قلبي مع د. كمال الجنزوري رئيس حكومة الإنقاذ.. برغم صلاحيات رئيس الجمهورية التي حصل عليه إلا أنه يواجه أخطر ملفات شهدتها مصر منذ عقود طويلة. وطبعا أولها ملف الأمن المفقود داخل الشارع المصري وانتشار السرقات والبلطجية وقطاع الطرق وتراجع هيبة الشرطة واحترام المواطنين لها.. وقد قرأت تصريحات د. الجنزوري أنه سيقف بقوة خلف كل ضابط يمنع جريمة ولكننا تابعنا محاكمات لضباط شرطة كانت جريمتهم أنهم حاولوا أن يمنعوا هروب مساجين من أقسام الشرطة أو يحافظوا علي المال العام.. وأنا لا أنكر طبعا أننا شهدنا تجاوزات كبيرة لضباط الشرطة في العهد السابق من تلفيق قضايا واستخدام عنف ضد مواطنين أبرياء.. وشهدنا تردي الأوضاع المادية لجنود الشرطة لدرجة أن كثيرا منهم كانوا ينافسون منادي السيارات في الشوارع العامة. وأكثر ما أعجبني في تصريحات د. كمال الجنزوري ان الامن هو أحد الاعمدة الرئيسية في بناء الاقتصاد وإعادة عافيته من جديد بعدما فقدت مصر مليارات الجنيهات وأغلقت آلاف المصانع وهربت الاستثمارات الاجنبية للخارج بسبب غياب الأمن. وهذه حقيقة طبعا ولكنها نصف الحقيقة فاذا كان الامن أحد أسباب الانهيار الاقتصادي وهروب المستثمرين.. فان القرارات الحكومية المفاجئة والتي يتم تطبيقها بأثر رجعي لا تقل.. بل تزيد في خطورتها عن غياب الأمن.. فالمعروف ان استقرار القوانين والتشريعات والقرارات التي تحكم السوق الاقتصادية هي أهم عوامل جذب الاستثمار.. فكيف يأتي مستثمر الي دولة وهو لا يعلم اذا كانت القرارات ستتغير أم لا.. كيف يبني دراسة الجدوي علي اسس معينة ثم يفاجأ أنها تغيرت وأن الدولة التي تعاقدت معه تلغي تعهداتها وقراراتها غير مبالية بالخسائر الفادحة التي يمكن ان تدفع المستثمر الي حافة الافلاس. في جميع دول العالم لا يعاقب المستثمر علي خطأ موظف سواء كان وزيرا أو خفيراً.. الدول تعاتب المسئول المخطئ وليس المستثمر الا اذا ثبت بالدليل القاطع أنه حصل علي المشروع بأسلوب فاسد شارك فيه مثل الرشوة او اي اسلوب آخر.. فيما عدا ذلك تصبح كارثة اقتصادية تضرب سمعة الاستثمار في هذه الدولة. وعلي مدي الشهور الماضية قرأنا عن قرارات تتخذها الحكومة او ستتخذها الحكومة بسحب مشروعات ومصانع تم بيعها بالفعل لمستثمرين سواء محليين أو أجانب دون ان يثبت وجود فساد في تخصيص هذه المشروعات ودون حكم محكمة.. وكنت أتحدث الي احد المحامين الدوليين وقال لي أنه مكلف باقامة دعوي تحكيم دولي من مستثمرين أجانب ضد الدولة المصرية وهذا معناه أننا قد نفاجأ بتعويضات مفروضة علينا تزيد من هذه الازمة الاقتصادية. وهذه الايام يدور الحديث ايضا عن سحب مئات الملايين من الأمتار من مشروعات عملاقة اقيمت في عهد الدكتور الجنزوري ولم يكتب لها ان تسير في الجدول الزمني المتفق عليه بسبب عراقيل وتباطؤ يصل الي درجة الاهمال والتواطؤ لافشال مشروعات تنسب للدكتور كمال الجنزوري وكان المتوقع ان يرفعها رئيس حكومة الانقاذ الي الامام كي تقود عجلة الاقتصاد والاستثمار.. فتساهم في تشغيل الايدي العاملة وزيادة الانتاج وتساهم في سد عجز الموازنة.. ولكن جاءت القرارات ضربة جديدة في ثقة المستثمر في استقرار الاقتصاد والتزام الدولة بتعاقداتها. اعلم ان الملفات ثقيلة جدا امام رئيس الوزراء واعلم ايضا انه بخبرته السياسية والاقتصادية الطويلة والعميقة قادر ان يسير بالبلاد عبر الانواء والعواصف والدوامات.. واعلم إن شاء الله انه لم يقترف خطيئة من سبقه بإرضاء الشارع علي حساب مصلحة الوطن.