ونحن نودع عام 2011.. لن نتردد في إعتباره عاما مهما بكل المقاييس .. فكم من الأحداث المثيرة كانت نتاج هذا العام المميز.. الذي شهد سقوط دكتاتوريات كبري لم يعتقد أكثر الناس أنها ستسقط في يوم من الأيام .. من تونس التي توجت ثورتها علي نظام ديكتاتوري فاسد برئاسة وحكومة جديدة.. إلي مصر العظيمة التي قدمت أروع ثورة في التاريخ الحديث.. إلي ليبيا التي تخلصت من دكتاتور مجنون.. وحتي اليمن التي توشك أن تتخلص من إرث حاكم كذاب فاسد أهلك الحرث والنسل.. وحتي انفجار الثورة السورية الرائعة التي قدمت من ألوان البطولة ما يعجز القلم عن وصفه.. وتوشك أن تكلل مسيرتها بالإنتصار.. هو عام رائع بكل المقاييس لن يقلل من روعته موتورون يستكثرون علي هذه الأمة أن تثور وتنتصر.. فيمعنون فيها تشكيكا.. وينسبون ثوراتها الرائعة إلي مؤامرات خارجية من شتي الألوان.. من كان يصدق أن عاما واحدا سيشهد كل هذه البطولة وكل هذه الإنتصارات.. ولو توج العام بإنهيار نظام الأسد لكان أكثر روعة.. لكن الحدث السوري يبقي بالغ الأهمية في تقييم هذا العام.. لاسيما أن أكثر من 5 آلاف شهيد ومئات الآلاف من المعتقلين والجرحي لم يتمكنوا من دفع الناس نحو التراجع.. بل زادوهم إصرارا علي الإنتصار.. إنه تاريخ سيكتب بحروف من نور.. تاريخ تابعته شعوب العالم بأسره.. فكان أن أدركت أن علي هذه الأرض شعوب رائعة تنتمي إلي أمة عظيمة لا تستكين للظلم والطغيان.. لقد أدرك العالم أن هذه الأمة التي أذلت أمريكا في العراق.. وأربكت دولة تسندها القوي الكبري هي الدولة الصهيونية.. فيما تمكنت من الإطاحة بأنظمة مدعومة من الخارج.. هي أمة تستحق الحياة وتستحق الحرية.. من كان يعتقد أن الثائر العربي سيصبح مصدر إلهام لشبان يحتجون في نيويورك ولندن وسائر العواصم الغربية؟ من كان يعتقد أن ميدان التحرير سيصبح مصدر إلهام لحالة تحررية ترفض هيمنة الغرب وإمبرياليته ورأسماليته المتوحشة؟! لا ننسي من أحداث هذا العام صفقة شاليط التي كانت عنوان إذلال للعدو الصهيوني.. ولا ننسي أن فلسطين قد ألهمت الشارع العربي.. وقدمت أروع نماذج التضحية والبطولة منذ الإنتفاضة الأولي.. وحتي إنتفاضة الأقصي التي كانت علامة فارقة في التاريخ العربي ألهمت شبانه نموذج المقاومة والإستشهاد.. نعم.. كانت فلسطين مصدر إلهام الربيع العربي.. صحيح أنها تعيش فترة بائسة في ظل قيادة ترفض المقاومة وتعيش علي فتات العدو.. لكن ذلك لا يغير في حقيقة أنها كانت الرائدة في الميدان.. وهي التي سيكون الربيع العربي مقدمة لتحررها الكامل من دنس الإحتلال.. وقبل ذلك من نماذج صنعها المحتل علي عينه وعين من يدعمونه.. بالطبع شهد العام جملة من الأحداث المهمة الأخري علي تفاوت في أهميتها وتقييمها مثل الإحتجاجات في البحرين والأردن والمغرب.. وإنفصال جنوب السودان واغتيال الشيخ أسامة بن لادن.. وفضائح ويكيليكس ومظاهرات احتلت وول ستريت.. سنظل نتذكر هذا العام الرائع ما بقي لنا من عمر وحياة.. لكن التالي بعده سيكون أفضل من دون شك.. وسيتكلل هذا الربيع بتغير شامل في منظومة المنطقة داخليا وخارجيا.. وستخرج من رحم هذه الثورات أمة عربية تقترب من الوحدة بعد إنجاز التحرر من الأنظمة الفاسدة.. لن يتم الأمر بيسر وسهولة.. فالمخاضات التاريخية الكبري لا بد أن تنطوي علي الكثير من الألم.. لكن الجنين سيخرج رائعا بإذن الله.. سلام علي شهداء الأمة ومعتقليها وجرحاها ومعذبيها.. والخزي والعار للقتلة والفاسدين وأبواقهم.. وكل عام وأمتنا العظيمة بألف خير.!