في عز أيام الثورة وفي مثل هذه الأيام تلقيت اتصالا من إحدي محطات الإذاعة في سلوفاكيا تطلب مني التعليق علي الأحداث، وسألني المذيع إن كنت أري في الدكتور محمد البرادعي رئيسا محتملا لمصر بعد رحيل حسني مبارك؟..أجبت بكل وضوح أن الرجل الذي لم يعش معاناة المصريين علي أرض الواقع لايصلح أن يكون حاكما لهم، مهما أمتلك من برامج أو علاقات دولية. لهذا السبب لم أفاجأ بقرار انسحاب البرادعي من سباق الرئاسة، فالرجل لم يألف صبر المصريين علي المصاعب وتحمل الأذي من أجل مصر التي ندعي كذبا أننا نحبها ، ولكن هذا الحب للأسف لايخرج عن كونه كلمات تلوكها الألسنة ،ثم لا نلبث أن ننسحب من ساحة المحبين من أول صفعة. لا أقصد الإساءة الي د.البرادعي لاسمح الله لكنني أرصد الواقع، فالرجل فعلا شخصية تعودت علي الاحترام في كل المحافل الدولية، ولم يتعود علي التلطيش والبهدلة يمينا وشمالا، وهو الأمر الذي يجعلني أري انسحابه طبيعيا ، وقد أكد ذلك بنفسه في البيان الذي أصدره. كلامي عن البرادعي ليس معناه أن المرشحين الآخرين أكثر صبرا علي حالة الفوضي والانفلات الاخلاقي منه، ولكن استمرارهم في رأيي مبني علي فكرة أنهم موجودون في الصورة - والسلام- يتمتعون بحالة الهيصة الإعلامية. بعد انسحاب البرادعي، لازلت علي قناعة مثل كثيرين غيري بأن المرشح الذي سيقود مصر لم يقدم نفسه حتي الآن، وإن كنت أري ملامحه قد بدأت في الظهور التدريجي ولكن علي استحياء.