ليس للعيد في ديننا صلة بالأحداث السياسية.. ولا حتي غير السياسية.. صحيح أن الحدث العام غالبا ما يلقي بظلاله علي العيد.. لكن العيد يبقي عيدا لأنه مرتبط بطاعة الصيام في عيد الفطر.. والحج وتقديم الأضاحي في عيد الأضحي.. ذلك أن الصائم الذي أمضي شهرا كاملا في الصيام والقيام لا يمكن ألا أن يشعر بالفرح لأن الله أكرمه بذلك.. علي أمل أن يبدأ محطة جديدة من الخير والعطاء.. وكذلك حال الحاج أو من دأب علي تقديم الأضحية وتعظيم شعائر الله في العشر الأوائل من ذي الحجة.. في هذا العام يحل عيد الفطر بعد مسلسل أحداث بالغة الأهمية بالنسبة لنا كأمة عامة.. وكمصريين خاصة.. بدأت بإنتصار ثورة تونس.. وبعده إنتصارنا الأروع في ثورة مصرية ناهضة.. ثم كان لنا أن نشهد خلال شهر رمضان سقوط طاغية مجنون جعلنا نعيش فرحة مضاعفة.. بينما الأنظار مصوبة طوال الوقت إلي الإنتفاضة السورية التي لا تزال تمنحنا الكثير من الثقة بالإنتصار المقبل إن شاء الله.. فضلا عن الثورة اليمنية باصرارها الرائع علي الانتصار.. من المؤكد أن ما جري لم يكن بأي حال من الأحوال عاديا.. فالأمة خلال هذا العام إكتشفت ذاتها وأسرار قوتها.. وتأكدت أن بوسعها أن تهز أركان أنظمة إعتقدت أن لا راد لقضائها.. وأن بوسع أصحابها أن يورثوا السلطة لأبنائهم إلي يوم الدين.. كل ذلك يجعل عيد الأمة هذا العام مختلفا.. ويجعل الفرحة فيه أكبر بكثير.. صحيح أن المشهد اليمني لم يتوج بإنتصار إلي الآن.. وصحيح أن الثورة السورية لا زالت تبذل التضحيات في مواجهة نظام دموي.. وصحيح أن سفينة الإصلاح لم تتقدم في عدد من الدول العربية.. لكن ما جري يبقي عظيما بكل المقاييس.. ولا قيمة لمن يفسدون الفرحة بحديث الثورات التي لم تكتمل لأن تغيرات تاريخية من هذا النوع لن تستقر كما نريد من دون عناء وتضحيات.. نشعر بالفخر ونشعر بفرحة العيد هذه المرة.. لأننا نشعر أن نسائم الحرية بدأت تهب علينا وتملأ أنفاسنا.. صحيح أن العراق لا يزال محتلا.. وفلسطين لاتزال تعيش قهر الإحتلال.. وكذلك حال أفغانستان.. لكننا واثقون من أن مشروع الإحتلال فيهما قد فشل فشلا ذريعا.. لسنا خائفين علي فلسطين من النسيان وسط انشغال الأمة بالتخلص من طغاتها.. علي العكس نشعر أن الربيع سيزدهر في فلسطين.. وسيكون ختامه هناك.. لأن الأمة حين تستعيد قرارها ستكون أكثر قدرة علي إنزال الهزيمة النهائية بالعدو الصهيوني.. عيد مميز هذا العام.. وندعو الله ألا يحل عيد الأضحي إلا ونكون قد تخلصنا من طاغية آخر.. والأمل أن نتخلص من طاغيتين وليس واحدا فقط.. بينما ندعو الله أن يأتي رمضان القادم وسط أجواء أكثر روعة تتمثل في إنتفاضة عارمة في فلسطينالمحتلة تتوج ربيع الثورات وتفتح باب النصر والتحرير علي مصراعيه.. تقبل الله طاعتكم وكل عام وأنتم بخير.