هاني سري الدين يعلن ترشحه لرئاسة حزب الوفد    «انطلاق» ترسم خريطة تطوير السياحة الرقمية في مصر    الكاميرون تواجه الجابون في الجولة الأولى من كأس أمم إفريقيا 2025    مدرب بنين: قدمنا أفضل مباراة لنا رغم الخسارة أمام الكونغو    التموين تلاحق المخالفين في الأسواق والمخابز وتحرر 155 مخالفة خلال يومين بالدقهلية    بالأسماء.. مصرع شخص وإصابة 18 آخرين إثر انقلاب ميكروباص في أسوان    نجاح الفريق الطبي بقسم الرمد بمستشفى المنزلة في إجراء أول عمليتين مياه بيضاء بتقنية الفاكو بالدقهلية    الاتحاد الأوروبى يحذر من اتخاذ إجراءات ضد فرض عقوبات أمريكية على 5 أوروبيين    بدء المحادثات بشأن النزاع الحدودي بين تايلاند وكمبوديا وسط آمال للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار    محمد معروف يشهر أول بطاقة حمراء في أمم أفريقيا 2025    التعاون الاقتصادي والتجاري والمباحثات العسكرية على طاولة مباحثات لافروف والشيباني    الكنيست الإسرائيلي يصدق بقراءة تمهيدية على تشكيل لجنة تحقيق سياسية في أحداث 7 أكتوبر    اليمن يدعو مجلس الأمن للضغط على الحوثيين للإفراج عن موظفين أمميين    إعلام قنا تشارك في المؤتمر العلمي التاسع لكلية الإعلام    بعد الاعتداءات.. ماذا فعل وزير التعليم لحماية الطلاب داخل المدارس؟    تشكيل أمم إفريقيا - زيدان يحرس مرمى الجزائر.. وعيسى يقود هجوم السودان    تقارير: نيكولاس أوتاميندي على رادار برشلونة في الشتاء    محافظ قنا يعقد اجتماعًا موسعًا للاستعداد لانطلاق الموجة ال28 لإزالة التعديات    ديبال S05 تحصل على تصنيف 5 نجوم في اختبارات Euro NCAP لعام 2025    السكة الحديد: تسيير الرحلة ال41 لنقل الأشقاء السودانيين ضمن مشروع العودة الطوعية    "الزراعة": ضبط 135 طنًا من اللحوم المخالفة خلال النصف الأول من ديسمبر    يسرى نصر الله وأمير رمسيس وعلى سليمان ينعون الفلسطينى محمد بكرى    هذا هو موعد ومكان عزاء الفنان الراحل طارق الأمير    المتحف المصري بالقاهرة يحدّث قواعد الزيارة حفاظًا على كنوزه الخالدة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :شكرا توتو وتوتى ..!؟    البورصة المصرية تربح 4 مليارات جنيه بختام تعاملات الأربعاء    الصحة تواصل العمل على تقليل ساعات الانتظار في الرعايات والحضانات والطوارئ وخدمات 137    ڤاليو تعتمد الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة العملاء    رئيس جامعة قناة السويس يُكرم الفائزين بجائزة الأداء المتميز لشهر نوفمبر 2025    جامعة قناة السويس تعلن أسماء الفائزين بجائزة الأبحاث العلمية الموجهة لخدمة المجتمع    أمم أفريقيا 2025| شوط أول سلبي بين بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية    غدا.. استكمال محاكمة والد المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته فى الإسماعيلية    ما فوائد تأجيل صندوق النقد الدولي المراجعتين الخامسة والسادسة لمصر؟    خالد عبدالعزيز يترأس الاجتماع الختامي للجنة الرئيسية لتطوير الإعلام الإثنين المقبل    فوز 3 طلاب بجامعة أسيوط بمنحة للدراسة بجامعة كاستامونو بتركيا    ميناء دمياط يستقبل 76 ألف طن واردات متنوعة    هل يجوز استخدام شبكات الواى فاى بدون إذن أصحابها؟.. الإفتاء تجيب    الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3 آلاف ماكينة صراف آلى    تأجيل محاكمة عامل بتهمة قتل صديقه طعنًا في شبرا الخيمة للفحص النفسي    قرار جمهوري بتجديد ندب قضاة للجنة التحفظ على أموال الجماعات الإرهابية    وفاة أصغر أبناء موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب    وزير الري: الدولة المصرية لن تتهاون في صون حقوقها المائية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    وزيرا التعليم العالي والرياضة يكرمان طلاب الجامعات الفائزين في البطولة العالمية ببرشلونة    أمم إفريقيا – براهيم دياز: سعيد بتواجدي في المغرب.. والجمهور يمنحنا الدفعة    ضبط 4 متهمين اعتدوا على مواطن بأسلحة بيضاء بسبب خلافات فى السويس    حمادة صدقي: منتخب مصر فاز بشق الأنفس ويحتاج تصحيحا دفاعيا قبل مواجهة جنوب أفريقيا    الصغرى بالقاهرة 11 درجة.. الأرصاد تكشف درجات الحرارة المتوقعة لمدة أسبوع    الأوقاف: عناية الإسلام بالطفولة موضوع خطبة الجمعة    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    بعد تعرضه لموقف خطر أثناء تصوير مسلسل الكينج.. محمد إمام: ربنا ستر    ميدو عادل يعود ب«نور في عالم البحور» على خشبة المسرح القومي للأطفال.. الخميس    وزير الصحة: قوة الأمم تقاس اليوم بعقولها المبدعة وقدراتها العلمية    مع اقتراب الامتحانات، أكلات تحسن التركيز للطلاب أثناء المذاكرة    وكيل صحة بني سويف يفاجئ وحدة بياض العرب الصحية ويشدد على معايير الجودة    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    إيران تنتقد الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة لعدم التزامهم بالاتفاق النووي    واشنطن في مجلس الأمن: سياسات مادورو تهدد أمن الولايات المتحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة الناخبين للمتصارعين علي السلطة!
نشر في الأخبار يوم 29 - 11 - 2011

فوجئت بحفيدتي الصغيرة ذات الاربعة أعوام تصر علي ان تشارك في الانتخابات مثلنا انا ووالدها ووالدتها.. ورغم ان الانتخابات بالنسبة لها في هذه السن الصغيرة كانت لا تتجاوز مجرد أن تغمس اصبعها في الحبر الفسفوري لتباهي به زميلاتها وزملاءها في مدرستها، إلا أنني استبشرت خيرا بهذه الرغبة وتوقعت اقبالا كبيرا من الناخبين علي صناديق الانتخابات، وهو ما حدث بالفعل منذ صباح يوم الاثنين الماضي، لدرجة انني احتجت لنحو الساعة ونصف الساعة انتظارا في الطابور قبل الادلاء بصوتي، رغم انني كنت اقف في طابور كبار السن، وقفت هذه الفترة حفيدتي الصغيرة معي دون تملل او ضجر!
وهذا الاقبال الملحوظ من الناخبين الذي لم يسبق لنا ان شهدناه من قبل في أي انتخابات برلمانية أو غير برلمانية يثبت صحة الرهان علي اجراء هذه الانتخابات في موعدها وعدم تأجيلها، حسبما اراد البعض لفترة قصيرة وآرادها آخرون لفترة أطول.. فها هي الانتخابات تبدأ في ظل التضارب السياسي الذي نعاني منه، وفي ظل توجسات ومخاوف عديدة ومتنوعة من ان يصاحب هذه الانتخابات عنف مدبر وبلطجة ممنهجة.
لقد خذل الناخبون الذين روجوا أن هؤلاء الناخبين سوف يخشون الخروج من منازلهم والذهاب إلي اللجان الانتخابية للادلاء بأصواتهم في أول انتخابات تجري بعد ثورة يناير لكن ذلك لم يحدث، بل حدث العكس تماما حينما أقبل الناخبون بأعداد كبيرة وهائلة بالقياس لما كنا نراه من قبل، علي اللجان الانتخابية.. والأغلب الأعم منهم ربما يذهب الي لجنة انتخابية للمرة الأولي في حياته كلها!
ولعل هذا الاقبال الكبير الملحوظ من قبل الناخبين علي المشاركة في الانتخابات يقنع الجميع بمراجعة حساباتهم وتقديراتهم التي لا تمت للواقع بصلة والتي جعلتهم لا يحسنون قراءة الواقع ولا يسمعون كما ينبغي نبض الجماهير التي لم تخفها محاولات اثنائها عن المشاركة في الانتخابات ومطالبتها بمقاطعتها، كما لعل هذا الاقبال يقنع الجميع بأن الاحتكام لصناديق الانتخابات هو السبيل الوحيد أمامنا لاختصار المرحلة الانتقالية التي نعيشها وتشكيل مستقبلنا السياسي الذي نطمح فيه، خاصة بعد ان ثبت بالدليل ان القوي السياسية المتنافسة والمتصارعة الآن علي السلطة قد اتفقت علي ألا تتفق علي الحد الأدني الضروري لأسس بناء هذا المستقبل.
أيضا.. لعل هذا الاقبال الكبير الملحوظ من قبل الناخبين علي المشاركة في الانتخابات يقنع ايضا الذين مازالوا يشكون في نوايا المجلس الأعلي للقوات المسلحة، كانوا يروجون ان المجلس يصر علي اجراء الانتخابات في هذا التوقيت، والأمن لم يسترد عافيته بعد لعلمه أن ذلك سوف يمنح الفرصة لحدوث عنف شديد، سوف يستثمره المجلس في تأجيل الانتخابات إلي أجل غير مسمي وفرض قبضته علي السلطة للابد، واجهاض حلم الدولة الديمقراطية العصرية التي ننشدها.. فقد جرت الانتخابات في ظل حرص من المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي توفير كل التأمين لها وللناخبين.. بل أن المجلس من أجل ضمان إقبال جماهيري أصدر قراره بمد فترة التصويت ليومين بدلا من يوم واحد لاتاحة الفرصة للناخبين من الادلاء بأصواتهم الذين كان يعوقهم قلة عدد اللجان الانتخابية الناجم عن قلة عدد القضاة المشرفين علي الانتخابات.
المهم.. لقد كان لهذا الاقبال الكبير غير المسبوق للناخبين في أولي الجولات الانتخابية بمرحلتها الأولي آثار عديدة ومتنوعة.. فهو قد ساهم في تأمين هذه الانتخابات وحماها من العنف والبلطجة التي اقترنت دائما بكل انتخاباتنا البرلمانية.. حيث كان هذا العنف يحدث عادة في ظل غيبة الناخبين وعزوفهم عن المشاركة في الانتخابات.
كما ساهم هذا الاقبال الكبير للناخبين في صياغة رسالة واضحة ومباشرة لكل النخب السياسية جميعها تدعوها لضرورة اعادة قراءة الشعب الذي تدعي كل منها أنها الأحق بتمثيله من غيرها.. ولذلك يفاجئها هذا الشعب دائما بعكس ما تفكر فيه هذه القوي او تروج له.. لذلك خرج هذا الشعب بنفسه ليقول ما يريده فعلا وليختار من يريدهم تمثيله في الفترة القادمة، حتي لا يحتكر أحد بدون وجه حق التحدث وحده باسم الشعب.
لكن الأهم من ذلك كله أن هذا الاقبال الكبير غير المسبوق للناخبين، الذي نتمني ان يتكرر في بقية الجولات الانتخابية، سوف يؤثر بالقطع في نتائج هذه الانتخابات.. ففي ظل عزوف الناخبين وغيابهم الانتخابي دائما تتاح الفرصة إما لمن يريد تزييف آرائهم وتزوير الانتخابات، واما للقوي المنظمة والقادرة علي التحكم بالاوامر التنظيمية في اعضائها، حيث نستطيع حشدهم والزامهم بالمشاركة في الانتخابات، فتأتي عادة النتائج لمصلحتها، حتي وان كانت لا تمثل سوي نسبة محدودة من الشعب، هذا الاقبال الكبير للناخبين سيتيح الفرصة لنا لأن يكون أول برلمان لنا بعد ثورة 52 يناير أفضل في تمثيله للتيارات والقوي السياسية المختلفة وسيعطل او يحبط محاولات بعض القوي السياسية الأكثر خبرة بالانتخابات والاقوي تنظيميا للسيطرة علي هذا البرلمان، وبالتالي التحكم في صياغة دستورنا الجديد.. لانها تكسب أكثر في ظل غيبة جموع الناخبين.
لذلك.. يظل من مصلحة الذين يخشون سيطرة قوة سياسية محددة حث الناخبين علي الاستمرار في هذا الاقبال علي الادلاء بأصواتهم في جولتي الانتخابات القادمتين.. لقد أدرك الناخبون، والذين كنا نتندر بسلبيتهم ان من مصلحتهم عدم تسليم أعناقهم لقوة سياسية واحدة، هي الأكثر تنظيما والأكثر خبرة بالانتخابات، وضرورة أن يكون البرلمان الجديد متوازنا وممثلا لكل الاتجاهات والرؤي السياسية المختلفة.
وقد حان للنخب السياسية ان تسير وراء هذا الشعب وتستلهم من مواقفه العظيمة توافقا علي معالم مستقبلنا السياسي والاجتماعي والاقتصادي، فهذا المستقبل لا تقدر قوة واحدة علي رسم وتحديد معالمه حسب هواها ومآربها الخاصة.. إنما يتعين إذا كنا نبغي ديمقراطية حقيقية أن يشارك الجميع في صياغته وصنعه.. لقد انتهي زمن الاحتكار السياسي.. ولا يصح استبدال محتكر بآخر والا سلمنا بإجهاض ثورتنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.