لا شك أن الوضع الاقتصادي في مصر يسوء يوماً بعد يوم.. ولا شك أيضاً في أن الناس جميعاً توجه إلي الثورة والذين قاموا بها والذين يصرون علي استمرارها المسئولية عن هذا التدهور. كل يوم نسمع شكاوي وصرخات من مواطنين يعانون.. إما أنهم فصلوا من عملهم.. أولا يجدون عملاً أصلاً.. أو توقفت أعمالهم بصفة مؤقتة.. أو انخفضت دخولهم بشكل ملحوظ. كل يوم نقرأ عن عشرات أو مئات أو ربما آلاف المصانع والورش والمنشآت الاقتصادية قد توقفت عن العمل.. ومئات الشركات قد أعلنت إفلاسها وانسحابها من السوق.. وعن انهيار في البورصة وخسائر قاربت 002 مليار جنيه في عام واحد. الحقيقة أن الثورة قد تكون مسئولة عن هذا الوضع من حيث الشكل.. أي ما أعطته للناس والمستثمرين المصريين والعرب والأجانب من إحساس بعدم الاستقرار.. وهذا طبيعي في كل الثورات أو في كل التحولات التي جرت في العالم.. ولكن الدنيا تعرف أن حالة عدم الاستقرار هذه هي حالة مؤقتة سرعان ما تزول.. ويعود الاستقرار.. لكن الثورة ليست مسئولة عن تدهور الوضع الاقتصادي في مصر من حيث الموضوع.. لأن الثورة لم تفعل شيئاً سوي أنها أوقفت الفساد وأوقفت الحركة المشبوهة لرؤوس الأموال.. وأوقفت الاستثمار في المجالات التي كانت لا تخدم في الحقيقة الاقتصاد المصري. الاقتصاد المصري طوال سنوات طويلة كان يعتمد علي الفهلوة وليس علي الإنتاج الحقيقي.. ولا يمثل الإنتاج الفعلي سوي ربع حجم الاقتصاد أما الباقي فكان سمسرة وعمولات وموبايلات وأكل وشرب وملء وقت الفراغ الذي قد يمتد اليوم بطوله.. والمسئول عن هذا هو النظام السابق.. الذي شجع هذا الأسلوب في الكسب وأكل العيش.. بيع أراض وتسقيع أراض وشقق، مضاربة في البورصة وتجارة في الممنوعات والهيافات لدرجة أن الذين يعملون بجد كانت رواتبهم ضئيلة في مقابل رواتب أو دخول تجار الفهلوة والهمبكة. النظام السابق كان مسئولاً عما نعيشه اليوم.. وسأتحدث لاحقاً عن مسئولية النظام الحالي.