أستطيع علي ضوء التخبط والتصريحات المتضاربة لبعض رموز التيارات الإسلامية الفائزة في انتخابات مجلس الشعب.. ان اقول ان صناعة السياحة في طريقها لتصبح في مهب الريح. ما يفهم من هذه التصريحات ان السياح الذين كنا نستقبلهم من الخارج وبلغوا 41 مليون سائح عام 1102 سوف تخضع حرياتهم الي التضييق والقيود وهو الأمر الذي من المؤكد انه لن يناسب عقائدهم وقيمهم وتقاليدهم. وباعتبار ان السياحة تستهدف في حد ذاتها استمتاع السائح باجازته دون أي منغصات. لا جدال ان هذا حقه الذي يدفع مقابله من ماله وبالتالي فإن عدم صيانة هذا الحق والحفاظ عليه سوف يدفعه إلي اختيار المكان الذي يوفر له هذه الخدمة وفقا لهذه الثوابت وعلي اساس ان ما بين »البائع والشاري يفتح الله«. ان هذا الحق يجب ان يكون مكفولا لهذا السائح وعلي أساس أن ممارسته لحريته وحقوقه في الاماكن التي يتردد عليها لايعني التناقض مع ما يتطلبه الاحترام الكامل لقيمنا وعاداتنا .
في هذا المجال وحتي تكون الامور واضحة تماما فيما يتعلق بصناعة السياحة في مصر لابد ان اشير الي ان الاستثمارات الوطنية في أنشطتها وغالبيتها مملوكة لمسلمين تقدر بعشرات المليارات من الجنيهات.. بينما وصل العائد الذي حققته للخزانة المصرية بالعملات الحرة الي 5.21 مليار دولار عام 0102. ان احدا لا يمكن ان ينكر مساهمة السياحة في حل مشكلة البطالة بإتاحة فرص عمل مباشرة تبلغ 5.2 مليون وظيفة بالاضافة إلي ما يقرب من 6 ملايين فرصة عمل غير مباشرة من خلال الانشطة التي تتصل باحتياجاتها وخدماتها. وبناء علي هذه الاحصائيات الموثقة فإن هذه الصناعة تساهم في الناتج القومي ب21٪.. وهو ما يجعل منها ركيزة اساسية لاقتصادنا القومي ولجهود الارتفاع بمستوي الدخل والمعيشة للمواطنين.
كل هذه الحقائق المتعلقة بمستقبل السياحة.. صناعة الامل في مصر كان محورا للنقاش في البرنامج الذي قدمه الزميل الإعلامي خيري رمضان في قناة سي بي سي والذي كان اطرافه الهامي الزيات رئيس اتحاد الغرف السياحية والدكتور محمد ابو حامد النائب بمجلس الشعب عن دائرة قصر النيل والمهندس محمود فتحي عن حزب الفضيلة السلفي. في اطار هذا النقاش استطيع ان اقول ان الزيات وبخبرته التي تمتد لعشرات السنين في الانشطة السياحية وكذلك باستثماره لميوله الثقافية وقراءاته كان محاميا بارعا في الدفاع عن صناعة السياحة وما قدمته لمصر وما يمكن ان تقدمه للاقتصاد القومي. قال ان الذين يتحدثون عن فرض القيود علي السياحة لابد وان يدركوا التداعيات الاقتصادية والمتمثلة في التدمير الذي سوف يلحق بمشروعات تكلفت المليارات من الجنيهات ناهيك عن الملايين من فرص العمل التي كان لها دور في مواجهة غول البطالة.
أوضح رئيس اتحاد الغرف السياحية ان السائح ليس مجبرا علي زيارة مصر في ظل هذه القيود وانه سوف يتجه إلي أي مكان اخر يحترم قيمه وخصوصياته ومتطلباته التي لا يمكن بأي حال القول انها تتعارض بشكل عام مع قيمنا. ان البديل في حالة الاخذ بهذه القيود هو بيع الاستثمارات المصرية الي الاجانب او تحويلها الي مستعمرات تخدم فيها العمالة غير المسلمة وغير الخاضعين لهذه القيود وبالتالي نتنازل عن الملايين من فرص العمل التي يشغلها المصريون المسلمون. وقال ان علينا ان ننظر الي تجارب انظمة اسلامية اخري مثل تركيا وماليزيا حيث انها لا تأخذ بأي قيود بالنسبة للانشطة السياحية.
واستشهد الدكتور محمد أبو حامد النائب بمجلس الشعب الجديد بالعديد من الآيات القرآنية والاحاديث النبوية التي تؤكد انها لا تؤيد هذا التشدد في فرض القيود التي يمكن ان تقضي علي صناعة السياحة في مصر. وقال ان ما يمكن القبول به في مصر هو اقامة دولة مدنية بمرجعية دينية حيث ان الدين الاسلامي لم يعرف ما يسمي بالدولة الدينية. وقال ان علينا الاستناد إلي اجتهادات ائمة المسلمين ومنهم علي سبيل المثال ما جاء من جانب الشيخ محمد عبده والكثيرين من المجتهدين. أكد ان الدين الاسلامي ووفقا لما جاء في القرآن الكريم هو رحمة للعالمين وما تضمنته شريعته السمحاء. وجاء دور المهندس محمود فتحي ممثل التيارات الدينية الذي أشار إلي ان هذه القيود التي سيتم فرضها علي السياحة والسياح سوف تتم بالتدريج وانه يمكن الاعتماد علي السياحة الاسلامية القادمة من الدول العربية والخليج هذه السياحة لا تمثل اكثر من 02٪ من عدد السياح الذين تستقبلهم مصر انه لم يستطع ان يرد عما سوف يتم بالنسبة للاستثمارات في المشروعات السياحية بعد الانحسار الذي سوف تشهده السياحة في مصر. ليس هناك ما يقال سوي.. لك الله يا سياحة مصر!!
