إذا ما ألقينا نظره سريعة علي الساحة السياسية في ظل ما هو قائم الآن، لوجدنا صخباً مشتعلاً، بين جميع القوي، والتيارات، والأحزاب، والجماعات، والائتلافات، والنخب السياسية، حول مسألتين أو قضيتين أساسيتين، تشغلان المساحة الأكبر من الأخذ والرد بين الجميع،..، أولهما: الالتزام بخارطة الطريق، والبرنامج الزمني المعلن لتسليم المسئولية والسلطة من جانب المجلس الأعلي للقوات المسلحة، الي إدارة مدنية منتخبة، أو التبكير في ذلك الموعد ما أمكن، أخذاً بما هو مطروح من مبادرات من البعض، وما يدور من مناقشات وآراء في هذا الشأن. أما الثانية فهي مسألة أو قضية التركيبة المتوقعة لمجلس الشعب القادم، التي وضحت معالمها، وتحددت صورتها، أو كادت، في ظل النتائج التي أسفرت عنها المرحلتان الأولي والثانية للانتخابات، والتي أكدت بما لا يدع مجالا للشك استحواذ حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان، وحزب النور السلفي علي الغالبية المطلقة من المجلس، وما يعنيه ذلك من دلالات يتحسب لها البعض، وتثير المخاوف لدي البعض الآخر. وإذا ما دققنا النظر في المسألة الأولي، لوجدنا أن هناك العديد من الآراء، والكثير من الرؤي في شأنها، حيث يطالب البعض بضرورة الإسراع في تسليم السلطة والمسئولية من المجلس العسكري الي إدارة مدنية في القريب العاجل، بغض النظر عما إذا كانت هذه الإدارة منتخبة أو غير منتخبة، ومتوافق عليها، أو غير متوافق عليها، وبغض النظر أيضا عما إذا كان ذلك متفقاً، أو متعارضاً مع الشرعية الدستورية، القائمة علي الإعلان الدستوري، المعمول به حاليا، وبغض النظر كذلك عما إذا كان هذا سيؤدي الي الاستقرار أم سيسقط الدولة في دوامة الفوضي، ويوردها موارد التهلكة. ورغم ارتفاع صوت المطالبين بذلك، سواء في ميدان التحرير أو الفضائيات، وبالرغم من الرفض القاطع لهذا الطرح من جانب الجموع التي تحتشد في ميدان العباسية، إلا أن هناك عدة حقائق تفرض نفسها في هذا الخصوص، ولابد من وضعها في الاعتبار بغض النظر عن الأسباب والذرائع التي يبديها هذا الطرف أو ذاك. الأولي: أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة هو أكثر الأطراف رغبة، في تسليم السلطة والمسئولية، الي إدارة مدنية منتخبة من الشعب، انتخابا حراً ومباشراً ونزيها، وهو الأكثر طلبا للإسراع في هذا ما أمكن، حتي يتفرغ لمهمته الأولي والأساسية والدستورية وهي الحفاظ علي أمن الوطن وسلامة أراضيه وحدوده ضد جميع القوي المتربصة به. ونواصل غداً إن شاء الله.