إذا احترقت الكتب عمدا، يصبح سهلا ومتوقعا ان تلتهم النيران أي شيء، من اللحظات الموجعة، المؤلمة في تاريخ مصر الحديث، احتراق المجمع العلمي المصري، في حريق القاهرة خلال يناير 2591 لم تستهدف المراكز الثقافية والعلمية، في ميدان الأوبرا لم يمسها نيران رغم احتراق السينما والمتاجر الكبري المحيطة بها. ضرب الصروح الثقافية الكبري خاصة تلك التي تمثل ركائز الذاكرة الوطنية في منزلة إعلان الحرب علي التراث. علي الثقافة المصرية. المجمع العلمي رمز كبير، ليس لأنه يحوي النسخة الأصلية من كتاب »وصف مصر« إنما يضم نفائس لا تقدر بقيمة مادية، حوالي مائتي ألف كتاب نادر، وآلاف الخرائط والوثائق، بمجرد بدء الاضطرابات كيف لا يتم تأمين هذه الصروح، الجمعية الجغرافية المجاورة للمجمع، المتحف المصري أهم متحف في العالم، اليوم المجمع العلمي وغدا المتحف المصري، ثم بقية الصروح الثقافية، ستظل الاسئلة بلا أجوية، علامات استفهام معلقة، من الطرف الثالث في أحداث ماسبيرو، من خطط للهجوم علي أهالي المعتصمين في نوفمبر من خطط لحرق المجمع العلمي؟ هذا حريق مدبر، مخطط له، اندلاع النيران من جميع النوافذ، السرعة التي انتشرت بها، انهيار المبني، هذا عمل محكم التدبير، من قام به؟ احراقه يعني سقوط جزء أساسي من ذاكرة الدولة والأمة، إذا كانت الدولة قد دخلت مرحلة الفراغ الأمني، بحيث لا تقوم مؤسساتها المتخصصة في التنمية لما يمكن ان يحدث وكيفية حدثه والوقاية منه، أو تعقب الجناة، نريد أن نعرف بالتحديد: من الذي خطط ونفذ لإحراق المجمع العلمي؟، كشف هؤلاء قد يقي صروحا أخري من الدمار في الأيام المقبلة، ان الدولة المصرية تترنح، وقد طال الأمر آخر مؤسسة متماسكة فيها، حيث تتصدر الصحف العالمية الآن جنود الشرطة العسكرية وهم يسحلون فتاة عارية، لكم حذرت من عدم دفع قوات الجيش إلي التصدي للمواطنين المدنيين، ألا يوضع الجيش في مواجهة شعبه، هذا ما كان يجب أن يحدث أبدا، كيف لا تدبر حراسة للمراكز الثقافية تدفع عنها تلك الأطراف الخفية التي لا يكشف عنها الستار، مع ان فضحها فيه الوقاية للمصائب العديدة التي تلوح في سماء الوطن.