قصور الثقافة تواصل تقديم فعاليات جودة حياة دعما للوعي المجتمعي بالمناطق الجديدة الآمنة    بعد أزمة القبلات.. راغب علامة يعلن عن حفل غنائي رفقة نانسي عجرم    مشروبات طبيعية تخفض ارتفاع ضغط الدم    الجلوكوما أو المياه الزرقاء: سارق البصر الصامت.. والكشف المبكر قد يساهم في تجنب العمى الدائم    التحالف الوطني: جاهزون لاستئناف قوافل دعم الأشقاء في غزة فور عودة حركة المعابر لطبيعتها    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء.. والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    يسرى جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة وإثبات حقها فى التصرف ببيتها    زيلينسكي: أوكرانيا بحاجة إلى مزيد من التمويل لمواصلة الحرب ضد روسيا    محافظ شمال سيناء: مين يقدر يقول لأمريكا لأ؟ مصر قالت لأمريكا لأ (فيديو)    الشيوخ اختبار الأحزاب    «الجوز» ومرض السكري.. وجبة مثالية بفوائد عديدة    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    بالأسماء.. إصابة 8 عمال زراعيين في انقلاب سيارة على صحراوي البحيرة    هل يستطيع مجلس الزمالك الاعتراض على قرارات جون إدوارد؟.. سليمان يرد    حدث في 8ساعات| دخول 161 شاحنة مساعدات لقطاع غزة.. وموعد انكسار الموجة شديدة الحرارة    ضبط مواد غذائية غير صالحة وسجائر مجهولة ودقيق مهرب بالإسكندرية    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    ترامب: أُفضل الدولار القوي رغم فوائد انخفاضه لقطاع التصنيع    أنوشكا: تخوفت من فارق السن مع كريم فهمي في «وتقابل حبيب» (فيديو)    «ابتدينا» لعمرو دياب يواصل اكتساح منصات الموسيقى العربية    معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية يواصل جهودة لدعم التصنيع الغذائي في مصر    مهرجان البحرين السينمائي يكشف عن هويته الجديدة ويستعد لدورة خامسة تحت شعار قصص عظيمة    أسعار حديد التسليح مساء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    نيابة باب شرقي تطلب تحريات اتهام شخص بهتك عرض طفل في الإسكندرية    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    عامل يقتل زوجته ويدفنها خلف المنزل تحت طبقة أسمنتية بالبحيرة    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    إيزاك يتصدر الصحف العالمية بعد طلبه الرحيل عن نيوكاسل يونايتد (صور)    شرطة النقل تضبط 1411 قضية متنوعة في 24 ساعة    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    متحف الفن المعاصر بجامعة حلوان يستعد لاستقبال الزوار    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منصور حسن رئيس المجلس الاستشاري في حوار شامل مع ماما نعم الباز:
أميل إلي عدم الترشح للرئاسة وسأحسم قراري قبل اول فبراير
نشر في الأخبار يوم 22 - 01 - 2012


أحب معرفة الجذور فبدأته: مصر في طفولة منصور حسن؟
الحقيقة انا سعيد الحظ ان ولادتي ثم طفولتي كانت في اعماق مصر في الريف، وهذا لا يعني انني استنكر من ولدوا في القاهرة او الاسكندرية ولكن اشعر ان الذي يولد في الريف ويقضي فيه بدايات عمره تترك في شخصيته آثار مهمة جدا.. انا من مواليد 1937 في ابو كبير ووالدي كان تاجرا كان محدود الامكانيات في بدايته لكن كان له شخصية مميزة في البلد لانه من عائلة تحظي بتقدير كبير من اهالي البلدة، وكانوا بيقولوا علي عليتنا "دول ناس طيبين " وصفة الطيبين تعني الكثير في الريف.
سؤالي عن البعد الثقافي: بيتكم كان فيه كتب؟
لا لم يكن فيه كتب ولكن كان فيه قرآن وصلاة بصفة مستمرة، خاصة ان والدتي كانت سليلة الشيخ ابو منصور وهو شيخ طريقة مشهور في الشرقية وهو من تم تسميتي منصور علي اسمه واخي تسمي باسم ابنه عثمان كما تجدوا انتشارا لاسم منصور في الشرقية والمحافظات القريبة منها.
عن جده اضيف: وله مولد معروف؟
نعم وكان كل جمعة اهالي الطريقة يروحوا يصلوا الجمعة عنده، وحتي اليوم هناك سليلة له في ابو كبير، وحضرت مرة هذا المولد وانا طفل، وعندما خضت الانتخابات بعد ذلك.
وكل ما اود ان اقوله ان هذه الفترة مع العائلة لا شك انها جعلتني نسبيا مرموقا في البلدة، اي عندما تسير في الشارع تجد حرصا من جميع ابناء القرية علي التودد اليك ومعاملتك بلطف.. وكل هذه الحنية من المجتمع تجعلك مرتبطا بهذا المجتمع ولا ترفضه ولا تريد الابتعاد عنه وهذا فضل ابوكبير علي وفضل المجتمع الريفي علي.
ماما نعم: لذا تشكلت رؤيتك نحو العدالة الاجتماعية؟
من هنا بدأ الارتباط بهذا المجتمع وتبادل الحب وكذلك الرغبة في خدمته واعتبر ان التربية الريفية هي اساس شخصيتي كلها حيث انني مكثت في ابوكبير اول 7 سنوات من طفولتي وبعد ذلك ذهبت الي كلية فيكتوريا بالاسكندرية.
والدي تزوج وهو في السابعة عشرة من عمره ووالدتي كانت في الخامسة عشرة، وولدت في 10 فبراير وكانوا يقولوا ياليته تأخر يوما ليواكب ميلاده عيد ميلاد الملك في 11 فبراير ولم اسجل الا في 4 ابريل خوفا من الحسد.
ووالدي ووالدتي الله يرحمهما افضالهما علي لا تحصي وكذلك الامر لأهل ابو كبير، وعندما سمع والدي عن مدرسة انجليزي في الاسكندرية يدخلها ابناء الملوك والامراء والباشوات اصر علي ان يرسل ابنه الي هذه المدرسة رغم انه شخصيا لم يتجاوز الابتدائية كما انه كان من المتعارف ان التعليم في العائلات التجارية كان يقتصر علي القراءة والكتابة والحساب فقط، ولكنه اصر علي ارسالي الي هذه المدرسة بالاسكندرية رغم انه لم يخرج من الريف قبل ذلك ,وامكانياته المادية محدودة، لكنه كان يمتلك طموحا غير عاد قاده للدخول الي الكثير من المجالات وحولته من تاجر " ميني فاتورة " الي تاجر جملة كبير في الازهر نافس اليهود وشارك في تأسيس بنك القاهرة وصاحب شركات ادوية بل رأيته يتحاور مع اساتذة كلية الصيدلة كواحد من المتخصصين.
وهو صاحب عقلية فذة بشهادة كل من تعاملوا معه.. ولم يستعمل الآلة الحاسبة او دراسات الجدوي كل شئ بمخه فقط.
عن المستقبل سألته: ماذا كنت تريد ان تكون وانت صغير؟
كنت اريد ان اكون سياسيا، وهذا كان طموحي واملي، وهي موهبة يضعها الله في الانسان كالفن والموسيقي، والانسان ينميها بالقراءة، مثل البذرة التي تنمو مع الشخص.
ألم يعمل الوالد بالسياسة؟
لا لكنه كان لديه طموح كبير في التجارة لينافس داود عدس وبنزايون وغيرهم حيث كان دائما يقول لماذا يأتي هؤلاء ليبيعوا بضاعتهم عندنا ونحن لدينا القدرة علي ان نكون مثلهم.
وبعد ذلك اشتري العمارة التي بها المحل الخاص به في الازهر، وكان لديه دور شاغر في العمارة ، وجاءوا وقالوا له عايزين نفتح فرع لبنك القاهرة في الازهر، فوافق علي ان يكون شريكا لهم، واصبح عضو مجلس ادارة البنك
صدمة فيكتوريا
عن الاسرة: كم عدد اخواتك؟
عندي ثلاث شقيقات احداهن توفت العام الماضي كما اني لدي شقيق واحد.
واعود الي قرار والدي ارسالي الي مدرسة فيكتوريا بالاسكندرية والتي سمع عنها رغم وجود اعتراض من جانب العائلة خاصة المشايخ منه الذين كانوا يقولون ان هذه مدرسة داخلية تشبه الملجأ كما انها مدرسة انجليزية اي بإدارة انجليزية ليست اسلامية، يعاني هيروح يتربي عند الانجليز الخواجات، لكن بطموح والدي تغلبت علي كل هذه الاعتراضات ,لانه يثق في ان هذه احسن فرصة تعليمية بالنسبة لي، فارسلني الي هناك وكنت ابلغ من العمر سبع سنوات.
وهنا تظهر اهمية فترة تكويني بأبو كبير ,فالاسكندرية بالنسبة لابوكبير تعتبر غربة، كما ان بلدتنا لم يكن بها كهرباء ولا شوارع معبدة ولا مجاري ولا مياه عذبة كلها طلمبات فقط.. ولذلك فان رجلا يخرج من هذه البيئة يعتبر رجلا خارقا للعادة، ولذلك حصل لي نوع من الصدمة الثقافية عندما ذهبت الي مدرسة فيكتوريا بالاسكندرية تلك المدرسة التي تم تأسيسها في 1919 والتي تضم ابناء العائلات الكبري والقادمين من البلدان العربية والتي تهدف لصبغ ثقافة التلاميذ بالصبغة الانجليزية، ولان الطفل عندما يتم تأسيسه بصورة قوية وتم زراعة الجذور بداخله خاصة انك تفاجئ بهم يطلبون منك ألا تتكلم إلا بالانجليزية ولا تدرس التاريخ العربي لذلك بدأ لدي بعض ردود الافعال دفعتني للتمسك بجذوري اكثر حيث اصريت علي الصلاة والحفاظ علي لغتي العربية، حيث كنت اسلط ناس تهرب لي الجرائد العربية، واطالب بتدريس التاريخ العربي ولا نكتفي بالتاريخ الانجليزي، واقول لابد ان نصلي ونخصص ركنا في المدرسة ونؤدي صلواتنا فيه، حتي جاء اليوم الذي اتفقت فيه مع زملائي ان غدا الجمعة نريد ان نصلي الجمعة، وهو ما رفضوه بقوة بحجة انها مدرسة علمانية واذا سمحوا لنا فان اليهود سيطالبون بذلك يوم السبت وكذلك الاقباط.. ولم نقتنع برأيهم اتفقنا فيما بيننا يوم الخميس ليلا علي الخروج من المدرسة للصلاة في مسجد خارج المدرسة.. لكن الناظر كان انجليزيا خلقا وشكلا وبالعقلية الانجليزية فاستوعب الصدمة - لانه لا يتصور حدوث ذلك في المدرسة بخروج الطلبة من المدرسة لانها خرق لرسالة المدرسة - فتقبل المسألة وقرر خروج الاتوبيسات كل جمعة للصلاة لكنه قرر ان يقاطعني كل المدرسين فتصور وقع هذا علي طفل عمره 11 سنة فقد عشت في عذاب من الانجليز.
وعلي هذا الاساس عندما عدت في الاجازة الي بلدتي، تكلمت مع والدي وحكيت له علي كل ما حدث وقلت له انني غير قادر علي الاستمرار في هذه المدرسة، وكان هناك فرع آخر للمدرسة في القاهرة انتقلت اليه.
قبل ان اترك هذه المرحلة لابد ان اذكر والدتي التي عشت معها سبع سنوات في ابو كبير وكنت اذهب للمدرسة 3 اشهر واعود اقضي معها اسبوعين اجازة وعلي الرغم من صغر الفترة التي قضيتها معها لانها توفت وعمري 10 سنوات الا انني تأثرت بها جدا جدا بشخصيتها ومازالت حية في زهني وفي قلبي حيث كانت شخصية قوية، فكانت سيدة مصرية صميمة, وهي عمود العائلة ، وكنت اري رجال العائلة والدي وجدي يجلسون معها ليلا للاستماع الي رأيها، وعرفت قيمة المرأة القوية، بعكس ما يتصور البعض المرأة في الريف، فهي قوية وصاحبة قرار.
ورأيتها تخرج في الليل وترتدي الطرحة علي رأسها وتأخذ بعض الاطعمة والملابس لتعطيهم لبعض اقارب والدي اصحاب الحالات المحدودة في اطراف البلد, وتحرص علي الخروج ليلا حتي لا يراها احد وهي تؤدي الواجب.
رأيتها كانت تضع لنا الأكل علي الطبلية مع جدي ووالدي وتقف تخدم علينا مع البنات العاملات في المنزل، وبعد ما ننتهي من الاكل تجلس معهن وتأكل، وكذلك علمتني درسا ان العاملين في المنزل - اكره كلمة خدامين .
وهي دائما ما كانت تصلي كل الفروض في اوقاتها فتقريبا لم تكن تخلع جلباب الصلاة الابيض، لذلك عندما كنت ادفن نفسي في حضنها كنت اشتم رائحة صابون الغسيل اي اشتم رائحة النظافة لانها كانت تحرص علي ذلك دائما، وعندما كانت الاجازة تنتهي واستعد لمغادرة المنزل للعودة الي المدرسة مرة اخري تجدها تقف علي رأس السلم تقرأ لي قرأنا وعندما اخرج من البيت في طريقي الي محطة القطار انظر خلفي اجدها انتقلت من السلم الي شباك الدور الاول ثم بعد ان امشي قليلا اجدها انتقلت الي الدور الثاني وبعد فترة انظر اجدها علي سطح المنزل تريد ان تراني لآخر مدي وكانت تشعرني ان قلبها يريد ان يطير من صدرها حتي يسافر معي.
علاقة خاصة
ماما نعم: ياه ه ه علاقة خاصة جدا؟
علاقة اثرت في جدا.. ولا اخفي عليكي انني ساعات لا استطيع ان اغلب دموعي عندما اتذكرها وانا في عمري هذا، رغم وفاتها من 65 عاما، ومنحتني قيما كثيرة.
اسأل عن تفاصيل: ماذا عن فترة التعليم في مدرسة فيكتوريا بالقاهرة؟
انا ذهبت الي مدرسة فيكتوريا بالقاهرة ولدي قناعات ان فترة الشقاوة التي كانت في الاسكندرية انتهت وانني سأبدأ حياة جديدة بلا شقاوة ، لكنني لم استطع المقاومة، وبعد فترة قصيرة عدت لصلاة الجمعة خارج المدرسة.. وفي عام 1950 و 1951 كانت الحركة الوطنية ضد الانجليز في اوجها، وكانت المظاهرات تخرج في الشارع ضدهم، وشباب الجامعات شكلوا فدائيين لمحاربة الانجليز في القنال، ومحاربة الانجليز في هذا الوقت كانت كالحرب ضد الامريكان الآن لانها كانت القوي العظمي حينها، وهو ما يؤكد الروح في مصر كيف كانت حيث لم يكن هناك الجبن والخنوع الذي تعودناه طوال ال 60 عاما الماضية للأسف، وثورة يوليو رغم ما فعلته من اعمال مجيدة الا ان اخطر شئ قامت به انها كسرت العمود الفقري لدي المواطن المصري.
وحينها كنت اخرج من المدرسة واذهب الي مطبعة بلدي في شارع الدقي - وكان الدقي عزبة ريفية - واطبع منشورات بالعربية والانجليزية " اخرجوا ايها الانجليز القذرين ".. واعود ليلا اجمع الطلبة قبل الفجر نلصق هذه المنشورات في الفصول، ويأتي المدرسون ليفاجأوا بالمنشورات ، لديهم شكوك في لكنهم لا يتملكون الدليل ضدي.
في النهاية الناظر قال لي " روح انت مفصول"، جمعت اغراضي وركبت تاكسي من المعادي حيث مقر المدرسة الي البيت وكان يوم الاربعاء في شهر فبراير وكان والدي قد انتقل الي القاهرة بتجارته في شارع الازهر، وكان من المعتاد في هذه الفترة ان تغلق المحال التجارية من الساعة الثانية ظهرا حتي الخامسة مساء.
وصلت البيت واول من استقبلني كان والدي الذي وجدني حاملا لشنطة ملابسي ودار بيننا هذا الحوار :
قال لي: هل انتم في اجازة؟
قلت له : لا انا انفصلت من المدرسة.
وتخيلوا رد فعله .. قال لي: اتغديت؟
انظروا هذه العظمة في هذا الاب الرائع ابنه انفصل وهو في السنة الاخيرة من التوجيهية، وبالتالي مستقبله دمر واول شئ جاء في باله ان يسألني هل تناولت الغداء ام لا، في الطبيعي اي اب آخر كان قام صفعني قلمين حتي ارجع لعقلي، ده الولد مستقبله ضاع.. خاصة ان المدارس الانجليزية في هذه الفترة كانت امتحاناتها تأتي من انجلترا.
فرديت عليه قائلا: لا لسة ما اتغدتش
قال : حطوا له يتغدي. ونحن علي السفرة قال لي: ماذا تنوي ان تفعل؟
قضية مستعجلة
قلت له : انا عاوز ارفع قضية علي المدرسة؟
علي الفور اتصل بالمحامي الخاص به ورفع قضية مستعجلة، ويوم القضية فتح المحامي باب المحكمة، واغلقه سريعا وكأنه خائف من شئ ما سيختطفه.. وقال ان محامي المدرسة هو مصطفي بيه مرعي اعظم محام في مصر في ذلك الوقت وكان اسطورة ومشهورا بمرافعاته وكان طلبة كلية الحقوق يحضرون جلساته للاستماع له.. ورفض المحامي ان يواجه مصطفي مرعي وانسحب فقال له والدي ماذا نفعل؟ وبعد فترة من البحث قالوا لنا هناك محام آخر هو احمد رشدي وظللت احكي لهم وهو يستمع لي باهتمام وهو ما أعطاني ثقة في النفس وبعد المناقشات وافق علي رفع القضية.. ووقف مصطفي مرعي المشهور بالمرافعات امام احمد رشدي الشهير بالمذكرات.. مما جذب جمهورا عريضا للقضية.
بمرور الجلسات شعرت ان القاضي الذي مازلت اذكر اسمه المستشار راغب الهواري بدأ يتعاطف معي، خاصة انه يري عيل صغير والروايات والانجليز والاستعمار فبدأ يقتنع وفي النهاية اصدر حكما زي ما قيل ما يخرش المية طالب فيه بالغاء قرار الفصل من المدرسة وعودتي للمدرسة وتمكيني من الدراسة، لآن عدم وجود اي بند من ذلك كان يمكن للناظر ان يعطل التنفيذ.
بعد الحكم اصطبحت ضابطا من قسم المعادي وتوجهت الي المدرسة فقابلني الناظر الذي اتصل بمصطفي مرعي وقال له الحكم مظبوط ولا حل امامي سوي ان تغلق المدرسة علشان لا يكون هناك مدرسة تنفذ الحكم.
فقام الناظر باستدعاء اتوبيسات المدرسة وقال للطلبة روحوا لاجل غير مسمي.
وقامت كل المدارس الانجليزية في جميع انحاء مصر بالتوجه الي السفير البريطاني بالقاهرة وقالوا له انه في حال تنفيذ هذا الحكم فسوف نغادر مصر.. لاننا لا يمكننا ان نمارس التعليم في اجواء مثل هذه كيف يحصل طالب علي حكم ضد المدرسة ويرجع فكيف نؤدبه؟.. وبالفعل السفير البريطاني حينها مستر رالف ستينفنسون والذي وقع اتفاقية الجلاء مع عبدالناصر توجه الي كمال الدين حسين وزير التعليم وقال له ان كل المدارس الانجليزية ستغلق قبل امتحانات نصف العام، وهو ما يهدد مستقبل جميع الطلبة.. فتوجه كمال الدين حسين الي مجلس قيادة الثورة الذي قال الآتي نحن انهينا مفاوضات الجلاء مع الانجليز وفي انتظار التوقيع في يوليو ولا نريد اي شئ يعرقل هذا المسار، فتوصلوا الي حل ان هذا الحكم يرفع الي محكمة النقض التي تحكم بعدم السماح لي بالعودة الي المدرسة مع تمكيني من اداء الامتحان.
سياسة وتجارة وحب
وسألته: ماذا اخترت ان تدرس في الجامعة؟
بعد ان حصلت علي التوجيهية سافرت الي انجلترا والنظام هناك ينص علي ضرورة دراسة عامين من القبول قبل الدخول الي الجامعة، واتممت العامين في سنة واحدة وقلت ارجع مصر حتي ادخل الكلية الحربية لمدة عام لانني كنت اعتقد ان السياسي لابد
ان تكون لديه خلفية عسكرية.. وبالفعل التقيت باللواء محمد فوزي مدير الكلية الحرية الذي قال لي : انت جاي تخش الكلية سنة وتخرج احنا معندناش الكلام ده.. وانت مش هتنفعك الشغلانة دي روح شوفلك كلية تانية.. فتوجهت الي كلية التجارة لانها كانت تضم شعبة اقتصاد والعلوم السياسية. وبعد السنة الاولي والثانية من الكلية بدأت اخطب وكان عمري 20 سنة لانني كنت ملتزما ومتدينا ولم اعش فترة المراهقة، وطلب مني والدي ان اعمل معه في التجارة، لانني الابن الاكبر له، وانا لم اكن غاوي التجارة،
وكنت عايز ادرس علوم سياسية. وعلاقتي بوالدي لم تكن علاقة تصادمية علي الاطلاق، ولم يكن هناك اجبار علي اي شئ.
لذلك قررت ان ادرس ما اريد وان اعمل معه لحين الانتهاء من الدراسة.
اثناء ذلك اشتري شركة ادوية كبيرة في شارع قصر العيني، واعطني نفس سلطاته كصاحب شركة، اوقع علي الشيكات واتخذ القرارات، وكانت الشركة برأسين.
كل ذلك حتي يغريني علي الاستمرار في العمل معه، حتي لا يمكنك ان تترك هذا الوضع وتذهب للعمل في الحكومة بعشرة جنيهات في الشهر في الوقت الذي كان يمنحني عام 1957 حوالي 150 جنيها بالاضافة الي السيارة.. وهو ما يعادل 150 الف جنيه الآن.
وفي احد الايام عام 1958 وانا في شركة الادوية، وبعد ساعات العمل مر والدي علي في مكتبي، وجدني منهمكا في الكتابة،
فسألني : ماذا تكتب؟
قلت له :اكتب مذكرة اطالب فيها بتأميم صناعة الادوية؟
والدي لم يكن تصادميا علي الاطلاق معي، اي شخص آخر يهاجمني ويقولي انت هتخرب بيتنا خاصة انه حاطط فلوسه فيها.. لكنه قال لي بهدوء : ليه بقي ان شاء الله؟
قلت له : ان المريض الذي يطلب الدواء ليس مستهلكا، انه رجل متألم محتاج كما انه لا يختار الدواء لان الدكتور هو من يكتبه له بالاضافة الي انه لايعرف اذا ما كان يملك ثمن هذا العلاج.
اذن من يلجأ للدواء هو شخص مرغم وبالتالي اري انه لا يجب ألا يكون مصدر ربح لاحد »مجرد التكلفة الخاصة« ومن يملك هذا هي الدولة فقط، ولذلك اري ان الدواء خدمة وليس سلعة، بعكس من يذهب لشراء كرافتة او بدلة فيوجد امامه الرخيص والغالي.
فسمع والدي كلامي وتركني دون حتي ان ينهرني.. وقمت بارسال المذكرة الي الاتحاد القومي قبل الاتحاد الاشتراكي.. وفي عام 1961 صدرت قرارات التأميم ومنها صناعة الادوية، ولا اقول انهم آمموا تلك الشركات بسبب كلامي ولكني كانت لدي مشاعر اشتراكية وتعاطفي مع الناس وهو جعلني مهتم بالعدالة الاجتماعية.
وانأ اعتبر قرار والدي بإرسالي الي التعليم في فيكتوريا بالاسكندرية يفوق قرار اي والد الان حتي اذا ارسل ابنه الي القمر، لاننا رأينا القمر اما هو فلم يكن يعلم شيئا عن الاسكندرية.
هامش حرية
اسأل عن الحرية: اتعني انه كان هناك هامش للحرية في بيتكم؟
بالفعل حرية عالية من اجل بناء الشخصية، حيث لم يكن هناك قهر او غصب علي شئ، ووصل الحال بوالدي بعد ان وصلت الي الثلاثين من عمري قام بتبادل المواقع عن قناعة بحيث اصبح كل من يسأله علي شئ يقول له انتظر حتي اسأل منصور بيه.
واصبح لديه ايمان وقناعة ان هذا الولد لا يخطئ، وزرع بداخلي الثقة والقيادة.
اسأله عن اهمية أبوكبير: هل مازلت تحتفظ بصداقات من ابوكبير حتي اليوم؟
بالطبع، بعضهم توفي خاصة ان الفترة التي خضت فيها الانتخابات جددت العلاقات مرة اخري، وزملاء الطفولة في ابوكبير هم الذين ساندوني في الانتخابات، وكنا نتذكر معا الايام التي كنا نجري فيها وراء سيارة الرش واللعب في الشوارع الترابية ولعبة النوراج عندي جدي، وكنا نرتدي البيجامات المقلمة كأحدث موضة في البلدة، وكل هذه الاشياء التي ساهمت في تكوين الشخصية والتي اشعرتني انني مصري فعلا.
اسأله عن أهمية الجذور: هل تنصح الناس بالاتصال مع جذورهم الريفية؟
بالطبع، واخطر شئ الانقطاع عن الاصول لانها بمثابة التنازل عن اهم شئ في الحياة، وانا لا ازور ابو كبير علي القدر الذي اتمناه، لانني كل مرة اذهب الي هناك أجد ترحيب الناس يفوق الوصف ولا يوجد مكان في العالم يحدث فيه هذا، وانا عشت التجربتين وانا مسئول وانا خارج الحكم طوال ثلاثين عاما، وبعيدا عن الاعلام.
أطلب تفاصيل فأسأل: كيف ابتعدت فكريا عن التجارة واتجهت للسياسة؟
ابتعدت تماما فكريا ونفسيا عن التجارة، وهذه كانت حسرة والدي في الحياة، لانه كان يريد ابنه الاكبر بجواره.
واسأله: ما علاقتك بجمال عبد الناصر؟
كنت معجبا به جدا، وانا من انصار ثورة 23 يوليو ومازلت حتي الان اعتبره زعيما عظيما واعتبر ان ثورة يوليو حققت انجازات عظيمة في مصر اهمها استقلالية القرار الوطني ليس فقط في مصر ولكن في العالم العربي والعالم الثالث كله، وهذه اهم ميزات عبدالناصر.
والعامل الثاني هو تحقيق العدالة الاجتماعية، وجعلها مفهوما سياسيا لا يمكن تجاهلها.
وأسوأ نقطة عند عبد الناصر انه لم يهتم باقامة نظام ديمقراطي في الوقت المناسب وأعتقد ان هذا التوقيت هو عقب العدوان الثلاثي في 1956 بعد مرور 4 سنوات من قيام الثورة حيث كان لدينا الي حد ما ديمقراطية قبل 1952 حيث كان هناك برلمان وصحافة واحزاب اي بوادر ديمقراطية، وهو كان زعيما شعبيا، لذلك كان هذا افضل وقت له لإقامة الديمقراطية ولكن يبدو ان هذا الامر لم يكن علي باله. واعتقد ان هذه كانت ام السلبيات لانها كانت مصدر كل الفشل بعد ذلك، مجتمع غير منتم ومحروم ويخاف ينتقد السلبيات ولا يشير اليها لذلك وصلنا الي 1967.
تآخي الثورتين
وأسأله: ما هو اوجه الشبه بين ثورة يوليو وثورة يناير؟
هناك اوجه تآخ في مسألة العدالة الاجتماعية بالاضافة الي الروح الثورية، لكن هناك فارق 60 عاما بينهما لذلك لا يمكن ان نلوم علي ثورة يوليو لان ثورة يناير جاءت بعد سنوات من التجارب والخبرة البشرية لاننا اذا لم نصل الي ثورتنا هذه كانت ستكون كارثة، لاننا تحملنا المصاعب " وبننضرب علي قفانا "لاكثر من ستين عاما ومحرومين من الديمقراطية ولم »نثور«.
وأسأله: كانت لديك ميول اشتراكية؟
بالفعل كانت لدي ميول اشتراكية انسانية بحكم اختلاطي بالفقراء ومازلت اؤمن ان الفكر السياسي الذي يناسب مجتمعاتنا هو الفكر الاشتراكي الديمقراطي وكان هناك اشخاص سطحيون يقولون ان الديمقراطية تعني الرأسمالية ام الاشتراكية شئ آخر. وانا اقول ان هذا غير صحيح لان الاشتراكية نظام اقتصادي والديمقراطية نظام سياسي.. بحيث يحكم الشعب نفسه بنفسه وتكون هناك احزاب، ولكن يكون هناك اطار اقرب الي العدالة الاجتماعية ويمكن ان تكون هناك ايضا رأسمالية معها لكن تؤمن بالعدالة الاجتماعية لكنني اعارض بشدة للتطرف في الرأسمالية.
ولذلك يمكن يكون هناك ديمقراطية اشتراكية كما يمكن ان يكون هناك ديكتاتورية اشتراكية كما يمكن ان يكون هناك ديكتاتورية رأسمالية.
ولذلك هل يمكن أن يسألني احد عن رأيي في خصخصة الشركات فأقول أنا مع الخصخصة كمبدأ ولكن ليس علي اطلاقه ولكن في حدود مصلحة المجتمع، يعني مثلا في صناعة الادوية التي طلبت في الخمسينات تأميمها أري ان الدولة يجب ان تحتفظ بمصنعين أو ثلاثة وتبيع الباقي حتي يساعد ذلك في تطبيق السياسة الاجتماعية الخاصة بها ومن أجل بيع الادوية بسعر رخيص للفقراء والآخرين يبيعون الادوية للقادرين.
لاننا اذا بعنا كل المصانع فلن تستطيع الدولة ضبط الاسعار وسيفرضون اراءهم كما حدث مع صناعة الاسمنت التي تم بيع كل شركاتها عدا شركة واحدة لذا فقد تحكموا في السوق وخنقوا المجتمع بحجة اننا في سوق حر وهل يعني ذلك ان تأكل الناس بعضها.
رأسمالية بضوابط
الاخبار: اي تعني اقامة رأسمالية بضوابط؟
بالفعل، وضع الضوابط التي تستطيع الدولة من خلالها التحكم في الاسواق، دون فرض شئ علي مجتمع رجال الاعمال، فمن حقهم ان يكسبوا دون ان يغالوا ولا يدبحوا الناس، اذن الخصخصة ليست علي اطلاقها ولكن بصورة محدودة.
كما أنني اؤمن بالضرائب التصاعدية، حيث انني كمسئول لابد ان اخاطب الاغنياء، حيث لا يمكن ان النظام السابق خفض الضرائب من 40٪ الي 20٪ علي الجميع، بالفعل زادت الحصيلة ولكنها زادت لانك جرمت التهرب الضريبي، ولكن لا يمكن من يحقق ارباح 10 بلايين جنيه يحاسب مثلما يحاسب من يتحصل علي ألف جنيه، لذلك لابد من الضرائب التصاعدية، ولو قدر لي ان اكون مسئولا سأعقد جلسة مع رجال الاعمال للاتفاق علي ذلك لانني لا اريد ان يتم ذلك بالاكراه، حتي لا يحرموا المجتمع من استثماراتهم لانني مؤمن ان من حق رجل الاعمال ان يحقق اقصي ربح ممكن ماداموا يعملون ويبذلون الجهد لذلك، لكنني اقول لهم اننا خلال هذه المرحلة هناك اخوانكم في الوطن لديهم متطلبات من تعليم ومأكل ومشرب وصحة، لذلك لابد ان يكون رجال الاعمال شركاء في خدمة الناس، ولذلك اذا كنت سأفرض عليكم ضرائب تصاعدية فهذا ليس معناه إنكار حقكم، ولكننا نطلب مساهماتكم في رفع مستوي المجتمع.
ماما نعم: قلت لو قدر لي ان اكون مسئولا.. هل تفكر في الترشح للرئاسة؟
حتي الان انا اقرب الي عدم الترشح وانا أعطي لنفسي فرصة حتي نهاية يناير أو اول فبراير حتي احسم قراري.
حب استطلاع يطفو فسألته: انا اعرف ان هناك إلحاحا عليك للترشح؟
بالفعل هناك من يطلبني بالترشح لكنني لم احسم قراري.
سألته: في حال عدم ترشحك من ستختار من المرشحين المحتملين حاليا؟
قبل ان ادخل المجلس الاستشاري كنت اعلنت رأيي في المرشح الانسب، لكن بعد رئاستي للمجلس الاستشاري اصبح لزاما عليّ ان اقف علي مسافة واحدة من كل المرشحين واللي في القلب في القلب.
سألته: منزلك علي النيل.. فماذا يعني إليك نهر النيل؟
النيل كما اتذكره في طفولتي وكما هو الان بعيدا عن العمارات العالية في القاهرة، والسيارات والزحام هو الملجأ الذي يلجأ اليه الانسان عندما يبحث عن الراحة النفسية.
ويقفز دائما سؤالي عن النيل: بعيدا عن المجلس الاستشاري كيف تري مشكلة النيل؟
النيل يبدأ من منابع النيل وهي الاساس، وانا اري ان حياة مصر مرتبطة بمنابع النيل، ويجب ان تكون اولويات السياسة الخارجية ان تكون هذه المنابع لا تخرج عن سيطرتنا عبر الاتفاقات الثنائية، ويجب ان نضع نصب اعيننا ان هذه مسألة اكثر من حيوية.
واعتقد ان الازمة التي حدثت في نهاية العهد السابق ومسألة الاتفاقية الاطارية هذا وضع خطير غير مقبول اطلاقا.
سؤالي هنا من اجل القاريء: ما مهمة المجلس الاستشاري؟
المجلس الاستشاري مهمته مؤقتة ويبقي لنا حوالي 4 او 5 اشهر علي اقصي تقدير لحين تسليم السلطة من المجلس الاعلي للقوات المسلحة الي رئيس الجمهورية المنتخب، كما ان اختصاصنا يقوم علي دراسة الموضوعات المحالة الينا من المجلس العسكري ونبلغهم برأينا، بالاضافة الي اننا ندرس الموضوعات التي تهم الشارع المصري ونرسلها الي المجلس العسكري.
اي اننا لسنا سلطة تشريعية او تنفيذية، لذلك لا نناقش اي سياسات طويلة الاجل .
ولاقتراب عام علي الثورة سألته: ماذا تمثل ثورة يناير بالنسبة لك؟
بالنسبة لي كانت ثورة يناير في قلبي وعقلي لانها املي وحلمي الذي كنت احلم به طول العمر خصوصا عندما تتردي الاوضاع السياسية، وانا اقول ان هذه معجزة الهية لان المعجزة من الناحية العلمية هي الحدث الذي لا يمكن التنبؤ به، وثورة يناير لم يكن احد في العالم او في داخل مصر يتنبأ بها او بهذا الشكل، لان خلال سنوات القهر السياسي التي لم تكن خلال العهد السابق فقط ولكن امتد منذ ثورة يوليو 52، خلق مجتمع معوق سياسيا، اي القلب ينبض ولكن الجسد لا يتحرك، كما ان القهر السياسي خلق الجبن والنفاق، لاننا شعب ظل ستين عاما يستنشق حياة سياسية فاسدة مما سخط الشخصية المصرية، بصفات غير سوية ومدمرة أحيانا، لكن عندما قامت الثورة ورأينا الشباب الثوري الحقيقي الذي خرج خلال الايام الثمانية عشر الاولي للثورة صورتهم لا تفارق خيالي، كانوا بمثابة الملائكة والفرسان.
هؤلاء الشباب خرجوا بدون سلاح او حتي طوبة ولم يخربوا وواجهوا اقوي جهاز امني في الشرق الاوسط بالاصرار والعزيمة والذي اذاب الحديد، هذا الجهاز الذي يملك الطائرات والدبابات والمدرعات والاسلحة والذي تم تجهيزه لمواجهة اي احداث في مصر خلال 8 ساعات او 12 ساعة علي اقصي تقدير لكنهم فوجئوا بصمود هذا الشباب.
اذكر انه واثناء ثورات اوروبا الشرقية ظهرت نظرية سياسية بعد ان كان الفساد يستشري في اي بلد كان البعض يحاول التنسيق مع الجيش لتشجيع مجموعة حتي تقوم بانقلاب لكن النظم ادركت ان هذا الامر خطير لذلك اصبحت تسعي دائما للسيطرة عليها ,لذلك لم يعد هناك مجال لحدوث اي انقلابات عسكرية، وحينها اصبح الحل ان تخرج الناس الي الشوارع والميادين بكميات كبيرة وتصمد، وحينها الحكومات ستتصدي اليها في البداية بقوة فإذا ضربوهم ولم يعودوا في اليوم التالي فإن هذا الشعب سيظل كذلك لمدة 20 عاما اخري.. لكنهم اذا اصروا وصمدوا وفي النهاية هذه القوة ستخضع وهو ما حدث عندنا.
نص نور .. نص ضلمة
وقفز سؤالي: هل تري مصر ضلمة ولا نور؟
انا اري مصر بقلبي نور علي الآخر.. لكن حينما اراها بعقلي اجد انها نص نور ونص ضلمة وذلك بسبب تصرفاتنا معا، لان ادارتنا لانفسنا ادارة رديئة وسيئة ومتخلفة وغير اخلاقية في كثير من الاحيان.
مداخلة من أحمد عبدالحميد: خايف من 25 يناير القادم؟
لا مش خايف لعدة اسباب منطقية رغم ان البعض يقول انه ينوي القيام ببعض الاشياء ولكنني اري ان الغرض من هذا ان يخيفوا الناس من عدم المشاركة وعدم الاحتفال، لكن هناك قوي من اكبر القوي السياسية علي الساحة تتكلم بعقلية والتزام وتؤكد التزامها بالاعلان الدستوري. لان البعض يقول تسليم الحكم في 25 يناير ويسقط العسكري وانا قلت من قبل " عيب عيب " لماذا؟ انه بلا شك ان العسكري وقع في عدة اخطاء نتيجة عدم معرفته بالسياسة لكني لا اؤمن بالتفرقة بين المجلس العسكري كقائد للقوات المسلحة وبين المجلس العسكري كحاكم سياسي الان، لان هذه التفرقة مصطنعة الغرض منها استباحة المجلس العسكري وانتقاده.. وانا اقول لا انه واحد لانه هو الذي يقود الجيش ويخطط له واذا قامت المعركة هو الذي سيحارب، اذن هو جيش، وهذا ليس معناه انه فوق النقد، لكن النقد يكون بأدب واحترام وبالقدر الذي يناسب معزة الجيش لديك. واقول للشباب ارجعوا الي اهلكم وتذكروا معهم كيف اننا عندما انكسر الجيش في 67 خرجنا في الشارع حفاة نبكي كاليتامي لان الجيش هو شرفنا وعزتنا وفخرنا، كما اننا في وضع غير طبيعي وحولنا اعداء تتربص بنا وهذا الجيش هو ما نعده لمواجهتهم كيف نعده لمواجهة العدو هو مهان داخل بلده، وهذا قصر نظر ولذلك لابد من احترام الجيش ونعطيه حقه.
وانا اعرف انني عندما اقول هذا الكلام بعض الشباب يهاجمونني لكنني اعتدت ان اقول ما اقتنع به، والذي يحتمه علي ضميري. انزل ميدان التحرير وأقول للشباب تقولون يسقط العسكر فما هو البديل؟
فسألته: اذن انت ضد هتاف الشباب يسقط حكم العسكر، وما هو البديل؟
غلط غلط.. لانه من البديل الان؟ كما ان هناك شيئا اخر الان من يطلب ان يتسلم رئيس مجلس الشعب السلطة في 23 يناير، يقال ان الفترة الانتقالية امامها 6 اشهر، واناس يقولون ان العسكر لن يمشوا وانا اؤكد لكم انهم هيمشوا في أول يوليو علي اقصي تقدير وانا في رأيي ان الفترة الانتقالية لن تنتهي في يونيو انها ستنتهي في 15 ابريل مع فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية اي اننا دخلنا في مرحلة الانتخابات وستكون هناك مناظرات وبعدها سيتم تسليم الحكم في 30 يونيو اي ان المتبقي شهران ونصف فقط لماذا اذن تغيير هذا الجدول الزمني.. وهذه ستكون حركة انتقام وليست حركة إبداع.
محاولة اجهاض الثورة
مداخلة من أحمد عبدالحميد: البعض يقول ان المجلس العسكري حاول اجهاض الثورة وان يكره الناس الثورة؟
هذا غير حقيقي، وسوء فهم، ولا يجب ان ننسي ان القوات المسلحة نزلت مع بداية الثورة وانضمت الي الشعب اثناء حكم مبارك، أي ان هذا المجلس العسكري الذي اتخذ القرار كان معرضا للشنق، لكنهم نزلوا واصدروا بيانا قالوا فيه انهم لا ينوون الاصطدام مع الشعب وحموا الثوار ولم يستعملوا العنف.
وهذه الثورة لو لم تنجح كانوا سيعلقون في المشانق, ولذلك هم لم يتنكروا للثورة، ولكن حدثت وقيعة بين الشباب والمجلس العسكري.
وجدت أهمية لهذا السؤال: كيف نوصل للشارع ان العسكر سيسلمون الحكم؟
هم أكدوا انهم سيمشون وسيسلمون السلطة اكثر من مرة، وانا مقتنع ومؤمن بذلك، خاصة ان الاعلان الدستوري عندما صدر كان قد حدد 6 اشهر لتكوين لجنة وضع الدستور و6 اشهر اخري لكتابة الدستور نفسه، وخلال الفترة الماضية قالوا هذه فترات طويلة يجب ان نقصر المدد حتي ننهي المرحلة الانتقالية, وقلصوا المدد الي شهرين كما وافقوا علي تقصير مدة انتخاب الشوري لمدة
تتراوح مابين 3 اسابيع الي شهر بحيث يتم ضمها علي شهر كتابة الدستور لاتاحة الفرصة امام اللجنة لوضع الدستور. وهنا
اثير سؤال اذا ما انتهي وضع الدستور قبل انتخاب الرئيس فلا مشكلة، لكن ماذا اذا لم ينته فقالوا انهم سيسلمون السلطة
للرئيس المنتخب الذي سيبدأ باب الترشيح للرئاسة في 15 ابريل.
وانا اقول بدون مبالغة اذا جلس 2 من الخبراء الدستوريين لوضع دستور سيكتبونه في 10 ايام او 15 يوما علي اقصي تقدير.
لكني متأكد اننا في العصر الحديث يمكننا وضع الدستور خلال الفترات المعلنة خاصة لدينا خبرات دستورية عظيمة من وضع دساتير 23 و54 و71 كما لدينا العديد من الخبراء القانونيين بالاضافة الي ان كل دساتير العالم موجودة علي الانترنت.
كما ان المادة الثانية من الدستور والخاصة بالشريعة الاسلامية مصدر التشريع لا يوجد عليها خلاف حتي ان البابا شنودة قبلها وقال انه لا يقبل المساس بها، لكنه طلب مراعاة شرائعهم الدينية. واعتقد ان لجنة المائة التي ستكلف بكتابة الدستور يمكن ان
تضم 20 خبيرا دستوريا وباقي الثمانين الاخرين.. وهؤلاء العشرون خبيرا سينتهون من كتابة الدستور.
وموضوع لجنة الدستور اصبح يمثل حساسية كبيرة، خاصة ان الاعلان الدستوري قال ان مجلسي الشعب والشوري سيختارون
لجنة المائة سواء من داخل المجلسين او من خارجهما، وفي فترة معينة ظهرت تصريحات تقول اننا سنضع معايير لاختيار هذه اللجنة، وهو ما اثار الاخوان والذين اعترضوا بشدة علي ذلك.. وهو مادفعني للتصريح اكثر من مرة انه بناء علي سوء فهم اتخذوا موقفهم وابتعدوا عن المجلس الاستشاري، وحاولت طمأنتهم اننا ملتزمون بالاعلان الدستوري وان مجلسي الشعب والشوري المختصين باختيار هذه اللجنة.
وانا اعرف ان الذين يقفون في صفوف المعارضة يعارضون بشراسة لانهم لا يخضعون لاي شئ ويطالبون طول الوقت لكن عندما يصلون الي المسئولية يبدأون في الاعتدال وعندما يمارسونها يزيد اعتدالهم لانهم يرون المشاكل علي طبيعتها، ويبحثون عن معاونة الشعب والقوي الاخري وليس انصارهم فقط لذا يحاولون التوافق معهم. وانا مقتنع ان الاخوان سيكونوا عند كلمتهم ان اللجنة لن يسيطر عليها حزب واحد.
هذا السؤال مهم للشارع المصري: هل الثورة مسئولة عن انهيار الاقتصاد، ام اننا جزء من العالم الذي يعاني الانهيار ؟
لا هذا ولا ذاك، لكن كل الذي حدث اننا رغم ان ربنا اكرمنا بالثورة، لكننا لم نقم بادارة امورنا بعد الثورة الادارة الجيدة، وبالتالي دخلت بيننا الفتن وانقسمنا الي شيع واحزاب واهتممنا بالسياسة، ولم نهتم بالاقتصاد، وهذه هي المشكلة وليست الثورة السبب ونحن من فعلنا هذا بانفسنا.
البحث عن نموذج
وابحث عن مخرج وأسأله: هل هناك نموذج نتبعه للخروج من المأزق؟
لا يوجد نموذج نحتذي به لان لدينا الفكر الخاص بنا، ونحن قادرون لو تعانوا مع بعضنا البعض ان نتجاوز مشاكلنا، وازمة المجتمع الان انه اصبح في شك الي ابعد درجة.. وهذا لا يقيم مجتمعا اقتصاديا، لانه لابد من وجود حد ادني من التعاون،
ولابد ان نعرف اننا ابناء وطن واحد ولا يجب ان نخرج عن هذا المفهوم ولا يجب ان ندبح بعض.
مداخلة من أحمد عبدالحميد: من الذي يزرع الثقة مرة اخري؟
اذا ربنا اكرمنا بقيادة سياسية حكيمة، الناس تقتنع بها، وستحتاج الي جهد كبير جدا، خاصة ان الفترة الماضية وجزء من الفوضي التي مررنا بها انه لم يكن هناك حكم، مع احترامي للمجلس العسكري، لكن الحكم كان يحتاج للحزم، لان كل مجتمع به اغلبية سوية تحترم القانون ولكن هناك قلة متمردة ضد القانون.
القرية في عقلي فألح هذا السؤال: انت ابن القرية، ما الذي تحتاجه القرية لتستعيد بريقها مرة اخري؟
ان القرية تستعيد بريقها عندما تنصلح الاحوال في مصر، طالما ان هناك امورا غير سوية علي السطح، واهل مصر مختلفين
خلاف طفولي، ومصلحة البلد ليست في الحسبان فان اهل الريف سيظلوا مدمرين، رغم ان طلباتهم بسيطة.
عاش متأملا وليس مشاركا لعصر مبارك فكان هذا السؤال: ما هي ابرز سلبيات عصر مبارك؟
اثناء وجود الرئيس السابق في الحكم خلال العشر سنوات الاخيرة هاجمت نظامه بشدة بعد فترة صمت استمرت عشرين عاما لانني كنت اعتبر نفسي زميله في العمل خلال فترة الرئيس السادات وعندما تولي رئاسة الجمهورية ورغم ان مشاعره نحوي كانت سلبية لكن واجبي الوطني دفعني الا اعرقله في العمل.. لكن بعد 20 عاما عندما وجدت ان الحزب الوطني استوحش وان الحكم اصبح اكثر فسادا، قلت لابد ان اتكلم، فهاجمت النظام والحزب الوطني خاصة يوم 13 ديسمبر 2007 اي قبل الثورة بأربع سنوات، لكن اليوم لن اتحدث عن اخطاء مبارك وهو في الوضع الحالي.
الاخبار: هل نفتقد في مصر النخب؟
ان العصر السابق تميز انه لم يكن له عمق فكري وبالتالي كانت مجرد قشور افكار واتجاهات ,حيث نجده استعان برجال الاعمال لادارة الاقتصاد لمجرد انهم نجحوا في ادارة شركاتهم، وهو ما لا ينفع لان ادارة اقتصاد بلد ليس كادارة شركة، لان ميزانية الشركة مجرد ارباح وخسائر، اما ادارة اقتصاد البلد فتقوم علي العدالة الاجتماعية. ولذلك عندما جاء رجال الاعمال في الحكم حققوا معدل نمو 7 ٪ لكنه ذهب في جيوب فئة محدودة، ولم يأخذوا في الاعتبار لو لديهم نظرة سياسية ان يتم توزيع هذا المعدل الي حدما بشكل عادل يرضي الفئات. اما بالنسبة للنخبة، فاننا تصورنا خلال العهد السابق ان هناك نخبة سياسية ناضجة قادرة لكنهم بسبب القهر السياسي استخبوا في الدرة، لكن عندما جاءت الثورة وتم فتح الباب تصورنا ان تلك النخبة سيخرجون كالفرسان يصلحون المجتمع بخبراتهم لكننا فوجئنا اننا لم نجد نخبة ولم نجد الدرة. وهذه من الامور الخطيرة لاننا لم نجد النخبة، وهذا ينضم الي الاخطاء التي وقعنا فيها بعد الثورة حيث ان المجلس العسكري لم يكن حازما بالدرجة الكافية بالاضافة الي ان شباب الثورة كان لديهم سذاجة سياسية وانسحبوا من الميدان بعد سقوط مبارك وتصورا ان العهد الجديد بدأ واتجهوا لتأسيس احزاب واتحادات..لقد كان يجب ان يؤسسوا من حزب ثوار 52 يناير.. وفي رأيي كان هذا خطأ لان مكانهم مكان الثوار مازال خاليا، وانهم كانوا لابد ان يؤسسوا حزب ثورة 25 يناير ويقيموا هذا التكتل، صحيح هناك احزاب خرجت تحمل اسم الثورة
لكنهم غير موجودين لانهم اذا كانوا قد اقاموا هذا الحزب كنا سنضمن استمرار شعلة الثورة وانتقالها للشباب كما انهم كانوا سيكونون رمانة الميزان في الحياة السياسية لانهم كانوا سيكونون اكبر حزب علي الساحة حيث كل الملايين التي نزلت في الثورة كانوا سينضمون لهذا الحزب.
لا .. لميليونيات جديدة
وسؤال مهم: هل انت مع استمرار المليونيات؟
لا انا رأيي ان المليونيات مع احترامي لها حققت بعض الاغراض، لكن اساءة استعمالها يضعف من اهميتها، لاننا كنا لابد ان نحتفظ لهذه المليونيات للاهداف الكبيرة وان يكون لها مطلب واحد فقط، فيعطي احساسا ان هناك اجماعا علي هذا المطلب.
ويلح سؤال عن الاخوان: بعد النتائج التي حققها الاخوان هل سيسيطرون ام انهم سيختلطون مع باقي القوي؟
اعتقد انهم علي مستوي الحكم سيكونون اكثر اعتدالا وسيتعاملون مع الناس، اما التصور المأخوذ عنهم انهم قاسيين بالنسبة للحياة الاجتماعية خاصة فيما يخص ملابس النساء، صرحوا قائلين انهم غير منشغلين بمسائل البكيني والاخوان سيهتمون
باوضاع التعليم والصحة والاقتصاد وهذا كلام معقول ومعتدل، وانا اقول لا يجب ان يخاف احد من التيار الاسلامي. والمفروض نقول لهم مبروك علي نجاحكم ونحن مرحبين بكم ونحن سنتعاون معكم ونحن نأمل علي ايديكم خير، وكل الذي نرجوه احتراما للدستور
تحقيق حرية الفرد وكرامته وانا متأكد انكم ستلتزمون بذلك، ولكن لا يجب ان نخاف او نخون احدا.
وأسأل عن الأزهر ووثيقته: وثيقة الأزهر ودورها في تحقيق التوافق؟
بالطبع وثيقة عظيمة واساس للتوافق لكن للاسف القوي الوطنية في مثل هذه المناسبات أعطت قبولا شفويا ومجاملا
لكن لا احد يأخذ بها ويفعلها.
قلب العائلة
رجل حب أمه حتي النخاع فسألته: المرأة عند منصور حسن؟
اذا كان الرجل رأس العائلة، فالمرأة هي قلب العائلة، الذي يمد جميع افراد العائلة بالحياة وبالقوة وبالشجاعة واي رجل شجاع تعرف ان خلفه امراة شجاعة اما في صورة ام او اخت او زوجة.ان الله منح الرجل القوة العضلية لكي يمارس ما هو مسخر له في الحياة، في مقابل ذلك منح المرأة مشاعر الايثار والتضحية النهائية والمحبة غير المحدودة، لانها ستصبح أما وستراعي اطفالا. المرأة في العائلة تحمل مشاعر نبيلة ليس لاولادها فقط ولكن لكل المحيطين بها. لذلك عندما نتكلم في حقوق المرأة كيف يقول البعض انها لا تأخذ بحجج واهية، فكيف يكون الانسان اكثر نبلا واقل استحقاقا وهذا غير معقول.لو امعن الرجل في تذكر افضال امه عليه، لايقن انه من اجل امراة واحدة تكرم نساء الارض جميعا.
سؤالي من عقلي وقلبي: هل تواجه المرأة مأزقا مع السلفيين؟
لا يوجد مأزق علي الاطلاق، هذه اراء بعض المتطرفين وانا غير مقتنع انهم ضد المرأة ولا يجب ان نسوق الشائعات ضدهم.. وانا معي في المجلس الاستشاري د.عماد عبدالغفور رئيس حزب النور السلفي وهو من احسن الرجال الذين قابلتهم في حياتي ايجابي ومتعقل وليس لديه كل هذه الافكار.
انا دائما اقول ان المسألة ليست قضية المرأة وانما المشكلة في الرجل لانه عندما يولد للرجل بنت يهتم بها ويرعاها وعندما تصبح امراة ينكر عليها حقوقها.. والحركة الاجتماعية بها قدر من التخلف وتحتاج الي مزيد من العمل.
ارسم لي صورة للسادات؟
السادات شخصية فذة، وزعيم كبير، ومخه اوسع من اي حاجة، ورجل سياسي من الشارع, وضمن رجال ثورة يوليو كان هناك 2 من السياسيين جمال عبدالناصر وانور السادات.
كما كان يتمتع بذكاء الفلاحين والفهلوة المصرية بصورتها الايجابية التي تستطيع ان تحقق ما تريده بأقل امكانيات ممكنة.
وتري هذا في تحقيق استقلال سيناء مع حرب اكتوبر وروح الجيش والتسليح كما كان هناك عامل مهم جدا وهو خطة الخداع الاستراتيجي التي كان مسئولا عنها الرئيس السادات بنفسه، وهو ما يظهر ذكاء الفلاحين.
اليهود كانوا في قمة غطرستهم بعد 67 ولم يكونوا مقتنعين ان المصريين قادرون علي الحرب كأننا جثة هامدة.
وكان من مصلحتنا حيث كان سلاحنا اقل من سلاحهم ان نأخذهم علي حين غرة، لذلك وضع خطط تمويه قوية جدا، الي جانب المناورات التي قامت بها القوات المسلحة المصرية 4 مرات اقرب ما تكون الي الحرب لان اسرائيل كانت تستدعي الاحتياطي
بالكامل مما كان يصيبها بالشلل الكامل وتوقف المصانع. وفي رأيي اقوي قرار في حرب اكتوبر التمويه بطرد الخبراء الروس، هو ما اشعر الاسرائيليين اننا لن نحارب، كما اقنعت امريكا التي كانت تعترض علي تفوق السلاح الروسي علي السلاح الامريكي، وبالتالي لو رأوا خبراء روس كان الامريكان سيتدخلون، والرئيس السادات كان يريد منع تدخل الامريكان لكي لا يضيفوا الي قوة اسرائيل.
وخطة الخداع كانت من أهم الأسباب التي قادتنا للانتصار. ولكن دهاؤه ظهر بعد الحرب، لاننا بعد الحرب كنا قد حصلنا علي 14 كيلو مترا شرق القناة لان اقصي مدي للدفاع الجوي المصري حينها اي اننا كل ما حصلنا عليه بالحرب 5 آلاف كيلومتر من سيناء التي تبلغ 61 الف كيلومتر. واصر الرئيس السادات علي تحرير باقي الارض بالسياسة والمكر الفلاحي
قصة خطيرة
سألته: من هو بطل حرب اكتوبر؟
السادات والجيش بتاعه بطل حرب اكتوبر ولا يمكن التفرقة بينهما، باعتباره القائد للمعركة وصاحب قرار الحرب.
لان اتخاذ القرار له قصة خطيرة، لان الامريكان والروس اتفقوا عام 1972 علي تهدئة الوضع في الشرق الاوسط وقال حينها ان هذا معناه تجميد للوضع، وفي هذا الوقت لم يكن لديه سلاح كاف ولذا استقال الفريق صادق لانه قال للرئيس السادات لن احارب إلا بسلاح كامل، ولكن احمد اسماعيل قال لازم نحارب بأي شئ في ايدينا، لذا صدر هذا القرار الخطير.
عن اختلافه مع السادات سألته: أنت اختلفت مع الرئيس السادات بسبب اعتقالات سبتمبر؟
بالفعل اختلفت معه واستقلت بسبب هذه الاعتقالات، استمررنا ثلاث سنوات نعمل معا بمودة وثقة واحترام كامل من الجانبين لكن عندما تمت الاعتقالات لم استطع ان اهضمها وهو شعر بذلك قبل ان اقول له.
وزير الاعلام السابق كيف كان.. سألته: الاداء الاعلامي وانت كنت وزير اعلام؟
دائما الإعلام في مصر منذ ايام عبدالناصر حتي اليوم هو الابن الضال للحكومة، لان الحكومة عندما تريد ان تحبه تكرهه، وهي تحبه حتي يخدمها، وتكرهه لانه يمكن ان يتمرد عليها، ولماذا هو ابن ضال لانه مرة يكون هناك وزير اعلام ومرة نضم الاعلام للثقافة ومرة نضم الثقافة للاعلام ومرة نلغيهما معا.
سألته عن الإعلام: الا يوجد عودة الابن الضال؟
يمكن عندما ننظم هذا القطاع تنظيما جيدا، وعلينا التعامل مع هذا الابن بشرعية، وعلينا ان نعرف الهدف من الاعلام وانه خدمي وليس للحكومة، وعلينا وضع التنظيم الذي يجعل الاعلام يخدم الجماهير، عبر جهاز اعلامي منظم بواسطة العاملين فيه وفي قمته لابد من مجلس اعلي للاعلام مستقل مثل المجلس الاعلي للقضاء. وهذا المجلس ينظم الاعلام ولا يديره ولا يسيطر عليه او يوجهه، ويكون دوره الامور التنظيمية كاشارات البث وتوفير الامكانيات.. وتحتاج من ينوب عن الاعلام للتفاوض مع السلطة لا نضع وزيرا، ولكن اقرب شئ للشعب هو مجلس الشعب، اذن لجنة من مجلس الشعب هي التي تدير الاعلام وحينها الشعب هو الذي يدير الاعلام خاصة ان لدينا لجنة اسمها لجنة السياحة والثقافة والاعلام تصبح من ضمن اختصاصاتها متابعة اعمال المجلس الاعلي للاعلام. وعندئذ تكون الحلقة اكتملت بدأت باعلام يخدم الجماهير وانتهت بجماهير تحاسب الاعلام
خصخصة الإعلام
مداخلة من أحمد عبدالحميد: ما تقييمك لما يقال حول خصخصة المؤسسات القومية في الاعلام؟
عام 80 الرئيس السادات عندما قرر ان تكون الصحافة السلطة الرابعة قال نضع قانونا للصحافة واشرفت بنفسي علي وضعه بصفتي وزير اعلام، واستطعت رغم العداء الذي كان بين الصحفيين وبينه خاصة اليساريين منهم ان اجعل اللجنة التي تضع
القانون تضم يساريين وشيوعيين وهذا القانون لو تم تنفيذه كان سينقل الاعلام نقلة اخري. وكنت صاحب فكرة ان تكون مجلس الادارات والجمعيات العمومية خاضعة للعاملين وان تكون هناك مؤسسات خاصة لان الفكرة عن المؤسسات القومية انها خاسرة حتي يمكننا ان نحول هذه المؤسسات القومية الي خاصة ولكني حددت الملكية بحيث لا تزيد علي10٪ حتي لا يسيطر احد علي المؤسسة وان تكون هناك نسبة للعاملين، اما ما يخص رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير اللذين كانت تعينهما الحكومة اقترحت ان يتم انتخاب ثلاثة لكل منصب وتقوم الحكومة باختيار واحد منهم, حتي يكون هناك مشاركة بين العاملين والحكومة.
ولكن رؤساء التحرير حينها رفضوا وذهبوا الي الرئيس السادات واشتكوا، كما احتجت الهيئة البرلمانية، واحدهم قال هذا فكر شيوعي، واتنرفزت وقلت لهم لو هذه شيوعية انا اول شيوعي في مصر لكن في النهاية لم يحدث.
سؤال مستفز: كنت معارضا في 2007 هل مستعد للاستمرار في المعارضة؟
المعارض ليس معارضا من اجل المعارضة لكنه معارض للخطأ اينما كان الخطأ, فأنا في 1981 كنت معارضا لاجراء اعتقال لاكثر من 1500 شخص وكنت داخل النظام وخرجت من النظام وانا كنت علي مسافة خطوة واحدة من منصب نائب رئيس الجمهورية، وضحيت بها لانني لم اكن مقتنعا بصحة هذا الاجراء.
وفي 2011 عقب مشكلة شارع قصر العيني ونصف اعضاء المجلس الاستشاري استقالوا اعلنت انني لن استقيل حتي لو بقيت وحدي وذلك من اجل المبدأ، لانني قدرت ان الفوضي في الشارع ممتدة وان المجلس الاستشاري رغم انه ليس مؤسسة دستورية
لكنه مؤسسة سياسية لو بدأ ينفرط عقده خاصة ان الدكتور الجنزوري كان في الخطوات الاولي لتشكيل وزارته الامر الذي كان سيزيد الضغط عليه ويطالبونه بالاستقالة ايضا، مما سيؤدي الي انهيار مؤسسات الدولة وكنت احاول ان اتصدي لهذه الهجمة
علي ما تبقي من مؤسسات الدولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.