محاولة تصوير الأمر، وكأن الشعب شعبان، وأن الأنقسام قائم ومحتد بين المصريين في شأن الجيش، وأن هناك شعبا في (التحرير) يهتف بسقوط العسكر، وشعبا آخر في (العباسية) يهتف له، ليس حقيقيا تماما، وليس صحيحا أيضا بل علي العكس، هو محاولة لكسر صورة ناصعة في تاريخنا صاغها الشعب للجيش المصري، ومحاولة لزعزعة الثقة الممتدة عبر التاريخ.. والحقيقة أنه لا يوجد خلاف بين المصريين حول الجيش، والهاتفين له في ميدان العباسية صائبون، من حيث هو هتاف تستحقه المؤسسة العسكرية كمعني وتاريخ وحارس وحام للديار، والمتظاهرون أيضا في التحرير علي صواب، من حيث هم لا يعترضون علي الجيش كمؤسسة وطنية، ولا علي قياداته من رجال القوات المسلحة، لكن الإعتراض واضح وصريح علي إدارة المجلس العسكري لحكم البلاد، دون خبرة حقيقية، الإعتراض واضح وصريح حول ممارسة العسكر للسياسة، دون امتلاك لأدواتها وخبراتها، ودون قدرة علي الحوار بين فئات المجتمع.. لقد قبل المجلس العسكري أن يمارس العمل السياسي، ويتحمل المسئولية السياسية خلال الفترة الانتقالية، وهي مسئولية مضاعفة وصعبة، لكنها ليست مسئوليته الحقيقية، وليست دوره ومهامه، ولا يمتلك مقوماتها، وبالتالي فقد وضع نفسه في مكان عاصف، محكوم بالمشاكل والأزمات، ومحكوم أيضا بالمساءلة، والمطالبة الدائمة، وتلبية حقوق الناس خلاف المتظاهرين ليس مع الجيش وقواته، ولكن مع الحاكم الفعلي للبلاد، مع القيادة السياسية القائمة، ومستوي ادائها المرتبك.