من توابع أي ثورة خاصة في شهورها الأولي -أن الثقة تهتز وقد تضيع بين أطراف عديدة، والأمثلة من واقعنا كثيرة- لكن أبرزها يتمثل في فقدان الثقة بين الشعب والشرطة نتيجة لما حدث من تجاوزات بلغت حد العنف الدموي ضد المتظاهرين في ميدان التحرير وغيره من ميادين الثورة في مختلف المحافظات، الي جانب اختفاء رجال الشرطة من الشوارع مع ظهور البلطجية والمساجين الذين فتحت لهم أبواب السجون. وكان من المستحيل أن يستمر هذا الوضع السييء الذي يلقي بظلاله الكئيبة علي مناحي الحياة بفقدان الاحساس بالأمن، وانهيار السياحة، وهروب الاستثمارات، ولذلك رحبنا بما أعلنه وزير الداخلية في حكومة الانقاذ الذي جاء بطريقة بوليسية فلم يظهر اسمه الا اثناء حلف اليمين. ولعل الدكتور الجنزوري آثر استخدام هذه الطريقة لما أحاط بمنصب وزير الداخلية من خلافات وانتقادات حادة كانت ستجعل المتربصين بأي اسم يقع عليه الاختيار ينقضون عليه بالنقد الصارخ والتجريح البالغ، رحبنا إذن بما أعلنه الوزير محمد ابراهيم بالتعهد باستعادة الأمن والانضباط للشارع، وازالة التعديات والمخالفات والتعامل بقوة وحسم مع أي خارج علي القانون، والواقع أن الرجل دخل فورا في سباق مع الزمن أجري لقاءات هامة مع مساعديه والعديد من القيادات والضباط حتي أن آخر لقاء حضره أكثر من ألف ضابط، واداره الدكتور الجنزوري ليؤكد الأهمية القصوي لاستعادة الأمن ومعه استعادة الثقة بين الشعب والشرطة، وبنفس السرعة تم القبض علي العشرات من البلطجية ورجال العصابات، كما تمت ازالة العشرات من التعديات والمخالفات! وهكذا بدأت عودة الثقة المفقودة لكنها لكي تكتمل لا بديل عن مساندة الإعلام، وتجاوب المواطنين، لكي يتحقق معها الاحساس بالأمن وعودة السياحة، وتحرك عجلة الانتاج خاصة من خلال استثمارات الأجانب! فقط لعلم الشيخ الشحات!! قررت فرنسا ان تطلق اسم نجيب محفوظ علي ميدان »كونفسنون« وهو من أهم ميادين العاصمة باريس، وهكذا فإن أديبنا الكبير الذي شرف مصر حين نال جائزة نوبل، يعود فيشرفنا بإطلاق اسمه علي ذلك الميدان الذي سوف يلفت اسمه كأديب مصري الفرنسيين وكل زوار باريس. تري هل يكون نجيب محفوظ بالرغم من رحيله قد قرر ان يرد علي ما ارتكبه في حقه الشيخ عبدالمنعم الشحات الذي -بجرأة غريبة- اتهم أدبه بأنه دعارة؟ وذلك في معرض تصريحاته الصاخبة التي دفع ثمنها بالخسارة الفادحة لأصوات الناخبين؟ بينما كسب نجيب محفوظ مزيدا من التكريم والتقدير!! درس محترم من قادة »الوسط« برؤية مستنيرة، يتحدث قادة حزب الوسط، فيكشفون خطورة استخدام الدين في الانتخابات، ويرفضون -كمنهج ثابت لهم- التشدد الذي يسيء للاسلام، وقد سعدت بمتابعة أكثر من لقاء تليفزيوني مع بعضهم، وكم كان رئيس الحزب »أبو العلا ماضي« موفقا عندما جسدت آراؤه وحواراته شعار حزبه »المباديء قبل المصالح«. أهلا بالأغلبية.. ولكن لاشك أن التيار الاسلامي ينطلق نحو الاغلبية البرلمانية وليس لنا أي اعتراض علي ذلك، بل إننا نرحب بخوض التجربة السياسية مع المعتدلين من قادة هذا التيار، وان كنا نري أهمية حصول الليبراليين علي أصوات تكفي لتحقيق المعارضة تحت قبة البرلمان كما نتمناها، لأن الأغلبية المطلقة مفسدة مطلقة للديموقراطية، حتي أنها قد تعيد -لا قدر الله- صورة الحزب إياه!!