د. محمد البرادعى خلال لقائه بعدد من المفكرين والإعلاميين قبل إعلانه قرار الانسحاب أعلن د. محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن نيته عدم الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة مشيراً الي انه يرفض الترشح للرئاسة أو أي منصب رسمي آخر الا في اطار نظام ديمقراطي حقيقي يأخذ من الديمقراطية جوهرها وليس فقط شكلها.وأضاف البرادعي في بيان له أمس ان النظام السابق لم يسقط مؤكداً ان الشعب سيستمر في المطالبة بحقوقه حتي يحصل عليها كاملة.وشدد البرادعي علي ان الثورة ستستمر مادام ضمير الامة حياً مشيراً الي انه سيعمل علي تمكين الشباب من المشاركة الفعالة في العمل السياسي وأن شباب مصر سوف يقودون هذه الامة نحو مستقبل أفضل وهذا نص البيان. الي أهلي الي أهل مصرتقترب ثورتنا المجيدة من اتمام عامها الأول وانتهز هذه الفرصة لأقدم خالص التعازي مرة أخري لأهالي شهدائنا الأبرار وآلاف الضحايا من المصابين اللذين بذلو دمائهم وأواحهم من أجل أن ننعم وابنائنا بمصر حديثة قائمة علي الحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية مترحماً عليهم وراجيا المولي عز وجل ان ينزلهم منازل الشهداء الأبرار. لقد خاضت سفينة الثورة طريقاً صعباً تقاذفتها فيه أمواج عاتيه وهي تعرف مرفأ النجاة جيدا وتعرف طريقة الوصول اليه، ولكن الربان الذي تولي قيادتها - دون اختيار من ركابها ودون خبرة له بالقيادة - أخذ يتخبط بها بين الأمواج دون بوصلة واضحة، ونحن نعرض عليه شتي أنواع المساعدة وهو يأبي الا ان يمضي في الطريق القديم، وكأن ثورة لم تقم، وكأن نظاماً لم يسقط. وبدلا من لم شمل الأمة في عملية سياسية منظمة ومتفق عليها، نطلق فيها الحريات ونفتح النوافذ لإدخال الهواء النقي وتطهير العقول والنفوس من مخلفات الاستبداد، ونمنح أنفسنا المدة اللازمة لنكتب فيها دستورنا معاً بأسلوب متروي بروح توافقيه تقوم علي احترام الحقوق الأصلية للانسان، وننتخب ممثلينا وقادتنا في إطار سياسي ودستوري يضمن انتخابات حرة عادلة وأيضاً ممثلة لكل طوائف واتجاهات الشعب، أدخلنا هذا الربان في متاهات وحوارات عقيمة في حين انفرد بصنع القرارات وبأسلوب ينم عن تخبط وعشوائية في الرؤية، مما فاقم الانقسامات بين فئات المجتمع في الوقت الذي نحن فيه أحوج ما نكون للتكاتف والوفاق. وتواكب مع هذا اتباع سياسة أمنية قمعية تتسم بالعنف والتحرش والقتل، وعلي إحالة الثوار لمحاكمات عسكرية بدلاً من حمايتهم ومعاقبة من قتل زملائهم وكل هذا في إطار حالة الطوارئ الفاقدة للمشروعية وغياب غير مفهوم للأمن وإدارة سيئة للاقتصاد بالإضافة لعدم اتخاذ خطوات حازمة لتطهير مؤسسات الدولة - وخاصة القضاء والاعلام - من فساد النظام السابق، أو حتي عزل رموزه ومنعهم من الاستمرار في إفساد الحياة السياسية إن العشوائية وسوء إدارة العملية الانتقالية تدفع البلاد بعيداً عن أهداف الثورة، مما يشعرنا جميعاً أن النظام السابق لم يسقط. ومع ذلك فإني لا أود أن يتطرق اليأس الي النفوس فدروس التاريخ تعلمنا ان الثورات العظيمة كلها تمر بمثل هذه الانخفاضات والارتفاعات ولكنها في النهاية تصل لبر الامان وأهم ما تحقق خلال العام المنصرم هو كسر حاجز الخوف واستعادة الشعب لإيمانه بقدرته علي التغيير وبأنه هو السيد والحاكم كما ان المشاركة بكثافة في العملية الانتخابية برغم عيوبها الواضحة يعزز الثقة في قدرة الشعب علي ممارسة الديموقراطية وحكم نفسه بنفسه. وإني علي ثقة أن هذا الشعب سيستمر في المطالبة بحقوقه حتي يحصل عليها كاملة وأدعو قوي الثورة كلها للعمل مع فئات الشعب كافة لتحقيق هذا الهدف متمسكين دائماً بسلمية الثورة فالاحتجاج السلمي هو الذي يعطي الثورة قوتها ونقاءها. إخوتي وأخواتي مواطني مصر الغالية لقد استعرض أفضل السبل التي يمكنني منها خدمة أهداف الثورة في ضوء هذا الواقع فلم أجد موقعاً داخل الإطار الرسمي يتيح ذلك بما فيها موقع رئيس الجمهورية الذي يجري الإعداد لانتخابه قبل وجود دستور يضبط العلاقة بين السلطات ويحمي الحريات، أو في ظل دستور تلفق مواده في أسابيع قليلة. وفي ضوء هذه الظروف فقد قررت عدم الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وقراري هذا ليس انصرافاً من الساحة بل استمرار لخدمة هذا الوطن بفعالية أكبر، من خارج مواقع السلطة ومتحررا من كل القيود. لقد قلت مراراً أن هدفي هو مساعدة أهل بلدي علي إعادة بناء مصر التي ننتمي إليها ونفخر بها، وليس تحقيق مصلحة شخصية بل إني تحملت الكثير من الإساءة والكذب والتدني الخلقي، قبل قيام الثورة وبعدها، من جانب نظام ترتعد فرائضه من قول الحق، أخذاً علي نفسي عهداً ألا ألتفت لهذه الإساءات وأن أركز جهدي علي ما فيه المصلحة العامة لكني أكدت ومنذ البداية أن ضميري لن يسمح لي بالترشح للرئاسة أو أي منصب رسمي أخر إلا في اطار نظام ديمقوقراطي حقيقي يأخذ من الديمقراطية جوهرها وليس فقط شكلها. إن الثورة تعبر عن ضمير الأمة الذي انتفض، وليست مرتبطة بشخص وفي حين ان كل الأشخاص الي زوال فإن الثورة ستستمر مادام ضمير الأمة حياً لقد قلتها منذ عامين وأكررها الان: إن الذي سيعيد بناء هذه الامة هم شبابها، الذين لم يلوث ضميرهم فساد النظام وأساليبه القمعية هؤلاء الشباب هم الحلم وهم الأمل، ولذلك سأستمر في العمل معهم خلال الفترة القادمة، وسط جماهير شعبنا، لتمكينهم من المشاركة الفعالة في العمل السياسي، كي يتولوا زمام أمور مصر ومقدراتها في المستقبل القريب ويحققوا أهداف الأمة كلها: الحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية - إني علي ثقة من أن شباب مصر، ومعهم كل من يؤمن بهم وبأهدافهم، سوف ينجحون، بفكرهم الجديد المجدد، وسوف يقودون هذه الأمة نحو مستقبل أفضل، وسيكون ذلك خير تكريم لمئات الشهداء وآلاف المصابين الذين قدموا أنفسهم فداء لمصر وشعبها. عاشت مصر بشعبها حرة أبية.