سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مني ذو الفقار عضو المجلس القومي لحقوق الانسان تفتح قلبها ل»الاخبار«: الأحزاب الإسلامية نجحت في تخويف المسلمين قبل المسيحيين
رغم إيماني بوثيقة السلمي إعترضت علي المادتين 9 ،01 ومعايير اختيار الجمعية التأسيسية مهمة لمنع انفراد الأغلبية بتشكيلها
المجلس
منى ذو الفقار أثناء حوارها مع محرر الأخبار في بداية اللقاء ذكرتني بأن الكاتب الكبير موسي صبري كتب في يومياته في جريدة »الاخبار« عنها واصفا اياها بأنها " اصغر سفيرة لمصر " عندما كان عمرها 16 عاما، انها الدكتور مني ذو الفقار المرأة المدافعة عن قضايا حقوق الانسان، والباحثة عن تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بعيدا عن التمييز. مني ذو الفقار اختارت مكافحة التمييز كمشروعها الوطني خلال السنوات القادمة، معتبرة ان قانون العقوبات الذي صدر لمنع التمييز ما هو الا خطوة علي الطريق. اثناء حوارها مع »الاخبار« تلمس مدي الصدق في نبرتها، وحرصها الشديد علي تحقيق التوافق بين قوي المجتمع السياسية والوطنية كخطوة علي طريق مصر الجديدة، كشفت خلال اللقاء عن رؤيتها لمستقبل المجلس القومي لحقوق الانسان، وعن تطلعها لاستعادة دور المجلس القومي للمرأة في الدفاع عن قضايا المرأة التي ظلمت علي السنوات الماضية، وضعت روشتة نجاح لمصر تتمثل في توفير قيادة واعية قوية مع فريق عمل يتحدث نفس اللغة وبلا خلافات ونشر ثقافة الاستغناء... وهذا نص الحوار: لاحديث الان في الاوساط السياسية الا عن ازمة وثيقة المبادئ الدستورية كيف تقيمين ذلك؟ اولا انا اري ان مصدر الازمة يكمن في اننا لم نبدأ خارطة الطريق بصورة سليمة، ولكننا وضعنا خارطة طريق تخلق عقبة تلو العقبة، وخارطة الطريق لم تعط لمصر مسار واضح وسلس وسهل، ولكن اعطت لمصر عثرات، لانه كان ينبغي ان نبدأ بالدستور اولا مثل كل الثورات في العالم. ولذا فقد وقع خطأ ولم يتم تداركه او التراجع عنه، فبدأنا نبحث عن حلول لاصلاح الخطأ الواضح، لانه لم يحدث في تاريخ العالم ان الاغلبية البرلمانية هي تكون المسئولة عن تحديد من يكتب الدستور، لان هذه الاغلبية دائما متغيرة، بينما الدستور دائم وثابت لمدد طويلة لانه وثيقة توافقية بحكم تكوينها وواجبها حماية الاقليات وليس تحقيق رغبات الاغلبية فحسب. وبالتالي لتصحيح مسار خارطة الطريق نضع معايير موضوعية لاختيار الجمعية التأسيسية، حتي لا تنفرد الاغلبية البرلمانية بتشكيل هذه الجمعية، حتي تكون ممثلة للشعب المصري كله. ونحن نريد الاغلبية البرلمانية سواء اسلامية او ليبرالية اوغيره ان تكون مقيدة بمعايير موضوعية لاختيار الجمعية التأسيسية، وحتي لاتكون ممثلة لتيار سياسي فقط، وهذا ليس مخالفا لارادة الشعب ولكنه مكمل للاعلان الدستوري، الذي نص علي ان الاعضاء المنتخبين من مجلسي الشعب والشوري يختارون الجمعية التأسيسية، ولذا فمن حق الاعلان الدستوري اصدار مادة مكملة تتضمن معايير اختيار الجمعية التأسيسية لتضمن حسن التمثيل وتضمن وجود الخبراء. كما ان هناك امرا آخر يتمثل في وجود مجموعة من الحقوق والحريات الاساسية للمصريين ومقومات لدولتهم ثابتة ومستقرة منذ ان بدأت الدساتير في مصر، حتي ان مجلس الدولة اصدر في مرحلة تعطيل الدستور حكما يقضي بأن هذه الحقوق والحريات الاساسية اصبحت لصيقة بشخص المواطن المصري وهي لا تقبل ايقافا او تعطيلا او انتقاصا... وهذه اصبحت حقوق الانسان المصري وليس من حق اي سلطة او اي جهة ان تعتدي عليها او تنتقص منها او تعطلها او توقفها، حتي لو لم يكن هناك دستور، مثل حرية الرأي وحرية العقيدة ومبدأ السلطة للشعب، ومبدأ المواطنة، ومثل مبادئ الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع وغير ذلك من الحقوق والحريات، كل هذه مباديء وحقوق وحريات لا يمكن ان يحرم منها المواطن المصري. اذن لماذا هناك تخوفات لدي البعض؟ الخوف يرجع الي ان التيار الاسلامي خرج بعد مدة طويلة من الاسر والحبس والمنع من التعبير عن انفسهم والمشاركة بشكل عام، ولكن الحقيقة انهم نجحوا ان يخيفوا المصريين المسلمين قبل المسيحيين، بدلا من أن يستطيعوا انهم يكسبوا ثقتهم. خاصة ان الجميع يتذكر جمعة 29 يوليو التي اطلق عليها جمعة قندهار، وكل ما يقال عن تطبيق الحدود امر مخيف جدا، وكذلك استبدلوا صورة المرأة بصورة وردة. ما حظوظ التيار الاسلامي في الانتخابات القادمة؟ انا شخصيا متفائلة لانني لا اتوقع ان يحصل التيار الاسلامي بكل احزابه علي اغلبية البرلمان وربما لايحصل علي اكثر من 30 بالمائة في البرلمان لان وزنه النسبي في الشارع لايزيد عن ذلك، كما انني اتوقع ان يخرج المصريون بكثافة للدفاع عن مصر الحقيقية، التي لها مخزون حضاري، ولديها تسامح وتحضر، وايمان بأن الدين يجعل الانسان طيب وكريم، والشعب المصري يؤمن بأن الاسلام هو دين الجوهر وليس المظهر. المصريون سيدافعون عن وحدة بلادهم وعن المواطنة وتقدم مصر وأهداف الثورة، ولن يحدث تراجع عن الدولة المصرية التي قامت من عهد محمد علي هي دولة مواطنة ودولة حديثة ودولة قانون ولا يمكن ان يكون هناك تراجع عن هذا. ما رأيك في دعوات المظاهرات ضد الوثيقة؟ لابد ان اشير الي انني شاركت علي مدي الاشهر الماضية في المشاورات حول الوثيقة، ونحن توصلنا في النهاية الي وثيقة وافق عليها غالبية التيارات باستثناء الحرية والعدالة والنور السلفي ابدوا اعتراضهم فقط علي عدم الزام الجمعية التأسيسية بالمبادئ الواردة في الوثيقة بحيث تكون استرشادية فقط. المشكلة ان ما عرض في الاجتماع الاخير مع الدكتور السلمي لم يكن هو اخر ما اتفق عليه لانه حدث اضافات وتغييرات لم تكن موجودة، ومنها ان المادتين التاسعة والعاشرة شهدتا تعديلات حيث اختلفتا عما كانا عليه من قبل، كما شهدت تعديلات في معايير اختيار الجمعية التأسيسية. من الذي ادخل هذه التعديلات؟ الاجهزة الحكومية التي عرضت هذه الوثيقة كمسودة للنقاش، ولذلك كانت هذه التعديلات لابد ان تعرض في اطار المشاورات قبل الاعلان الرسمي. واعتقد ان التعديلات التي ادخلت علي الوثيقة كانت غير موفقة للأسف. بعض التيارات اعترضت علي اعطاء المجلس العسكري سلطات فوق السلطات المنتخب؟ النص الذي عرض اثناء الاجتماع كان محل تحفظ من الغالبية العظمي من الحاضرين، والوثيقة بالنسبة لي مهمة جدا وخاصة انني اعتبرها فرصة لجمع حد ادني من القواسم المشتركة بيننا وهو امر مهم لمسيرة الديمقراطية ولمسيرة الثورة حتي نرجع مرة اخري للتوحد حول قواسم مشتركة ندافع عنها مهما كانت الاغلبية التي ستأتي الي البرلمان، وهو ما سيعيد روح الثورة، وهذا ما اراه في الوثيقة، لا اري انه وصاية او انه ضد الثورة، ولكنني اراه يجمع المصريين مرة ثانية حول القواسم المشتركة. اما بالنسبة للمادتين التاسعة والعاشرة فقد قمت شخصيا خلال الاجتماع، للتأكيد علي ضرورة تعديلهما لانهما محل تحفظ من الجميع ومن الذين وقعوا علي وثائق المبادئ الدستورية السابقة، وبالفعل كان هناك استجابة وتعديل فيهما. ماذا قدم في هذه التعديلات لارضاء القوي المعترضة عليها؟ من التعديلات التي ادخلت علي المادتين التاسعة والعاشرة انه تم حذف ان للجيش دورا في حماية الشرعية الدستورية، اذن لا يتدخل الجيش في السياسة، لانه امر مرفوض من غالبية التيارات.. كما تم تعديل المادة التاسعة بحيث يجب ان تعرض القوانين المتعلقة بالقوات المسلحة علي الاجهزة الخاصة بها، وهذا امر طبيعي، وكذا الامر بالنسبة لباقي قطاعات الدولة، والعرض يختلف عن ضرورة الموافقة، لان الموافقة معناها انك تعطيهم حق " الفيتو " او الاعتراض علي اي قانون، وهو تغيير جوهري. التعديل الاخر متعلق بضرورة مراجعة ميزانية القوات المسلحة واعتمادها قبل اقرارها، وسواء تم الاتفاق علي عرض الامر في اجتماع مع لجنة القوات المسلحة في مجلس الشعب، او مجلس الدفاع الوطني مثلما يحدث في بعض الدول الديمقراطية، وقد اقترحت ان يكون غالبية تشكيل مجلس الدفاع الوطني من شخصيات منتخبة بحيث يضم رئيس الجمهورية - منتخب- رئيسي مجلسي الشعب والشوري واحد نوابهما - منتخبين- الي جانب رئيس الوزراء ثم قادة القوات ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وهو ما يضع آلية للرقابة الحقيقية من اغلبية منتخبة وهو ما يحقق الرقابة الشعبية مع الحفاظ علي السرية. انا اري ان اصرار القوات المسلحة علي ضمان سرية ميزانيتها وتقبل وجود رقابة شعبية مع الحفاظ علي السرية معناه انهم سيسلمون السلطة، اي انه يفكر في حماية ميزانيته في اطار دولة مدنية تشهد انتخابات وهو ما يعتبر امرا ايجابيا.. ولذلك اطالب ان يعلن تشكيل مجلس الدفاع الوطني، لانه لا يوجد اي مؤسسة بعيدة عن الرقابة. والمبادئ الاساسية للدستور محل اتفاق الجميع، وهي ضمانات للمواطن المصري لا يجب ان يعترض عليها اي حزب او قوي سياسية، لأنها تهدف الي الحفاظ علي حقوق المواطن المصري وهي الحقوق التي اصبحت لصيقة بشخصه بحكم القضاء الإداري وأحكام المحكمة الدستورية أيضا، اذن ما هو الداعي للاعتراض عليها، ولماذا لا نوفر للمواطن المصري ضمانات لحقوقه وحرياته حتي نعطيه حدا ادني للطمأنينة، قبل الدخول في معركة الانتخابات. العملية الانتخابية اصبحت علي الابواب.. هل لديك اي تخوفات من الانتخابات؟ انا اراهن علي الشعب المصري، وعندي ايمان عميق بقدراته، انه سينزل للمشاركة للدفاع عن مصر الحقيقية، وعن مصر الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، دولة القانون والمواطنة، التي لا تخاصم الدين، فالمصريون عبر التاريخ متدينون بعمق وعقلانية دون تطرف ومصر طول عمرها منفتحة علي العالم وفي قلبه.. والمسار المثالي بالنسبة لي هو التوافق حول المبادئ الدستورية بالشكل الذي تقبله كل القوي السياسية والوطنية، والاتفاق علي الحد الادني يضمن الحقوق الأساسية للمواطن المصري الذي يهدأ صراعات الانتخابات. هل تعتقدين ان هناك قوي تعارض هذا التوافق.. كالتيارات الاسلامية مثلا؟ اعتقد ان التيارات الاسلامية تستغل هذه الوثيقة استغلال سياسي، خاصة عندما نعلم ان حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الاخوان المسلمين قد وقع علي هذه المبادئ بصيغة اخري في اطار التحالف الديمقراطي، ولكن نفاجئ به يقول نوقع عليها لكن تكون استرشادية رغم ان الادارية العليا قضت بأن هذه الحقوق و الحريات اصبحت لصيقة بالمواطن ولا يمكن الانتقاص منها، فلماذا التيارات الاسلامية لا ترغب في طمأنة الناس؟. واري ان احزاب الحرية والعدالة والنور السلفي لديهما ثقة شديدة في النفس، تكاد تصل الي التعالي، وعدم تقدير بأن المصريين يحتاجون لحد ادني من القواسم المشتركة حتي تهدأ الاحتقانات بالمجتمع. ورفضهم لالزام الجمعية التأسيسية بهذه المبادئ فهذا يعد دعوة للآخرين لعدم الثقة في ايمانهم بهذه المبادئ، واعتقد انهم سيكسبون كثيرا في حال قيامهم بدور تجميع الناس حول مبادئ مشتركة للم الشمل حتي ندخل الانتخابات بضمانات للحقوق الأساسية عالية للمواطن المصري. ماذا عن نصيب المرأة المصرية؟ المرأة المصرية شاركت في الثورة، وناضلت وضحت، واستشهدت، ولكن للاسف كل حقوقها مغبونة، في كل التعيينات كانت مغيبة، وحتي في القوائم الانتخابية لم تحدد مواقع مناسبة للمرأة، علي الرغم من ان القوانين في فلسطين وتونس والعراق تكفل تمثيل مناسب للمرأة في البرلمان. بل ان بعض التيارات السلفية تحاول ان تحرم المرأة من ابسط حقوقها، والمساواة في الاسلام بين الرجل والمرأة مطلقة، لان الثواب والعقاب واحد وهذا هو المعيار الاساسي للمساواة. وهناك اتحاد نسائي سيشكل قريبا للدفاع عن حقوق المرأة، كما انني اطالب باعادة تشكيل المجلس القومي للمرأة، لان كل المجالس القومية هي مجالس وطنية مملوكة للشعب المصري، وليس لاي نظام، ولذلك من حقه اعادة تشكيلها من اجل خدمة قضايا الوطن.. وانا اعتبر ان قضايا المرأة هي قضايا مصر. المجلس القومي للمرأة لم يعاد تشكيله فمات، لانهم يقولون ان رئيسته كانت سوزان مبارك، ولابد من اعادة تشكيل المجلس برئاسة شخصية وطنية وشباب حتي يلعب دور، فلماذا لا يعاد تشكيل هذا المجلس. وهذا وضع غير مقبول لا يليق بمصر. هل تعتقدي ان المجلس القومي للمرأة ظلم لانه محسوب علي سوزان مبارك؟ بالطبع، لانهم اعتبروا هذا المجلس كأنه عزبة خاصة لسوزان مبارك، ولكن المجلس القومي للمرأة مؤسسة وطنية مصرية، والعبرة بمن يرأسها ومن يعمل بها..هل يعقل ان نقول ان رئاسة الجمهورية ملك لحسني مبارك. ما هي الحملة التي تتبنيها حاليا؟ انا كل فترة اختار حملة وقضية اتبناها، وقد نجحت جهودنا في المجتمع المدني نحو اصدار قانون يفرض عقوبات علي التمييز، واصبحت هناك جريمة تسمي جريمة التمييز ضد المواطن المصري، وهو انجاز عظيم، لكننا لم نصل الي كل ما نتمناه. والذي ينقص هذا القانون هو الجانب الاصلاحي منه، لان كل قانون ليس مهمته الردع فقط، ولكن ينبغي ان يكون هناك آلية لمراقبة تنفيذ القانون، وتفعيل هذا القانون، وتعمل علي تغيير ثقافة المجتمع واصلاح هذا السلوك المعيب. والتمييز ليس المقصود منه التمييز علي اساس الدين او الجنس، لكن المقصود التمييز بكل اشكاله المحظورة. ما الخطوات القادمة بعد صدور قانون منع التميز؟ نحن طالبنا ان يكون القانون متكاملا كما هو الحال في كل دول العالم، لاننا لا ينبغي دوما ان نبدأ من الصفر، لانني راجعت أغلب قوانين مكافحة التمييز في العالم اجمع سواء في اوروبا او امريكا او حتي الدول العربية والافريقية، فوجدت ان كل القوانين الحديثة الفعالة هي التي لها آلية للرقابة والاصلاح. لذلك اقترحنا تشكيل مفوضية لمكافحة التمييز، تضم مجموعة من المفوضيين المساعدين لهم اختصاصات محددة، يستطيع ان يتوجه الي اي جهة حكومية او قطاع خاص او قطاع اهلي، ويسأله لماذا لا توظف نساء او رجال او معوقين او يتعرف علي اسباب اختياره للموظفين من المسلمين فحسب، او المسيحيين فقط، ويقدم له خطة اصلاح لمواجهة هذا التمييز، ثم تقوم هذه المفوضية بمتابعة خطة اصلاح هذه الجهة ويقدم تقارير عنها. وفي حال عدم الالتزام بهذه الخطة يقوم بانذاره، واذا اصر علي المخالفة، يستطيع ان يرفع دعوي قانونية ضد هذه المؤسسة.. كل هذه الخطوات تتم بالتدريج، لان التمييز هو ثقافة. هذه المفوضية لن تكون بديلا عن النيابة العامة، ولكن يجب ان يلزم القانون المؤسسات الاخذ بتقرير هذه المؤسسة، وكذلك القاضي يأخذ بهذه التقارير. لماذا لم تأخذ الحكومة بهذه الاليات اثناء اصدار القانون الاخير؟ نحن قدمنا قانون منع التمييز لكل الحكومات السابقة بالتفصيل، وعقدنا العديد من الاجتماعات مع منظمات المجتمع المدني للحوار حول هذا القانون، ولكن لم تحدث اي استجابة سوي هذه الاستجابة الجزئية من حكومة ما بعد الثورة، وهي خطوة محمودة،ولكني اعتقد في ظل المرحلة الانتقالية اظن انهم اكتفوا بالتجريم في هذه المرحلة الحالية. هل هذه مجرد احلام ام امور قابلة للتحقيق؟ مصر التغيير فيها صعب جدا، وهنا اذكر قانون منح الجنسية لابناء الام المصرية، ظللنا ل15 عاما نكافح حتي صدوره، الامر نفسه مع قانون الاسرة. والمفترض ان هذا الامر يتغير عقب الثورة، خاصة في المسائل المتعلقة بالحقوق والحريات، لابد ان يكون ايقاعها اكثر سرعة. تمنيت ان تكون مفوضية منع التمييز تابعة للمجلس القومي لحقوق الانسان؟ بالفعل، اتمني ذلك في اطار تعديل القوانين المنظمة لعمل المجلس القومي لحقوق الانسان، ومنحه بعض الاختصاصات، لتفعيل دوره، حتي لا يظل دوره استشاري فقط. هل تعني ان القانون الحالي للمجلس القومي يجعله مقيدا؟ بالطبع، لابد ان اعترف انني كنت من الذين نادوا بانشاء المجلس القومي لحقوق الانسان،وحينها استطعنا ان يكون قانون المجلس متفقا مع مبادئ باريس الدولية، لكننا الان نحتاج لتحسين موقف المجلس، اي اننا نريد ان نمنح المجلس بعض الامكانيات التي تسمح بتفعيل دوره. مثلا المجلس لا يحق له زيارة السجون الا باذن مسبق، وانا زرت السجون مرة واحدة وجدت الورود مفروشة، وكأنها جنة الله في الارض، كيف هذا ؟، فلم اذهب مرة اخري. يجب ان يكون من حقنا زيارة السجون دون ابلاغ احد، وهذا ليس فيه اي افتئات علي النيابة العامة، ولكنها حماية اضافية للسجناء، وهذا لن يتم الا من خلال تعديل قانون المجلس. هل يعاني المجلس القومي من تجاهل الجهات الرسمية؟ هذه الازمة دائما ما تواجه المجلس خاصة اثناء اعداد تقارير تقصي الحقائق حول احداث معينة، حتي انني اثناء اعداد تقرير تقصي الحقائق حول احداث ماسبيرو كنت اعمل كمخبر سري، وقمت والباحثين معي بالمرور علي منازل الضحايا حتي نأتي ببيانات الوفاة، لان الجهات الرسمية قالت لنا ان هذه الاسباب موجودة في تحقيقات النيابة السرية، ورفضت منحنا هذه الاسباب. وكل ما استطعت ان اتوصل اليه هو شهادات وفاة 21 من ضحايا الاحداث، الذين اكتشفنا انهم 28 ضحية، وليسوا 25 كما اعلنت وزارة الصحة، كل ذلك بإمكانيات ذاتية، لأننا لا نمتلك الحق لإجبار اي جهة علي امدادي بالمعلومات اللازمة، وهذا يجب ان يكون من حق المجلس. هل ما ذكرته الان يبرر الهجوم علي المجلس القومي لحقوق الانسان من قبل بعض الحقوقيين البعيدين عن المجلس، الذين يتهمونه بأنه مجلس شبه حكومي؟ كان يمكن ان يكون لديهم الحق في ذلك قبل الثورة، خاصة انني عضوة في المجلس منذ انشائه وحتي الان، ويمكن ان اعترف لك انه في بعض المراحل كان غالبية الاعضاء من الحزب الوطني، وكان جزء كبير منهم كان يقاوم اصدار اي ادانة او مطالبة قوية من المجلس تجاه اي قضايا الحساسية في المجتمع، وهذا كان يؤدي الي خناقات داخلية في اجتماعات المجلس تسربت للاعلام احيانا. والبعض كان يتعلل بأن هذه ارائهم التي يدافع عنها، ولكنهم في الحقيقة كانوا يحاولون تهبيط اداء المجلس القومي خاصة اذا ما كان ناقدا للحكومة. اما الان فالامور اختلفت تماما خاصة بعد اعادة تشكيل المجلس عقب الثورة، ونستطيع ان نؤكد ان تشكيل المجلس الحالي هو تشكيل ثوري. ونحن بعد الثورة استقللنا جميعا، حتي نكون نموذجا، حتي تأتي وجوه جديدة مساندة للثورة، وعندما اعيد تشكيل المجلس ضم مختلف التيارات. ماذا عن تقرير تقصي الحقائق حول احداث ماسبيرو والذي تعرض لهجوم ايضا ؟ هذا التقرير تضمن جزءا خاصا بالجرائم والانتهاكات التي شهدتها الاحداث بشكل واضح، كما ان هذا التقرير وثق واثبت ان المظاهرة التي خرجت باتجاه ماسبيرو كانت سلمية 100 ٪ وشارك فيها اسر من المسيحيين رجال ونساء واطفال كما شارك فيها اسر من المسلمين ايضا، وان هذه المسيرات السلمية تعرضت لاطلاق الرصاص مرتين خلال طريقها من شبرا الي ماسبيرو. بالاضافة الي ان التقرير اثبت ان الذين شاركوا في المسيرة طوال طريقهم لم يكونوا معتدين، وانهم تعرضوا للضرب بالعصي، اطلق عليهم الرصاص الفشنك، ثم اطلق عليهم رصاص حي، وسقط منهم 7ضحايا علي الاقل برصاص في الرأس والصدر اي ان ذلك تم علي ايدي محترفين، ثم دهستهم المركبات المدرعة وسقط علي الاقل 12 منهم. وتضمن التقرير ادانة واضحة للتليفزيون المصري، والذين اخرجوا شائعات كاذبة ضد المواطنين المصريين. اما مسألة ان التقرير لم يحدد من اطلق الرصاص فإن ذلك مردود عليه بأن التقرير طالب بتشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة، كما طالب بمحاسبة كل من اطلق الرصاص علي المدنيين، خاصة ان الشهادات ذكرت ان هناك قناصة واشخاص يركبون موتوسيكلات اطلقوا الرصاص علي المتظاهرين، وما يعزز ذلك ان المظاهرة تعرضت للاعتداء مرتين خلال طريقها الي ماسبيرو. بماذا استعانت لجنة تقصي الحقائق لتوثيق الاحداث؟ لقد استعنا بما قدمه الشهود من اهالي الضحايا ومن المتظاهرين، ومن المصريين الذين شهدوا، ومن بعض المنظمات الحقوقية، ومما حصلنا عليه من مقاطع فلمية للاحداث، وفيديوهات لم تعرض علي اليوتيوب منها فيديو كامل منذ بداية المظاهرة بدون تقطيع. وقد ثبت ان الشعارات التي رفعها المتظاهرون خلال احداث ماسبيرو لم تكن فقط شعارات دينية، ولكنها كانت شعارات مصرية وطنية مثل " مصريين مسيحيين مصر بلدنا ليوم الدين " " قالوا عنا الكفار احنا المصريين الاحرار" انهم اشخاص خرجوا للدفاع عن انفسهم، ورفعوا لافتات لا لهدم الكنائس، وكلها امور من حقهم، اي مصري وطني حر ليس لديه اعتراض علي ذلك. ونحن كل ما حصلنا عليه من ادلة وثقناها في التقرير، ونحن كنا نقيس علي المعايير الدولية والاتفاقيات الملزمة لمصر، لذلك قلنا ان الشرطة العسكرية مسئولة عن حماية المتظاهرين السلميين خاصة ان هذه المظاهرة تم اخطار الجهات الرسمية قبلها بثلاثة ايام. ولقد خرج التقرير بهذه الصورة بفضل الجهود المبذولة من الباحثين بالمجلس الذين ظلوا يعملون في مناخ معجز. ما ردك علي الذين انتقدوا التقرير؟ اقول لهم اقرأوا التقرير اولا ثم حددوا النقاط التي تهاجموه فيها حتي نصل جميعا الي الهدف الاهم وهو الخروج بنتيجة محددة، خاصة اننا طلبنا معلومات ولكن ما حصلنا عليه من معلومات كانت معلومات محدودة للغاية، ولذلك كان امامنا طريقان الاول ان تجد مصادر معلومات اخري تدين المعتدين وتنصف الضحايا، والطريق الثاني ان تقول انني لم احصل علي المعلومات لذا لن اصدر التقرير. ولكن نحن اخترنا الطريق الاصعب، حيث فضلنا السعي وراء الحصول علي البيانات من شهادات الضحايا وذويهم والاستماع الي شهود العيان ومتابعة الفيديوهات المصورة عن الاحداث. وعلي ذلك اناشد من يهاجمنا، بدلا من الهجوم فقط، عليهم ان يقوموا بعمل تقارير تقصي حقائق افضل اذا كان في مقدرتهم ذلك، لاننا جميعا مستفيدون. لماذا يبدو ان هناك صراعا بين المجلس القومي ومنظمات المجتمع المدني؟ كافة البرامج داخل المجلس تهدف لمساعدة المنظمات الحقوقية، وهل من المعقول اننا نرغب في مضايقة هذه المنظمات، بل علي العكس نحن نهدف لتقويتها لانها الاقدر علي الوصول للناس، ودور المجلس هو في وضع استراتيجيات عامة والضغط علي الحكومة لمساعدة المنظمات الاهلية، وكلا الطرفين يكملان بعضهما البعض، لا توجد منافسة بين المجلس الوطني والمنظمات. ولكن ينبغي ان يعلم الجميع ان الاشخاص زائلون والمؤسسة الوطنية هي الباقية، لذا يجب ان نقويها وندعمها، حتي نقضي علي كل نقاط الضعف فيها، لانها المؤسسة القادرة عن الدفاع عن حقوق المصريين. ولا ينبغي لاحد ان يكون مظلة فوق المنظمات الحقوقية، نحن نتمني ان تقوم هذه المنظمات بتشكيل اتحادات نوعية لها، وادعو لذلك حتي تخلق المنظمات مظلتها بنفسها وتعطي نموذجا في الديمقراطية لباقي المجتمع. وكثير من المنظمات تتعاون مع المجلس، واظن ان المشاعر الاحتجاجية علي المجلس من ميراث المرحلة السابقة. ما الدور الذي اوكلته اللجنة العليا للانتخابات الي المجلس القومي لحقوق الانسان بشأن المنظمات الراغبة في مراقبة العملية الانتخابية؟ اللجنة طلبت من المنظمات الراغبة في مراقبة الانتخابات الحصول علي ترخيص مراقبة الانتخابات من المجلس القومي، ولكن المجلس اكد للجنة انه علي استعداد للمساعدة، ولكن يجب ان يكون من حق هذه المنظمات الحصول علي تصريح من اللجنة العليا مباشرة، ولكنها رفضت ذلك الامر الذي يجعلنا نظهر في صورة فرض الوصاية وهو غير حقيقي. كيف تقيمين اداء حقوق الانسان في مصر عقب الثورة؟ من المؤكد ان لدينا ظاهرة ايجابية جدا لابد من الاعتراف تتمثل في ان الناس كلها تتكلم وتعبر عن رأيها بشجاعة وحرية، ولكن من دون شك لدينا انتهاكات، علي رأسها قضايا التعذيب التي كانت احد اسباب الدافعة للثورة، كل يوم نري حوادث التعذيب، واول تشريع طلبه المجلس بعد تشكيله تعديل القانون المتعلق بالتعذيب.. كما اننا اصدرنا اكثر من بيان للمطالبة بتوفير المحاكمات امام القاضي الطبيعي بدلا من المحاكمات العسكرية. ولا احد يستطيع ان يقف امام التيار الجارف الذي خلقته ثورة 25 يناير والرغبة في تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، والتي اصبحت طريق لا يمكن التراجع عنها. ونحن نتطلع ان تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة لاول مرة في تاريخ مصر، وهي الامل،وكذلك نحن نتطلع لتوفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطن المصري. هل فرغ النظام السابق مصر من النخب الحقيقية ؟ مصر مليئة بثروة بشرية فوق مستوي الخيال، ولكن المشكلة تكمن في ان الانسان المناسب ليس في المكان المناسب، نحن لا نريد ان نفقد افضل شبابنا، ونحن لدينا العديد من العلماء المصريين في الخارج المرشحين لجوائز نوبل في كافة المجالات. النظام السابق لم يعط اي من هذه العناصر الفرصة ان تساهم في خدمة بلدها، ولا مؤسسات تقوي وتخلق قيادات. البعض وجه اليك انتقادات بأنك من المحسوبين علي النظام السابق؟ انا لم ادخل اي حزب سياسي لا الحزب الوطني او غيره، بل انني اعتذرت عن عضوية لجنة السياسات اكثر من مرة في وقت لم يكن من المقبول هذا الاعتذار، لأنني بحكم طبيعتي مستقلة وافتخر بانتمائي للمجتمع المدني.. ولا اصلح ان اكون موظفة.. واشعر بأني اقوم بدور مهم بعيدا عن المناصب الرسمية، حيث اترأس مؤسسة تقدم قروضا متناهية الصغر لاكثر من 100 الف امرأة معيلة منذ 15 سنة علي غرار بنك جرامين في بنجلاديش بل ان هذه المؤسسة مقومة كواحدة من افضل 100 مؤسسة اقراض علي مستوي العالم..