الموت المجاني في الاسكندرية بات وشيكاً بفعل أصحاب الضمائر الخربة ومافيا البناء المخالف والتعليات المجنونة، وهو موت رخيص كما موت الضمائر والبصائر وتوقف العقول عن التفكير والمبادرة والاستسلام لغواية النميمة وافتعال الفضائح للتشهير بالناجحين والنيل من الكفاءات والقامات بتحريض من المنافسين والعجزة والفاشلين، والأمر أخطر مما تتصورون. ولأن الناس لا يعرفون فارقاً بين أصحاب الفكر والرأي من الكتاب وبين السادة الصحفيين فقد تصوروا أنه من واجبي أن أمارس مهام الصحفي المتمرس والمؤهل مهنيا فأقوم بعمل تحقيق صحفي عن أشهر وأخطر عمارة من عمارات الموت التي يتحدث بشأنها القاصي والداني في حي المنتزة خصوصاً أنني من قاطني الحي الذي كان راقياً وأن سكني يطل من قريب علي هذه العمارة الآيلة للسقوط والمرشحة أن تكون حديث مصر كلها لا الإسكندرية وحدها، إذ هي كانت منزلا فقيراً بني علي أنقاض مبني قديم كمخزن وكشك للاستحمام في مربع كان مخصصاً لبعض الشاليهات أمام شاطئ "بير مسعود" تحديدا خلف 607 طريق الجيش خلف مسجد الهلالي ميامي، في منطقة آلت إلي أيدي عشوائية استخدمها بعد أن تهدمت الشاليهات بعض البسطاء من "السريحة" الغلابة بائعي "الترمس" والفول السوداني و"الفريسكا" ولما ضاقت بهم الدنيا استوطنوها مع عائلاتهم الفقيرة خصوصاً أنها في خلفية مسجد الهلالي الذي يطل علي كورنيش البحر والأرض التي هي محل نزاع بين الأوقاف وشركة مختار إبراهيم للمقاولات. مع هوجة التعليات والتجاوزات في العمارة والإنشاءات تشجع أحدهم وطلع بالمبني ثلاثة أدوار مرة واحدة علي مبني لم يؤسس أصلاً بشكل يسمح بذلك إذ الأرض التي بني عليها رملية وكانت ضمن "طرنشات" وبيارة الصرف للمسجد والشاليهات المجاورة ولازالت عامرة ببرك الصرف الصحي وأسراب البط والمعيز والناموس. اشتكي الناس وخصوصاً سكان عمارتين ملاصقتين خشوا أن يهيل عليهم المبني الذي أصبح عمارة، وصدر قرار حي المنتزة بإزالة الدورين الثالث والرابع وتمت الإزالة بالفعل فتهدمت أعمدة وأسقف وتضعضعت الأساسات بفعل آلات ثقيلة هوت فوق رأس العمارة، مرت ثلاث سنوات وإذا بصاحبنا يعاود الكرة هذه المرة متسلحاً بأحد المقاولين وممول آخر ليرتفعوا بالمباني إلي الدور الثامن، وبدأت العمارات المجاورة يظهر فيها تشققات وتصدعات جراء موار الأرض نسبيا وعدم تحملها وتساند العمارة المتهالكة عليهم وقاموا بالشكوي للحي والمحافظ وصدرت قرارات وقف الأعمال والتحفظ برقم 762/ 2011 ولم ينفذ شئ ، وعاود الناس الاحتجاج والشكوي لكن هذه المرة في تردد وخوف بعد تفكك كيان الدولة وفقدان الأجهزة المحلية قدرتها علي فرض احترام القانون، وحرر المحضر الفني من الإدارة الهندسية للحي برقم 557/ 1201 بمخالفة شروط المباني الهندسية والبناء دون ترخيص وأرسل بالفعل إخطاراً بذلك لقسم شرطة المنتزة برقم 2538 بتاريخ 02/7/1102 وأيضاً لم يحدث شيء واستمر المقاول في مغامرته التي قضت أن يختصر في سمك الأعمدة والأسطح الخرسانية والحديد المسلح للتخفيف من الوزن وكأنه يزيد الطين بلة، واشتكي الناس وجاءت لجنة هندسية للمعاينة وأصدرت قراراً بإزالة الأدوار من الرابع إلي الثامن وحمل قرار الإزالة الرقم 7751/1102 وصدر به مكاتبة من حي المنتزة رقم 43 في 12/9/1102 إلي السيد نائب محافظ الإسكندرية، ومكاتبة رقم 42 في نفس التاريخ إلي السيد مدير الأمن، ولم يحدث أي إزالة أو خلافه وتوقف البناء وهدأت الأحوال. في أجازة عيد الأضحي قام المقاول علي عجل ببناء الدور التاسع والعاشر وبدأت المخاوف من احتمالات سقوط العمارة المبنية علي أرض رخوة ودون أساسات تتحمل كل هذه التعليات ودون مطابقة المباني للشروط الهندسية وكود البناء في الأحمال والخرسانات والعمدان والأسقف الحاملة. وتابعت بنفسي مع السكان والجيران هذه الكارثة التي لابد للسيد المحافظ اتخاذ إجراءات عاجلة بشأنها، ولا يقبل في مثل هذه الحالة أن ننتظر وقوع الكارثة ولا يمكننا أيضاً أن نتحجج أو نتذرع بالإنفلات الأمني أو بعدد الإزالات الأخري التي لم تنفذ إذ فارق الظروف والملابسات يضع هذه الحالة ضمن أولويات عاجلة لتنفيذ الإزالة ومنع الجريمة الكارثة قبل وقوعها. وأوجه كلماتي إلي الزميل العزيز الدكتور أسامة الفولي محافظ الإسكندرية الذي أقدر الظروف الصعبة التي يعمل في إطارها والإمكانات الشحيحة التي في حوزته والتركة الصعبة التي ورثها لكنني علي ثقة أنه سيسارع لاتخاذ إجراءاته العاجلة وحتي لا يأتي اليوم الذي يكون فيه الموت المجاني معلقاً في رقبة المحافظ ومدير الأمن والأجهزة المحلية بينما أصحاب الضمائر الخربة من المغامرين لن يطولهم أحد لأنهم يضعون في أوراقهم ومحرراتهم اسما وهميا لشخص منتحل غير حقيقي يسمي في أدبيات هذه المهنة "الكحول" أو يعملون دون تراخيص أو مستندات كما في حالتنا هذه. أما حديث "عواجيز الفرح" من الفاشلين والمعقدين الذين هيأت لهم أوهامهم أنهم يتحكمون في المؤسسات الكبري في الاسكندرية ويسيرونها وفق هواهم مستخدمين أسلحة هابطة من اغتيال سمعة الناس والتشهير بالمحترمين والنيل من الناجحين وتلفيق التهم والسفالات، فله مناسبة أخري لكن عزاؤنا أن الكثيرين من المحترمين والغيورين علي مستقبل الإسكندرية وهيئاتها الكبري سئموا هذه الوجوه وعاينوا فشلهم وكشفوا ألاعيبهم وترصدهم لكل القامات التي استعصت علي الانحناء وتبويس الأيادي واللحي. لقد صورت لهم خيالاتهم المريضة وهماً أن الاسكندرية عقمت واستكانت واستسلمت، ونسوا أن المدن لاتموت، والاسكندرية أبداً لن تموت.