لن ننتظر الشمس حتي ترسل أشعتها ليتم اصطيادها عبر الخلايا المتربصة فوق الالواح السطحية، لتحويلها الي طاقة كهربية، لن تواصل البشرية صبرها انتظارا لوصول الاشعة الي كوكبها، ولكنها ستنصب مصائد و»شباكاً« في الفضاء قادرة علي التعامل المبكر مع أشعة الشمس بتجميعها، ثم توصيلها »ديليڤري« للاسواق علي الارض!. المشهد لا يأتي ضمن احد افلام الخيال العلمي، ولكن ثمة دراسات لاقامة محطات فضائية للطاقة الشمسية، يمكن ان تشرع بالعمل في مدي زمني يتراوح بين عقد الي عقدين من الزمان، ثم يبدأ الاعتماد عليها بعد تحقيق الجدوي الاقتصادية في غضون ثلاثة عقود من الآن. اذا ما تم تحويل هذه الخطط الطموح الي احد ملامح القرن الحادي والعشرين في مجال الطاقة، فان ذلك يعني ان المشاريع الخاصة بالطاقة الشمسية علي الارض، والتي انطلق اكبرها في شمال افريقيا، وتم رصد نصف تريليون دولار، يمكن ان تصبح بسرعة تفوق كل التصورات مجرد صفحة من تاريخ الطاقة!. المشروع الفضائي المنافس بامكانه ان يضاعف كمية الطاقة الشمسية، مقارنة بنظيره الذي يعتمد علي »مناجم« الشمس في شمال وجنوب الصحراء الافريقية الكبري، أو ما يتطلع المتحمسون اليه عبر مشاريع اخري في صحراوات الخليج العربي، أو في وسط وجنوب شرق آسيا. ورغم ان الجدوي الاقتصادية مازالت محاطة بشكوك كثيفة بشأن محطات الطاقة الشمسية الفضائية، فان محاولة تذليل تلك العقبة سيكون دافعه الاساسي بالنسبة للغرب النهم للطاقة بلا حدود تعزيز امن امدادات الطاقة، ومزيد من التنويع لمصادرها، بعيدا عن تحكم ذات الدول التي تحكمت طويلا في ضمان تدفق النفط والغاز، عبر طرق كانت في احيان كثيرة محفوفة بالمخاطر! وكان للمفارقة المتمثلة في كون نفس الدول والمناطق، هي ذاتها الانسب لاطلاق مشاريع عملاقة للطاقة الشمسية، ما يثير القلق وعدم الارتياح في الغرب الذي لا يخفي هواجسه المتواصلة، من جراء استمرار اعتماده في توفير احتياجاته المتزايدة من الطاقة علي دول لا يكلف نفسه في مناسبات عدة اخفاء عدائه الدفين لها علي أسس دينية، ومن منطلقات عنصرية واضحة! تجميع الطاقة الشمسية في الفضاء يجعل الامر برمته تحت سيطرة غربية، من خلال منظومة متكاملة، تبدأ بنشر مجموعة من الاقمار الصناعية تغطي كل منها عدة كيلو مترات، تعمل بالطاقة الشمسية وتجمع اشعتها علي مدار اليوم، ثم تحولها الي كهرباء تبثها من خلال هوائيات ضخمة تعمل بالموجات القصيرة او الليزر لتغذية الشبكات الارضية، أي أنها تصل الي المواقع المطلوبة لاسلكيا. لعل أكثر ما يحفز علي تطوير الفكرة، لا يأتي في سياق ضمان تنوع مصادر الطاقة، او مدي صداقتها للبيئة، او كونها ذات كفاءة عالية أو جدوي اقتصادية، ولكن قبل كل هذه الاعتبارات وبعدها، فان الهدف الاسمي للغرب يتمثل في تحقيق »الفطام« الذي تطلع اليه كثيرا، وانجاز استقلالية كاملة، وإحداث قطيعة مع مرحلة طويلة ظلت دوله تعتمد فيها علي ما وراء البحار لتأمين احتياجاتها من الطاقة، والآن فانها علي اعتاب حقبة يمكن ان تتبادل فيها الادوار مع منتجي الطاقة التقليدية!.