تقدم مصر مرهون بتغيير الدستور وتحقيق سيادة القانون ونهضة التعليم وإصلاح الإعلام الدستور القوي والشعب الحر يقرران طبيعة الحكم بعد تسلم جائزة العظماء السبعة وقبل توجهه للقاهرة امس تم اجراء حوار شامل مع العالم المصري الدكتور احمد زويل الحائز علي جائزة نوبل.. اجري الحوار خالد غباشي مندوب وكالة انباء الشرق الاوسط في واشنطن وحضره السفير المصري بواشنطن سامح شكري. في البداية اكد د. زويل تفاؤله بمستقبل مصر مؤكدا ان تفاؤله ليس مجرد تفاؤل عاطفي بل تفاؤل مبني علي بعض الظواهر والحقائق. وقال انه كتب مقالة في صحيفة الاندبندنت اللندنية منذ 5 سنوات بعنوان »أسس التغيير الأربع في مصر« وذلك في أوج عصر الرئيس المخلوع حسني مبارك أكد فيها ان مصر لا يمكن أن تتقدم إلا إذا تحولت إلي دولة ديمقراطية علمية شارحا 4 نقاط إذا لم تتحقق فلن تتقدم مصر وهي: تغيير الدستور وتحقيق سيادة القانون ليطبق علي الجميع كبيرا وصغيرا وتحقيق نهضة في التعليم واصلاح الإعلام. أكد د. أحمد زويل ان تغيير الدستور لن يبقي رئيسا لمصر أكثر من مدتين رئاسيتين وسيادة القانون تتحقق مع تولي قضاة مصر العملية الانتخابية بالكامل بكل نزاهة ووفقا للمعايير العالمية الصحيحة ووفقا لما شهده العالم أجمع في الانتخابات الأخيرة. وفي سؤال حول نهضة التعليم في مصر؟ أكد د. زويل انه شهد مؤخرا افتتاح مدينة زويل لبدء النهضة العلمية في مصر من جديد ونوه بأنه وجه حديثا للشعب المصري عن التبرعات وتم حتي الآن جمع حوالي مليار جنيه وكل هذا يعطي الاحساس بالتفاؤل بناء علي أسس واقعية. وشدد زويل علي الحاجة إلي التغيير في الإعلام، مشيرا إلي أنه مازال في وضع لا يعرف فيه كيف يعطي فكرا جديدا ويكون لديه عمق بعيدا عن الإثارة، وتساءل عما إذا كان ما لدينا من أكثر من 100 قناة فضائية تعالج المشاكل الحقيقية لمصر مثل قضايا المياه والطاقة والكهرباء والدستور .. وإلي أين نتجه.. ونوه بأن هذا لم يتم بعد ولكنه يري أن التغيير الذي تحقق في الثلاثة أسس الأولي سوف يؤدي بالضرورة إلي تغيير في الإعلام. وسألنا د. زويل هل هناك مخاوف من وصول الاسلاميين للسلطة في مصر قال الدكتور أحمد زويل أن الدستور القوي والشعب الذي ينتخب هو الذي يقرر طبيعة الحكم في النهاية، منوها بأن المصريين موجودون والتحرير موجود إذا حدثت مشكلة عميقة تستدعي تواجدهم، لافتا إلي أنه لا يأخذ الموضوع بأي من الطريقتين اللتين يتعامل بهما الإعلام المصري أو الغربي مع الإسلاميين ودعا إلي الانتظار لرؤية كيفية عملهم. اختلاف الإخوان والسلفيين ونوه بأن الصحف تفيد بأن الإخوان المسلمين يختلفون في الرأي مع السلفيين.. والمهم أن يخرج كل طرف ما لديه بما يخدم الشعب في النهاية.. وأكد أن الوضع اليوم لا يمكن تشبيهه بأنه كله عبارة عن كعكة شكولاتة، علي عكس ما كان عليه الوضع سابقا.. والشعب المصري هو من يقرر اليوم بصوته.. مشددا علي الحاجة إلي الريادة السياسية والفكرية للبلاد. ولفت إلي أن الإعلام الغربي لا يوضح الصورة بالكامل بشأن ما يطلق عليه الإسلاميون، مشيرا إلي أن المجتمع الأمريكي نفسه فيه متحفظون مثل الإنجيليين وفيه متطرفو اليمين الذين يمثلون حوالي 30 في المائة وفيه الجمهوريون الوسط وفيه الديمقراطيون الليبراليون، وتأتي حكومات أمريكية يطغي عليها المتحفظون أو الليبراليون وهكذا، وأكد ثانية أن من يقرر في النهاية هو الدستور القوي والشعب الذي ينتخب. كما نوه زويل بأن الإعلام العربي أيضا مقصر لأنه لا ينقل الصورة بدقة، فإما أنه ينقلها بصوت عال، أو بشكل خاطئ، أو يسئ التعبير عما يريد، أو لا يعرف كيف يعبر عن وجهة نظره، ولكن إذا عرف كيف يخاطب المجتمع الأمريكي والغربي بالطريقة التي يفهمها وبهدوء فإن ذلك سيكون له مردود هائل، لأنهم يسمعون ويقرأون جيدا. وأكد الدكتور زويل ضرورة عدم الاستهانة بالمصريين.. مشيرا إلي أن المواطن البسيط، رجلا كان أو امرأة، سيشارك عندما يري بلده تحرك في الاتجاه الصحيح.. والمهم هو توفير نظام صحيح والريادة الصحيحة. مصر مليئة بالخبرات وقال العالم المصري الدكتورأحمد زويل إن مصر مليئة بالكنوز.. وأعجبه رد السفير سامح شكري سفير مصر لدي الولاياتالمتحدة عند سؤاله خلال غداء تكريم أفضل 7 قيادات علي مستوي الولاياتالمتحدة بشأن ما إذا كانت مصر تحتاج إلي مساعدة من حيث الخبرات من الخارج في الفترة القادمة.. وكان رده أن مصر مليئة بالشخصيات الواعية التي تستطيع القيادة، لافتا إلي أن كل ما تحتاج إليه مصر هو الوقت.. وبمجرد تشكيل مجلس الشعب سواء من الإسلاميين أو العلمانيين فإن التجربة ستفرز القادة .. منوها بأن من يسعي إلي الديمقراطية لا يمكنه أن يطلب توجها معينا.. فالأمر متروك للشعب يختار من يراه صالحا لتحقيق طموحاته. ولفت زويل إلي أن الإخوان المسلمين حققوا انجازا ضخما خلال الثلاثين عاما الماضية، حيث كانوا يقومون ببناء المستشفيات والمدارس والمصانع حتي في ظل ما كان موجودا من فساد في ظل النظام السابق.. وهو ما جذب لهم أعدادا كبيرة جدا من المصريين.. ولذلك لابد أن نمر بالتجربة الديمقراطية.. وإذا لم يؤد لإسلاميون عملهم علي مستوي عال في مجلس الشعب.. يمكن للشعب حينئذ أن يخرج مرة أخري وينتخب مرة أخري ويأتي بأناس آخرين. وفيما يتعلق بنصائحه للمصريين ككل في الوقت الراهن من أجل الإصلاح، أكد الدكتور زويل أهمية الوحدة الوطنية لمصر في هذا التوقيت علي وجه الخصوص.. ومع إصلاح العملية التعليمية والبحث العلمي.. شدد علي أنه لابد من إصلاح الإعلام لمخاطبة العقل المصري بأسلوب القرن الواحد والعشرين.. بشأن معني الديمقراطية والعلاقة بين العلم والدين.. إضافة إلي الريادة.. علي أن تكون هناك منظومة يكون شعارها حقا "مصر أولا" ولا تؤثر عليها المصالح الشخصية. وأبدي الدكتور زويل عدم رضائه عن الأعداد اللانهاية من الفتاوي، مشددا علي ضرورة إتباع الإجراءات الصحيحة للفتاوي.. وأشار إلي أنه في مجال تخصصه لا يمكنه أن يخرج من خلال التليفزيون ويعلن اكتشافه لشيء جديد دون أن يتبع الإجراءات الصحيحة.. وهي تدوين اكتشافه بشكل منسق في صورة بحث وإرساله للمراكز العلمية المحايدة لتقييمه، بحيث يأخذ المراحل الصحيحة له لضمان مصداقيته.. وتساءل زويل قائلا هل مر من يقومون بالفتوي علي الأزهر وتأكدوا من صحة فتاويهم.. وأضاف أن هذا الخلط موجود أيضا في الإعلام للأسف. التعليم مشكلة معقدة وفيما يتعلق برؤيته لحل مشكلة التعليم في مصر اليوم، قال العالم المصري الدكتور أحمد زويل إنه إذا ادعي أن لديه العصا السحرية لحل هذه المشكلة فإنه لن يقول الحقيقة بذلك.. مشيرا إلي أنها مشكلة معقدة تراكمت علي مدي 30 إلي 50 عاما.. من جيله هو شخصيا حتي هذا اليوم. ولكنه أوضح أن هذا ليس معناه أنه ليس لها حل.. مشيرا إلي أن لديه رؤية في هذا الصدد ولكن مرة أخري هذا ليس معناه أنها الرؤية الوحيدة.. وأن التعليم لابد أن يكون فيه وفاق وطني.. ونوه بأن مدينة زويل للعلوم سيكون فيها ما يعرف بمراكز الفكر والأبحاث وسيكون أحدها مخصصا للمشاريع القومية الكبري.. وآخر لمحو الأمية.. وآخر لقضية التعليم في مصر.. وهكذا. وأكد الدكتور زويل ضرورة تمشي التعليم مع العصر والابتعاد عن التلقين وخاصة سؤال "أكتب ما تعرفه عن"، مشيرا إلي ضرورة مشاركة وزارة التربية والتعليم والمدارس الحكومية والخاصة ومختلف أطياف المجتمع، وإلا لن يمكن تحقيق تطوير منظومة التعليم. وفيما يتعلق بتطوير البحث العلمي في مصر ، أكد زويل ضرورة إنشاء ما يعرف بمراكز التميز التي لا تقل عن المراكز الموجودة في أمريكا مثل "تالتاك" و "إم آي تي" و "هارفارد" وستانفورد" و "جورج تاون"، وأعرب عن سعادته ببدء مشروع مدينة زويل للعلوم بعد حلم استمر أكثر من 12 عاما. وأكد الدكتور زويل أن تكنولوجيا المعلومات سيكون لها فريق دائم بمدينة زويل للعلوم ومن بينهم أستاذ كان في أمريكا ويتركها ليعود إلي مصر لهذا الغرض ليقود المسيرة في المدينة.. وأكد أن مدينة زويل للعلوم ستبني علي كل ما هو موجود من مراكز التميز في مصر ومنها القرية الذكية.. مشيرا إلي أنها لن تكون جزيرة معزولة.. بل ستعمل علي تحقيق تكامل علي مستوي الجمهورية.. ونوه بأنه بعد الانتهاء من إنشاء مدينة زويل للعلوم لابد أن تكون هناك مدينة أخري للأقمار الصناعية علي سبيل المثال في الإسكندرية.. وغيرها في أسوان وهكذا. الوضع الاقتصادي صعب وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي في مصر، فقد وصفه العالم المصري الجليل الدكتور أحمد زويل بأنه "صعب"، مشيرا إلي أن السياحة هبطت إلي نسبة 10 إلي 20 في المائة.. كما أن الوضع الأمني لا يساعد علي الاستثمار وهو أكبر عامل يحقق النقد الأجنبي.. إضافة إلي فقد مبالغ ضخمة من الاحتياطي النقدي. ونوه أيضا بأن التوقعات والطموحات بعد الثورة عالية ومن كان يحصل علي 100 جنيه يريد الآن أن يحصل علي 2000 جنيه وهكذا.. وأكد ضرورة الانضباط وتحقيق الأمن والعمل الجاد والإنتاج.. وإلا فلن يمكن تحريك الاقتصاد.. ولم يصف الدكتور زويل الوضع بالخطر ولكنه أبدي قلقه الشديد.. مشيرا إلي أن أكثر ما يمكن أن يهز مصر أكثر مما رأيناه بكثير هو "ثورة الجياع".. محذرا من أنه إذا وصل الاقتصاد إلي وضع سيئ جدا فالكل سيعاني. وأكد الدكتور زويل أن مصر لازال أمامها فرصة جيدة، مشيرا إلي أن مصر لازال فيها خير ونوه بأن سبب هذا الخير هو العامل الديني.. وهو ما قد لا يوجد في بلاد أخري.. مشيرا إلي أن المصريين لازالوا حريصين علي ألا يناموا وهم شبعي وأحد جيرانهم ينام وهو جوعان. وأعرب الدكتور زويل عن أمله في أن تتمكن الحكومة الانتقالية من العبور بمصر خلال فترة الانتخابات علي أن يكون تركيزها علي الأمن والاقتصاد. وفيما يتعلق بالدعم الخارجي لمصر وخاصة من أمريكا خلال هذه المرحلة وعدم رضاء الكثيرين عنه، اتخذ زويل من تمويل مدينة زويل للعلوم مثالا للرد علي هذا السؤال.. مشيرا إلي أنه توجه للشعب المصري بحديث أكد فيه أنه لا يمكن بناء هذه المدينة بانتظار تبرعات من خارج مصر.. بمعني تبرعات عربية من الخليج كما كان النظام السابق يحاول.. أو تبرعات من أمريكا أو أوربا.. وقال زويل إنه يقول بدلا من ذلك "لابد من التعاون.. وإذا كان المصريون يريدون حقا تحقيق شيء علي المستوي العالمي فلابد أن يكون ذلك بأياد مصرية.. مشيرا إلي أن مصر عندما بنت الهرم لم تفعل ذلك بمساعدة من أحد بل بسواعد مصرية مائة في المائة.. وإذا كنا نريد اليوم بناء مشاريع عملاقة ونغير من الوضع المصري الحالي.. فلن يبني مصر غير المصريين.. وهذا ليس معناه ألا نتعامل مع القوي الخارجية.. كما لا يعني ألا نكون في المنظومة العربية.. ولكن ذلك يأتي بعد أن "تحترمك الناس" كمصري وتعرف أنك لديك الإرادة القومية أن تفعل شيئا..وعندها سيأتيك الكثير.. اقتصاديا وسياسيا وثقافيا... إلخ.. حتي إذا تطلب هذا ربط الحزام". الحكومة الانتقالية وأعرب زويل عن أمله في أن تكون القيادة السياسية أمينة مع الشعب المصري وتقول هذا الكلام.. فحتي إذا تطلب ذلك ربط الحزام.. فإن المصريين قادرون علي ذلك.. حتي تصبح مصر في النهاية مصر غير التي نعيشها اليوم. وأكد العالم المصري الدكتورأحمد زويل أنه ليس له تطلعات إلي كرس سواء لرئاسة الجمهورية أو غيرها ولم يتطلع في حياته إلي أي منصب سياسي..مشيرا إلي أنه تلقي العديد من العروض لكي يكون رئيس أكثر من جامعة ومؤسسة ولكنه رفض لأنه سعيد جدا بما يقوم به ولأن التأثير الذي يحققه في بلد مثل مصر وهي بلده الأم لا يحتاج إلي كرسي كما أنه تأثير باق إلي الأبد لشبابنا وأبنائنا ومستقبلنا. وفيما يتعلق بشكل التواصل مع النخب السياسية في مصر، قال الدكتور زويل إنه لا يمكنه أن يأخذ أي صبغة سياسية حتي يتمكن من عمل ما يقوم به وما يريد القيام به، ولذلك فإنه يتحرك من منطلق قومي وليس حزبياً. وأضاف زويل انه بالتالي عندما يخاطب فإنه يخاطب الشعب المصري سواء من خلال كتاباته أو من خلال الأحاديث والمقابلات التليفزيونية أو من خلال اللقاءات العامة. وأشار إلي أنه عندما يكون هناك نداء وطني مثلما حدث عند قيام ثورة 25 يناير فإنه يكتب، مثلما كتب مقالة في صحيفة "نيويورك تايمز" في اليوم التالي للثورة مباشرة وألقي بياناً علي قناتي "الجزيرة" و"دريم" أكد فيه أن الرئيس مبارك لابد أن يتنحي.. لأن هذا عمل وطني وليس له علاقة بحزب. واشنطن خالد غباشي