لا هم حفروا بحيراته.. ولا شقوا مساره.. ولا هم انزلوا المطر.. ولا مصر شقت النيل.. لا فضل لهم ولا لنا في مصادر مياه النيل او مجراه.. ولكنها هبة الله من مياه الامطار والطبيعة التي كونت بحيراته ومنابعه وشقت مساره منذ 8 ملايين عام.. هكذا النيل موجود قبل ان يولد البشر.. لا في دول المنبع أو دول المصب.. وعندما تدخل البشر في تنظيم شئون الحياة ومنذ العصور القديمة في بلادنا وبلادهم.. كان النيل هكذا ملكا للجميع.. لا هذه حصتي ولاتلك حاجتي.. حسبما الطبيعة تصب المياه.. وحسبما تجري بها. فالحديث عن حقوق شرعية لمصر، ليس من بداية الحضارة والتاريخ منذ الالف الثالثة قبل الميلاد ولكنها منذ الازل من ملايين السنين وليست هذه حججا منا لتأكيد موقف او اكتساب حق.. ولكن هذا ما قالته الوثائق والادلة قبل اختراع الكتابة.. فهو حق نحتته الطبيعة علي الحجر وحفرت خطوطه ومساراته وفروعه في حدود جغرافية علي طول ستة آلاف كيلو متر. وعندما تكونت مصر الحضارة وعرف الفراعنة إلها لكل شيء في حياتهم، كان لكل إله معبد وكهنة إلا »حابي« إله النيل، فمصر كلها معبده والمصريون كلهم كهنته. وفي الموروث الشعبي والعقائدي الذي استمر المصريون يحتفلون به حتي بناء السد العالي. ليلة النقطة يوم بداية فيضان النيل. وهي أول نقطة دمعة من عين ايزيس علي زوجها أزوريس وتصعد دموعها الي السماء ثم تفيض بها السماء علي الارض مكونة النيل. وذلك حسب المحاضرة الرائعة التي القاها الدكتور أحمد سعيد استاذ الاثار بجامعة القاهرة في المتحف المصري. وعندما تدخل انسان العصر الحديث في ادارة الطبيعة كان هذا هو حق مصر الطبيعي سواء في اتفاقيات دولية او اعراف قانونية او معاهدات ثنائية بين مصر ودول حوض النيل.. وعندما احتدم الخلاف الجاري حاليا كان اسوأ ما فيه تكرار لهجة المهاترات وتوجيه الاتهامات، في جهل بالقضية او فرصة للاختلاف والمعارضة بيننا.. اننا اختفينا من الساحة الافريقية ولم يعد لمصر وجود سياسي او اقتصادي او دعم افريقي.. فحدث ما حدث.. في تعميم خاطيء بعيد عن الموضوعية في وصف الموقف او مسبباته.. فماذا يعني الوجود المصري.. هل المطلوب منا ان نرسل ابناءنا بسلاحهم لمناصرة قبيلة ضد اخري.. ام نوقف برامج التنمية المصرية لنوجه كل اموالنا الي تنمية افريقيا ودول حوض النيل، وماذا تستطيع مصر ان تقدمه اكثر مما تقوم به في اطار التعاون بين دول حوض النيل، مصر التي تقدمت بمشروعات التعاون عام 46.. لتخزين المنسوب الزائد في بحيرة فيكتوريا، ومصر التي اسست مجمع الاوندوجو عام 38 لمشاركة البرنامج الانمائي للامم المتحدة في مشروعات حوض النيل.. ومصر التي اسست لجنة التعاون الفني عام 89.. ومصر التي اطلقت مبادرة حوض النيل عام 99، لمشاركة الدول المانحة والبنك الدولي في مشروعات تنموية من كهرباء وزراعة ومياه لجميع دول الحوض.. ومصر التي تشارك بأكثر من 0055 مصري في قوات حفظ السلام بافريقيا.. مصر.. التي دربت 0028 »مجانا« من الكوادر الافريقية في جميع المجالات.. مصر التي اوفدت 0017 خبير في منح لدول الحوض تكلفتها سنويا 81 مليون دولار.. مصر التي انشأت العديد من المشروعات التنموية والمدارس والمستشفيات.. مصر التي تخصص سنويا ما لا يقل عن 005 مليون جنيه مساعدات مادية وفنية.. مصر التي استضافت ونظمت علي مدي 5 سنوات ما لا يقل عن مائة مؤتمر متعددة الاهداف والمستويات، وغيرها.. وغيرها الكثير.. فماذا يعني التواجد المصري حسبما يردد البعض هذا.. ان لم يكن مطلوبا منا استعمار افريقيا وحتي نتأكد جميعا ان القضية مفتعلة سياسيا.. يجب ان نعلم ان كمية مياه النيل سنويا 0661 مليار متر مكعب تحصل مصر والسودان منها فقط علي 5٪ بواقع 48 مليار متر مكعب وجميع دول المنبع تستفيد منها فقط بنسبة 5٪ والباقي يضيع هباء.. فهل هم في حاجة الي كميات مياه اضافية ام في كيفية الاستفادة مما هو موجود!